رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: اللجنة العلمية في الفرقان 29 أغسطس، 2023 0 تعليق

الظاهرة..الأسباب وأساليب العلاج – الألفاظ المسيئة عند الأبناء

قامت مجلة الفرقان بعمل هذه الدراسة؛ بهدف الحصول على تصور عن أهم الأسباب التي أدت لانتشار ظاهرة استخدام الأبناء للألفاظ النابية والمسيئة، وقد استقرأت المجلة من خلال هذه الاستبانة أراء فئة من المشاركين من داخل الكويت وخارجها، كما استطلعت المجلة آراء المختصين وأهل العلم حول نتائج الاستبانة، ثم استُخلصت النتائج والتوصيات.

 

دراسة ميدانية واستطلاع الألفاظ المسيئة عند الأبناء

  منهجية العمل (1) صُمِّمت استبانة اشتملت على تسعة أسئلة عن ظاهرة استخدام الأبناء للألفاظ المسيئة وأسبابها. (2) عُرضت الاستبانة على عدد من المختصين في الاستشارات الأسرية والتربوية لتقييمها وإبداء الرأي حولها. (3) اختيرت عينة عشوائية من المشاركين من داخل الكويت وخارجها، وأُرسلت الاستبانة إليهم من خلال برامج التواصل الاجتماعي. (4) تعاملت المجلة بحيادية مع نتائج الاستبانة؛ فرُصدت النتائج وحُللت، وحُوِّلت إلى رسومات بيانية ورقمية. (5) استُطلعت آراء عدد من المختصين والاستشاريين حول نتائج الاستبانة. (6) استُخلصت مجموعة من النتائج والتوصيات.   تحليل أسئلة الاستبانة هل يتلفظ الأبناء ببعض الكلمات المسيئة بشكل عام؟ أكد 26٪ من العينة على أن الأبناء يتلفظون ببعض الكلمات المسيئة عموما، كما أكد 54٪ من العينة أن الأبناء يتلفظون بها أحيانا، أما الذين قالوا: لا، فنسبتهم 20٪ أي أن الغالبية تؤكد أن معظم الأبناء يتلفظون بكلمات مسيئة إما دائما أو أحيانا. وهذا يدل على أن هذه ظاهرة تمس شريحة كبيرة من المجتمع تحتاج أصلا إلى الاهتمام والرعاية والتربية.     هل يتلفظ أصدقاء الأبناء ببعض الكلمات المسيئة بشكل عام في حين نجد أن الأصدقاء أكثر من غيرهم في التلفظ ببعض الكلمات المسيئة عموما؛ فقد أكد 48٪ من العينة قولهم: (بنعم) و44٪ بقولهم: (أحيانا) في مسألة التلفظ بكلمات مسيئة، في حين قال 8٪ فقط لكلمة: (لا)، وهذا يدل دلالة واضحة أن الأصدقاء يمارسون هذه العادات السيئة، وأن الآباء يدركون هذه الظاهرة.     هل يجب أن يظهر الوالدان الغضب والاستياء عند تلفظ الأبناءبكلمات مسيئة؟   أشار السؤال الثالث إلى أهمية إظهار الوالدين الغضب والاستياء ممن يتلفظ بكلمات مسيئة؛ فقد عبر 76٪ من العينة بموافقتهم على أهمية دور الوالدين من عدم تقبل (الألفاظ المسيئة)، في حين أكد 20٪ منهم قولهم: (أحيانا)، أي يجب أن يختاروا الوقت المناسب لبيان هذا الاستياء، وأشار 4٪ فقط من العينة بقولهم: (لا)، ويظهر من ذلك الموقف الإيجابي للوالدين ورفضهم التام (للألفاظ المسيئة)، وأنه يجب إظهار الاستياء والغضب وأن تكون ردة الفعل سلبية على مثل هذه الظاهرة.     هل تؤيد التدخل اللحظي والمباشر ببيان خطأ تلفظ الأبناء بكلمات مسيئة؟   أكد 72٪ من العينة أهمية التدخل المباشر واللحظي حين سماعهم ألفاظا مسيئة من أبنائهم، وأنهم يؤيدون عدم التعامل بسلبية مع هذه الظاهرة الغريبة عن مجتمعاتنا المحافظة والمسلمة، وأكد 16٪ من العينة أنه يجب التدخل (أحيانا) في حين أكد 12٪ عدم التدخل اللحظي والمباشر، وقد يرى أن هناك أساليب وعلاجات أخرى للظاهرة.     عادة يستجيب الأبناء لتوجيهات الوالدين ونصحهم فلا يتلفظون بالكلمات المسيئة؟   وفي الإجابة عن استجابة الأبناء لتوجيهات الوالدين في مسألة النصح بعدم التلفظ بكلمات مسيئة، أكد57٪ من العينة أن هناك استجابة من الأبناء، في حين أشار 38٪ من العينة إلى أن هناك استجابة ولكن في بعض الأحيان، أما الذين قالوا إنه لا توجد استجابة، فإنها بنسبة قليلة تقدر بـ5٪ فقط من العينة، ولا شك أن هذا يدل على أن النصيحة مهمة في مثل هذه الظروف، وأن الأبناء يستجيبون لوالديهم حال توجيه النصح وبيان الأخطاء.     هل ترى أن الأسرة هي أحد عوامل اكتساب الكلمات المسيئة؟   وفي سؤال عن دور الأسرة في اكتساب بعض الأبناء للكلمات المسيئة أكد 50٪ من العينة أن للأسرة دور في ذلك، وأكد 38٪ من العينة أن للأسرة دورا أحيانا، ونفى 12٪ من العينة أن يكون للأسرة دور في نقل الكلمات المسيئة واكتسابها، ومن هنا ندرك أن الأسرة قد تكون عاملا رئيسيا في اكتساب بعض السلوكيات الخطأ.     هل ترى أن المدرسة هي أحد عوامل اكتساب الكلمات مسيئة؟   وعن دور الأقران في المدرسة وما يكسبونه للأبناء من ألفاظ مسيئة فقد أكد 70٪ من العينة أن للمدرسة دورا كبيرا في نقل مثل هذه السلوكيات لأبنائهم، وأوضح 27٪ من العينة أن المدرسة قد تؤثر أحيانا في نقل مثل هذه السلوكيات، ونفى فقط 3٪ من العينة ذلك، وهذا يدل دلالة واضحة على دور المدرسة في نشر هذه السلوكيات الخطأ، وهي تمثل مجتمعا صغيرا من المجتمع ولكنه من فئات وعادات مختلفة.     هل ترى أن البيئة المحيطة (الأصدقاء/ الأقران/ الأقارب) هي أحد عوامل اكتساب الكلمات المسيئة؟   أكد 82٪ من العينة على أن البيئة المحيطة بالأبناء تؤثر تأثيرا مباشرا في نقل الكلمات المسيئة إليهم والبيئة المحيطة تتمثل في الأصدقاء والأقران والأقارب، في حين أكد 18٪ من العينة أن التأثير من البيئة المحيطة في بعض الأحيان، وهذا يؤكد أهمية اختيار الأصدقاء والأقران والأقارب الذين يتعامل معهم الأبناء، وينبغي معرفة السلوكيات المصاحبة لهم.     هل ترى أن الوسائل الإعلامية (أفلام /مسلسلات/ مواقع التواصل)  هي أحد عوامل اكتساب الكلمات المسيئة؟ وقد كان لوسائل الإعلام أثر كبير كما رأت العينة من خلال اختيار الإجابة بنعم بنسبة 86٪ على مدى أثر وسائل الإعلام (أفلام ومسلسلات ومواقع التواصل) في اكتساب الكلمات المسيئة، في حين أكد 13٪ من العينة أن لها أثرا أحيانا، وهذا يدل دلالة واضحة على الدور الكبير لوسائل الإعلام في نشر الكلمات المسيئة التي قد يلتقطها الأبناء.  

استطلاع لآراء المختصين والاستشاريين

 
  • دعوة الوالدين للإنكار على الأبناء حين سماعهم وهم يتلفظون بكلمات مسيئة
  • أهمية النصح والعمل على التوعية الشاملة من خلال الأسرة ومؤسسات التوجيه في المجتمع (المدرسة والإعلام والمساجد).
  • من المهم أن يكون الوالدان قدوة صالحة لأبنائهم، ولاسيما في السلوكيات المترتبة على استخدام الألفاظ المسيئة
  • العمل على نصح الأبناء في اختيار الأصدقاء المميزين الذين لديهم سلوكيات إيجابية وليست سلبية.
  • تأثير البيئة وجماعة الأصدقاء في سلوك الأبناء قاعدة لا يمكن الفرار منها إلا باختيار الصحبة الصالحة مثلما أوصى القرآن الكريم والسنة النبوية
  • العيدان: تشير نتائج الاستبانة إلى إدراك أغلب الأسر لانتشار ظاهرة الكلمات المسيئة بين الأبناء ويعد هذا الإدراك هو البداية الصحيحة لحل هذه الظاهرة وعلاجها
  • على الوالدين اختيار البيئة الإيجابية لأبنائهم بقدر الإمكان من ناحية ومن ناحية أخرى تعليم الطفل كيفية التعامل مع ما يتلقاه من هذه البيئة
  • عدم التدخل لتنبيه طفل يشعر بأنه لم يرتكب خطأً مما يدفعه لتكرار الفعل نفسه ويجب ألا يكون التدخل بغضب وإيقاع عقاب بحيث يعوق التربية والتعليم
  • سلوكيات الإنسان تخضع بعض الأحيان لمزاجيّته العالية أو لضغوط الحياة التي يعيشها خطأ ولأسباب أخرى تجرّه جرّا باتجاه التلفظ بتلك الألفاظ الرديئة
  • الجاسم: السلوكيات الاجتماعية لا يمكن قياسها بالدقة المتناهية لأنها تخضع لكونها سلوكا يصدر من الإنسان الذي تتغير أحواله وانفعالاته باستمرار ولا نضمن له دائما الاتزان الانفعالي
 

إدراك المشكلة  بداية الحل

        من جانبه علق الاستشاري النفسي د. مهند العيدان على نتائج الاستبانة وحللها؛ حيث علق نتائج السؤال الأول قائلاً: تشير النتائج إلى أن إدراك غالب الأسر لانتشار الكلمات المسيئة بين الأبناء، يعد بداية الحل، وعلى الرغم من أن نسبة الانتشار عالية؛ إذ بلغت (53.3%) من العينة، مما يعني أن مسألة الكلمات المسيئة تشكل ظاهرة تظهر في غالب أبناء المجتمع، والكلمات البذيئة الصادرة عن الأبناء مؤشر لنمط المفردات التي يسمعها الطفل في بيئته، سواء كانت في البيت أم المدرسة أم في وسائل التواصل الاجتماعي، وهو ما يلقي الأمانة على عاتق أولياء الأمور والمعلمين في المدارس والمساجد، والقدوات في وسائل التواصل الاجتماعي؛ لأمرين: الأول- في بيان خطورة الكلمة السيئة، وكيفية استبدالها بالكلمات الحسنة، والتركيز على الجانب الروحاني والأجر المتحصل على استخدام الكلمات الحسنة، والثاني- في الظهور بمظهر القدوات أمامهم باستخدام الكلمات الحسنة. وربما في ضوء الانتشار الكبير للكلمات البذيئة في كل مكان أن يكون هناك (20.7%) من أولياء الأمور لم يسمع ابنه يتلفظ بكلمة مسيئة لها دلالات مستغربة من الناحية العلمية، فقد تدل على عدم التواصل والبقاء مع الأبناء، أو أنها تعبر عن حالة إنكار لوجود الظاهرة، أو أن يكون الأبناء على قدرة فائقة في ضبط ألفاظهم أمام الآباء.

تأثير البيئة وجماعة الأصدقاء

        وعن نتائج السؤال الثاني قال العيدان: تؤكد نتائج السؤال الثاني إجابة السؤال الأول، وهو تأثير البيئة وجماعة الأصدقاء في سلوك الأبناء، وهي قاعدة لا يمكن الفرار منها إلا باختيار الصحبة الصالحة، مثلما أوصى الله -تبارك وتعالى- في قوله: {واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه}، ووفقاً لمبدأ التنافر المعرفي، فإن الدماغ يصعب عليه عدم التأثر بمن حوله؛ إذ يسعى الدماغ بصورة غير واعية للتماهي والاندماج مع الجماعة، وهنا تأتي أهمية اختيار الجماعة الأكثر ملائمة بالنسبة للفرد، والطيور على أشكالها تقع.

إظهار الغضب

       أما عن نتائج السؤال الثالث فقال العيدان: يبدو من النتائج التي أظهرها السؤال الثالث أن غالبية عظمى من أولياء الأمور (73.3) يميلون لإظهار الغضب حين يسمعون كلمة بذيئة تصدر من الأبناء، وربما بمراجعة سيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - نجده مربياً حكيماً، يسعى لتغيير السلوك المنحرف مع الحفاظ على مكانة المخطئ النفسية والاجتماعية، خصوصاً حينما يكون طفلاً تتلاعب به أمواج المؤثرات من حوله، ولعل لنا في كلامه لمعاذ - رضي الله عنه - أسوة حين قال له برحمة: «أمسك عليك هذا»، حتى استغرب معاذ فقال: أو مؤاخذون نحن على ما نقول؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: وهل يكب الناس على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم!»، وكذلك في قصة الشاب الذي استأذن النبي - صلى الله عليه وسلم - في الزنا، وموقفه الرحيم من شارب الخمر، وحكمه في الذي قبل امرأة لا تحل له، وفي الغامدية الزانية. لم يظهر غضب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وإنما تجلت رحمته التي غيرت السلوك السيء إلى غيره، دون إغفال لدور النصيحة، وإقامة الحدود التي أوجبها الله -تعالى.

وعي الآباء

         وعن التدخل المباشر تشير النتيجة إلى وعي الآباء؛ إذ كان رأي (71.1%) التدخل المباشر واللحظي؛ لأن عدم التدخل يشعر الابن بأنه لم يرتكب خطأً أبداً؛ مما يدفعه لتكرار الفعل نفسه، ولكن يجب الانتباه ألا يكون بغضب وإيقاع عقاب، بل يكون همّ الآباء حينئذٍ توجيه الابن وتقويم سلوكه، دون الالتفات الساذج لاعتبار أن زلة الابن هي عدم توقير للأب، ونقص في احترامه، فطبيعة الطفل الزلل، ودور الوالدان التربية، فهي مسؤوليتهم التي برغبتهم اختاروا في سلوك مسلكها.

استجابة الأبناء

        وعن نتائج السؤال الخامس أشار العيدان إلى أنها نتائج مطمئنة؛ إذ تشير غالبية تجارب الآباء (56.3%) إلى استجابة الأبناء لتوجيهات الوالدين، وهو المطلوب، وهو ما يدل على أثر التنشئة الأولى للأبناء، ودورها في وجود الأساس الذي ما أن ينتبه إليه الابن يعود، إضافة إلى الفطرة السليمة التي تميل للكلام الحسن ونبذ القبيح، ولو تكرر الخطأ من الابن فكرر النصيحة، وليكن لك في نبي الله نوح أسوة حسنة في إلحاحه في دعوة قومه وابنه دون ملل لسنوات طويلة، وتذكر أنك تبذل السبب، ولكل قومٍ هاد.

زيادة الوعي لدى الوالدين

        وبين العيدان أن نتائج السؤال السادس، تزيد الوعي لدى الوالدين في اختيار الكلمات التي يستخدمونها، ولا يكون لهم وجهان؛ فاستخدام بعض الكلمات في حين غياب الأطفال باعتبارها كلمات لا ينبغي أن تقال أمام الأطفال خدعة غير أخلاقية، إذ أن المسلم لا يقول الكلمات البذيئة؛ لأن الله حرمها، فحتى لو لم يكن الابن غير موجود، يجب ألا يتلفظ بها الوالدان، ومن ناحية أخرى لا بد أن تصدر بعض الكلمات في هفوات اللسان ولحظات الاندفاع والغضب، وربما يشكل هذا مفاجأة صادمة للطفل، وتنكسر حينها صورة الأب القدوة التي يسعى لرسمها في ذهن ابنه؛ لذا ينبغي الحرص على التأدب ظاهراً وباطناً في الكلام الحسن.

أهمية البيئة ودورها

        وعن السؤال السابع والثامن والتاسع أكد العيدان أن نتائج هذه الأسئلة تؤكد أهمية البيئة في اكتساب الكلمات السيئة والقبيحة لدى الأبناء، ومن ثم على الوالدين اختيار البيئة الإيجابية بقدر الإمكان من ناحية، ومن ناحية أخرى تعليم الطفل كيفية التعامل مع ما يتلقاه من البيئة، وهو مبدأ توطين النفس الذي أخبر عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -: «لا يكن أحدكم إمعة؛ يقول: أنا مع الناس، إن أحسن الناس أحسنت، وإن أساؤوا أسأت، ولكن وطنوا أنفسكم، إن أحسن الناس أن تحسنوا، وإن أساؤوا أن لا تظلموا». وهو ما يعرف بجهة الضبط، أن يكون للفرد مرجعيته الذاتية للأفعال ولا أن يكون استجابة لما هو حواليه.

قياس السلوكيات الاجتماعية

        تعليقًا على نتائج الاستبانة بينت الكاتبة والباحثة التربوية: هيام الجاسم أنه لابد أن ندرك أن السلوكيات الاجتماعية لا يمكن أن يتم قياسها بالدقة المتناهية والحكم عليها أنها ظاهرة من الظواهر أم لا والسبب في ذلك أن السلوكيات تلك إنما هي خاضعة لكونها سلوكا يصدر من الانسان والإنسان تتغير أحواله وانفعالاته باستمرار ولا نضمن له دائما الاتزان الانفعالي، والحكم عليها من خلال أدوات البحث كالاستبانة مثلا وقلما نجد حكما يصدر من الإنسان خاضعا تماما للمنطق المتجرد والموضوعية العادلة.

مزاجية السلوكيات

      وعن سلوكيات الإنسان التي تصدر منه قالت الجاسم: سلوكيات الإنسان تخضع بعض الأحيان لمزاجيّته العالية أو لضغوط الحياة التي يعيشها خطأ ولأسباب أخرى تجرّه جرّا باتجاه التلفظ بتلك الألفاظ الرديئة، ولا يعني ذلك التبرير لكل انسان يطلق العنان للسانه بإلقاء مفردات التحقير والضّعة والشتم والسباب على الآخرين وإنما ينبغي أن يدرك كل امرئ أنّ ذلك السباب محرم في دين كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «سباب المسلم فسوق» بل ومجرّم في قانون الدولة وسلوك منبوذ اجتماعيا مهما انتشر بين الناس

الثقافة المجتمعية

       وأضافت الجاسم، دائما القضايا الاجتماعية بسلوكياتها مرهونة بالثقافة المجتمعية فإذا كانت المجتمعات تستهجن وترفض التنمّر اللفظي العدائي والوعي الاجتماعي والديني عالٍ جدا فإنّ تلك الطبائع السلبية تضمحل ولكن إن كانت المجتمعات جوفاء خالية من الفهم الديني لطبيعة حسن الخلق واستساغت تلك الألفاظ فإنها حتما ستنشر بالرغم من نبذ شرائح كبيرة من المجتمع لتلك المفردات والتعامل من خلالها.

الإجابات تقليدية اعتيادية

        وعن نتائج الاستبانة بينت الجاسم أنه يظهر لها من خلال نتائج الاستبانة أنّ الإجابات تقليدية اعتيادية لأي وسط اجتماعي لو عُرضت عليه تلك الأسئلة سيجيب بمثلها، إذ تخلو الإجابات من العمق في الطرح في تفسير واقع وأسباب استسهال التلفظ بالسباب والشتائم المنتشرة في المجتمع.

فئة الشباب والواقع المجتمعي

        كنا في السابق نعتقد بناءً على الواقع المجتمعي أن فئة الشباب لاندفاعيتها الهوجاء هم فقط الفئة التي يكثر بها التلفظ بالألفاظ السيئة ولكن مع تقدم الزمان ومضيّه صارت تلك السلوكيات تمارسها كافة الشرائح بل إنها أصبحت وسيلة للدفاع من خلاص البدء بالهجوم الاستباقي بتلك الألفاظ حماية لنفسه وكنا نعتقد أن أول الأسباب هي الأسرة والمدرسة ووسائل التواصل الاجتماعي وهذا حق ولكن ظهرت أسباب أخرى احترافية لايمكن إغفالها، ناهيك عن استمتاع شريحة من مرتادي الدواوين ومدمني الأجهزة الذكية اطلاق النكات القبيحة والسّمجة المنبوذة عن النساء وترجّل اطلاق المفردات والسخريات وكل ذلك من الرداءة اللفظية التي تنمّ عن خلو الذهن والقلب من تقوى الله وحسن الخلق.

انفتاح المجتمع

         وأكدت الجاسم أن انفتاح المجتمع على المجتمعات الأخرى بالسفر للسياحة أو الدراسة ازداد عن ذي قبل من جانب آخر ازدياد أعداد الثقافات الأخرى من المجتمعات الوافدة إلينا في دولة الكويت واختلاط الطبائع وتأثرها ببعضها كما يذكر ذلك ابن خلدون في مقدمته وهذا واقع ظاهر نشهده اليوم من الطرفين.

أساليب عدوان وتنمر

وختمت الجاسم تحليلها بقولها أن تداول الألفاظ السيئة على ألسنة الأبناء تجاه الآخرين إنما هي من الأمور التي يعتبرها المختصون التربويون أسلوب من الأساليب العدوانيه والتنمرية على بعضهم البعض.  

النتائج والتوصيات

  • لابد أن يكون هناك دور كبير للأسرة والمؤسسات التربوية والدعوية والإعلامية في التحذير من الألفاظ المسيئة، وبيان أثارها السلبية على الفرد والمجتمع، وقد يترتب عليها أمور مثل التنمر وعدم احترام الآخر.
  • لابد أن يحذر الآباء أبناءهم من صحبة من لديه سلوكيات مخالفة للتوجه العام من الاحترام والتقدير وعدم التنمر، والحرص على الصحبة الصالحة التي تعزز لديهم الأخلاق الفاضلة والقيم النبيلة والسلوكيات الإيجابية.
  • دعوة الوالدين للإنكار على الأبناء حين سماعهم وهم يتلفظون بكلمات مسيئة؛ بحيث يظهرون أمامهم عدم الارتياح والاستياء من ترديد مثل هذه الكلمات التي تسيء للأبناء والآباء معا.
  • تأكيد أهمية دور الوالدين في التوجيه، وعدم ترك الأبناء دون نصح أو بيان للأخطاء التي قد يقعون فيها عن غير قصد؛ لذا كان دور الوالدين مهما في بيان السلوكيات الخطأ لدى الأبناء، وقد أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الغلام الذي طاشت يده في الصحفة (الإناء) في أثناء الأكل؛ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يا غلام، سم الله، وكل بيمينك، وكل مما يليك»؛ فاستجاب الغلام لهذا التوجيه النبوي، فقال: «فمازالت تلك طعمتي بعد» أي التزمت بما علمني النبي- صلى الله عليه وسلم .
  • أهمية النصح والعمل على التوعية الشاملة من خلال الأسرة ومؤسسات التوجيه في المجتمع (المدرسة والإعلام والمساجد).
  • من المهم أن يكون الوالدان قدوة صالحة لأبنائهم، ولاسيما في السلوكيات المترتبة على استخدام الألفاظ المسيئة، ويجب ألا يتلفظوا بأي ألفاظ مسيئة، ولا يتصرفوا أي تصرفات قد تحدث صدمة لدى الأبناء.
  • من المهم تحصين المدرسة من انتشار السلوكيات الخطأ، ولاسيما التلفظ بألفاظ وكلمات مسيئة بين الطلبة، وأن يؤكد الصرح التربوي من خلال التوعية المستمرة لنبذ التنمر واستعمال الكلمات المناسبة والحسنة في التخاطب داخل المدرسة وخارجها، ويمكن أن تكون هذه التوجهات ضمن المنهج المدرسي في مادة التربية الإسلامية.
  • العمل على نصح الأبناء في اختيار الأصدقاء المميزين الذين لديهم سلوكيات إيجابية وليست سلبية.
  • تأكيد أهمية إقناع وسائل الإعلام المختلفة من نشر الكلمات المسيئة أو إذاعتها، والاتفاق على ميثاق إعلامي يحمي المجتمع ولاسيما الناشئة من أي سلوكيات سلبية في وسائل الإعلام.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك