رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 28 يوليو، 2010 0 تعليق

الطريق إلى الموظف المثالي في مؤسساتنا الخيرية (6)

 

 

نماذج مشرفة

استكمالاً لما بدأناه في العدد السابق حين توقفنا في محطة التدريب وتكلمنا عن أهميته في الوصول إلى الموظف المثالي؛ كان لزامًا علينا أن نبرز أحد النماذج الإيجابية التي أثبتت بالتجربة العملية أثر التدريب على أداء موظفيها وكذلك على المستوى العام للمؤسسة، وكما ذكرنا فإن القناعة والإيمان بأهمية التدريب لدى المسؤولين في المؤسسات الخيرية أهم خطوة على هذا الطريق، وهذا ما نهدف إليه من خلال هذا الحوار مع الأخ الفاضل خالد وليد السعيد رئيس لجنة الدعوة والإرشاد والمدير التنفيذي بجمعية إحياء التراث الإسلامي – فرع السالمية:

 

 

بداية نود أن نقف معكم على تجربتكم المتميزة مع الدورات التدريبية التي قمتم بتنفيذها خلال السنتين الماضيتين، كيف كانت البداية وما أهم العقبات التي قابلتكم وكيف تغلبتم عليها؟

كانت البداية في عام 2003م عندما قمنا بتنفيذ أول برنامج تدريبي لأعضاء مركز الارتقاء وكان عبارة عن دورة للدكتور/ مصطفى أبو سعد بعنوان: «مهارات التفكير الابتكاري»، ومن هذه الدورة كانت البداية لسلسة دورات متميزة قمنا على أثرها بإعداد خطة سنوية لأعضاء مركز الارتقاء وللعاملين بجمعية إحياء التراث الإسلامي- فرع السالمية، وحقيقة فإن لهذه الدورات ولا سيما التي قمنا بتنظيمها خلال السنتين الماضيتين الأثر الإيجابي على أداء الشباب والعاملين بالمركز؛ حيث إنها تفجر الطاقات وتنمي الذات وتطور المهارات، ولاشك أنه في البداية واجهتنا  عقبات عدة لإقامة مثل هذه الدورات، خصوصاً أنها جديدة في مجال العمل التطوعي والخيري، فتلمسنا صعوبات في إقناع المسؤولين والشباب بأهميتها؛ فالإنسان عدو ما يجهل، ولكن بعد إقامة أكثر من دورة في البداية تلمس الجميع بفضل الله أثر هذه الدورات على الشباب خصوصاً وعلى أداء الموظفين بالفرع عموماً .

> من الحقائق التي لا ينكرها أحد أن فرع السالمية هو الوحيد من بين فروع جمعية إحياء التراث الإسلامي الذي أخذ بمنهجية التدريب بوصفها أساساً للتطوير الإداري، فهل وجدتم ثمرة حقيقية للتدريب أم إنه كما يدعي بعضهم هدر لأموال المسلمين فيما لا فائدة منه، وهل يمكنكم توضيح تلك الثمرات؟

< أكبر وأضخم هيئات ومنظمات العمل الخيري على مستوى العالم تتبنى فكرة تدريب العاملين بها وتطوير مهاراتهم، فلا تكاد تخلو إحدى هذه الهيئات والمنظمات من قسم للتدريب والتطوير الإداري، فهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أهمية العاملين وتطويرهم وتدريبهم، لا سيما أننا نعيش في عصر المعلومات والتطور السريع الذي يحدث لها، فالمؤسسة الخيرية التي لا تواكب هذه التطورات اليوم وتسعى للتميز في تقديم خدماتها الخيرية وتطويرها ستجد نفسها متأخرة بين تلك المؤسسات والهيئات والمنظمات، وأثر التدريب يعود على المؤسسة بالنفع الأكبر قبل أن يعود على الشخص نفسه، فالمؤسسة الخيرية عندما تدرب موظفيها ستوفر الجهد والوقت والمال، فبدلاً من توظيف ثلاثة موظفين كل واحد يقوم بعمل ما يمكنك أن تستغني عن ذلك بموظف واحد مدرب ومتميز في عمله لديه القدرة على الإبداع والابتكار، والتدريب من أهم وسائل التحفيز للعاملين، وهذا لمسناه لدينا في فرع السالمية؛ فالعمل الذي كان يؤديه الموظف في أيام عدة أصبح لا يتجاوز أداؤه ساعة أو ساعتين، وأصبحنا نرى الموظفين يجلسون لساعات طويلة فوق ساعات عملهم المحددة دون طلب مكافأة إضافية للعمل في خارج وقت الدوام، وهذا يدل على أن هذه الدورات ترفع من همة الأعضاء والعاملين وتقوي ولاءهم وانتماءهم للمؤسسة.

> هل يمكنكم إطلاعنا على الخطة التدريبية للفرع وبعض تلك البرامج التي تم تنفيذها؟

< لدينا خطة تدريبية طموحة في الفرع ولاسيما في مركز الارتقاء لرعاية الشباب؛ حيث اعتمدنا فيها برامج سنوية للشباب والعاملين بالمركز، وذلك لتحقيق رؤية المركز الاستراتيجية، والدورات المعتمدة منها دورات إدارية ومنها دورات تربوية بالتنسيق مع معهد إشراقات للتدريب الأهلي، وبمشاركة كوكبة مميزة من المدربين والدكاترة الأفاضل، ومن الدورات المميزة التي أقمناها هذا العام: دورة إعداد مدرب محترف، ودورة مهارات التعامل مع صعاب المراس، ودورة إدارة الأزمات في المؤسسات الخيرية، ودورة السكرتارية المتطورة، ودورة إعداد مدير جديد، إلى جانب العديد من الدورات المتعددة الإدارية والتربوية والاجتماعية، وكل مرحلة تختلف خطتها وبرامجها التدريبية على حسب الخطة والأهداف المرحلية لكل عام.

> بعضهم يشتكي أن التدريب مكلف، وأنه لا يستطيع توفير نفقات خطة تدريبية شاملة، فكيف استطعتم التغلب على هذه العقبة، وهل هي فعلاً عائق حقيقي كما يدعي هؤلاء؟

< بالعكس لا أراها عقبة؛ فلله الحمد نرى تجاوبا كبيرا لحضور هذه الدورات من أبناء المنطقة والشباب بالمركز حتى العاملين بالفروع الأخرى التابعة للجمعية، فنفقات التدريب مهما كلفتك لاشك أنك تنفقها في الاتجاه الصحيح؛ فاستثمار البشر أهم بكثير من ادخار المال بل حتى من استثماره؛ لأنهم هم من سيأتون لك بالمال لبناء المشاريع الخيرية المميزة.

> كيف ترى فرع السالمية قبل هذه التجربة وبعدها؟

< قبل تجربة التدريب كان الفرع كأي لجنة خيرية عادية تقليدية في عملها، أما بعد التدريب فهناك تغيرات عدة متميزة للأفضل على نطاق إدارة الفرع ووضع الخطط وتطبيقها وزيادة إنتاجية الفرع، وعلى صعيد آخر جني ثمرات هذا العمل من خلال توسع الأنشطة وزيادة خدمات اللجنة بما يعود بالنفع على المجتمع خصوصاً والأمة الإسلامية عموماً، وأنا أحب أن أثني على جهود إخواني في الهيئة الإدارية بفرع السالمية؛ فالعمل الجماعي بروح الفريق الواحد ساهم في تطور ونجاح الأنشطة بالفرع، فضلاً عن المرونة في تقبل وتفهم الأفكار الجديدة التي لا تخالف الشرع.

> ماذا تقول للمسؤولين في العمل الخيري الذي يحملون قناعات سلبية عن التدريب وكيف يمكنهم تغيير تلك القناعات؟

< أقول لهم: التجربة خير برهان، وإن الناظر في ساحة العمل الخيري يرى أن المؤسسات الخيرية المتطورة لابد أن بها قسما خاصا بالتدريب والتنمية البشرية؛ فالتدريب يرفع من كفاءة الفرد والمؤسسة، وبالنهاية يعود بالنفع على المجتمع الحبيب والأمة الإسلامية عموماً، فأدعو إخواني مسؤولي اللجان الخيرية لمواكبة كل ما هو جديد لرفعة  المؤسسة الخيرية وتقدمها، والاهتمام بالعاملين في هذا المجال سواء المتطوعين منهم أم الموظفين وتشجيعهم وتحفيزهم باستمرار، وأن يقيموا منهجاً للتدريب بما يتوافق مع حاجات المؤسسة والشريعة الإسلامية السمحة.

 

> أخيرًا هل تعدون مركز الارتقاء ثمرة من ثمرات التدريب، وما رؤيتكم له خلال السنوات القادمة، كما نرجو إطلاعنا عن المشاريع التربوية للمركز الذي تحملت أمانة رئاسته؟

< بالتأكيد فإن من إيجابيات وثمرات الدورات التدريبية إنشاءنا لمركز الارتقاء لرعاية الشباب، وهو مركز تربوي هادف يسعى لتحقيق الريادة في الأنشطة والبرامج الشبابية التربوية، ويقدم خدماته لفئة الشباب خاصة ولعموم المجتمع عامة، وللمركز أنشطة مختلفة منها ما هو خاص ببرامج الشباب التي يوفر فيها الجو الإيماني التربوي الترفيهي المناسب وفق رؤية شرعية منبثقة عن كتاب الله وسنة رسوله[، ومنها ما هو عام كإقامة المحاضرات الهادفة في مساجد منطقة السالمية وتوزيع الشريط الإسلامي بصورة منظمة ونافعة, وتنظيم أنشطة للجاليات، وإقامة حلقات لتحفيظ القرآن في مساجد المنطقة للأولاد والبنات.

وللمركز رؤية يعمل لها وهي: " الريادة بإبداع في البرامج الشبابية التربوية"، وهذه الرؤية انبثقت عنها خطة إستراتيجية طويلة المدى لمدة خمسة وعشرين سنة قادمة، وتتفرع من هذه الخطة الإستراتيجية خطة تشغيلية ثانوية مقسمة على برامج عمل ربع سنوية، يقوم المركز بكل أقسامه بالعمل على تحقيقها ومتابعتها.

كما يقيم المركز أربعة مشاريع تربوية أساسية هادفة لاقت قبولاً واسعاً في مجتمعنا الحبيب:

أولها: «مشروع مواهب لرعاية الشباب المبدع»، وهو مشروع تربوي يقوم بالتركيز على صقل مهارات الشباب واكتشاف مواهبهم والارتقاء بها من خلال برنامج مركز يشمل دورات تدريبية وعلمية ميسرة، ودورات شرعية في الآداب الإسلامية.

والثاني: «مشروع عمرة الارتقاء السنوي» الذي يقيمه المركز في عطلة الربيع سنوياً، ويهتم بأداء مناسك العمرة مع إقامة برامج ممتعة وأنشطة ثقافية وإيمانية يومية وحلقة تحفيظ القرآن الكريم يومياً بعد صلاة الفجر في الحرم المكي.

والثالث: «مشروع حُلة الكرامة لتحفيظ القرآن الكريم وتجويده»، وهو مشروع متخصص لحفظ القرآن الكريم لمدة شهر سنوياً في رحاب الحرم المكي الشريف خلال العطلة الصيفية، كما يشمل العديد من البرامج الثقافية والإيمانية والتربوية، وقد خرَّج المشروع منذ تأسيسه وإلى الآن عدداً كبيرًا من الحفظة مع الإسناد إلى النبي[ برواية حفص عن عاصم وبرواية شعبة عن عاصم.

أما المشروع الرابع: فهو «نادي الارتقاء الصيفي السنوي»، الذي أقمنا فعالياته الأخيرة في الصيف الماضي في مدرسة منارات، وقد تبرع لنا المسؤولون مشكورين بمرافق المدرسة لإقامته، وهو ناد صيفي يشمل أنشطة عديدة كحفظ القرآن الكريم والثقافة الإسلامية وتعليم الكمبيوتر واللغة الإنجليزية والعربية والسباحة ولعب كرة القدم و«التلي ماتش» والرحلات الترفيهية والتعليمية.

ختامًا نشكر الأخ الفاضل/ خالد وليد السعيد ومجلس إدارته وجميع العاملين بفرع السالمية، وحقًا إنه لمن الإنجاز تسويق الإنجاز، ولعل أهم ما يميز هذا الإنجاز أن جل القائمين عليه هم من الشباب الواعد، فضلاً عن العقلية الواعية لمجلس الإدارة الذي فوض هؤلاء الشباب وأعطاهم الثقة الكاملة للإبداع والابتكار، نسأل الله التوفيق للجميع.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك