رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 25 أكتوبر، 2010 0 تعليق

الصهيونية العالمية تتبنى الفكرة وتجتهد في تنفيذها-مشروع صهيوني أوروبي يهدف إلى تقطيع أوصال العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة

يتعرض العالمان العربي والإسلامي لهجمة شرسة ومنظمة لتقسيمه إلى دويلات صغيرة على أساس الانتماء العرقي والطائفي والديني فضلاً عن الانتماء القبلي، وهذه الهجمة ليست وليدة اليوم بل هي قديمة قدم الحملات الصليبية وقدم الاستعمار نفسه، وما يحصل في العراق والسودان واليمن ولبنان ومصر والمغرب العربي ليس إلا حلقة من حلقات مشروع صهيوني أوروبي يهدف إلى تقسيم أوصال العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة.

وإذا نظرنا بالتحديد إلى الوطن العربي نجد أن الذين استهدفوا وحدته الجغرافية منذ اتفاقية «سايكس بيكو» كانوا يدركون جيدا أن وحدة الوطن العربي وتماسكه الجغرافي يشكلان عامل ضغط وتهديد لكياناتهم واضعين في أذهانهم الفتوحات الإسلامية ووصولها إلى أوروبا.

في بداية هذا الموضوع المهم والخطير للغاية أود أن أوضح ما نشرته المنظمة الصهيونية العالمية عام 1982م - في مجلتها الفصلية (كيفونيم) - الاتجاهات - دراسة ‏تحت عنوان: (المشروع الصهيوني لمنطقة الشرق الأوسط).

جاء في هذا المشروع الاستراتيجي تقسيم العراق إلى ثلاث دويلات كردية وسنية وشيعية، وتقسيم السودان إلى أربعة مناطق من بينها فصل الجنوب عن الشمال. وامتد السيناريو ليطرح تقسيم سورية ومصر..وهذه اللحظة تلتقي مع الأهداف الإسرائيلية في تقسيم المنطقة على أسس طائفية وعرقية من أجل أن تبقى هي القوة المهيمنة على الشرق الأوسط.

ثلاث دويلات

وهذا ما أكده المراسل العسكري الإسرائيلي زئيف شيف أثناء الهجوم الإسرائيلي على لبنان في 2 يونيو 1982م حيث كتب: “إن مصلحة إسرائيل تتطلب تجزئة العراق إلى دولة شيعية وأخرى سنية، وفصل الجزء الكردي في شمال العراق”. كل هذه الأمور أصبحت الآن حقيقة واقعه إلا القليل منها؛ ولذلك لم يكن مستغربًا أن الكونجرس الأمريكي - الحامي لأمن إسرائيل - هو الذي أصدر قرار تقسيم العراق ‏‏26 سبتمبر سنة 2003م.. وذلك لتنفيذ اإستراتيجية إسرائيل المنشورة قبل نحو ثلاثين عامًا!

تفتيت مصر

إن الصهيونية العالمية ترجو تفتيت مصر بحيث تكون هناك دولة قبطية مسيحية في صعيد مصر، ولا يبدو هذا ‏مستبعدًا في المدى الطويل! وأن تفتتت لبنان بصورة مطلقة إلى خمس مقاطعات إقليمية هو سابقة للعالم ‏العربي بأسره، بما في ذلك مصر وسورية والعراق وشبه الجزيرة العربية.‏

وهناك دول مثل ليبيا والدول الأبعد ‏منها لن تبقى على صورتها الحالية، بل ستقتفي أثر مصر فمتى تتفتت مصر تفتت ‏الباقون!!

أما فيما يتعلق بالأردن فإنها هدف ‏إستراتيجي آتٍ بالنسبة لهم في المدى القصير، وينبغي أن تؤدي سياسة إسرائيل - حربًا أو سلمًا - إلى تصفية الأردن ‏بنظامه الحالي ونقل السلطة للأكثرية الفلسطينية، ومن ثَمَّ تصفية مشكلة المناطق الآهلة بالغزاة غربي النهر ‏حربًا أو سلمًا!‏

إنه - في العصر النووي - لا يمكن بقاء إسرائيل إلا بمثل هذا التفكيك، ويجب من الآن فصاعدًا بعثرة السكان، ‏وهذا دافع استراتيجي، فإذا لم يحدثْ ذلك، فليس في استطاعتنا البقاء مهما كانت الحدود”!!‏

الغزو الثقافي

لقد ركز الغزو الثقافي الغربي منذ احتلاله للعالم الإسلامي على تفكيك هذه المقومات الثلاث، فأقصى الشريعة من أنظمة الحكم (ما عدا المملكة ولله الحمد)، وبالدعوة العلمانية حصر الدين في المساجد والحياة الخاصة للأفراد، وفرق الأمة دويلات تحكمها أنظمة أغلبها علمانية وحارب مفهوم الجهاد ومازال يمعن في محاربته بشتى الطرق والوسائل إعلاميا واقتصاديا وسياسيا وعسكريا.

محاصرة مصر

ولأهمية الموضوع التقينا بأستاذ العلوم السياسية الدكتور ابراهيم الهدبان الذي أكد مازكرناه سابقا وقال: إن العالم الإسلامي يمر الآن بمرحلة حرجة للغاية حيث يتم في هذه المرحلة محاولة تقطيع أوصال العالم الإسلامي إلى دويلات صغيرة هزيلة لاتستطيع أن تبني دولة ولا أن تنهض بمجتمعات، مشيرا إلى موضوع تيمور الشرقية وما حصل فيها كان مخطط له مسبقا.

وأوضح الهدبان أن تقسيم السودان يعد كارثة بكل المقاييس؛ حيث سيدخل السودان في إطار حرب أهلية ومشكلات لا حصر لها من ضعف في مصادر الثروة وفتح مجال للفتنة الطائفية والتدخلات الخارجية

فضلاً عن  شيء مهم للغاية وهو حوض النبيل ومحاولة التأثير عل مصادر المياه ومسارها ومحاولة محاصرة مصر في هذا المجال وإخضاعها حسب أهوائهم وإرغامها على تنفيذ مايطلب منها بسبب الملف المائي ألا وهو مياه النيل والمحاولات المميتة لتقليل حصة مصر فيه وخنقها بصفتها أكبر دولة عربية.

وقال الهدبان: إنه ليس هناك شرعية في العالم وما مجلس الأمن والأمم المتحدة إلا أداة في أيدي الدول الكبرى لتستفيد من قراراتها حتى يكون هناك ذريعة في الهجوم على أي بلد تخالف الدول الكبرى. مشيرا إلى أن إسرئيل أكبر دليل على ذلك، فهناك مئات القرارات ومئات الإدانات أدينت بها إسرائيل من قبل هذه المنظمات ولم يتم تنفيذ أي منها، وكل ذلك بمباركة الدول الكبرى.

الدول الكبرى

أما الناشط في مجال حقوق الإنسان ورئيس لجنة مقومات حقوق الإنسان الدكتور عادل الدمخي فأشار إلى أن العالم كله يمر الآن بمراحل من الصراع، فهناك صراع في أسيا، وهناك صراع في أفريقيا وهنا صراع في أوروبا أيضا.

ولكن الصراع في العالم الإسلامي يأخذ منحى آخر فهو صراع من أجل البقاء أمام الدول الكبرى التي تريد تفتيته وتقسيمه إلى أجزاء لا فائدة منها؛ حيث يقسم السودان الآن وفق خطة رسمت له مسبقا، فقد وضعت أمام السودان قضايا عديدة مثل موضوع دارفور وموضوع الجنوب وموضوع الطائفية وغير ذلك من المصاعب التي تجعل من السودان أرضا خصبة للتدخلات الخارجية.

وبيّن الدمخي أن السودان يمثل بوابة الإسلام الرئيسة إلى قارة أفريقيا، فضلاً عن  الثروات الطبيعية الغنية والموقع الجغرافي المتميز، كل ذلك جعله يقع في حبائل المكائد والمؤامرات العالمية، وقد ظهرت هذه المكائد في مشكلة انفصال جنوب السودان عن الشمال.

وأكد الدمخي أن الدول الكبرى تريد تقسيم العالم الإسلامي إلى دويلات وإشغاله في أشياء داخلية، مشيرا إلى أن هذه الدول قد نجحت في موضوع زرع الأقليات في دول العالم الإسلامي لمصالحها الخاصة واستغلالها حين الحاجة.

ولفت الدمخي إلى أن هناك قيادات متهورة في العالم الإسلامي مثل صدام حسين، تريد أن تقحم العالم الإسلامي في أتون الصراعات والمنازعات والحروب بسبب أشياء لا تفيد دولها الإسلامية. وأعرب الدمخي عن آماله أن يجتمع العالم الإسلامي وأن ينهض بالشعوب الإسلامية، مؤكدا أن مايجمع أمة الإسلام هو شرع الله عز وجل.

الهند وباكستان

الدكتور عبدالواحد عبدالقدوس رئيس مؤسسة الصفا التعليمية بالهند أدلى بدلوه في هذه القضية مشيرا إلى أن النظرة تغيرت تجاه العالم الإسلامي منذ الحادي عشر من سبتمبر وهو أن تظل الدول الإسلامية ضمن اللعبة السياسيّة التي ترسم أمريكا وحدها معالمها وحدودها وتضع أنظمتها وتغيرّها كما تشاء، وأن ما يطلق عليه الشرعية الدولية والقانون الدولي ومنظماتهما ما هو إلا ستار خداع لا قيمة حقيقية له وهو قانون قائم على مبدأ أساسي واحد هو القوة والبقاء للأقوى وأن أي ربح تجنيه إحدى الأمم لابد أن يكون على حساب أمة أخرى؛ فقد قسموا سابقا الهند إلى باكستان والهند، ثم قسموا بعض ذلك باكستان إلى بنجلادش وباكستان، تاركين قضية كشمير دون حل؛ لأنهم يعلمون أنها ستكون بؤرة صراع وسوف يحتاجونها بعد ذلك في تأجيج أي خلاف بين الهند وباكستان.

وبين أن الدول الكبرى تتلاعب بمقدرات الدول الصغرى وتحاول تغذية الأفكار المناهضة للإسلام.

وحث عبدالقدوس المسلمين على الاتحاد في وجه أعداء الإسلام كما أمرنا رسولنا الكريم [.

تفريق المسلمين‏

ولأن الموضوع يخص الدول الإسلامية ومحاولة تفتيتها كان لابد أن نلتقي الشيخ الدكتور محمد الحمود الذي قال: إن السعي في تفريق المسلمين وتمزيق وحدتهم وتشتيت دولهم بل تمزيق الدولة الواحدة لتكون دولا أو دويلات متنافرة متعادية، خلاف ما أمر الله تعالى في كتابه ونبيه [ في أحاديثه الكثيرة، وهو مقصد من مقاصد الشيطان وأعوانه من الكفرة والملحدين وأعداء المسلمين قديما وحديثا.

فقد جاء في القرآن والسنة الترغيب في الجماعة والاجتماع وأن الجماعة نعمة من نعم الله تعالى؛ فقد امتن الله بها على الصحابة؛ قال تعالى: {هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (الأنفال: 62-63).

وإن الجماعة رحمة والفرقة عذاب، وفي ذلك يقول رسولُ الله [: «الجماعة رحمة والفرقة عذاب » رواه أحمد.

وبالجماعة ينال المسلمون عون الله تعالى ونصره قال [: « يد الله مع الجماعة» رواه الترمذي. والمعنى: أن الله يؤيد بعونه الجماعةَ التي تعتصم بحبله .

والجماعة سمة بارزة يتميز بها المجتمع الإسلامي عامة: قال تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (التوبة: 71).

وتأمل هذا المثل الذي ضربه نبينا صلى الله عليه وسلم لأمة الإسلام، فعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم: «مَثَلُ المُؤْمِنينَ في تَوَادِّهِمْ وتَرَاحُمهمْ وَتَعَاطُفِهمْ، مَثَلُ الجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بِالسَّهَرِ والحُمَّى» متفق عليه.

والتواد: بذل أسباب المحبة كالزيارة والسلام . والتراحم: يكون بالقلب. والتعاطف: الوقوف بجانب بعضهم البعض عند النكبات.

وفي الصحيحين قال [: « المُؤْمِنُ للْمُؤْمِنِ كَالبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضَاً» وشبَّكَ بَيْنَ أصَابِعِهِ.

وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ [: «الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ، ويَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَيُجِيرُ عَلَيْهِمْ أَقْصَاهُمْ، وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ» رواه أحمد وأبو داود.

 

وفي النهاية أود أن أشير بعد أن أخذنا آراء المتخصصين إلى أنه تبين لي أن تدخل الدول الكبرى لا يأتي بخير، بل الشر مطيته والفتنة سلاحه.. فهو الذي زرع الفتنة في قلب العالم الإسلامي (إسرائيل)، وهو الذي أيقظها في العراق، وصنعها في السودان وباكستان وأفغانستان ويخطط لها في مصر ودول الخليج، وأنشأها في الصومال، وثبتها في لبنان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك