رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: حاتم محمد عبد القادر 30 سبتمبر، 2010 0 تعليق

الشيخ طلعت تاج الدين مفتي مسلمي روسيا في حوار مع «الفرقان»: نسعى لتأسيس مجلس الشورى لتوحيد صفوف المسلمين الروس

 


تشهد روسيا في العقدين الأخيرين نهضة إسلامية نشطة من إقامة المساجد التي وصل عددها الآن أكثر من 7000 مسجد، وازدياد المسلمين الذين يؤدون فريضة الحج كل عام، وكذلك زيادة الإقبال على الدخول في الدين الإسلامي للدرجة التي معها أبدى الكرملين قلقه من هذه الزيادة المضطردة، والتي تناقلها عدد من وكالات الأنباء؛ حيث  قالت وكالة أنباء موسكو في وقت سابق: إن الإسلام سيكون هو الديانة الأولى في روسيا بحلول عام 2050 م، وفي خبر مشابه عدت جريدة (برافداه) الروسية الدين الإسلامي الدين الذي مهيمناً في روسيا بحلول عام 2050 م وذلك نتيجة النمو الهائل لسكان الجمهوريات الإسلامية داخل الاتحاد الروسي.

 

 

 

وطبقا للجريدة فإن النمو غير المتساوي للفئات السكانية المختلفة داخل الاتحاد الروسي قد سبب قلقًا شديدًا لصناع القرار الروسي داخل (الكرملين).

 

وكما هو معروف فإن الإسلام في روسيا موجود  قبل أكثر من 1400 سنة. حيث اعتنق الدين الإسلامي في منطقة حوض (الفولغا) رسميا قبل قرن من إعلان الأرثوذكسية دينا لروسيا. وإن الإسلام في الوقت الحاضر هو الثاني في البلاد من ناحية عدد معتنقيه بعد الدين المسيحي الأرثوذكسي.

ورغم أنه من الصعب إحصاء عدد المسلمين في روسيا إلا أن تقديرات بعض الخبراء تفيد بأنه يعيش في  روسيا في الوقت الحاضر من 15 إلى 24 مليون مسلم. وحول أوضاع المسلمين والإسلام في روسيا كان لـ (الفرقان) هذا الحوار مع مفتي مسلمي روسيا الشيخ طلعت تاج الدين، رئيس الإدارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا الذي نفى في حواره تأثر مسلمي روسيا بالمد العولمي أو التنصيري لتمسك وثبات مسلمي روسيا بعقيدتهم ن كما أكد الشيخ طلعت تاج الدين على أن أغلبية المسلمين في روسيا على مذهب أهل السنة والجماعة.

- بداية نود إلقاء نبذة عن دار الإفتاء الروسية.

- دار الإفتاء تسمى النظارة المركزية لمسلمي روسيا، وتأسست عام 1789 م بأمر ملكي من الملكة (بكترينا) الثانية، ومنذ ذلك الحين تنسق الشؤون الدينية لمعظم مناطق روسيا القسم الأوروبي والآسيوي، ولها 27 فرعا في مختلف مناطق روسيا الاتحادية، وكذلك الإدارات الدينية (لميامي مولدفيا) وجمهوريات دول البلطيق، وتتبعها حوالي 2000 من الجمعيات الإسلامية من أقصى شرق روسيا الاتحادية إلى غربها.

ومن أهم الأنشطة التي تقوم بها النظارة إجراء الامتحانات للمرشحين للإمامة والخطابة في المساجد وإعداد الكوادر الدينية، وكذلك أسست الجامعة الإسلامية الروسية في مدينة (أوفاورتيها)، وتتبعها 10 فروع في مدن (سمارا) و(ديمبورج)، (اشترهنط)، (ليوانس)، (شواشيوا)، (شيلانس)، (جورجند)، والآن هناك أكثر من 1000 طالب يدرسون في الجامعة الإسلامية وفروعها وكذاك نرسل بعثة من الطلاب للدراسة في الدول العربية والإسلامية.

- وماذا عن حال اللغة العربية في روسيا، وللمسلمين خصوصا؟

- اللغة العربية متداولة والحمد لله ما زلنا نتعلمها عبر العصور ونستخدمها في الخطابة أيام الجمعة؛ حيث يلقي الإمام الخطيب الخطبة باللغة العربية ونصوص القراّن والأحاديث ثم يترجمها للغة الأم، ويدرس في الجامعات والمدارس الصرف والنحو والبلاغة ؛ لأن معرفة أصول الإسلام مرتبطة ارتباطا كاملا بمعرفة اللغة العربية، وحتى في لغتنا الروسية ما يقرب من 30% من الكلمات العربية مستعملة إلى يومنا هذا.

- ماذ عن انتشار الإسلام في روسيا وحاله الآن في روسيا؟

- بدأ انتشار الإسلام في بلادنا في عهد النبي [ إذ أرسل في 9 رمضان في السنة التاسعة من الهجرة ثلاثة من صحابته إلى دولة (البلغار) وأسلم على أيديهم ملك البلغار (ايدرخان) وحواشيه وثلة من الأهالي، فدخل نور الإسلام في العهد النبوي الشريف قبل دخوله إلى مصر والشام والقوقاز وما وراء النهر، ثم في سنة 310 هجرية أرسل الخليفة المقتدر بالله وفدا بقيادة سوسان الراسبي إلى دولة البلغار على ضفاف نهر ولغا وأجرى المؤتمر الشعبي، وفي السادس عشر من محرم سنة 310 هجرية أعلن رسميا أن دولة البلغار تقبل الإسلام طوعا وجمعا، بوصفه ديناً رسمياً للدولة، ومنذ ذلك الحين ما زلنا نحتفل سنويا بيوم الشكر لقبول الإسلام لأجدادنا البلغار، ودولة البلغار كانت أول دولة إسلامية في شرق أوروبا وأول دولة قامت بالكفاح ضد الغزو المغولي التتاري، وعبر العصور ما زلنا نحافظ على ديننا وتقاليدنا وحتى في العهد الشيوعي رغم أنه هدم أكثر من 15000 مسجد ونفي أكثر من 60 ألف الأئمة والفقهاء ما زالت محبة الإسلام وبذور الإيمان صامدة في القلوب، ودليل ذلك أنه بعد سقوط الشيوعية في السنوات الخمس عشرة الأخيرة شيدت آلاف المساجد في شتى أنحاء البلاد، والمسلمون في بلادنا يعيشون في سلام ووئام واحترام متبادل مع القوميات الأخرى وأتباع الديانات السماوية، وهذه التجربة أثبتت حيويتها عبر العصور.

- ماذا عن المذاهب المنتشرة بين مسلمي روسيا وأهم الأنشطة؟

- المسلمون في روسيا أغلبية ساحقة من أهل السنة والجماعة ينتسبون إلى المذهب الحنفي، وفي جنوب البلاد في شمال القوقاز إلى المذهب الشافعي وعددهم  يقرب من 20 مليون مسلم، ويوجد اليوم 3 مراكز دينية إسلامية معترف بها من طرف الدولة، أقدمها النظارة الدينية المركزية لمسلمي روسيا وقد مضى على تأسيسها 220 سنة، وكذلك مجلس الشورى للمفتيين ومجلس التنسيق العالي لمسلمي شمال القوقاز.

والنشاط الديني لهذه المراكز وجميع الجمعيات الإسلامية يعتمد على تبرعات المسلمين وحماستهم؛ إذ إن الدين منفصل عن الدولة، ولا توجد أية تضييقات من طرف الدولة والدوائر الحكومية، بل هناك حرية تامة لممارسة الشعائر الدينية وإقامة التعليم بجميع مستوياته في المدارس والجامعات الإسلامية وبمساعة الحكومة تم إنشاء صندوق خاص لدعم الثقافة الإسلامية والذي يسهم منذ ثلاث سنوات إسهاما ملحوظا في دعم النشاط الديني.

- نود التعرف على أهم القضايا التي تواجه المسلمين في روسيا  وكيفية حلها؟

- لا توجد مشكلات مصطنعة للجمعيات الإسلامية في روسيا إلا ما هو موجود في كل دول العالم من الأزمات الاقتصادية ومستوى المعيشة، وكذلك بالتغلب على الافتراقات والاختلافات المصطنعة التي كانت في العهد السابق من الزمان، الآن نحاول أن نتغلب على هذه المشكلات ونحاول أن نؤسس من ثلاثة مراكز إسلامية في روسيا المجلس الأعلى للتنسيق بين هذه المراكز الدينية، ويحتمل أنها ستسمى مجلس الشورى لمسلمي روسيا، وسيساعد على توحيد الصفوف وحل المشكلات والتعاون مع المؤسسات الدينية لأتباع الديانات السماوية في بلادنا.

- هل للمد التنصيري وجود في روسيا أو محاولات له؟

- الحرية والديمقراطية في كل المؤسسات حتى من الخارج تقوم بنشاطها، فإذا سجلت هذه الجمعيات في وزارة العدل يحق لها ممارسة نشاطها، ولله الحمد نحن عانينا أكبر وأبشع المشكلات في العهد الشيوعي ؛ فلذلك نحن متمسكون بمبادئ ديننا الحنيف ولا يستطيع المبشرون أن يصطادوا في شباكهم إلا أفرادا قليلين.

- الوعظ والإرشاد.. من يقوم به وما أهم ملامحه والوسائل المساعدة له؟

- من خلال العلماء والخطباء والفقهاء حسب وظائفهم الدينية وحسب المسؤولية عند الله بواجبهم في توعية المسلمين والشباب خاصة، ونستعمل في ذلك خطب الجمعة والعيدين والدروس التي تلقى في جميع المساجد، ولاسيما الدروس التي تلقى يومي السبت والأحد ونستفيد في ذلك من الإذاعة والتليفاز وبإصدار الكتب الدينية التي تشرح أسس الإسلام وفلسفته.

- المسلمون والأسرة المسلمة في روسيا.. ماذا عنهم؟

- المسلمون مثل باقي الشعوب يتزوجون ويكونون الأسر وينجبون الأولاد ولنا الحفدة  ونتزايد تدريجيا مثل باقي الشعوب،  والمسلمون في بلادنا ليسوا غرباء ولا مهاجرين... هذا هو وطننا منذ مئات وآلاف السنين، ونحن مواطنون متساوون في الحقوق، لنا الحقوق التامة والواجبات لحاضر الوطن ومستقبله.

- هل هناك إقبال أو تزايد على الدخول في الإسلام؟

-لا أستطيع أن أقول إن هذا الإقبال له نسبة كبيرة أو صغيرة إلا بعد زوال العهد الشيوعي، فأتباع الديانات السماوية يحاولون أن يحافظوا على سلامة العقيدة والنهضة الدينية لمتّبعيهم، ولا نتدخل في شؤون بعضنا، بل أسس مجلس التنسيق والشورى للمراكز الدينية لأتباع الديانات السماوية، فحين نلتقي نتشاور وتسودنا روح التفاهم والاحترام المتبادل، إذ اغلبية مشاكلنا وقضايانا مشتركة ونحاول أن نحلها بروح التفاهم ونساند بعضنا بعضا.

- وماذا عن علاقاتكم مع الدول العربية والإسلامية والمنظمات المختلفة؟

- لنا علاقات مع الدول العربية والإسلامية وبنك التنمية الإسلامي ورابطة الجامعات الإسلامية، ونشارك في المؤتمرات، ونرسل طلابنا، ونستضيف الأساتذة من الأزهر الشريف.

- ما أهم الفتاوى التي يسأل عنها مسلمو روسيا؟

- بالنسبة للفتاوى، فما يخص المسلم في روسيا في حياته اليومية ومعاملاته، والآن الإقبال كبير من طرف رجال الأعمال حيث يسألون عن الاقتصاد والمال حسب الشريعة الإسلامية.

- المد العولمي له تأثير على العالم أجمع.. لأي حد تأثيره على المجتمع المسلم في روسيا ؟

- هذا منتشر في كل أنحاء العالم وعبر شاشات التليفاز والإذاعة ولهما تأثير على شعوب بلادنا، ولكن المتانة التي اكتسبناها في العهد الشيوعي والرحمة الإلهية تساعداننا على مكافحتها.

- هل هناك مشكلة تواجه حجاب المرأة المسلمة في روسيا كما الحال في بعض الدول الأوروبية الأخرى؟

- لا مشكلة في الحجاب عرفيا أو قانونيا فلها الحق الكامل، حتى إنه يسمح بالصور المتحجبة في جوازات السفر.

- بالنسبة لبناء المساجد.. هل هناك أية قيود أو تضييق عليها؟

- لا توجد أية قيود على بناء المساجد بل زادت في السنوات العشرين الأخيرة، ووصل العدد حاليا حوالي 7000 مسجد، ولا يوجد أي موانع أو قيود لرفع الماذن وبنيناها حسب التقاليد المتبعة.

- منظمة المؤتمر الإسلامي على وجه التحديد.. ما علاقتكم بها وهل هناك مجالاتىللتعاون معها؟

- روسيا انضمت عضوا مراقبا بمنظمة المؤتمر الإسلامي ؛ لأن المسلمين في روسيا جزء لا يتجزأ من أمة محمد [، وعندما تصير روسيا عضوا كاملا بالمنظمة ويزداد التقارب بين روسيا والعالم الإسلامي، فبإذن الله ستكون هناك فائدة عظيمة لإقرار السلام والتفاهم في أكبر جزء من العالم؛ لأننا جيران، فليست روسيا وراء البحار والمحيطات، وأواصر الصداقة وحسن الجوار كانت وما زالت عبر العصور، والمسلمون في روسيا يسعون لذلك ويرونها من مسؤولياتهم.

كما أن هناك مشروعات من منظمة المؤتمر الإسلامي، وهذا العمل بدأ ويحتمل فتح فروع لبنك التنمية الإسلامي والتعاون في مجال الاقتصاد بإذن الله.

- الكتب الإسلامية في روسيا... هل تشهد نشاطا ملحوظا في الطباعة والوجود؟

- نعم تنتشر في الجامعات الإسلامية والإدارات الدينية وننشر الكتب الدينية ونعدها مع المراكز الدينية... وأدخلنا مادة الثقافة الدينية في المدارس الدينية، ومنذ ربيع هذا العام تدرس مادة الثقافة الدينية لجميع الديانات السماوية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك