رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: وائل رمضان 4 يونيو، 2024 0 تعليق

الشيخ المغراوي أحد علماء الدعوة السلفية المعروفين في المغرب: الطعن والتشكيك في ثوابتنا الشرعية هدفه هدم الدين وليس التجديد والتطوير

 

  • الحمد لله رب العالمين في كل قطر من أقطارنا الإسلامية بفضل الله رجال عندهم غيرة على السُنَّة وإن كانوا قلة وإن كانت مواردهم ضعيفة ولكن هذا القليل يبارك الله فيه
  • مدافعة الباطل لابد منها والإنسان يحاول أن يوازن بين المصالح والمفاسد وألا يستسلم وإنما يبذل ما في وسعه لنصرة دين الله تعالى
  • تتميز الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم بمتانة ثوابتها ورسوخ منهجها لكونه مستمدا من الوحيين القرآن الكريم والسنة المطهرة
 

إن المجتمعات والأمم في أي زمان ومكان ترتبط بثوابتها وتراثها وثقافتها ارتباطًا وثيقًا، وتتخذ منه منهجًا وطريقًا لحاضرها ومستقبلها، وتتميز الأمة الإسلامية عن غيرها من الأمم بمتانة ثوابتها ورسوخ منهجها؛ لكونه مستمدا من الوحيين: القرآن الكريم والسنة المطهرة، ومع الأسف فإن بعض أبناء الإسلام يشكك فيما اتفقت عليه الأمة بالقبول والرضا سلفًا وخلفًا، ويزعمون أن ذلك من جهة التطوير والتجديد والوسطية والمرونة، ومن باب الحرية الفكرية، والتعبير عن الرأي، وقد التقت الفرقان فضيلة الشيخ: محمد المغراوي أحد علماء الدعوة السلفية المعروفين في المغرب؛ لبيان أبعاد هذه القضية وأسبابها.

  • في البداية سألنا الشيخ عن رؤيته لأبعاد الحملة الممنهجة على ثوابت الدين والطعن في السُنَّة النبويَّة مؤخرًا في بعض بلداننا العربية والإسلامية.
  • الناظر إلى حقيقة ما يحدث من الهجوم على ثوابت الدين، سواء على القرآن الكريم أم السنة النبوية أم على الإسلام عموما أم على الصحابة أم حتى على علماء المسلمين من أولهم إلى آخرهم، يعلم أنه لا غرابة في ذلك، فالمستشرقون سبقوا في مثل هذه الأمور من مئات السنين، منذ القرن الخامس عشر أو السادس عشر، وكذلك المبشرون في كل البلاد التي غزاها المستعمرون، سواء البريطانيون أم الفرنسيون أم البرتغاليون، وكانت هذه خطتهم، فدخول المستعمرين في أي بلد كان يرافقه هذا المنهج ولا يوجد بلد يُستثنى من ذلك.

امتداد لمنهج قديم

          وأضاف الشيخ المغراوي، فالقصد أن القضية هي امتداد لمنهج قديم يعود إلى كفار قريش، فلو جمعنا ما قالوه مثلا في الرسول - صلى الله عليه وسلم - في القرآن يُكتب فيه مجلدات، وكذا ما قاله اليهود والنصارى وغيرهم من الكارهين والحاقدين على الإسلام في كل عصر؛ فالأمر ليس بجديد، وكلما يأتي مركز أو تجمع بمثل ما ذكرت، فإنما هذا هو إحياء للمناهج السابقة ليس فيه جديد، وكذا هو منهج المستشرقين والاستشراق عمومًا؛ حيث يطعنون في التفسير وفي السُنَّة وفي الفقهاء والعلماء؛ فلهذا الغرض قد أُسس الاستشراق للتشكيك في كل الثوابت الإسلامية، والتشكيك في القرآن بالدرجة الأولى والتشكيك في النبوة. ولهذا فإن المستشرق الهندي المعروف (فاندر) قد ركز على تلك الموضوعات: (التشكيك في القرآن، وإثبات كتبهم المحرفة، وإثبات التثليث والألوهية، والتشكيك في النبي - صلى الله عليه وسلم )، وقد ألف كتابا أسماه (ميزان الحق)، مكتوبا بالفارسية والأردية والانجليزية، فلا تستغرب أن يأتي مركز أو مراكز أو جمعية أو جماعة يقومون بالدور نفسه الذي قام به هؤلاء، فهذه أمور تتكرر على مدار التاريخ. ولكن -ولله الحمد- هذه الأمور كلها -رغم الدعم الهائل الذي يقدم لهذه المراكز وهذه الشخصيات- يظن بعض الناس أن الأمر انتهى، وأن الإسلام في خطر، إلا أن الأمر غير ذلك، فتجد -بفضل الله كل فترة من العلماء- من يتصدى لهؤلاء ويقف لهم بالمرصاد.

دور العلماء وولاة الأمور

          وأكد الشيخ المغراوي على دور العلماء وطلبة العلم وولاة الأمور تجاه هذه الحملات التشكيكية، وبين أن دورهم في غاية الأهمية، في مواجهة هؤلاء المخالفين وعدم السماح لهم بإقامة مثل تلك المراكز، خصوصًا وإن كانت في بلد إسلامي، فضلا عن علماء الأزهر وشيوخ العلم وغيرهم، لابد أن يكون لكل منهم دوره في مواجهة مثل هذا الفكر الخبيث، ومثل تلك الحملات الممنهجة، وبيان أن هذه المخططات مخططات قديمة.

مهمتهم التشكيك في الثوابت

          ثم بين الشيخ المغراوي إلى ضرورة قراءة تاريخ الاستشراق وتاريخ التبشير؛ ليعطينا تصورا كاملا عن هذه الأمور كلها بوضوح؛ فالتشكيك في الثوابت مهمة هؤلاء المستشرقين وأتباعهم، وإن شئت فلتنظر إلى كتاب شيخ الإسلام -رحمه الله- (الجواب الصحيح في الرد على من بدل دين المسيح)؛ فهو يرد على النهج نفسه الذي نهجه (فاندر)، وهو نهج القسيس الذي كان يرد عليه شيخ الإسلام ابن تيمية، فهم يركزون على هذه الأمور، فقصدي أن هذا الهجوم وهذ التشكيك ليس به غرابة وليس بجديد لأنك حينما ترجع إلى التاريخ ترجع إلى ذي الخويصرة، الذي قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: «اعدل فإنك لم تعدل»، فكل هذه الفرق أتباع ذي الخويصرة وامتداد لمنهجه الخبيث الذي يطعن في الثوابت وفي الرموز.

الدفاع عن دين الله

          وأضاف، فالطعن في سنة النبي - صلى الله عليه وسلم - طعنٌ في الدين وهدمٌ له، فثوابتنا هي القرآن والسنة واجماع الأمة الذين هم علماؤها في كل طبقة وكل قرن، ولابد ألا يُسكت على هذه الأمور، ولا يُستسلم لها؛ فالإنسان يبذل جهده ما استطاع في الدفاع عن دين الله، فالدفاع عن الإسلام موجود بفضل الله في كل طبقات التاريخ.

المعركة بين الحق والباطل

          فالقصد أن الانسان لابد له أن يقرأ التاريخ ليفهم ويكون له دور وليستوعب طبيعة تلك المعركة بين الحق والباطل، وليفهم أن كل المستعمرين الذين دخلوا بلاد الإسلام كان يصحبهم المبشرون والمستشرقون؛ لأنك عندما تراه جنديا ويتحدث في دينك لن تقتنع ولن تسلم له عقلك، ولكن عندما تراه باحثا وعالما ويطعن في القرآن والسنة ستقتنع بكلامه؛ لذا فهم أذكياء في قضية ضرب الثوابت، فمن الناحية العسكرية يقومون بالغزو والنهب والإبادة والاكتساح، وفي الوقت نفسه يصحبون معهم هؤلاء المبشرين والمستشرقين للقيام بتلك المهمة ألا وهي التشكيك في الدين وفي الثوابت، فلا غرابة أبدًا في مثل تلك الأمور ولكن المناط كله في استفراغ وسعنا في مواجهتها. ما زلت أذكر في الستينيات عندما قرأت هذا العنوان الكبير: (ليس كل ما في البخاري صحيح)، وأتوا بحديث الذبابة «إِذَا وقَعَ الذُّبَابُ في شَرَابِ أحَدِكُمْ، فَلْيَغْمِسْهُ ثُمَّ لِيَنْزِعْهُ؛ فإنَّ في إحْدَى جَنَاحَيْهِ دَاءً، والأُخْرَى شِفَاءً»، ويناقشونها بكثير مما يسمى بالعقلانية! فتلك هي فكرتهم وذلك هو منهجهم منذ القدم.
  • كيف نبني ممانعة مجتمعية تستطيع مواجهة هذه الحملات؟
  • الحمد لله رب العالمين أنا أرى في كل قطر من أقطارنا الإسلامية -بفضل الله- رجالا عندهم غيرة على السُنَّة وإن كانوا قلة، وإن كانت مواردهم ضعيفة ولكن هذا القليل يبارك الله فيه، فنجد في مصر رجالا كثيرين من أهل السنة الذين يصدون هذه الهجمات ولهم مواقف واضحة، وكذلك موجود في المغرب مجموعة، وموجود في الجزائر مجموعة، وكذلك في الكويت وفي كل الأقطار بفضل الله، والله يبارك في هذه الجهود التي لا يُستهان بها بفضل الله، وهم يعملون على مختلف المستويات على مواقع الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وفي المساجد وعبر القنوات التلفزيونية وفي مختلف الميادين، وهذا في كل مكان حتى في الهند والباكستان والبلاد الأعجمية والحمد لله يوجد رجال يسخرهم الله للوقوف في وجه هذه الحملات، وردودهم وإصداراتهم متوفرة أيضًا -بفضل الله- وبالضوابط الشرعية والعقلية، وهذا حديث النبي -صلى الله عليه وسلم -: «لا تزالُ طائفةٌ مِنْ أُمِّتي ظاهرينَ على الحقِّ أوْ على الحقِّ ظاهرينَ لا يضرُّهُمْ مَنْ خذلَهُمْ وفارقَهمْ حتَّى يأتيَ أمرُ اللهِ أوْ قال حتى تقومَ الساعةُ»، فلا يمكن لهذا الحديث أن يُنقض؛ فتلك هي الطائفة المنصورة بإذن الله، أولئك هم الذين يغارون على الإسلام ويغارون على الدين.
 
  • كيف يمكن حماية الشباب من الحملات التي تستهدف عقولهم وأخلاقهم من الإلحاد والقضايا الأخلاقية كالشذوذ وغيره؟
  • أرى أن كل أحد لابد وأن يبذل قدر استطاعته، فالشذوذ الآن والمثلية أصبحت قضايا دولية وأصبحت تفرضها الأمم القوية على الأمم الضعيفة، ولكن رغم ذلك فعلى كل إنسان أن يشارك ويبذل ما يستطيع، يكتب رسالة أو منشورا على وسائل التواصل مثلا في تحريم الشذوذ وتحريم اللواط وتحريم كذا وتحريم كذا فهذا الذي نملكه، وهذا هو المستطاع وهذا هو هدي النبي - صلى الله عليه وسلم - عندما كان في مكة كان يفعل المستطاع يعني ثلاثمائة وستون صنما كانت تحيط بالكعبة وماذهب حينها ليهدمها؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - تصرف بما يستطيع وبما لا يترتب عليه من المفاسد الشيء الأشد والأعظم؛ ولهذا صبر - صلى الله عليه وسلم - وأرسل الصحابة إلى الحبشة مرتين ليفروا بدينهم، وصبر حتى يفتح الله عليه وهو يفعل ويبذل وسعه بما يستطيع، فبدأ -صلى الله عليه وسلم - بخديجة -رضي الله عنها-، وأبي بكر الصديق - رضي الله عنه -، وحتى أسلم عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، كان معه -صلى الله عليه وسلم - ستة وأربعون مسلمًا فقط.

الصبر والمدافعة

          قصدي أن الصبر لابد منه، والمدافعة لابد منها، والإنسان يحاول أن يوازن بين القوى وبين المصالح والمفاسد، ولكن لا تستسلم وإنما ابذل ما تستطيعه، تستطيع أن تكتب اكتب، تستطع أن تتكلم تكلم، تستطع أن تبذل أموالك ابذل مالك، أي شيء تستطيعه افعله، فمن يملك شيئا وهبه الله -سبحانه وتعالى- فعليه أن يبذله.  
  • الواقع الحالي للأمة ولا سيما ما يحدث في غزة، أصاب بعضنا بالهزيمة النفسية؛ فكيف نعالج تلك الهزيمة؟
  • ما يحدث للأمة هو ابتلاء من الله -تعالى-، وإذا نظرنا إلى الناحية الشرعية هل يجوز لنا أن نيأس؟ لا يجوز أبدًا، قال -تعالى-: {إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}؛ فلو جاز لأحد أن ييأس ليأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والصحابة -رضوان الله عليهم-، عندما ضيق عليهم الكافرون في مكة حتى ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، فاليأس أمر لا يدخل إلى قلب المسلم الصادق المؤمن أبدًا في يوم من الأيام مهما حدث، ولابد من الفأل الحسن، فالإنسان يموت ولكن لا ييأس نعوذ بالله من ذلك، نعم نتأثر ونحزن ونتأزم، ولكن نريد الخير ونسعى إليه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، ومن ييأس ليس له مكان، وأهم شيء ألا يكون لك يد في شيء يضر الإسلام، وإنما تبذل وسعك واستطاعتك في المدافعة ونصرة الدين وأهله.
 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك