رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 21 أغسطس، 2010 0 تعليق

الشيخ القارئ عبدالهادي كناكري لـ «الفرقان»: تعهدني والدي منذ الصغر وكان يعطيني القليل من القرآن

 

الحديث عن القرآن الكريم حديث عظيم، وقد صح عن عثمان بن عفان ] وأرضاه أنه قال: «لو سلمت قلوبكم لما شبعت من كلام ربكم»؛ ذلك أن القرآن كلام الله، وكلامه صفة من صفاته.

إن العيش مع القرآن عيش كريم، ونعمة يتفضل بها الله على من شاء من خلقه، وحياة تعجز العبارات أن تعبر عنها.

قيل لبعض السلف: إذا قرأت القران تُحدث نفسك بشيء؟ فقال: أو شيء أحب إلي من القرآن حتى أحدث به نفسي؟!

لقد كانوا يعلمون أن القرآن ليس مثل كلام البشر، فهم على يقين بصدق أخباره، ونفاذ وعده ووعيده، كان لأسلوبه المعجز أثره في نفوسهم؛ ولذلك يجب عليك كلما قرأت القرآن أو استمعت إليه أن تستحضر أنه كلام الله الذي خلقك ورزقك وأنعم عليك، تفكر في كل آية بل وكل كلمة من كلماته وسيحدث في نفسك العجب.

«الفرقان» التقت بالشيخ القارئ عبدالهادي أحمد كناكري ليحدثنا عن تجربته الشخصية، وعن رأيه في حلقات تحفيظ القرآن الكريم وعن الإجازة في القرآن وغير ذلك، فإلى التفاصيل:

 

 

> في البداية، ونحن في شهر رمضان الفضيل نريد أن نتعرف على فضل قراءة القرآن الكريم؟

< الحديث عن القرآن الكريم حديث عظيم؛ لأنه حديث عن كتاب الله تعالى الذي يقرؤه المسلم في كل وقت، وإذا أراد المرء أن يسهب في الحديث عن كلام الله، لا تكفي سنين بأكملها؛ لأنه يتحدث عن القرآن الكريم، التي تعد راحة للقلب وسكينة للإنسان. من قرأ عشر آيات من كتاب الله لم يكتب من الغافلين.

فيجب على كل مسلم أن يكون له قراءة في كتاب الله في كل يوم، لا سيما أننا في شهر رمضان المبارك، وأود أن أشير هنا إلى أننا نجد بعض المقصرين تجاه كتاب الله عز وجل، وهذا التقصير يتجلى في أنهم يقرأون كتاب الله على غير ما أنزله على رسوله، باللفظ الخاطئ غير الصحيح، وبعدم تطبيق أحكام التلاوة الصحيحة، كما أنزل القرآن؛ لأن التلاوة والأحكام مأخوذتان من فهم رسول الله [ ولا اجتهاد لأحد فيهما، وبهذا نأخذ الإجازة في القراءات القرآنية، وهكذا وصل إلينا القرآن الكريم نقلا بالتواتر، وهذا ما اختص الله به هذه الأمة عن غيرها من الأمم: أن هذا القرآن العظيم منذ 1400 عام وإلى يوم القيامة، متصل إلى رسول الله [ فهذا لمن أراد أن يقرأ كتاب الله ويأخذ الإجازة.

 

التجربة الشخصية

> نريد أن نتعرف على تجربتك الشخصية في حفظ كتاب الله حتى وصلت إلى هذه المرتبة؟

< تجربتي بدأت منذ الصغر، وكان الفضل لله تعالى ثم لوالدي الذي تعهدني أنا وإخوتي منذ الصغر، وإذا لم تكن التعهد من الوالدين للطفل فسرعان ما تضيع عليه هذه السنوات الذهبية لاسيما وهو في مقتبل العمر، فبدأت مع والدي لاسيما وأنه كان أستاذا في علم القراءات، وكانت القراءة بعد صلاة الفجر، فتعلمت كتاب الله على يد الوالد رحمه الله، وكان الوالد حريصا على أن يعطينا القليل من القرآن وليس الكثير، حتى لا نمل من ذلك، لا سيما أننا أطفال، وهذا ما جعلنا نستمر ونحفظ كتاب الله جيدا تلاوة وأحكاما وتجويدا كما ينبغي، وهذا ما أنصح به.

 

> بعد دخول الوسائل الحديثة مثل الشريط والإنترنت.. هل هذه الوسائل تغني عن الشيخ القارئ للقرآن في التعليم؟

< لا يمكن أن يستغني الحافظ للقرآن الكريم عن الشيخ المحفظ، أي الملقن مثلما تلقاه الصحابة من فم رسول الله [؛ فلا بد أن يتلقاه الإنسان من فم الشيخ؛ لأن هذا هو الأصل؛ ولذلك نوصي دائما بوجود الشيخ المحفظ، وإذا لم يتوافر ذلك فأنصح بالذهاب إلى دور القرآن الكريم المنتشرة في معظم البلاد العربية والإسلامية، فخير وسيلة لحفظ القرآن الكريم هي التلقي والتلقين، وأما الوسائل الأخرى فهي عبارة عن وسائل مساعدة في الحفظ؛ لأن من أراد أن يحصل على السند في القراءة يحصل عليه عن طريق القراءة على الشيخ والسماع والتلقين.

 

لا للمجاملة

> هناك من يحصل على السند في القرآن الكريم دون إتقان كما ينبغي.. ما قولك؟

< نعم، فأحيانا يأتي إلينا شخص حاصل على السند ويريد أن يحصل عليه مرة أخرى ونجده لم يتقن بعض الحروف، وهذا في الحقيقة يُعد مسؤولية كبيرة على من يعطي السند الذي يمتد إلى الرسول [؛ فلا ينبغي المجاملة ولا المساومة في إعطاء السند لأي إنسان مهما كان؛ لأنه كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه؛ فلا بد من إعطاء هذه الإجازة لمن يستحقها فقط.

 

> هل كل حصل على سند من حقه أن يعطي سندا للآخرين؟

< إذا كتب له الشيخ المحفظ في السند، وكان هذا الشيخ معتمدا فمن حقه إعطاء من يحفظ عليه السند.

 

> ما رأيك في حلقات تحفيظ القرآن الكريم المنتشرة في معظم الدول العربية والإسلامية، وهل تُعد كافية لتحفيظ كتاب الله؟

< هذه الحلقات تقدم خدمات جليلة للمجتمع، ويكفي أن هذه الحلقات تنشط في فصل الصيف أثناء الإجازات بجذب الشباب والصبية إلى حفظ كتاب الله، ولكن هذه الحلقات تقتصر على تعليم مبادئ وأحكام التلاوة ويبقى المتابعة من قبل الأسرة التي لها عامل أساسي ومهم في تنشئة الأولاد وحفظهم لكتاب الله.

 

> نريد «روشتة» مختصرة عن طريقة تحفيظ القرآن الكريم لأولادنا.

< رعاية الطفل منذ الصغر والاهتمام به؛ لأن الطفل إذا نشأ على حفظ القرآن الكريم، فمن المؤكد أنه سيحفظه في سن مبكرة، وقد حضرنا مسابقات كان الفائز الأول فيها طفلا مصريا عمره 5 سنوات، وهو كفيف. وأيضا هناك توأمان الأول كفيف والثاني مُقعد وكلاهما حفظ القرآن وهو في سن الخمس سنوات، فكنت أراهما، عندما كان الكفيف يجر عربة المقعد، والمقعد هو الذي يوجهه، وكلاهما يراجعان القرآن معا، وكما قال السلف: «لولا المربي ما عرفت ربي».

فلذلك عندما يلبس الله والد حافظ القرآن تاج الوقار يوم القيامة، يكون ذلك بسبب الرعاية والاهتمام الذي أعطاه هذا الوالد لابنه وصبر عليه حتى حفظ القرآن الكريم.

 

الوالد والمعلم

> هل تنصح بالضرب في حفظ القرآن الكريم كما يفعل البعض في الكتاتيب إلى الآن؟

< قديما كانوا يستعملون الضرب والعقاب، فكان الطالب بين أمرين: الأول رغبة الوالد في أن يحفظ القرآن، والثاني: رغبة المعلم وحرصه على أن يحفظ الطالب القرآن، فكان هناك نوع من العقاب وكان يعطي نتيجة جيدة آنذاك، ولكن لا أعتقد أن الضرب ينفع في هذا الزمان، لا سيما مع كثرة المشاغل والملهيات في هذا الزمن، فالمؤمن حكيم بين الترغيب والترهيب.

 

الخصال الثلاثة

> ما النصيحة التي يمكن أن تعطيها إلى حافظ القرآن حتى يستمر أو يحافظ على حفظه القرآن الكريم؟

< الذي أكرمه الله بحفظ القرآن يجب أن يتمتع بثلاث خصال:

الخصلة الأولى: أن يلتزم بالأمر النبوي الذي يوصي بمعاهدة كتاب الله، وذلك من خلال المراجعة المستمرة.

ثانيا: أن يعمل المرء بأحكام القرآن أمرا ونهيا وامتثالا كما أمر الله؛ حتى ينتفع بما حفظ من كتاب الله، وحتى يؤجر؛ فالماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة.

ثالثا: أن يكون سلوكه القرآن؛ لأن كثير من حفظ القرآن يصيبه الغرور والكذب والتعالي، فهذه أخلاق لا تتناسب مع حافظ القرآن.

 

> هل تعتقد أن وسائل الإعلام العربية أعطت لحفظة القرآن الكريم حقهم بصفتهم يحملون في صدورهم أعظم شيء، وهو القرآن.. وهل تقوم بدور في حفظ كتاب الله؟

< في الواقع أن الفضائيات العربية قد أهملت حفظ القرآن الكريم، ولم يلتفت إليهم أحد إلا القليل جدا، فالفضائيات لم تعط أي اهتمام لحفظ كتاب الله حتى الإسلامية منها، ونأمل أن تكون هناك قناة تهتم بهذا الجانب وأن يكون بها برنامج خاص لتعليم القرآن الكريم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك