رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ: ثامر العامر 10 يوليو، 2010 0 تعليق

الردود الواضحات على مفتري الشبهات في الرؤى والمنامات !!

 سؤال: فضيلة الشيخ بعض الناس يلقي شبهات على علم التعبير، ومن هذه الشبهات يقول: طريقة التفسير بالكتاب والسنة غير صحيحة! لو نبتعد عن تعبير الرؤى أفضل؛ لأننا في زمن ابتعد الناس عن القرب لله ورسوله[!! واقتربوا من حب معرفة المستقبل، والتمسك بالرؤى إلى حد غير معقول!! ولماذا نعمل على تشجيع ذلك؟ نرجوا من فضيلة الشيخ ثامر العامر الرد على هذه الشبهات؟ وجزيت الفوز بالجنات .

الجواب:

أولا: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، ولاعدوان إلا على الظالمين من الحاقدين والحاسدين والمفترين .

ثانيا: يقول طريقة التفسير بالكتاب والسنة غير صحيحة!!

الجواب: هذه الشبهة في الغالب تخرج من إنسان جاهل بالكتاب والسنة، أو حاقد، أو حاسد، وكلا الأمرين أحلاهما مر.

فنقول بحمد الله: من تابع ما كتبناه في هذه المجلة الطيبة والمباركة طيلة الفترة الماضية وقد وصلنا بفضل الله - عز وجل - إلى العدد رقم (44) يعلم علم اليقين أن علم التعبير علم مبني على كتاب الله عز وجل وسنة نبييه[ وقول السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم، وله أصوله وقواعده وفتاوى كبار العلماء من المتقدمين والمتأخرين في ذلك موجودة، والحمد لله.

ثالثا: يقول: لو نبتعد عن تعبير الرؤى أفضل!!

الجواب: هذا قول غاية في الغباء والجهل المركب!! ألم يعلم هذا وأمثاله أننا لو ابتعدنا عن تعبير الرؤى فإن أغلب الناس؟ سيذهبون إلى السحرة والمشعوذين والكهنة والجهال من المتعالمين. والذي يطالب بالبعد عن علم التعبير فيه شبه من أهل الإلحاد وفرقة المعتزلة، قال الإمام ابن عبد البر – رحمه الله -: «ولا ينكر الرؤيا إلا أهل الإلحاد وشرذمة من المعتزلة» كتاب التمهيد (1/285). وقال - رحمه الله - «وعلم تأويل الرؤيا من علوم الأنبياء وأهل الإيمان» التمهيد (1/49). وقال ابن العربي المالكي - رحمه الله - «ما أنكر الرؤيا إلا طائفة من القدرية ؛ فقالوا: الرؤيا لا حقيقة لها أصلا» كتاب عارضة الأحوذي (5/109).

رابعا: يقول: لأننا في زمن ابتعدت الناس عن القرب لله ورسوله[ !!

الجواب: وهل إذا ابتعد الناس عن التمسك بالكتاب والسنة، نقول لهم ابتعدوا أيضا عن بعض العلوم الشرعية المؤصلة بالكتاب والسنة؟! فهذا شيء عجيب، وتفكير غريب، وهذا التفكير نابع من قلة علم ودراية وبعد نظر وعدم فهم مقاصد الشريعة، ألم يعلم هذا وأمثاله أن معجزة يوسف - عليه السلام - كانت تعبير الرؤيا؛  قال الله تعالى: {وَكَذَلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ} (يوسف: 6)، وألم يعلم أن النبي[ كان إذا صلى الصبح أقبل عليهم - أي الصحابة - بوجهه فقال: "هل رأى أحد منكم البارحة رؤيا؟" رواه مسلم ( 15/35 شرح النووي) وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: "كانوا - أي الصحابة لا يزالون يقصّون على رسول الله[ الرؤيا» أخرجه البخاري (1158) وقال ابن عبد البر رحمه الله: «وهذا الحديث يدل على شرف علم الرؤيا وفضلها، إلا ليقصها على الرسول[، ويعبرها؛ ليتعلم أصحابه كيف الكلام في تأويلها». الاستذكار (27/121 – 122). وقال القاضي عياض - رحمه الله -: «وفي الحديث حث على علم الرؤيا والسؤال عنها وتأويلها» كتاب إكمال المعلم (7/228). قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: "وبالجملة فما تقدم من أمثال القرآن كلها أصول وقواعد لعلم التعبير لمن أحسن الاستدلال بها، وكذلك من فهم القرآن فإنه يعبر به الرؤيا أحسن تعبير، وأصول التعبير الصحيحة إنما أخذت من مشكاة القرآن "انتهى كلامه من كتاب أعلام الموقعين (1/193) .

قلت: نأخذ فائدة من هذا الكلام وهي أن أفضل المعبرين من يعتمد في تعبيره للرؤيا على القرآن الكريم والسنة الشريفة؛ لأنها شارحة للقرآن، وأن علم التعبير مبني على أصول وقواعد. وكلام ابن القيم رد على المشككين في علم التعبير. والحمد لله.

خامسا: ويقول اقترب (الناس) من حب معرفة المستقبل والتمسك بالرؤى إلى حدّ غير معقول!!

الجواب : هذه الشبهة خرجت من إنسان ليس لديه مثقال ذرة من بصيرة أو علم من ميراث النبوة ، ألم يعلم بأن الله عزوجل من حكمته البالغة جعل تعبير الرؤيا معجزة ليوسف -عليه السلام- وخلد ذكرها في سورة يوسف - عليه السلام - أتدري لماذا؟ لكي يعلم أهل العلم كيفية تعبير الرؤيا وكيف يدلون الناس على العلم الصحيح تجاه هذا الأمر العظيم الذي يخلقه الله - عز وجل - في حال منام الناس؛ قال الله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ}(الروم:23). ويقول هذا الجاهل: غير معقول!! ألم يعلم أن تعلق الناس بالرؤى ومعرفة تعبيرها كانت سنة عند العلماء والأئمة ، منذ القدم - مثال على ذلك : الإمام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي - رحمه الله - صاحب كتاب البدر المنير في علم التعبير، من تلاميذه: الحافظ الذهبي والحافظ المزي والحافظ البرزالي والحافظ ابن القيم، وقال الصفدي رحمه الله تعالى: وممن عاصره كابن القيم وشيخه ابن تيمية والذهبي وابن سيد الناس الحافظ. كتاب الوافي بالوفيات (7/49 –51). قال ابن كثير -  رحمه الله -: سمع الكثير وروى الحديث وكان عجبا في تفسير المنامات ، وله فيه اليد الطولى. البداية والنهاية (13/374). فهل تعلق هؤلاء الأئمة وثناؤهم على هذا العلم وأهله غير معقول!! قال تعالى: { كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً} (الكهف: 5).

سادسا: يقول - ولماذا نعمل على تشجيع ذلك؟!

الجواب: هذه دعوة شبيهة بدعوى الفرق الضالة من المعتزلة والقدرية والملاحدة الذين لا يرغبون في هذا العلم الشريف ويصدون الناس عنه! من باب صد الناس عن القرآن الكريم، والسنة الصحيحة . وليعلم هؤلاء وغيرهم أن الله تبارك وتعالى قال: {قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا } (الصافات: 105).

فربنا سبحانه يذكر الرؤيا ويصدقها جلا وعلا: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ حَدِيثاً} (النساء:87)، وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللّهِ قِيلاً} (النساء:122).

وقال تعالى:{لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ فَتْحاً قَرِيباً}(الفتح:27).

 

اعلم أن فتح مكة بداية كان برؤيا صالحة ومبشرة بقرب الفتح .

وقال تعالى: {قَالَ يَا بُنَيَّ لاَ تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُواْ لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} (يوسف:5).

اعلم أن من حسد أهل العلم من المعبرين وغيرهم ففيه شبه من الشيطان وحزبه.

وقال تعالى: {وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} (يوسف:43).

اعلم أن جميع الناس بحاجة لمعرفة تعبيرالرؤى فمن يعبرها لهم؟!

وقال تعالى: {وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّواْ لَهُ سُجَّداً وَقَالَ يَا أَبَتِ هَـذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِن قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّي حَقّاً} (يوسف:100).

اعلم أن من أعظم الفرح والسرور إذا تحققت الرؤيا، والسؤال الذي يطرح نفسه: من يعبر التعبير الصحيح حتى تقع؟

الجواب: الأنبياء عليهم السلام وورثة الأنبياء من العلماء.

سابعا: نقول لهذا وأمثاله: علم التعبير علم شريف وإليك فتوى العلامة ابن باز رحمه الله تعالى .

السؤال: كيف يستطيع المرء أن يتعلم تفسير الأحلام؟ وهل توجد كتب صحيحة في هذا المجال؟

الجواب: يتعلمها من كتب العلماء التي ذكرت الأحاديث عن النبي[ ، في الرؤيا وتفسيرها مثل كتاب ابن القيم - رحمه الله - في أعلام الموقعين، ذكرت جملة من ذلك في الرؤيا، وفي كتب أخرى مؤلفة في الرؤيا يستفيد منها، وأكثر ما يفيد في هذا تدبر الأحاديث التي جاءت في الرؤيا عن النبي[ وتفسير النبي لها، وتفسير الصحابة يستفيد منها إذا كان عنده علم! وعنده بصيرة! يستفيد؛ ولا ينبغي أن يقدم على التأويل إلا عن بصيرة وعن علم، حتى لا يكذب على الله تعالى، ولا على رسوله[ ، فينبغي على من أراد تفسير الرؤيا وتعبيرها أن يعتني بما جاء في السنة عن النبي[ في الرؤيا وما جاء عن الصحابة والسلف الصالح وما ذكره العلماء المعتمدون كابن القيم وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم من العلماء. انتهى من فتاوى العلامة ابن باز - رحمه الله تعالى - (123).

ثامنا : ختاما - أسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا وأن يرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا  وأن يرزقنا اجتنابه.

وكل خير في اتباع من سلف من الصحابة والتابعين ، وكل شر في ابتداع من خلف من القدرية والمعتزلة والملاحدة والمنافقين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك