رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: خالدة النصيب 21 يوليو، 2010 0 تعليق

الرجولة الحقيقية أيها الشباب

 


لقد حثنا ديننا على التفاؤل، والنبي[ كان يعجبه الفأل، ونظرة التفاؤل هذه تجعلنا نبحث بين  الشباب  عن الرجولة في داخلهم، فنجدها  في صفات كثيرة، وبعض هذه الصفات ذكرها الله تعالى إذ  كانت موجودة عند الصحابة -رضي الله عنهم- شبابا وشيوخا؛ قال الله تعالى في وصفهم: {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا} «الأحزاب: 23»، فعن أنس -رضي الله عنه- قال: غاب عمي أنس بن النضر عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبت عن أول قتال قاتلت المشركين، لئن أشهدني الله قتال المشركين ليرين الله ما أصنع، فلما كان يوم أحد وانكشف المسلمون قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني أصحابه- وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء-يعني المشركين- ثم تقدم فاستقبله سعد بن معاذ فقال: يا سعد ابن معاذ، الجنة ورب النضر، إني أجد ريحها من دون أحد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنس: فوجدنا به بضعا وثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون، فما عرفه أحد إلا أخته ببنانه، قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه». رواه البخاري.

فلو أن أحدا ممن يدعي الرجولة بأفعال مثل حمل الأثقال وجر الحبال وملاكمة الأبطال طلب إليه أن يفعل مثل ما فعل أنس بن النضر فهل يستطيع؟ فمن صفات أنس بن النضر عدم الفرار يوم الزحف والشجاعة، وذكر من صفات الرجال هنا الصدق والوفاء بالعهد مع الله وعدم الشك والتبديل في دين الله ولا استبداله بغيره، وذلك بالمحافظة عليه والثبات على مبادئه مهما كانت الظروف؛ لأن هذا مما يساعد على أن يكون المسلم قدوة حسنة لغيره، خاصة إذا كان يعيش خارج بلاد الإسلام كالذين يعيشون في بلاد الغربة، فإننا نجدهم قد تمسكوا بدينهم وكانوا قدوات حسنة من أجله، فما بال شبابنا وهم في بلدانهم ضيعوا هويتهم ولم يبحثوا عنها؟ فالبحث عن الهوية لا بد أن يوصل لنتيجة مرضية؛ لأنه بها سيجد الإنسان نفسه.

ومن الرجولة: الصلاة في المساجد والرباط فيها؛ قال تعالى في صفات الرجال: {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} «النور: 36ــ37» وهذا فيه إشعار بهممهم السامية ونياتهم وعزائمهم العالية التي بها صاروا عمارا للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه ومواطن عبادته وشكره وتوحيده وتنزيهه، فلا يثقل هؤلاء الرجال الذين يصلون في هذه المساجد التي أذن الله أن ترفع عن ذكر الله فيها وإقام الصلاة تجارة ولا بيع، {يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار} من هوله بين طمع في النجاة وحذر من الهلاك، قال قتادة : كان القوم يتبايعون ويتجرون، ولكنهم إذا نابهم حق من حقوق الله لم تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله حتى يؤدوه إلى الله. رواه البخاري.

ومعنى هذا أن الرجولة من مقوماتها أن يكون الرجل مؤديا لحقوق الله، وقد ذكر الله في هذه الآيات هذه الصفات للرجال مادحا لكمالهم، فأخبر أنهم لا يغفلون عن ذكر الله تعالى؛ لأن الدنيا قد خرجت من قلوبهم وصارت في أيديهم، ويقيمون الصلاة بحدودها ويؤدون الزكاة ويخافون من يوم القيامة، فالشاب إذا وجدت به هذه الصفات أصبح عبدا حقا ورجلا صدقا، وتحققت فيه صفات الرجولة، فذِكْر الله كثيرا من صفات الرجال، وليس الذكر باللسان فقط بل يذكر الله عند ورود الهوى والخواطر والأقوال والأفعال؛ فمن فعل ذلك كان رجلا قولا وفعلا، كما كان النبي[ أفضل رجل عرفته البشرية وسيد المرسلين[ حيث وصفته زوجته  خديجة - رضي الله عنها - بأحسن الصفات؛ حيث اشتمل وصفها على كرم أخلاقه[، ومن صفات الرجولة فيه قولها: «كلا والله، لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتكسب المعدوم، وتعين على نوائب الحق»، فهو يكرم القرابة ويواسيهم ويقوم بشأن من لا يستقل بأمره كاليتيم وغيره، ويعين من فيه ثقل كالعجزة، ويتبرع بالمال لمن عدمه، ويعطي الناس ما لا يجدونه عند غيره، ويهيئ القِرَى للضيف من طعام وشراب، ويعين على ما ينزل بالإنسان من المهمات، قال العلماء: معنى كلام خديجة - رضي الله عنها - إنك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الأخلاق وكرم الشمائل، وفي هذا دلالة على أن مكارم الأخلاق وخصال الخير سبب السلامة من مصارع السوء، وأن من كان كذلك فإن الله لا يخزيه ولا يفضحه، بل هو جدير بكرامة الله واصطفائه ومحبته وتوبته عليه.

نخلص إلى أن من صفات الرجولة تقديم طاعة الله على كل شيء، والتزام الصدق مع الله، والتزام حدوده، واتباع الرسول في صفاته، ومحبة الموت كما يحب الحياة كما فعل أنس بن النضر - رضي الله عنه - وأن يعفو ويصفح، وأخيرا أن تكون رجلا بألف رجل، فإن لم تستطع فكن رجلا واحدا.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك