رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ذياب أبو سارة 9 أكتوبر، 2023 0 تعليق

الذكاء الاصطناعي غموض الواقع وطموح المستقبل

 

يعيش العالم اليوم في عصر تكنولوجيا المعلومات التقنيات الرقمية؛ حيث تواجهنا تحديات وفرص لم نكن نتخيلها في العقود السابقة، ومن بين تلك التطورات والقفزات النوعية التي شهدناها في العقد الأخير، يبرز الذكاء الاصطناعي بوصفه أحد الثورات الحقيقية في عالم التكنولوجيا، الذي يمثل فرعًا من علوم الحاسوب، ويعتمد على تطوير نظم وبرامج قادرة على محاكاة الذكاء البشري، وتنفيذ المهام التي تتطلب تفكيرًا ذكيا.

 
  • يزخر الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة وآفاق مستقبلية واعدة فهو يتمتع بالقدرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات وتحليلها في وقت قياسي
  • من أبرز خصائص الذكاء الاصطناعي القدرة على التعلم الذاتي والتحليل الضخم للبيانات والقدرة على التخطيط واتخاذ القرارات
  • يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة التعلم من خلال توفير منصات تعليمية ذكية وقابلة للتخصيص تتكيف مع احتياجات كل فرد
  • يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة في قطاع النقل من خلال تطوير السيارات الذاتية القيادة وتحسين نظم النقل العام
  • أثبتت دراسة علمية أن الذكاء الاصطناعي يمكنه رصد نقاط الضعف في العادات البشرية واستغلالها للتأثير على آليات اتخاذ القرار لدى الإنسان
  • حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من عواقب وخيمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي العسكرية على السلام والأمن العالميين
  • حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي من عمليات الابتزاز الجنسي بواسطة الذكاء الاصطناعي للحصول على أموال من الضحايا الذين قد يكونون أطفالا
  • يجب وضع استراتيجية محكمة تحدد الهدف من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث تتماشى مع أهداف الدولة وتلبي احتياجاتها الفعلية
  • يجب تعزيز الشفافية والشمولية من خلال توضيح آليات اتخاذ القرارات وعمل النظم الذكية وضمان أن تعمل لصالح جميع الأفراد دون تمييز
  • يعد التزييف العميق من أخطر تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على تشويه سمعة الآخرين عن طريق فبركة مقاطع مرئية أو مسموعة أو صور لهم

يزخر الذكاء الاصطناعي بإمكانات هائلة وآفاق مستقبلية واعدة؛ فهو يتمتع بالقدرة على معالجة كميات ضخمة من البيانات وتحليلها في وقت قياسي، واكتشاف الأنماط والتوجهات المخفية في هذه البيانات، وله القدرة على تحقيق إنجازات استثنائية في مجالات متنوعة مثل: الطب والتصنيع والتجارة والنقل والتعليم، ولا سيما في تحسين العمليات وزيادة الكفاءة والتنبؤ بالأحداث المستقبلية.

         وعلى الرغم من التفاؤل الحذر الذي يبديه الخبراء إزاء ذلك إلا إنه ثمة مخاطر محدقة بالمنظومة الاجتماعية على وجه الخصوص، إذا لم تُقنن الضوابط والتشريعات المناسبة وتوضع لضمان عدم تجاوز المعايير الأخلاقية فيما يتعلق بالعدالة والحوكمة والقابلية للتفسير في التعامل معها.

فروع الذكاء الاصطناعي وخصائصه

         فروع الذكاء الاصطناعي كثيرة، منها: تعلم الآلة (Machine Learning)، والشبكات العصبية (Neural Network). والروبوتات (Robotics)، ومعالجة اللغات الطبيعية (Natural Language Processing (NLP))، والتعلم العميق (Deep Learning)، والسيارات ذاتية القيادة، والذكاء الاصطناعي الضيق (ANI)، ومن أهم المجالات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي: الطب وعلوم البيانات وتحليلها، أمن المعلومات، والألعاب، والمال والأعمال، والتعليم، وعلوم الفضاء وغيرها. ولعل من أبرز خصائص الذكاء الاصطناعي: القدرة على التعلم الذاتي، والتحليل الضخم للبيانات إضافة إلى التفاعل البشري مع الأنظمة الذكية، والقدرة على التخطيط واتخاذ القرارات.

أدوار مهمة ومجالات واعدة

         يبرز دور الذكاء الاصطناعي الإيجابي في حياتنا بوجوه عدة، ففي مجال الطب، يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدة الأطباء في تشخيص الأمراض وتوجيه العلاجات المناسبة، وذلك عن طريق تحليل الصور الطبية وتوفير توصيات سريعة ودقيقة، كما يمكن استخدامه في تطوير الأدوية والتوصل إلى علاجات جديدة للأمراض المستعصية. وفي مجال التعليم، يمكن أن يسهم الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة التعلم وتعزيز فهم الطلاب، من خلال توفير منصات تعليمية ذكية وقابلة للتخصيص تتكيف مع احتياجات كل فرد، ويمكن للذكاء الاصطناعي أيضًا أن يكون شريكًا للمعلمين في تحليل أداء الطلاب وتوفير توجيهات فردية تساعدهم في التطور الأكاديمي. علاوة على ذلك، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة في قطاع النقل من خلال تطوير السيارات الذاتية القيادة وتحسين نظم النقل العام، كما يمكن استخدامه في مجال الزراعة لزيادة الإنتاجية والمساهمة في حل أزمة الغذاء العالمية.

تحديات أخلاقية وقانونية

يطرح التطور المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي قضايا أخلاقية وقانونية تتعلق بالخصوصية، والتحكم، والتمييز، والمسؤولية القانونية، والتأثير على سوق العمل، ويجري حاليًا مناقشات وجهود لتطوير إطار عمل قوي للتعامل مع هذه التحديات، ومن أبرزها: (1)  عدم وضوح المسؤولية القانونية إذا كان نظام الذكاء الاصطناعي مصممًا بخوارزميات غامضة، ويسمح التعلم الآلي لاتخاذ القرار بتحسين نفسه، فمن المسؤول قانونيا عن النتيجة؟ هل هي الشركة أم المبرمج أم النظام؟ (2)  تحيز البيانات ونقص الشفافية تحيز البيانات من خلال خوارزميات الصندوق الأسود ونقص الشفافية، فقد يؤدي استخدام البيانات المحدودة أو ذات التحيزات إلى تحيز في نتائج الذكاء الاصطناعي. فعلى سبيل المثال، إذا تم تدريب نموذج على بيانات تحتوي على تحيزات اجتماعية أو جنسية، فقد ينتقل هذا التحيز إلى التوصيات والقرارات التي يتخذها النموذج. (3)  فقدان الوظائف يثير الذكاء الاصطناعي قلقًا بشأن تأثيره على سوق العمل وفقدان بعض الوظائف التقليدية. يمكن أن يحل الروبوتات والأنظمة المدعومة بالذكاء الاصطناعي محل العمل البشري في بعض المجالات، مما يتسبب في تغييرات في سوق العمل وحاجة العمالة إلى تطوير مهارات جديدة. (4)  قضايا الخصوصية والأمان يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي جمع كميات ضخمة من البيانات الشخصية ومعالجتها، قد يتعارض ذلك مع حقوق الخصوصية ويطرح مخاوف بشأن الحفاظ على سرية هذه البيانات وأمانها ومنع استغلالها غير المشروع. (5) الاحتيال الإلكتروني من خلال إنشاء حسابات بريد إلكتروني مزيفة، ومواقع إلكترونية، وروابط إلكترونية لسرقة المعلومات، واستغلال الثغرات من خلال برامج الذكاء الاصطناعي. (6) التأثير على السلوكيات البشرية أثبتت دراسة علمية أن أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة يمكنها تعلم كيفية العمل مع البشر والتأثير في سلوكياتهم، عن طريق رصد نقاط الضعف في العادات البشرية واستغلالها للتأثير على آليات اتخاذ القرار لدى الإنسان. (7)  الابتزاز التجاري حيث يمكن استخدام الرؤى المستندة إلى الذكاء الاصطناعي للضغط على المستخدم في كل معاملة عن طريق فرض أسعار مختلفة على العملاء بحيث تعطي البيانات لتجار التجزئة إشارة إلى مدى حاجة أو رغبة قطاعات معينة من العملاء في الحصول على منتج ومقدار استعدادهم للدفع، وهم يحددون أسعارهم وفقا لذلك، وتتضمن تقنية أخرى، وهي عرض الإعلانات المخصصة خلال «لحظات الضعف الرئيسية» -تجاريا- عندما تكون الإعلانات أكثر فاعلية. (8)  التضليل الإعلامي وذلك من خلال الدعايات المغرضة والمقاطع الإعلامية الزائفة التي يمكن توليدها عن طريق أدوات وبرامج الذكاء الاصطناعي، ولعل من أبرز ما نشاهده في عصرنا الحاضر شراء حقوق النسخ الرقمية للمشاهير من خلال استخدام إحداثيات شخصيات الممثلين ولاعبي كرة القدم وغيرهم واستخدامها في صنع دعايات للمنتجات التجارية باستخدام الذكاء الاصطناعي وبدرجة دقة عالية جدا تضاهي الواقع والحقيقة؛ حيث أصبح من الممكن إنتاج مئات مقاطع الفيديو في غضون أيام بعد أن كانت تستغرق شهورا وسنين فيما مضى! وبذلك تلوح في الأفق أزمة ثقة على المستوى التسويقي والإعلامي بين ما هو حقيقي وبين ما هو زائف من صنع الذكاء الاصطناعي.

مخاطر محدقة!

          لا شك أن المخاطر المحتملة والمتعلقة بالتقدم السريع للذكاء الاصطناعي أصبحت من الموضوعات المهمة المتداولة في الوقت الحاضر، وعلى رأسها زراعة تقنيات الشرائح الإلكترونية الذكية في أدمغة البشر، والمخاوف من توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في الأنشطة الإجرامية والاحتيال الإلكتروني، والاختراقات السيبرانية، والتضليل الإعلامي، والتلاعب بالأسواق الاقتصادية، وغيرها من الأنشطة غير القانونية وغير الأخلاقية، ما قد يصعد الجريمة ويعقد الجهود في مكافحتها. وقد انزعج المسؤولون من التطورات الأخيرة في نماذج الذكاء الاصطناعي، ففي العام الماضي، استغرقت أداة الذكاء الاصطناعي 6 ساعات فقط لاقتراح 40 ألف جزيء مختلف قد يكون مميتا، بعضها كان ملوثا مشابه لـ (في إكس)، أقوى عامل أعصاب طُوّر على الإطلاق، وربما تتمكن أجهزة الذكاء الاصطناعي في المستقبل من تخليق كائنات حية مسببة للأمراض، أو اختراق بنى تحتية حساسة، أو إعداد مكونات سلاح بيولوجي، قبل إرسالها إلى مختبر آلي؛ حيث يمكن خلطها، وإرسالها دون أي إشراف بشري.

دمقرطة العنف

         لعل ما يطلق عليه (دمقرطة العنف) هو أحد أبرز مخاطر توظيف الذكاء الاصطناعي، وذلك من خلال إتاحة وسائل ممارسة العنف وإلحاق الضرر للبشر على نطاق أوسع من ذي قبل، بما في ذلك جهات سيئة النوايا بوسعها إلحاق الأذى بمجتمعاتها، كما يحتاج مُروِّجو الشائعات إلى وقت قصير بفضل تقنيات الذكاء الاصطناعي لإنتاج الدعايات المغرضة بكثافة هائلة.

استغلال سيئ

        وقد حذر مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي مؤخرا من عمليات الابتزاز التي تستند إلى صور جنسية ابتكرت بواسطة الذكاء الاصطناعي، وجرى نشرها عبر وسائل التواصل واستخدامها للحصول على أموال من الضحايا الذين قد يكونون أطفالاً أو أسرهم وذويهم.

إعادة تطوين السمات الشخصية لأفراد ماتوا

          فيما حذرت دراسة قانونية لكلية أستون للقانون في جامعة كوينز بلفاست وكلية القانون في جامعة نيوكاسل البريطانية من إمكانية استخدام ما يسمى بـ (الشبح الآلي) أو (جوست بوت) لإعادة تكوين شكل أو صوت أو حتى السمات الشخصية لأفراد ماتوا، سواء عبر تطبيقات محادثة الذكاء الاصطناعي أو الهولوغرام أو فيديوهات التزييف العميق، وتكمن خطورة ذلك في القدرة على صنع مقاطع فيديو باستخدام الذكاء الاصطناعي لتزييف الحقائق أو المطالبة بحقوق مزعومة ولا سيما في مجال الإرث العائلي وما إلى ذلك، وإلى فرض واقع افتراضي يتسبب في إحداث البلبلة والفوضى العارمة، وخير دليل على ذلك ما يشاع من اقتراب ظهور الأطباق الطائرة .. الخ.

العالم على حافة قيام دين جديد

         ولعل من أغرب التصريحات حول مخاطر الذكاء الاصطناعي القول بأن العالم على حافة قيام دين جديد، يتم إنشاؤه ببرمجيات الذكاء الاصطناعي بعد كسر تلك البرمجيات لحاجز اللغة وإتقانها بما يؤهلها لتشكيل الثقافة البشرية، والقول بأننا قد نرى في المستقبل أولى الطوائف والأديان في التاريخ التي كُتبت نصوصها بذكاء غير بشري وذلك على غرار المبادئ التوجيهية للقيم الأخلاقية التي تسميها شركة (أنثروبيك) (دستور كلود)، وهي الشركة المدعومة من قبل (ألفابت) المالكة لشركة غوغل. وهنالك قلق حقيقي -وفق بعض الخبراء- من أنه -وبحلول العام 2075- سـتصل آلات مزودة بقدرات خاصة إلى مستويات ذكاء تفوق مستوى الإنسان، تمكنها من اتخاذ قرارات ذاتيا، دون العودة إلى أي مرجعية بشرية.

ضوابط وتوصيات

        يتطلب استخدام الذكاء الاصطناعي (AI) توازنًا بين الفوائد والتحديات، وإلى ضرورة التحكم الأخلاقي والقانوني في تطوره وتطبيقاته كما ذكرنا، ومن المؤكد أن يكون للذكاء الاصطناعي تأثير كبير على مستقبل البشرية والتقدم التكنولوجي، ومن المهم مواكبة تلك التطورات والتعلم المستمر حول هذا المجال المتنامي، ومن هذا المنطلق نورد التوصيات التالية:
  • لابد من تحرير مشاعر الخوف من تهديد الذكاء الاصطناعي لمستقبلنا المهني، ولابد من الانفتاح عليه والتعامل معه بوصفه أداة تكنولوجية جديدة مثل كل ما سبقه من تطور برمجي، والاطلاع على مستجداته وتطبيقاته باستمرار والإحاطة بها ومجاراتها، والتفوق عليها باكتساب مهارات جديدة وتطوير القدرات والكفاءات الحالية بخطوات استباقية نحو التعلم والنمو، وأسلوب يصعب على الذكاء الاصطناعي تقليده.
  • يجب وضع استراتيجية محكمة تحدد الأهداف والمخرجات المرجوة من استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي بحيث تتماشى هذه الاستراتيجية مع أهداف الدولة وتلبي احتياجاتها الفعلية.
  • ينبغي توفير الإطار القانوني والأخلاقي لاستخدام الذكاء الاصطناعي، لحماية الخصوصية وتحقيق الأمان وبما يضمن استخدامه مهنيا ومسؤولا.
  • الحرص على توفير التدريب والتحسين المستمر للموظفين والمشرفين على استخدام الذكاء الاصطناعي، إلى جانب تكوين اللجان الشرعية والفقهية والعلمية لمتابعة المحتوى والتقنيات المستخدمة في الذكاء الاصطناعي لإجازة المناسب منها بما يتوافق مع قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح على كل المستويات.
  • يتعين تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص والأكاديمي لتبادل المعارف والخبرات، وتكوين شراكات استراتيجية لتعزيز التطور التكنولوجي وتبادل البيانات والموارد.
  • العمل على زيادة الاستثمار في البحث والتطوير في مجال الذكاء الاصطناعي وفي البنية التحتية اللازمة له؛ حيث يمكن أن يؤدي التطور والابتكار إلى تقديم حلول فريدة ومبتكرة في مختلف المجالات.
  • تعزيز الشفافية والشمولية من خلال توضيح آليات اتخاذ القرارات وعمل النظم الذكية، وضمان أن تعمل لصالح جميع الأفراد دون تمييز.
  • المراقبة والتقويم المستمر دوريا لقياس تأثير استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك تقييم الآثار الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية، واتخاذ التدابير اللازمة لمعالجة أي تحديات أو مخاطر قد تنشأ.
  • تشجيع المشاركة المجتمعية والابتكار الفردي والجماعي في مجال الذكاء الاصطناعي، وتوفير الدعم اللازم للأفراد والمجموعات الذين يسعون إلى تطوير حلول مبتكرة باستخدام التقنيات الذكية.
  • الحرص على تحقيق التكامل بين استخدام الذكاء الاصطناعي مع العمل البشري، حتى لا يصبح بديلاً عنه، بحيث يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تعزيز قدراتنا وتحسين أدائنا من خلال التفاعل والتكامل.
  • توظيف اللغة العربية للوصول بها نحو إبداعات مبتكرة في النماذج اللغوية؛ فالذكاء الاصطناعي ليس إلا أداة تكنولوجية للتسهيل والتيسير، ونحن قادرون على تطويع اللغة العربية واستثمارها والإفادة منها إلى أقصى حد، ولا سيما أن تعليم اللغات يحتاج إلى ذكاء اجتماعي وعاطفي، ناهيك عن القدرة على التفكير التقابلي والمقارن بين اللغات لتحرير الفروق وتثبيتها في عقول المتعلمين.
 

تقارير وإحصاءات

  • يتوقع -وفقًا لتقديرات (PwC) - أن يصل حجم الاستثمارات العالمية في تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى ما يقرب من 15.7 تريليون دولار بحلول عام 2030.
  • من المتوقع أن يؤثر الذكاء الاصطناعي تأثيرا كبيرا على سوق العمل في المستقبل، وفقًا لتقرير صادر عن منتدى الاقتصاد العالمي؛ فقد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى فقدان حوالي 85 مليون وظيفة في القطاعات الذكائية خلال الأعوام الخمسة المقبلة، ولكنه في المقابل يمكن أيضًا إنشاء حوالي 97 مليون وظيفة جديدة في القطاعات ذات الصلة.
  • دراسة أجراها خبراء عام 2014 تنبأت بأن تكون هناك فرصة بنسبة 50% لأن يصبح الذكاء الاصطناعي بمستوى ذكاء الإنسان بحلول عام 2050، ونسبة 90% بحلول عام 2075.
  • تنشر الصين الروبوتات الصناعية القائمة على الذكاء الاصطناعي أكثر من أي دولة أخرى، ونتيجة لذلك بلغت قيمة أبرز 5 شركات صينية في هذا المجال ما يقرب من 120 مليار دولار؛ ووفق تلك الخطة ستبلغ إيرادات بكين بحلول عام 2025 حوالي 400 مليار يوان (64 مليار دولار) من سوق الذكاء الاصطناعي.
  • عربيا، ثمة تقدّم لدول خليجية مثل السعودية وقطر والإمارات في هذا العالم من خلال تبني هذه الدول لاستراتيجيات تسعى عبرها إلى تنويع اقتصادها بعيدا عن النفط والاستثمار في تطبيقات الذكاء الاصطناعي بمجالات متعددة بينها الصحة والتعليم والإعلام والصناعة والقطاع المالي واستقطاب المواهب وتهيئة البنية التحتية وجذب استثمارات كبيرة، ونأمل أن تلحق دول عربية أخرى من خلال البدء بتقليل الفجوة الرقمية والتعليمية لمواطنيها، فهذا الأمر يلعب دورا مؤثرا في إدارة المخاطر المحتملة التي قد تواجهها هذه الدول التي يصعب عليها دون الأدوات المساعدة لها على الابتكار، أن تسير بركب البلدان المتقدمة تكنولوجيا، وأن تضع قدما لها في مستقبل صناعة الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات.
   

واجبنا على المستوى الفردي والوطني

       إن تطور الذكاء الاصطناعي أمر لا مفر منه، ويحتاج الناس في شتى أنحاء العالم إلى الاستعداد لما يُمكن أن تفعله تلك التكنولوجيا بمجتمعاتهم وللعالم من حولهم، وحينها فقط يمكننا جني الثمار الهائلة التي يعِدنا بها عصر الذكاء الاصطناعي، وباستقراء كثير من نتائج الدراسات فإن الذكاء الاصطناعي - على الأقل في السنوات الخمس القادمة- لن يحكم العالم كما روجت له أفلام الخيال العلمي وأنه سيعمل على إبادة البشرية، لكنه سيغيره إلى الأبد ولن تنتفي الحاجة الى العنصر البشري بصورة نهائية بل سيدفع الى التركيز على وظائف حديثة وغير تقليدية للتعامل مع الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي، ولا ينفي ذلك أننا نواجه تحديا حقيقيا يحتاج إلى انفتاح نفسي ونظرة إيجابية وقدرة على التكيف ومرونة في التعامل مع كل وافد تقني جديد، وفق منظومة من الضوابط الشرعية والأخلاقية والقيمية.      

مواقف دولية

        حذر الأمين العام للأمم المتحدة (أنطونيو غوتيريش) من عواقب وخيمة لتطبيقات الذكاء الاصطناعي العسكرية على السلام والأمن العالميين، وأبدى غوتيريش، في جلسة لمجلس الأمن الدولي بشأن الذكاء الاصطناعي، قلقه من التفاعل بين الذكاء الاصطناعي والأسلحة النووية والتكنولوجيا الحيوية والعصبية والروبوتات. وقد تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، -بالتوافق- قرارا يدعو المجتمع الدولي إلى اتخاذ تدابير وقائية ورقابية فيما يتعلق بالذكاء الاصطناعي، ويدعو القرار إلى تعزيز شفافية أنظمة الذكاء الاصطناعي، وضمان أن البيانات المخصصة لهذه التكنولوجيا «تُجمع وتُستخدم ويتم تشاركها وتخزينها وحذفها» بطرائق تتوافق مع حقوق الإنسان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك