رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: مصطفى صلاح خلف 8 أغسطس، 2010 0 تعليق

التقليد الأعمى للغرب «ناقوس الخطر» الذي ينذر باستهداف الأمة-استهداف صهيوني غربي لشريحة الشباب المسلم

 

 

كم هي عميقة بحار الاستدراج، وكم هي قريبة كم هي خطى الانزلاق نحو بدع الغرب، وما يقدمونه من آفاتهم وعاداتهم التي تحيد عن عادات الإسلام وقيمه وغراس التقاليد العربية الأصيلة.

 

فلكم رأينا من ملابس غربية غريبة عنا للأسف يتعلق بها شبابنا وبناتنا، وكم رأينا من «قَصّات» للشعر وأشياء تعلق في الرقبة عند الرجال كالنساء، وأشياء تعلق باليد، وبدع وأفكار شيطانية تغزو مجتمعاتنا الإسلامية من دون النظر إلى شريعتنا وقيمنا الشرقية، وللأسف غرّر بشبابنا فلا يرون من الحضارة الغربية والتقدم العلمي إلا تلك «القصات» والسلاسل والملابس شبه الممزقة والعارية، وقد نبأنا سيد الخلائق [ بهذا الحال منذ قرون حين قال [: «لتتبعن سنن مَن كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم، قلنا: يا رسول الله، اليهود والنصارى؟ قال: فمن؟».

 

إن المتأمل في الأمر بتدقيق يجده أمرا خطيرا؛ لأن الغزو لا يكون بالجنود فحسب، فهناك جنود آخرون قد يكونون أشد خطورة؛ لأنهم يخربون العقل والتفكير فيسلطون الإنسان على نفسه؛ فيختل منطقه؛ فيتبع هواه؛ فيردى، وتلك هي أقوى جنود أعداء الإسلام.

 

لماذا يقلد شبابنا الغرب؟

ولعل الباحث في مسألة تقليد بعض شبابنا للغرب تقليدا أعمى لا يجد سببا واضحا مباشرا لذلك، لكن هذا لا ينفي استهداف الغرب والصهاينة للشباب المسلم في شتى بقاع الأرض، ومحاولة إغوائهم وتضليلهم والحيد بهم عن صراط الله المستقيم، ولكن ما نريد أن ننظر إليه نظرة تبحث عن الحلول هو الخواء النفسي الذي أصاب الكثير من شبابنا المسلم، وتبعثر الصورة الذهنية التي لابد أن تكون موجودة ومكتملة لدى كل فرد عن ذاته؛ فما من شك أن الصورة الذهنية للذات هي مفتاح التعامل السوي للفرد مع المجتمع كله، وتكوين الإنسان لصورة صحيحة عن ذاته ينعكس على تصرفاته، ولعل هذا ما يجعل الشباب يعبثون بصورهم الحسية ومظاهرهم الخارجية؛ كي يستعد المتلقي أو المشاهد لتقبل تصرفاتهم التي قد تخرج عن المألوف، وهذا بلا ريب ينم عن نقص الإعداد والتوجيه الذي بالطبع تتحمله الأسرة والمجتمع بمختلف مؤسساته.

كذلك فإن بعض شبابنا المسلم لا يعرف التاريخ الإسلامي المجيد، حينما كانت الدنيا حكمها وعلمها عربي قبل أن تتدهور الأمة، هذا الشاب الذي لم يجد من يكسبه الوعي ويعرفه ويشرح له، يرى أمامه حضارة الغرب المبهرة التي سرعان ما تستحوذ على القلوب والألباب، وسرعان ما يستقر بداخله أن كل ريح من الغرب تأتي بخير وحضارة ورقي، ويعمى عن ذلك البعد الواضح لمعظم الغرب عن تعاليم الله عز وجل، وجميع الشرائع والأديان، وهنا قد يسقط في بحر التقليد، وتذوب شخصيته الإسلامية، وهنا تكمن الخطورة.

كما أن هناك بعض المفكرين والكتاب بهرتهم الحضارة الغربية؛ فأدوا دور الوسيط الحضري، فكان دورا سيئا استهدف في فحواه انتقاد الدين والبعد عن الإسلام والميل عن العادات والتقاليد العربية القديمة والأصيلة.

ولا شك في افتقاد شبابنا للقدوة الحقيقية الصحيحة وإصرار وسائل الإعلام المضللة على تشويه صورة القدوات السليمة، بل التركيز على خلق قدوات سيئة لشبابنا من خلال تجميل صورة الفنانين والفنانات الكاسيات العاريات؛ لتكون هذه هي القدوة التي يسير خلفها شبابنا.

ويقول الدكتور عبدالرزاق العنزي المشرف العام على مركز إشراقة أمل للاستشارات النفسية والأسرية في لقائه مع «الفرقان»: إن هذا الموضوع غاية في الأهمية، بما يثيره من تساؤلات تواكب حركة الجدل حول قضايا التقليد في الثقافة والفكر من أجل تحقيق تحسن للفرد؛ لكي يكون الأفضل، وهو لا يعرف أن «الموضة» والتقليد الأعمى، ليس هو الطريق الوحيد الذي عليه أن يسلكه للوصول إلى تلك الأفضلية، وقد يكون معظم ما هو مستغرب من تلك العادات والسلوكيات مرفوضا دينيا، فكيف نقبله ونستسيغه؟! وهنا يكون السؤال الأهم، وهو ماذا نقلد وكيف نقلد، وما الواجب علينا تركه ويستحيل تقبل تقليده؟ ومن خلال عملي عرض علي الكثير من الحالات التي سيطرت عليها المفاهيم الغربية، حتى ألحقت بها خللا نفسيا يختلف من شخص لآخر، ومعظم تلك الحالات في سن الشباب، وكان علينا أن نعرف الأسباب التي أدت إلى ذلك لمعالجتها، ودائما في مقدمة تلك الأسباب: الابتعاد عن الدين، وعدم فهمه الفهم الصحيح، وعندما كنا نشرح للشباب هذه الإشكالية، ونوضح لهم طرق الاقتباس الصحيح، وليس التقليد الأعمى، سرعان ما كنا نصل إلى ردود فعل إيجابية؛ ولذلك يجب على الأسرة والعلماء والدعاة ووسائل الإعلام المحترمة توضيح ذلك لشبابنا منذ صغرهم، قبل أن ينزلقوا نحو التقليد الأعمى، وفعل المنكرات وتشبه النساء بالرجال، والرجال بالنساء، تحت شعار «الموضة».

 

{وكذلك جعلناكم أمة وسطاً}

فالمسلمون هم أهدى الناس سبيلا؛ لذلك أقامنا عز وجل في مقام الشهادة على جميع الأمم، فكيف يجوز لنا بعد ذلك أن نتبع مَنْ هم أقل منا وقد شابهم الضلال وأغرق أكثرهم.

ورسولنا العظيم [ قد نهى عن التلقي من أهل الكتاب، هذا إن كانوا أهل كتاب في الأساس، فما بالنا بمَن حرّفوا وضلوا وأضلوا؟! عن جابر أن عمر بن الخطاب ] أتى إلى النبي [ بكتاب أصحابه من بعض أهل الكتاب فقرأه عليه؛ فغضب [ وقال: «لقد جئتكم بها بيضاء نقية، لا تسألوهم عن شيء فيخبروكم بحق فتكذبوا به، أو بباطل فتصدقوا به، والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حاضرا ما وسعه إلا أن يتبعني» رواه أحمد وابن أبي شيبة.

وكذلك سلفنا الصالح من أهل بيت رسول الله [ وصحابته الأطهار كثيرا ما حذروا من الوقوع في محاكاة وتقليد غير المسلمين، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: ما أشبه الليلة بالبارحة! هؤلاء بنو إسرائيل تشبهنا بهم، وقال ابن مسعود]: أنتم أشبه الأمم ببني إسرائيل سمتا وهديا تتبعون عملهم حذو القذة بالقذة غير أني لا أدري أتعبدون العجل أم لا؟!

وهذه الأقوال منهم رضي الله عنهم جاءت لغضبهم من بعض الأفراد الذين نحوا منحى بعض اليهود والنصارى في أشياء قليلة لا تذكر، ولكن مَن رباهم وعلمهم رسول الله [ لا يرضون لمسلم ذلك، وقد قال ابن تيمية رحمه الله: «وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفرا من غيرهم كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيمانا من غيرهم ممن جرّد الإسلام».

فالمسلمون لابد أن يكونوا متبوعين لا تابعين، وقائدين لا منقادين، أما إذا أردنا النهضة والحضارة، فعودتنا إلى كتاب الله وسنة حبيبه ومصطفاه[، هي النهوض الحق، وهي التي تحقق لنا العلم والتقدم، وهي التي تغيرنا إلى الأفضل! {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال}، ولا يكون ذلك بالسير خلف العادات وتقليد الملابس الفاضحة للنساء، وقد قال عنهن رسول الله [: «ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب للب ذي اللب من إحداكن» متفق عليه.

إننا إذا سرنا في أسباب الحضارة الحقيقية وظهرت فينا أخلاق ديننا القويمة والتقوى فسوف نصل إلى حق بلا عوج، وعلو إلى أعلى الدرج، ووقتها تكون الحضارة، ويكون نصر الله حليفنا، فقد جعل الله تقدمنا ونهضتنا ونصرنا في تقوانا والتزامنا بشريعتنا، أفغير صبغة الله نبتغي، وهو الذي أنزل إلينا الكتاب مفصلا، ورسوله [ هاديا ومعلما؟!

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك