رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عمر شحات 1 نوفمبر، 2010 0 تعليق

الاستغفـار


 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبيه المجتبى ورسوله المصطفى نبينا محمد، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, أما بعد:

فإن نعم الله تبارك وتعالى على أمة الإسلام تترى عظيمة وكثيرة لا تعد ولا تحصى، لا تعد في أعدادها ولا تحصى في منافعها وفوائدها، ومن كرم الله وفضله وجوده أن شرع لنا عبادة في غاية اليسر والسهولة وفي غاية النفع والفائدة ألا وهي (الاستغفار)، والإنسان في حاجة للاستغفار كحاجته للهواء والماء.

والله تبارك وتعالى برحمته وفضله يرضى لعباده الإيمان والإسلام والمغفرة ويحب لهم الهدايه والغفران ودخول الجنان؛ لذلك فقد أرسل إليهم الرسل مبشرين ومنذرين، وخص أمة الإسلام بمزيد مزية وجعلها خير أمة أُخرجت للناس؛ حيث أرسل إليهم أفضل رسله، وشرع لهم تبارك وتعالى أفضل شرائع دينه، وأنزل اليهم عبادات يسيرة ورتب وجازى عليها حسنات كثيرة وثواباً عظيما وفوائد جمة، وخفف عنهم التكاليف ورفع عنهم المشقة، وحري بكل مسلم ينشد المعالي في المنزلة عند الله تعالى ومحو السيئات ومغفرة الزلات أن يُكثر من الاستغفار.

 والاستغفار لا يحتاج إلى وضوء أو طهور ولا دخول وقت ولا استقبال قبلة ولا ستر عورة ولا تفرغ ولا انقطاع لأدائه، ولا يحتاج الى مكان مخصوص ولا وقت أو زمن معلوم، وكلما أكثر الإنسان من أدائه زاد الانتفاع به وعظمت فائدته، وحري بالمرء أن يستغفر بلسانه ويكون مستحضرا قلبه خاليا من الشواغل والصوارف التي تشتت ذهنه وفكره، وُيقبل على الله تعالى موقناً بالإجابة فذلك أدعى للقبول، فالمسلم كلما استزاد ورعاً وازداد تقوى عظمت حاجته للاستغفار؛ لأنه كلما كان بالله أعرف كان به أخوف، وكلما زاد فضل الله تعالى على الإنسان وكثرت عليه العطايا والنعم كانت حاجته للاستغفار أشد وألزم اعترافاً منه بالتقصير في شكر تلك النعم؛ قال عز وجل: {وَآَتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} (ابراهيم: 34)، وقال تعالى أيضا: {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} (النحل: 18)، جاء في تفسير ابن كثير وابن جرير أن الله تعالى يتجاوز عنا ولو طالبنا بشكر جميع النعم لعجزنا عن شكرها ولكن الله غفور رحيم يغفر الكثير ويجازي على اليسير، وإن الله لغفور لما كان من تقصير في شكر النعم ويغفر لنا بالاستغفار على التقصير.

وعند تدبر القرآن الكريم تجد أنه زاخر بالآيات الكريمات التي تُرغِب وتحث وتبشر المسلم بفوائد الاستغفار، ومن فضل الله تعالى أن يكون الاستغفار من أسباب سعادة الناس في الدنيا والآخرة، وتوعد الله تعالى من ترك الاستغفار بالعقوبة؛ قال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ} (هود: 3)، كما أن الله تعالى أمر عبده ورسوله محمدا[ بالاستغفار للمؤمنين في مواضع شتى من القرآن المجيد، قال تقدست أسماؤه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159).

ويشُرع الاستغفار في كل وقت وحين، وأفضل الأوقات في الثلث الأخير من الليل كما قال جل شأنه: {وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الذاريات: 18) حيث إن الاستغفار في هذا الوقت له ميزة ليست لغيره، فهو من صفات المؤمنين الذين تتجافى جنوبهم عن المضاجع كما قال تقدست أسماؤه: {الصَّـابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَـانِتِينَ وَالْمُنفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} (آل عمران: 170)، انظر كيف حال المؤمنين فهم رغم صفاتهم الحميدة وخلالهم الكريمة الرفيعة فإنهم يُحقِرون أعمالهم ولا يستكثرونها ولا يعدونها شيئا كما أنهم لا يعلمون أمقبولة هي أم لا، فهم يستغفرون في أوقات إجابة الدعاء في الثلث الأخير من الليل بعد الصبر بأنواعه سواء كان على أداء الطاعات أم على الامتناع عن المحرمات، كما أنهم صادقون في أعمالهم وأقوالهم وقلوبهم، وقائمون بكافة أنواع الطاعات والعبادات، ومنفقون من أموالهم سواء كانت زكاة أم باقي أنواع الصدقات، وإن كان هذا حالهم فهم مستغفرون في هذا الوقت الذي يغفل فيه كثير من الناس فلا ريب أنهم في غيره من الأوقات أكثر استغفارا وإنابة ورجوعا إلى الله تعالى، كذلك بعد أن يقع الإنسان في الذنب والمعصية فإنه يبادر بالإنابة والرجوع إلى الله والاستغفار من الذنب كما فعل نبي الله موسى بعد أن وكز الرجل فقضى عليه، قال جل شأنه: {قَالَ رَبِّ إِنِّى ظَلَمْتُ نَفْسِى فَاغْفِرْ لِى فَغَفَرَ لَهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (القصص: 160). وكما فعل آدم عليه السلام بعد أن أكل من الشجرة هو وزوجه حواء: قال تبارك وتعالى: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَـاسِرِينَ} (الأعراف: 23)، فإن المبادرة بالاستغفار بعد الوقوع في الذنب دليل على الندم والإنابة والاعتراف بالتقصير وطلب العفو من الله تعالى وعدم المكابرة والمعاندة وعدم الإصرار على الذنب والمعصية وهذا من دواعي وأسباب المغفرة من الله تعالى.

كما أن المسارعة إلى طلب المغفرة من الله تعالى بأن يفعل الإنسان الطاعات ويترك المحرمات، ومن موجبات الفوز بالرضوان والجنات التي تأسر الألباب وتأخذ العقول كما قال عز من قائل: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (آل عمران: 135)، وقال: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَة مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَـواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ} (آل عمران: 133). وكأن المسارع الى الاستغفار يقول: يا رب أخطأت وأسأت وأذنبت وقصرت في حقك، وتعديت حقوقك، وظلمت نفسي وغلبني شيطاني، وقهرني هواي وغرتني نفسي الأمارة بالسوء، واعتمدت على سعة حلمك وكريم عفوك، وعظيم جودك وكبير رحمتك، فالآن جئت تائباً نادماً مستغفراً، فاصفح عني، واعف عني، وسامحني، وأقل عثرتي، وأقل زلتي، وامح خطيئتي، فليس لي رب غيرك، ولا إله سواك.

يـارب إن عظمت ذنوبي كثرةً

فلقد عـلمتُ بأن عفوكَ أعظمُ

وكان الأنبياء والمرسلون حريصين على أن يغفر الله تعالى للمؤمنين، وأفضل من قام بذلك هو رسول الله[ كما قال عز وجل: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} (آل عمران: 159)، وقال أيضا في سور الممتحنة: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَلا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلا يَسْرِقْنَ وَلا يَزْنِينَ وَلا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (آية 12)، وقال تعالى حكاية عن نبي الله نوح عليه السلام قوله: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلا تَبَارًا} (نوح: 28)، وعن إبراهيم عليه السلام: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (إبراهيم: 41).

وقد أوجب الله تعالى علينا موالاة المؤمنين وحبهم، ومن الدلائل على ذلك الاستغفار لهم، قال تعالى: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} (الحشر: 10).

كذلك فإن الملائكة تستغفر للمؤمنين، قال عز وجل: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}. (غافر: 7).

وقال أيضا: {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الأَرْضِ أَلا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (الشورى: 5).

والسنة النبوية ثرية وغنية بالأحاديث النبوية المطهرة التي تحث على الاستغفار وترغب فيه وتبشر به أيضا، أخرج البخاري ومسلم أن رسول الله [ قال: «إِنَّ أَحَدَكُمْ فِي صَلَاةٍ مَا دَامَتْ الصَّلَاةُ تَحْبِسُهُ، وَالْمَلَائِكَةُ تَقُولُ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ. مَا لَمْ يَقُمْ مِنْ صَلَاتِهِ أَوْ يُحْدِثْ»، وفي الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال: نَعَى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ[ النَّجَاشِيَّ صَاحِبَ الْحَبَشَةِ اليَوْمَ الَّذِي مَاتَ فِيهِ، فَقَالَ: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُم»، وكذلك ما ورد في صحيح مسلم من حديث عوف بن مَالِكٍ رضي الله عنه قال: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ [ عَلَى جَنَازَةٍ، فَحَفِظْتُ مِنْ دُعَائِهِ وَهُوَ يَقُولُ: «اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، وَارْحَمْهُ، وَعَافِهِ، وَاعْفُ عَنْهُ، وَأَكْرِمْ نُزُلَهُ، وَوَسِّعْ مُدْخَلَهُ، وَاغْسِلْهُ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ، وَنَقِّهِ مِنْ الْخَطَايَا كَمَا نَقَّيْتَ الثَّوْبَ الْأَبْيَضَ مِنْ الدَّنَسِ، وَأَبْدِلْهُ دَارًا خَيْرًا مِنْ دَارِهِ، وَأَهْلًا خَيْرًا مِنْ أَهْلِهِ، وَزَوْجًا خَيْرًا مِنْ زَوْجِهِ، وَأَدْخِلْهُ الْجَنَّةَ، وَأَعِذْهُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وعَذَابِ النَّارِ» قَالَ: حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ أَنَا ذَلِكَ الْمَيِّتَ.

وأخرج ابن ماجه من حديث عبدالله بن بسر قال: قال رسول الله [: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا», وفي سننه من حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله [: «من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب». ومن فضل الله تعالى أن جعل للمستغفر إذا استغفر للمؤمنين بكل واحد حسنة، فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه، عن رسول الله [: «من استغفر للمؤمنين وللمؤمنات كتب الله له بكل مؤمن ومؤمنة حسنة» رواه الطبراني.

وباستغفارك للمؤمنين تستغفر لك الملائكة؛ لحديث مسلم: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يَدْعُو لِأَخِيهِ بِظَهْرِ الْغَيْبِ إِلَّا قَالَ الْمَلَكُ: وَلَكَ بِمِثْلٍ».

وأخرج أبو داود من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه قال: كان النبي[ إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال: «اسْتَغْفِرُوا لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ التَّثْبِيتِ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَل». وأخرج مسلم في صحيحه: قال جبريل لنبينا [: «إِنَّ رَبَّكَ يَأْمُرُكَ أَنْ تَأْتِيَ أَهْلَ الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ».

وأولى الأموات بالاستغفار هم الوالدان، أخرج الإمام أحمد وابن ماجه: «إِنَّ الرَّجُلَ لَتُرْفَعُ دَرَجَتُهُ فِي الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ: أَنَّى هَذَا؟ فَيُقَالُ: بِاسْتِغْفَارِ وَلَدِكَ لَكَ».

 وللاستغفار صيغ شتي أعلاها وأفضلها سيد الاستغفار، كما أخرج البخاري في صحيحه بسنده: «سيد الاستغفار أن يقول العبد: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك علي, وأبوء بذنبي فاغفر لي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت». كذلك من صيغ الاستغفار: ما رواه الترمذي من حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما – قال -: كنا نعد لرسول الله [ في المجلس الواحد مائة مرة: «رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الغفور». كذلك: قول: أستغفر الله - أستغفر الله – أستغفر الله. وبعد أداء الصلاة المكتوبة شُرع للمسلم أدعية يدعو بها ويبدأ بقوله: أستغفر الله أستغفر الله أستغفر الله، هذا بعد أداء الصلاة المكتوبة فما بالك بباقي الأوقات وغير أداء الصلاة؟!

 وكان رسول الله [ أكثر الناس استغفاراً وهو رسول الله [، أخرج ابو داود والترمذي والحاكم ( صححه الألباني ) أن رسول الله[ قال: «من قال استغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه، غُفر له وإن كان فر من الزحف». وأخرج الإمام أحمد أن رسول الله [ قال «والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة». وفي صحيح مسلم أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه جاء إلى رسول الله [ وقال «يا رسول الله علمني دعاء أدعو به في صلاتي وفي بيتي: قال: قل اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت، فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم». وهنا طلب المغفرة من الله تعالى وهذا هو الحال مع الصديق المبشر بالجنة بل ينادى من جميع أبوابها وهو أفضل الصحابة وخليفة رسول الله [ وأفضل من مشى على الأرض بعد الأنبياء والمرسلين، رضي الله عنه وعن الصحابة أجمعين ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين، فكيف الحال مع سائر البشر خاصة في أيامنا هذه التي كثرت ذنوبنا وزلاتنا وأخطاؤنا وزاد تقصيرنا?! وفي الحديث المتفق عليه من حديث أبي موسى الأشعري ] قال: كان رسول الله [ يدعو: اللهم اغفر لي خطيئتي وجهلي، وإسرافي في أمري وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي، وكل ذلك عندي، اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير».

وللاستغفار ثمرات عاجلة وآجلة، ومن ذلك:

1 - راحة البال وانشراح الصدر وسكينة النفس وطمأنينة القلب والمتاع الحسن: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعاً حَسَناً} (هود: 3).

2 - قوة الجسم وصحة البدن والسلامة من العاهات والآفات والأمراض والنصب: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} (هود: 52).

3 - دفع الكوارث والسلامة من الحوادث والأمن من الفتن والمحن: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} (الأنفال:33).

4 - الغيث المدرار والذرية الطيبة والولد الصالح والمال الحلال والرزق الواسع: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً} (نوح:10-12).

5 - تكفير السيئات وزيادة الحسنات ورفع الدرجات: {وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ} (البقرة: 58).

والله تبارك وتعالى هو الهادي إلى سواء السبيل وهو المستعان وعليه التكلان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك