رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 4 ديسمبر، 2023 0 تعليق

الأسرى والمعتقلون – حقوقهم في الشريعة الإسلامية

  • حرَص الإسلام حرصًا شديدًا على حسنِ معاملة الأسرى والحفاظ على حياتهم وإكرامهم بالطعام والكساء والتلطُّف معهم
  • إن في إكرام النبي صلى الله عليه وسلم  للأسرى مظهراً فريداً من مظاهر الرحمة في وقت كانت تُستَباح فيه الحرمات والأعراض
  • للأسير شروط وهي: أن يكون متأهلاً للقتال عاقلاً مواليًا لأعداء المسلمين وتتحقق المصلحة في أسره وألا يكون ممن يدخل دار الإسلام بأمان أو بقصد التفاوض
  • معاملة الأسرى تختلف من عصر إلى آخر ومن شريعة إلى أخرى ولم تعرف الأمم قانونًا لمعاملة الأسرى قبل الإسلام وقد راعى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ معاني الرحمة والكرامة الإنسانية مع الأسرى من أعدائه
  • تقييد الأسير حتى لا يفرّ لا خلاف فيه ولكن تضييق القيد وشده حتى يؤذي أو يؤلم فهذا ليس مشروعا ومخالفا للإنسانية
  • من الحقوق التي كفلها الإسلام للأسير حقُّه في ممارسة شعائر دينه خلال مدَّة أسره، ولم يُعْرَف عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه أجبر أسيرًا على اعتناق الإسلام
  • جعل الله تبارك وتعالى الإحسان إلى الأسير من صفات الأبرار فقال الله تعالى في سورة الإنسان: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}
 

إنّ ديننا الحنيفَ قد سبق جميع القوانينَ الوضعيةِ، بمئات السنين في الإحسان إلى الأسرى والمعتقلين، في قوله -سبحانه-: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8) إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا} (الإنسان: 8، 9)، ومن ذلك النِّهيُ عن قتل من لم يقاتل من الشيوخ وغيرهم من العمّال والأطفال والنِّساء، فقد «وُجِدَتِ امْرَأَةٌ مَقْتُولَةً فِي بَعْضِ مَغَازِي رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -، «فَنَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ»، وكَانَ - صلى الله عليه وسلم - إِذَا بَعَثَ جُيُوشَهُ قَالَ: «اخْرُجُوا بِسْمِ اللَّهِ، تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لَا تَغْدِرُوا، وَلا تَغُلُّوا، وَلا تُمَثِّلُوا، وَلا تَقْتُلُوا الْوِلْدَانَ، وَلا أَصْحَابَ الصَّوَامِعِ».

تعريف الأسير والمعتقل

  • الأسير: كلمة مأخوذة من (الأسر، أي: الشدّ بالقدّ، يعني بالحبل، وسُمِّي كلُّ مأخوذ مقيَّدٍ أسيرا وإن لم يكن مشدودا بذلك، ويتجوّز به فيقال: أنا أسير نعمتك، فالأسير: هو من وقع في أيدي العدوِّ في أثناء الحرب أو القتال، وجُلِب إلى أرض أحد طرفي النزاع. قال الماوردي: «الْأَسْرَى: هُمْ الْمُقَاتِلُونَ مِنَ الْكُفَّارِ إذَا ظَفَرَ الْمُسْلِمُونَ بِأَسْرِهِمْ أَحْيَاءً...».
  • والمعتقَل: مأخوذ من الاعتقال، وهو في اللغة مأخوذ من (اعتقلتُ الشاة، إذا وضعتَ رجلَها بين فخذك أو ساقك لتحلبها. واعْتَقَلَ رمحه، إذا وضعه بين ساقه وركابه. واعْتُقِلَ الرجلُ: حُبِسَ. واعْتُقِلَ لسانه، إذا لم يقدر على الكلام)، فالمعتقَل هو من قبض عليه وأُودِع السجن، وليس الأسير، والمعتقل مواطن يخالف أنظمة الدولة وقوانينها، فمن قُبض عليهم من اللصوص وقطاع الطرق، والخوارج والمتهمين الأبرياء، إذا ألقي عليهم القبض وأودعوا السجن، لا يقال عنهم: أسرى، بل معتقلون.

حقوق الأسرى والمعتقلين

ويمكننا أن نلخّص أهمّ هذه الحقوق للأسرى والمعتقلين في النقاط التالية:
  • أولاً: العطف والرحمة بالأسير
ذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين أقبل بالأسارى من بدر فرَّقهم بين أصحابه، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «استوصوا بهم خيرًا»، وكان أبو عزيز بن عمير، أخو مصعب بن عمير لأبيه وأمِّه، في الأسارى، قال أبو عزيز: «مرَّ بي أخي مصعبُ بن عمير، ورجل من الأنصار يأسرني»، فقال: «شدَّ يديك به؛ فإن أمَّه ذاتُ متاع، لعلها تفديك». قال أبو عزيز: «فكنت في رهط من الأنصار حين أقبلوا بي من بدر، فكانوا إذا قدَّموا غداءهم وعشاءهم، خصوني بالخبز وأكلوا التمر، لوصية رسول الله -[- إياهم بنا، ما تقع في يد رجل منهم كسرة خبز إلا نفحني بها، فأستحيي فأردها فيردها عَلَيَّ ما يمسها»، وقد روي «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يبعث الأسارى من المشركين ليُحْفظوا، وليُقام بحقِّهم».
  • ثانيًا: توفير الطعام والشراب
قول الله -عز وجل-: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} (الإنسان: 8)، وَأَسَرَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، رَجُلاً مِنْ بَنِي عُقَيْلٍ... فَأَتَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ فِي الْوَثَاقِ، قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، فَأَتَاهُ، فَقَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟»... قَالَ: «إِنِّي جَائِعٌ فَأَطْعِمْنِي، وَظَمْآنُ فَأَسْقِنِي». قَالَ: «هَذِهِ حَاجَتُكَ». «وَفِي الْحَدِيثِ؛ مَشْرُوعِيَّةُ إجَابَةِ الأَسِيرِ إذَا دَعَا، وَإِنْ كَرَّرَ ذَلِكَ مَرَّاتٍ، وَالْقِيَامُ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ طَعَامٍ وَشَرَابٍ».
  • ثالثًا: وجوب تأمينِ المكان المناسب للعيش
من ظلٍّ ونحوه: وقد ورد عنه - صلى الله عليه وسلم -... «فِي بَنِي قُرَيْظَةَ بَعْدَ مَا توسط النَّهَارُ فِي يَوْمٍ صَائِفٍ: «لا تَجْمَعُوا عَلَيْهِمْ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ، وَحَرَّ السِّلاحِ، قَيِّلُوهُمْ حَتَّى يَبْرُدُوا»، فَقَيَّلُوهُمْ حَتَّى أَبْرَدُوا، وَقَدْ كَانَ أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بِأَحْمَالِ التَّمْرِ فَنُثِرَتْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، فَكَانُوا يَكْدُمُونَهَا كَدْمَ الْحُمُرِ، وجَاءَ فِي الصَّحِيحَ أن رُبِط ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الـمَسْجِدِ».
  • رابعًا: توفير اللباس اللائق بالأسير
وهو ما يستفاد من عموم الإحسان بهم، وما طبقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة للعباس - رضي الله عنه -، -عن جَابِر بْنِ عَبْدِ اللَّهِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-، قَالَ: «لَمَّا كَانَ يَوْمَ بَدْرٍ أُتِيَ بِأُسَارَى، وَأُتِيَ بِالعَبَّاسِ وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ثَوْبٌ، فَنَظَرَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - لَهُ قَمِيصًا، فَوَجَدُوا قَمِيصَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ يَقْدُرُ عَلَيْهِ، فَكَسَاهُ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - إِيَّاهُ»، «فَلِذَلِكَ نَزَعَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - قَمِيصَهُ الَّذِي أَلْبَسَهُ». قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: «كَانَتْ لَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - يَدٌ، فَأَحَبَّ أَنْ يُكَافِئَهُ»، قال العيني: «وَفِيه كسْوَة الأُسَارَى، وَالإِحْسَان إِلَيْهِم، وَلا يتركون عُرَاة؛ فتبدو عَوْرَاتهمْ، وَلا يجوز النّظر إِلَى عورات الْمُشْركين».
  • خامسًا: احترام الأسير ذي المكانة
وهذا ما ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد فعله مع -السفَّانة- ابنة حاتم طيء، فهي من عِلية القوم؛ حيث أكرمها وأطلق سراحها، وهذا سيد بني حنيفة أحد ملوك اليمامة يقع أسيرا، ثم يطلق سراحه، فقد بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - خَيْلاً قِبَلَ نَجْدٍ، فَجَاءَتْ بِرَجُلٍ مِنْ بَنِي حَنِيفَةَ يُقَالُ لَهُ: (ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ) سَيِّدُ أَهْلِ اليَمَامَةِ، فَرَبَطُوهُ بِسَارِيَةٍ مِنْ سَوَارِي الـمَسْجِدِ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَا عِنْدَكَ يَا ثُمَامَةُ؟» قَالَ: «عِنْدِي يَا مُحَمَّدُ خَيْرٌ»، فَذَكَرَ الحَدِيثَ، قَالَ: «أَطْلِقُوا ثُمَامَةَ».
  • سادسًا: توفير الدواء والعلاج
وذلك بمقتضى عموم الإحسان: وقد نُقل أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر بالمنِّ على جرحى الكفار وإطلاقِ سراحهم، وذُكِرَ عن عليٍّ -رضي الله تعالى عنه- أنه (أَمَرَ بِالْجَرْحَى مِنْ بَيْنِهِمْ فَإِذَا هُمْ أَرْبَعُمِائَةٍ، فَسَلَّمَهُمْ إِلَى قَبَائِلِهِمْ لِيُدَاوُوهُمْ...).
  • سابعا: تخفيف القيد
تقييد الأسير حتى لا يفرّ لا خلاف فيه، ولكن تضييق القيد وشده حتى يؤذي أو يؤلم فهذا ليس مشروعا ومخالف للإنسانية، عن مقسم قال: «لـمَّا ُأسر العبّاس - رضي الله عنه - في الأسارى يوم بدر سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنينه وهو في الوثاق، جعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ينام تلك الليلة، ولا يأخذه نوم، ففطن له رجل من الأنصار، فقال: يا رسول الله، إنك لتؤرق منذ الليلة! فقال: «العباس أوجعه الوثاق فذلك أرقني». قال: أفلا أذهب فأرخي عنه شيئا؟ قال: «إن شئت فعلت ذلك من قبل نفسك». فانطلق الأنصاري فأرخى عن وثاقه، فسكن وهدأ، فنام رسول الله - صلى الله عليه وسلم ».
  • ثامنا: عدم تعذيبهم ولا التمثيل بهم
لقد انتشرت عبر التاريخ حوادث تعذيب الأسرى بتقطيع الأيدي والأرجل، وصلم الآذان، وجدع الأنوف، وفقء العيون، ما تستحيي منه الإنسانية، وترفضه الشرائع السماوية، خصوصا في شريعتنا الإسلامية، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَحُثُّ فِي خُطْبَتِهِ عَلَى الصَّدَقَةِ، وَيَنْهَى عَنِ الْمُثْلَةِ». (الـمُثْلة): جدع الأطراف، أو قطعها، أو تشويهها تنكيلا، وكان - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن المثلة، ولو بالكلب العقور.

حسنِ معاملة الأسرى

       لقد حرَص الإسلام حرصًا شديدًا على حسنِ معاملة الأسرى، والحفاظ على حياتهم، وإكرامهم بالطعام والكساء والتلطُّف، وهناك العديد من الصور المشرقة والخُلق العالي، والتصرفات الراقية للمسلمين وقادتهم في حروبهم مع أعدائهم، ومعاملتهم للأسرى بالعفو والتسامح والمنِّ عليهم - خصوصًا بعد النصر والغلبة - كما فعل ألب أرسلان مع ملك الروم، وكما فعل صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله- مع أعدائه الصليبيين.

مواقف صلاح الدين الأيوبي

      فمما سطره التاريخ في ذلك عن صلاح الدين أنه كان يفتح بابه طيلة اليوم لاستقبال العجزة والفقراء، وتقديم المعونة إليهم، ومما يذكر في هذا الصدد أن الملكة (سيبل) استأذنت صلاح الدين في الرحيل هي وأتباعها من بيت المقدس، (وذلك بعد معركة حِطِّين، وانتصار المسلمين فيها وفتح بيت المقدس)، فلم يخيب لها صلاح الدين طلبًا، وخاطبها بأسلوب مؤدَّب رقيق، وأطلق سراحها حتى تتمكن من زيارة زوجِها السجين في قلعة نابلس، بل إنه ذهب إلى أبعد من هذا في تصرفه معها، فأذن لها بالبقاء عنده، مما جعل لسانها يلهج بالشكر والثناء، وقد تبِعها في خروجها عدد غفير من النساء الباكيات الحاملات أطفالهن بين أذرعهن، ولما دنَوا من صلاح الدين تقدَّمن إليه، وقلن له في مرارة وأسى: أترانا الآن راحلات عن هذه الديار، ونحن بين زوج، أو أم، أو ابنة لأولئك الجند الذين لا يزالون في أسرك، ونحن الآن نغادر هذه الديار إلى الأبد، وهؤلاء الجند الذين نتركهم هم عُدَّتنا في حياتنا وسلاحنا في أيامنا، فإذا ما فقدناهم فقدنا الحياة، أما إذا وهبتهم لنا، فقد وهبت لنا النعيم، وخفَّفت بذلك آلامنا، وأزحت بؤسنا، فإنا لا نكون على ظهر هذه الدنيا من غير مساعدة أو عائل، ولم تكد النساء ينتهين من هذا الحديث حتى التمعت الدموع في عينيه، وانهمرت على وجهه، وكادت العبراتُ تَخنِقه، وأمر في الحال بإعطاء الأمهات أبناءهن، والزوجات بعولتهن، والبنات آباءهن، فارتفعت الأكف له بالدعاء.  

عدل صلاح الدين وتقواه لله في أسراه

  وعن عدل صلاح الدين الأيوبي وتقواه لله في أسراه، وتحرِّيه للعدل والحلال مع أعدائه، يقول المؤرخ (ستانلي لين بول): «إن أحد البطارقة ضبطه جندُ صلاح الدين الأيوبي، وهو خارج بأمواله وذخائره خلسةً، فلم يقبل صلاح الدين أن يصادر هذه الأموال جميعًا، وإنما طلب منه أن يدفع دِيَة قدرها عشرة دنانير، فلما سأله بعض الفرنج عن السبب في ذلك، وقالوا له: لماذا لا تصادر هذا فيما يحمل، وتستعمله فيما تقوي به أمر المسلمين، قال: لا آخذ منه غير العشرة الدنانير المقدرة ولا أغدر به، ويختم (ستانلي بول) هذه القصة قائلًا: «وهكذا وصل الأمر إلى أن سلطانًا مسلمًا يُلقي على راهب مسيحي درسًا في معنى البر والإحسان».  

الرحمة والكرامة الإنسانية بالأسرى

       إن معاملة الأسرى تختلف من عصر إلى آخر، ومن شريعة إلى أخرى، فبعض الأمم كانت تفتك بالأسرى لإرهاب عدوها، ولم تعرف الأمم قانونًا لمعاملة الأسرى قبل الإسلام، وقد راعى النبي -صلى الله عليه وسلم - معاني الرحمة والكرامة الإنسانية مع الأسرى، تلكم الرحمة التي لم يبلغها القانون الدولي الإنساني المعاصر، فقال - صلى الله عليه وسلم - في وصيته العامة والشاملة لكل إحسان وخير بالأسرى: «استوصوا بالأسارى خيرا» وإسناده حسن.

الحرية الدينيَّة للأسير

       من الحقوق التي كفلها الإسلام للأسير: حقُّه في ممارسة شعائر دينه خلال مدَّة أسره، فلا يُجْبَرُ الأسير على اعتناق الإسلام، ولم يُعْرَف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أجبر أسيرًا على اعتناق الإسلام، ومن ثم لما رأى بعض الأسرى تلك المعاملة من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دفعهم ذلك إلى اعتناق الإسلام، وكان ذلك بعد إطلاق سراحهم، كما فعل ثُمَامَةُ بْنُ أُثَالٍ - رضي الله عنه -، فبعد أن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بإطلاق سراحه، ذهب ليغتسل ويُسْلِمَ، وكذلك فعل الوليد بن أبي الوليد بعد أن افتداه أهله من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسلم، فقيل له: لماذا أسلمت بعد الفداء؟، فقال: حتى لا يظنَّ أحد أنما أسلمتُ من عَجْزِ الأسر، ومن ذلك أيضًا ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع غَوْرَثِ بْنِ الحارث الذي استلَّ سيف النبي من الشجرة، وقال له: من يمنعك مني؟، وعندما وقع السيف من الرجل وأصبح في يد رسول الله، لم يجبره النبي - صلى الله عليه وسلم - على الدخول في الإسلام، بل عفا عنه وتركه حرا طليقًا، فأسلم بعد ذلك.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك