رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمود بركات- سوريا 28 يوليو، 2010 0 تعليق

الأخطبوط العربي

 

 
أكاد أسمع من وجيب قلبك ما يكاد يكون استنكاراً لهذا العنوان.. بل أجزم أن الأصوب - حسب رغبتك - أن يكون الأخطبوط أمريكياً؛ فهو بأمريكا أليق ومنها أقرب، ذلك أن أمريكا توجه ضرباتها وتحدياتها في جميع الاتجاهات، وتبسط أطرافها سواء للسلب أم للقتل أم للنهب - مهما تنوعت الأسباب وتعددت - على عديد من البلدان، مستغلة من ضعف هذه البلاد تعلّة وتسويغاً لما تفعل وتزعم، كما تنتقي من أرادته فريسة من المجاهدين والأحرار - أو من الإرهابيين، حسب ما يحلو لها من تعابير واتهامات- من أي بقعة شاءت من الشعوب التي تشبه إلى حد كبير قطعان الماشية، هذه الشعوب التي لم تبال بما آلت إليه أخلاق أسلافها وأمجادها، وإنما انحصرت مآربها في المشرب والمأكل والتناسل.. وهل تختلف متطلبات الماشية عن هذه الأمور في شيء؟!

كذلك يفعل الأخطبوط حين يمد طرفاً من أطرافة ليلتقط فريسته من بين جمادات البحر وهوامه، والشبه في ذلك كبير.. بل كبير جداً بين أمريكا والأخطبوط، فكلاهما ينتهج القانون البحري الذي يقضي للكبير بالتهام الصغير ويسن للقوي أكل الضعيف.

ومن المؤكد أنك لم تتعدّ الصواب قيد أنملة فيما زعمت، لكني أردت رأياً آخر، أليس من طبيعة البشر - وأنا منهم - أن تتوق نفوسهم للشهرة أو لشيء من هذا القبيل؟! وخير سبيل لذلك مقولة: «خالف تعرف»، وهذا بعض شيء وراء ما أريد.. أن يكون لي رأي، أي غير الوجه الذي يبدو من أن الأطراف الأمريكية التي تتدرج تحت مسميات مختلفة - من مجلس أمن وحلفاء وغير ذلك التي تمتص دماء الشعوب وتنهب ثرواتهم بحجج واهية فضفاضة - ترجع في حقيقتها إلى رأس واحد هو المصلحة الأمريكية قبل كل شيء وبعده.

لذا أود أن أعزف على الوتر ذاته متخذاً من الحزن العربي لحناً غير الذي اتسم به اللحن الأمريكي الذي يجنح للسرور والمرح واللهو بمصالح الشعوب ومصائرها ومشاعرها، لحناً تتماوج فيه نبرات الحسرة والأسى والألم  والأمل، يصور حقيقتنا بألوانها القاتمة، وأجعل الأخطبوط عربياً؛ لأنني -على ما أعتقد - أرى أن الأطراف المتنافرة التي تجتمع تحت المسمى، ولا يمكن أن تلتقي أبداً تشبه إلى حد بعيد أطراف الأخطبوط المتشعبة أولاً، ومن ثم فإن هذا الأخطبوط الذي تجتمع أطرافه عند قبعة واحدة تشبه الجامعة العربية تنكمش أطرافه حين يتعرض لأذى، وكذلك يفعل الأخطبوط العربي حين يتعرض بلد من بلدانه أو طرف من أطرافه لعدوان، حتى ينكمشوا جميعاً إلى الجامعة العربية التي ليس لها من الحل والعقد شيء.. أي شيء؛ فهي لا تدفع عدواناً ولا تكسو عرياناً، وهذه فلسطين تستصرخ الجامعة منذ عشرات السنين وتستغيث عن جراح قاتلات.. فماذا فعلت؟! وماذا صنعت لغزة الآن وهي تغرق في بحار من الدم؟! لكأنه حين اجتمع العرب واتفقوا لمرة واحدة على أن يؤسسوا جامعة عربية، اشترطوا أن تنحصر أعمال هذه الجامعة في الاستنكار والشجب والتنديد.. حتى التنديد والاستنكار أضحى عسيراً على أخطبوط العرب.. وظلت أطرافه، كل طرف يستقبل جهة وحده..!!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك