رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: حاتم محمد عبد القادر 5 أغسطس، 2010 0 تعليق

اضطهاد وعدوان وحرمان.. ممارسات غربية ضد المسلمين الكراهيـــة للإســـلام ما زالـت مسـتمرة حـــتى الاّن

 

 

هل ما يدعيه الغرب بكل هيئاته الشعبية والحكومية ومنظماته المدنية من الديمقراطية والحرية واحترام الآخر وقبوله، هل هذه الادعاءات صادقة؟! هل دعوته إلى الحوار واحترام الأديان والابتعاد عما يسمى بـ: "صراع الحضارات أو صراع الأديان"، هل هذه دعوة جادة؟!

إن ما نشاهده في البلاد الغربية تجاه المسلمين أبعد ما يكون عن ذلك، والدلائل ليست ببعيدة ولا مر عليها حين من الدهر أو حتى عام أو شهر... لا، فقد حدثت في أسبوعين متتالين أحداث عنف واضطهاد ضد المسلمين على مرأى من الجميع ومسمع، فمنذ أيام قتلت الصيدلانية مروة الشربيني على يد ألماني أحمق، ومنذ أيام أيضاً أصدرت إحدى المحاكم الأسترالية حكما يقضي بمنع المسلمين من صلاة الجمعة بحجة أن عدد المسلمين المؤدين لصلاة الجمعة ارتفع إلى 20 فردا، وأن المبنى شرع يتسع ويأخذ صفة مسجد بعد أن تم تعليق لافتة كتب عليها مسجد وسهم يشير إلى مكان المسجد.

 وفي الصين تم إغلاق المساجد ومنع صلاة الجمعة لمسلمي (شينجيانج) إثر صدامات عرقية بين الإيجور المسلمين والصينيين الهان.

 

 ويكفي أن نذكر أن المسجد الأقصى تعرض لأكثر من 50 اعتداء في عام 2004 فقط.

 إننا بإلقاء نظرة على أحوال المسلمين في الخارج سنجد عكس الادعاء الغربي تماماً، رغم بسط المسلمين أيديهم بالخير والود والرحمة والتراحم، إلا أنهم ماضون في دعواهم الزائفة، ورغم أننا نشرنا بالعدد الماضي أن هناك علاقة جديدة ستبدأ بين الغرب والإسلام من خلال المؤتمر الذي أقامته الرابطة العالمية لخريجي الأزهر والذي انبهر به علماء الغرب ووقفوا في ذهول فلم يستطع أي منهم الرد بكلمة واحدة على علماء الأزهر الشريف من كل دول العالم.

إن العالم لابد أن يتذكر أوباما وخطابه الذي وجهه للعالم الإسلامي من القاهرة محاولا فيه تجميل صورة الغرب وأمريكا في عيون المسلمين، مؤكدا على فتح صفحة جديدة قائمة على الاحترام المتبادل.

وإثر صدور حكم المحكمة الأسترالية بمنع المسلمين من صلاة الجمعة شرق مدينة "بيرث" اهتزت مشاعر المسلمين في كل مكان في العالم، واضعين في اعتبارهم ضرورة المراجعة، وأن تكون هناك وقفة موحدة وبداية لعمل موحد للمسلمين في كل أنحاء الدنيا وفي بلاد المهجر تحديداً على أن يستعملوا أدوات مشروعة في الحصول على حقوقهم.

 وفي هذا التحقيق اتفق المتحدثون على أن الجاليات الإسلامية لها دور مهم، والجامعات والهيئات الإسلامية أيضاً ولا يخفى الدور الأساسي الذي يجب أن تؤديه الحكومات أيضاً.

 

والتفاصيل في السطور الآتية:

بداية يتحدث أ.د. محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر قائلا: الواجب يتحتم على أربع جهات:

الأولى- الجالية الإسلامية:

الجالية الإسلامية نفسها في هذه المدن الغربية التي تضايق المسلمين، عليهم أن يتخذوا الوسائل المشروعة للاعتراف بهم وعدم التعرض لهم في إقامة شعائر دينهم، والملاحظ أن اليهود في أي مكان في العالم يفعلون ما يشاؤون ويحصلون على مكاسب وامتيازات حتى لو كانت غير مبنية على أساس، فالمسلمون مطالبون أيضاً بهذا، وعليهم اتخاذ الوسائل التي تجعلهم يتغلغلون في الشكل الاجتماعي في الدولة التي يقيمون فيها.

 

 الثانية- السفارات الإسلامية:

فالمفروض على هذه السفارات أن ترعى مواطني الدول التي تمثلها؛ فمصالح الناس ليست محصورة في الناحية السياسية، فالنواحي الدينية والاقتصادية والاجتماعية تحتاج أيضاً تدخل السفارات لحماية مواطنيها.

 

الثالثة- منظمة المؤتمر الإسلامي:

وهي منظمة لها ثقل في العالم ويمكنها تعديل هذا الوضع بما يتفق مع الدين ومصالح الناس.

 

الرابعة- الهيئات الدينية:

مثل مجمع البحوث الإسلامية في الأزهر الشريف، ورابطة العالم الإسلامي في مكة، فواجب على هذه المنظمات الدفاع عن المسلمين الموجودين في البلاد الغربية.

 

صوت موحد

ويقول أ.د القصبي زلط، أستاذ التفسير وعلومه بجامعة الأزهر: القضية تعود إلى كراهية الغرب للإسلام والتي ما زالت مستمرة حتى الاّن، فالمشكلة عند الغرب أنهم يكرهون الإسلام ورسوله [.

 ولذلك ينبغي أن يكون هناك صوت موحد للجاليات الإسلامية في هذه البلاد، فإذا كانوا يدعون الحرية والديمقراطية واحترام الأديان... إلخ من دعوات تكشف زيفها بمثل هذا الحكم.. فمن هنا: أي وقت تصان فيه كرامة المسلم؟! إن الأمر يفرض علينا أن يكون لنا وقفة نحن المسلمين.

 عندما ضُرب قبطي على يد ابن عمرو بن العاص وكان عمرو بن العاصى والياً على مصر، ماذا فعل هذا القبطي؟ إنه اشتكى إلى عمر الخليفة في هذا الوقت، إنه أمر أن يجلس ابن عمرو بن العاص ؛ ليقتص منه، وقال قولته المشهورة: " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً؟!".

 فالإسلام لا يعرف أقليات، ونظرته في ذلك كانت نظرة مهذبة وبتعبير مؤدب، فأطلق عليهم في دولته: «أهل الذمة»، لهم ذمة الله وعهده، فلفظ «الذمة» ليس تحقيراً، وهنا قال الرسول [: "من آذى ذمياً فقد آذاني، ومن آذاني فقد اّذى الله".

 فالمشكلة من ناحية أخرى ترجع إلى سلبية المسلمين وإلى الحالة النفسية الموجودة لدى الغرب من شعور ما زال يسيطر عليهم، وهو كراهيتهم وخوفهم من الإسلام.

 وهنا لابد أن نظهر المنطق المعكوس في الغرب، فالكلاب والحيوانات مكرمة، وللأسف فإن المسلم في هذه البلاد نرى أن موقعه أقل من هذه الحيوانات، وقد قال تعالى: {ولقد كرمنا بني آدم}.

 ويضيف زلط: إن المؤسسات المدنية والحقوقية هناك تعرف دورها جيداً من تجمع وإظهار صوت هذه الأقليات هناك، وماذا يجني المسلمون من وراء التعصب الغربي وكراهيته للمسلمين؟!

 

 الدور السياسي

 ويقول أ.د عبدالفتاح عاشور: هذه الحكومات في الشرق والغرب التي لا تدين بدين الإسلام وبها قلة إسلامية أو عدد كبير من المسلمين لا سلطان لهم ولا قدرة لديهم على اتخاذ القرار، وليس لهم وجود مؤثر في حكم هذه البلاد، يتحملون جانبا كبيرا مما يقع عليهم من ظلم واضطهاد وعدوان وحرمان من أداء شعائرهم، فهم في هذه البلاد صورة من البلاد الإسلامية في تفرقها شيعاً وأحزاباً.

والطريق لرد هذا العدوان هو أن يجتمع المسلمون في كل بلد من بلاد الشرق والغرب وأمريكا وأوروبا وفي روسيا وفي كل مكان يعيشون فيه، يجتمعون على قلب رجل واحد ويتناسون ما بينهم من اختلافات عرقية ومذهبية؛ ليكونوا قوة تستطيع أن تصل إلى مراكز اتخاذ القرار في حكم هذه البلاد ومجالسها التشريعية، ولعله من المعلوم أن كثيرا من المسلمين من أبناء هذه البلاد وليسوا من الوافدين عليه، وفي كل يوم ينضوي تحت لواء الإسلام أناس في كل مكان من هذه البلاد، هذه القوة التي تنبع من الداخل، ونسأل الله أن يجمع قلوب هؤلاء على طاعة الله وحبه وحب رسوله [.

 إلى أن يتم هذا هناك دور مهم للمنظمات الإسلامية ومراكز التأثير في الداخل والخارج، فهناك منظمة المؤتمر الإسلامي ومجامع البحوث الإسلامية في البلاد الإسلامية، وهناك الجامعات الإسلامية مثل جامعة الأزهر وجامعة المدينة المنورة وجامعة الإمام محمد بن سعود، والجامعات العربية، تستطيع كل هذه الجامعات أن تتخذ قراراً بل قرارات نافعة ونافذة عبر مجالسها وأساتذتها الذين يغارون على هذا الدين.

ويبقى الدور السياسي لحكام المسلمين وأمرائهم عبر الاتصالات، وعبر السفراء ويمكن لهم أن يصنعوا الكثير، فإذا تجمعت هذه الجهود استطاع المسلمون أن يصلوا إلى ما يريدون من عزة وكرامة وأن يفهموا الدنيا كلها أن المسلمين قوة لا يستهان بها.

 ولكن يجب ألا نترك هذا الأمر وغيره من الأمور التي جعلت هؤلاء يتجرؤون على المسلمين ومقدساتهم يطاردونهم ويمنعونهم من أداء شعائرهم، ويقتلونهم، وما حدث في ألمانيا لمروة الشربيني ليس ببعيد عن الأنظار والأسماع، فهل يستيقظ المسلمون من سباتهم؟! أما آن لهم أن يعودوا لعزتهم وقوتهم بعودتهم لهدي الله وهدي رسوله[؟!

 

 أزمة الدعاة

من جانبه يتحدث أ. د. محيي الدين عبدالحليم، أستاذ الصحافة والإعلام بجامعة الأزهر والجامعات المصرية من زاوية أخرى، وهي أن الدعاة في غير ديار الإسلام يعيشون أزمة جعلت من الغرب يتربص بهم، ونسي هؤلاء الدعاة أن قيم الغرب ومبادئه تختلف تماماًَ عن المبادئ الإسلامية، كما أن الداعية الإسلامي لابد أن يكون فطناً، ويفهم ما بين السطور.

 إن أزمة الدعوة الإسلامية تكمن في هؤلاء الذين لا يعرفون كيف يخاطبون جمهوراً لا يدين بدين الإسلام، ولا يعترف بمعطياته الفكرية، جمهور تحكمه مواريث ثقافية تختلف كل الاختلاف عن المرجعية الفكرية التي تحكم العقل المسلم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك