رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: هيام الجاسم 15 يوليو، 2010 0 تعليق

إذا ظلمت عيالك…!!

 لا أخالك تجهل معنى ظلمك لطفلك!! إذا لم يشبع من حنانك فأنت ظالم له، إذا لم تتفقد أحواله بما ينعشه فأنت ظالم له، إذا لم تكن صديقا مرشدا له فأنت ظالم له! كثير من الآباء قد يظنون أن توفير المصرف والملبس والمأكل والسائق والسيارة والخادم أمور تكفي لتحقيق الأبوة الراشدة! ((بعد وش تبون!! كل طلباتكم منفذة!! وكل اللي بخاطركم أشتريه لكم!!)) والأم فرحانة تقول لي: ((والله عاد أبوهم ما يقصر عنهم بشي!! أي شيء يحتاجونه أو يشتهونه يلبيه لهم!!)) صح لسان الجميع، وهذا حق وواجب لا أحد ينكره ولا ينفيه، مأجور مشكور هذا الأب لحسن جمال تأديته لواجباته.

عزيزي القارئ، أطفالنا يحتاجون منّا لمسات حنان تلامس بها أيدينا أجسادهم وتداعب فروة رؤوسهم وتطبطب على ظهورهم وأكتافهم، يحتاجون منّا تفقد أحوال قلوبهم كيف يشعرون؟، وكيف يحبون؟، وكيف يعجبون؟، وكيف يقبلون ويرفضون. إنهم يفتقرون إلى خبرة توجيه مسارات مشاعرهم تجاه كل من يتعاملون معهم! لذا فهم دوما يسألوننا أسئلة لو لاحظت معي - عزيزي القارئ - تدور حول الحب والكره واللين والشدة والغضب والإدبار والإقبال، فلو أعطيناهم بالنا وصرفنا لهم وجوهنا فإننا سنجدهم يسألوننا عن مشاعرهم كيف يترجمونها إلى سلوكيات مع من حولهم. مهم جدا عندهم حواراتنا معهم حتى نلقمهم التفوق في ذكائهم الانفعالي، وليمهروا مهارة فائقة في كيفيات التعامل مع الآخرين ممن يعنون لهم الشيء الكثير أو حتى القليل؛ لذا فالقضية ليست مصروفا نوزعه على الأبناء ولا لعبة نشتريها لهم ولا ألبسة ذات ألوان زاهية نوفرها لهم؛ وإنما القضية الأساسية هي مدى اهتمامنا بهم في تنمية شخوصهم بما يكفل لهم طيب عيش ورغد فكر واستقامة نفس، يا ترى هل يعرف عيالنا منذ صغرهم كيف يمارسون  منطق التفكير بصحة صحيحة؟!  كيف يوجهون أحاسيسهم تجاه غيرهم؟ كيف يتأقلمون مع المزعجين في حياتهم؟! كيف ينصرفون عمن لا يريدونهم دون مشاجرات معهم!! كيف وكيف! إذا شب الأطفال وكبروا وهم لا يدركون الصحة و«الفرملة» لأساليب تفكيرهم ولا لتصنيفات عواطفهم، فمن أين نضمن لهم سلوكيات سوية مستقيمة قدر استقامة شرع الله المنشود لهم في قلوبهم وعقولهم؟! بل سيلوموننا أشد اللوم حينما يتورطون في مستجدات يومياتهم، والجريء منهم سيرفع صوته: «انتوا ما علمّتونا! انتوا ما نبّهتونا! احنا ما ندري! ما نعرف! كلّه منكم! كان لازم توضحون لنا! انتوا انتوا!!»، لوم يتبعه لوم، قد ينسون أفضالنا عليهم لأننا لم نرسم لهم حمايات في نفوسهم تجاه ما سيواجهونه غدا في تفاصيل مواقفهم! فهم عندما كبروا اكتشفوا أنهم يفتقدون النضج في كيفية التعامل مع أنفسهم، فضلا عن التعامل مع غيرهم ممن يحبونه أو ممن ينفرون منه! صاروا يلوموننا! كثير من العيال لا يعرف كيف يبني تصورا سليما تجاه ما حوله، هو لا يدرك كيف يستبدل صورة سلبية في ذهنه تجاه شيء ما ويستبدل بها أخرى إيجابية، هو لا يعرف كيف يروض نفسه لاعتياد طاعة جديدة، لا يعرف كيف يؤصّل لنفسه رسوخا في أمر ما يتشربه ويصطبغ به!! إنهم لا يدركون كيف يعيشون ويحيون حياة طيبة دنيا وديناً.

عزيزي الأب، عزيزتي الأم، الأمر جد وليس بالهزل، والخطب كبير في تبعات ادعائنا أننا أمهات وآباء ناجحون وناجحات مع عيالنا، والحمل كبير وثقيل وعمق المسؤولية كبير وعظيم، ولا أحد يتملص منها مدعيا أنه لا يقدر على كل ما ذكرت سالفا.

بصراحة عزيزي القارئ، أنا قد التقيت بأمهات وآباء حقيقة هم غير قادرين على كل هذا الحمل والعبء وما كان في تصورهم أن أمر التربية بهذا الحجم، رضوا لأنفسهم ولعيالهم بالدون من التبعات، "اكلوا وشربوا وناموا وصلّوا وروحوا المدرسة وبعدها درسوا وزوروا أهلنا وأهلكم، لا تكذبون ولا تسوّون حرام!!» كلام في كلام قد لا يحسن العيال ترجمته لعمل فنصرخ في وجوههم عابسين!!

عزيزي القارئ، عين الصحة والصواب هو هذا الذي ندعو له عيالنا، لا نساومك في ذلك ولكن السؤال الذي نريد له جوابا منك: وهل هذا هو جلّ أدوارنا مع عيالنا؟! وهل نحن أجدنا وأحسنّا توصيل رسائل تربوياتنا؟ أم إننا نعيش واقعا عليلا مع أولادنا وبناتنا؟!! ومن يا ترى المظلوم؟! إنه ذاك الطفل المكلوم شعوريا وفكريا وسلوكيا!!

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك