رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: ريم صلاح الصالح 13 يوليو، 2010 0 تعليق

إجهاضُ حُلم..!

 كنت أتــساءل في إحدى المــرات: هل يمـكن أن تكـون الحيــاة بــلا أحــلام؟ ألا تحــلم الأم بطفــلها بعـد أن أبلــغتها الطــبيبة بأنــها حامــل؟ ألا يحــلم الطــالب بأن يصــبح دكتــوراً؟ ألا يحلــم الطــفل بأن يشــتري لـه والــده سيــارة يقــودها؟ ولــست أتكــلم عن أحــلام المـنام، بل الأحــلام التـي لــم يحــن لــها أن تتـحقق ولكنــها تســتقر بــالفؤاد لتــولد الرغبــة والإرادة لتحقيـقها، تلك الأحـلام أيمكن أن تَنفـى ونعيـش من دونــها؟! فكانت الإجـابة سـريعة في خضـم عقــلي بأن هذا مستــحيل فالأم ستحـلم بالطــفل حتـى لو لـم تكـن حامـلا، أو حتى لو سقـط الطــفل ومات فإنـها ستستــمر بالحـلم حتى ولـو كانت عقيـماً، وكذلك الطــالب سيـداوم على ذلك الحـلم حتى لـو رأى درجاتـه إلى هبــوط، فحــلم الدكـتوراه سيراوده وقـد يحققــه عندما يبلغ العـقد الخامس من عمـره فهذا ليــس ببــعيد، وذلـك الطفـل الذي حلـم بالسيـارة سيـدخر نقـوده لشرائهـا حـتى وإن أنـفقها كـلها عـلى بعـض الحـلوى فســيستمر يحـلم بالسـيارة التي سَلـبت لُـبَّه.

فـي الحـقيقة لست هنـا لأتفـلسف بمـاهية الأحـلام وآليـات تحقيـق الأحـلام، أبــداً.. بل إننـي هنــا لأتكلــم عن أحد الأحــلام، ذلك الحلـم الذي تعيـشه معظــم الفتيــات منذ الأزل، فما أن تبلغ تلك الفتـاة سن الـ 16 أو 17 حتى تبـدأ بممارسة فـن الرســم، وأي رسـم؟ إنـه فن رسـم حلـم فـارس الأحـلام ذلـك الذي سيأتـي علـى الجــواد الأبيـض لينتــشلها مـن أنيـاب العنـوسة وتبقـى معه فـي السعادة والهنـاء إلى الأبـد.. وليس هذا هو الحـلم فقـط فلـه بقيـة تـأتي، فذلك الفارس له مواصفـات ومميـزات: فيجب أن يكـون وسيمـاً طـويلاً مفتـول العضلات بعينيــن عسليتيـن، ولابد أن يحبني أكثر من نفسه، ويكون حنوناً رحيماً بي ويجعلني حرة بتصرفاتي ويقدرني ويحترمني ولا يتحكم فيّ ولا يلقي عليّ وابل الأوامر ويستشيرني في كل شيء.. إلخ.

قد يكون هذا أقرب الأحلام للواقـع، ففي عقول الفتيـات ما الله به عليـم.. ولكــن قد يتحطم هـذا الحـلم عندمــا تكبـر تلك الفتـاة وتدخل الثلاثينيات من عمـرها فيفوتهـا قطار الزواج لتجـد القطار القـادم هو قطـار العنـوسة، وقد يكـون هـذا أهون من أن تتـزوج بـأحدهم وتُجهـض عندهـا كل أحلامهـا التي رسمتـها بالأقـلام الورديـة وسكبـت عليها مــاء الذهـب، عندمـا ترى أن فارسهـا المغـوار هـو مجـرد رجـل عـادي ويعمل في إحدى الدوائرالحكومية بوظيفة وراتب متواضعيـن، عندمـا ترى فارس الأحـلام هو رجل عادي الملامـح وليس بتلك الوسامـة التي يمكـن مقـارنتهــا مع أحـد مشاهيـر (هوليــوود)، عنـدمـا ترى فـارس الأحــلام لا يحبـها أكثر مـن نفسـه بل ربمـا لم يحبـها بعـد بل فقط يعزهـا فهو بالكـاد تزوجهـا، عندمـا ترى فـارس الأحـلام يأمرهـا بأداء حق من حقـوقه ويمتنع هو عن إعطائها أبسط حقوقها! عندها وفي هـذا اليـوم وتلك اللحظة، عنـدما تــرى فـارس الأحـلام قد قيـّد حـريتهـا واستقـلاليتهـا وأنه لا يستشيرهـا في أمـوره، فكل شيءٍ يُنجـَز من دون علـمهـا.. عندهــا حقـاً ستشعـر بأن حـلم فـارس الأحـلام قد أُجـهِـض.

ولكـن أيـن السبيـل؟ وإلى من الفـِـرار؟ أتصبـر وتتحمـل ثم ما تلبـث أن تطلب الطـلاق وتنفصـل عنه! قد تفكـر إحدى الفتيـات في أن تبـدأ لعـبة البـحث عن فــارس أحـلام جديد، وما علمت هـي أنهـا بدأت رحلـة البـحث عـن الجحيــم، فلن تجد فـارس الأحـلام هـذا وخصوصـاً بهذه الطريقـة.

إن مـا أود قـوله للفتـاة هو أن الحـلم يجب أن يبقـى قريبا وواقعيا؛ فإن رزقك الله بالزوج الصــالح فسيكــون حلمك قد تحــقق وستنمـو تلك البذرة المأمولة حبـاً طاهـراً يزدهـر مع الأيـام بالأبنـاء والبنـات، ويثمــر بالأحفـاد الذين سيملأون عليك المنزل؛ لأنك حلـمت بأن تتزوجي في ظل واقع مرن ولم تحلمي بخيال مغرد خارج سرب واقعك في الزوج الذي ستــرزقين بـه.. كما يجب عليـكِ ألا تجعـلي حلـم الزواج هو الحلـم الذي ستتـوقف عليـه بقيـة أحلامـك، أبــداً، فالـزواج حـلم مطلـق مستقــل لا يرتبـط بأحـلامك التي تخصــك وتخص بناء مستقبـلك، وأذكر ان إحدى صـديقـاتي قالت لـي: بنـاء نفســي أولا ثم بناء قفص الزوجيـة الذهبــي.. وإني لأراها قد سكبـت حكمـةً بالغة في كلمـات قـِــلائل؛ فبنـاء النفـس ينحو بنـا لأمريـن: بنـاء النفــس للبقـاء في هذه الحيـاة للعيش بطريقة صحيحة، وبنـاء النفـس لمـواجهة الحيـاة.. فالبقـاء في الحيـاة يحتاج منـكِ أيتها الفتـاة الى أن تفهميها وتتعلمــي طرق الاستمرار بالعيـش فيها ومنها الاستمرار في قفص الزوجيـة، ومواجهة الحيـاة يكون بمـواجهة مشكلاتها بفطنـة و(تكتيكـات) ذكيـة، وتحت مشكلات الحيـاة تنــدرجُ المشكلات الزوجيـة، لذلـك فإن بنــاء النفس يفيــدكِ أنتِ أولاً، بالإضافة إلى أنه سيفيــدكِ كذلك مستقبـلا لو رزقكِ الله ودخلـتِ قفص الزوجيــة. فارسمـي الآن أحلامـك دون أن يتحكـم حلـمٌ في الآخــر أو يُجهـضُ حُلـمٌ ويدمـر حيـاتك.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك