رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم الناشي 25 مارس، 2024 0 تعليق

أفتان..أنت؟!

  • المشقة تعني: الجهد والعناء والشدة، يقال: (شَقَّ عليه الشيء).. إذا أتعبه، ومنه قوله -تعالى-: {لَمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ} (النحل:7) أي بجهد الأنفس، وهناك أيضا (الحرج): وهو الضيق، واصطلاحا: ما فيه مشقة فوق المعتاد.
  • وهنا نجد مقصود الشرع من التخفيف، بمعنى إذا كانت هناك مشقة فوق المعتاد، وتجاوزت الحدود العادية؛ بحيث لا يستطيع المسلم المكلف -بسبب هذه المشقة- أن يستمر في الطاعة ويؤدي العبادة المفروضة ، فإن الشرع يعطيه رخصة بالتيسير والتخفيف.
وهناك مشقة اعتيادية ومرتبطة بالعبادة كالوضوء بالماء البارد في الشتاء، أو صيام الفريضة في شدة الحر مع طول النهار، ومشقة السفر للحج؛ فهذه المشقات لا تسقط العبادة أو تؤخرها أو تخففها، إنما المقصود من المشقة هنا ما يضر النفس والبدن ضررا واضحا؛ فهذه المشقة موجبة للتخفيف.
  • ويقول عزُّ الدين بن عبد السلام -في تحديد المشقة الموجبة للترخيص-: «مشقة عظيمة فادحة، كمشقة الخوف على النفوس، والأطراف، ومنافع الأطراف؛ فهذه مشقة موجبة للتخفيف والترخيص؛ لأن حفظ المهج والأطراف لإقامة مصالح الدارين أَولى من تعريضها للفوات في عبادة، أو عبادات، ثم تفوت أمثالها».
  • والمشقة أنواع، منها: الأول: مشقة الأمر الذي لا يطاق، وهذا لم يكلفنا به الشرع مطلقا، والثاني: مشقة تطاق ويمكن احتمالها، لكن فيها شدَّة، وهذه إما أن تكون مشقة خاصة بعين فعل المكلف، مثل الصوم في السفر والمرض وهو ما شرعت فيه الرخص، وإما ألا تكون مختصة بعين الفعل، ولكن بالنظر إلى دوام أداء هذه الأعمال فتصير شاقة، ويوجد هذا في النوافل وحدها، كأن يقوم الليل حتى يتعب ويضر نفسه، أما مشقة أداء الفريضة فهذا لا يسمَّى مشقة بل هو تكليف. والثالث: الزيادة في الفعل على ما جرت به العادة.
  • واتفق العلماء على أن العبد لا يؤاخذ إلا بما هو في طاقته، واليسر هو الصبغة العامة للشريعة، ومن هنا جاءت القاعدة الفقهية المشهورة (المشقة تجلب التيسير). ومثلها قاعدة (إذا ضاق الأمر اتسع) بمعنى أنه إذا دعت الضرورة والمشقة إلى اتساع الأمر، فإنه يتسع إلى أن يندفع الضرر والمشقة، كالقصر والجمع في السفر للمشقة، فإذا استقر المسافر، رجع إلى إتمام الصلاة، ولهذه القاعدة تكملة وهي (وإذا اتسع ضاق) بمعنى أنه إذا اندفع الضرر وزالت المشقة، عاد الأمر إلى ما كان عليه في الأصل.
  • لذا قرر العلماء أن الإفطار في السفر مشروع ورخصة من الله -عز وجل-، ولكن إذا شق عليه الصوم فالأفضل الفطر، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته». ووجه النبي - صلى الله عليه وسلم - معاذا إلى التخفيف في صلاة الفريضة عندما قرأ بسورة البقرة؛ فقال له : «يا مُعَاذُ أفَتَّانٌ أنْتَ؟! اقْرَأْ بكَذَا واقْرَأْ بكَذَا». أي : «اقْرَأْ: والشَّمْسِ وضُحَاهَا، وسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى، ونَحْوَهَا». وبين النبي - صلى الله عليه وسلم - السبب؛ «فإنَّه يُصَلِّي ورَاءَكَ الكَبِيرُ والضَّعِيفُ وذُو الحَاجَةِ».

25/3/2024م

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك