رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: سالم أحمد الناشي 2 نوفمبر، 2010 0 تعليق

أستاذ العقيدة بجامعة الإمام الدكتور علي الشبل في حوار خاص مع «الفرقان»: المسلمون يعانون ضعفاً سياسياً واقتصادياً وعسكريا

أكد الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل أستاذ العقيدة بجامعة الإمام أن الأسرة المسلمة تعيش أوضاعا خطيرة بسبب المغريات المفسدة، مشيرا إلى أن القنوات الفضائية أصبحت تعمل على هدم القيم والعادات والتقاليد. وقال في حوار خاص مع «الفرقان» إنه لا يجوز بناء كنائس جديدة في بلاد المسلمين،  ومؤكدا على ضرورة معاملة غير المسلم الذي يعمل في بلاد المسلمين معاملة حسنة وأن نكون قدوة صالحة، كما أمرنا ديننا الإسلامي.

وقال الدكتور علي الشبل: إن التبرك بالقبور يعد من كبائر الذنوب ومن البدع ومن وسائل الشرك، فهو في حد ذاته شرك أكبر، وبيّن أن المسلمين يعانون ضعفا سياسيا واقتصاديا مع أن الموارد بأيدينا، فضلا عن الضعف العسكري والضعف العقدي الذي يعد أهم أنواع الضعف وأشنعها.

وأوضح أن العلمانية والليبرالية والحداثة والتقدمية، كل هذه الأسماء ظهرت بسبب ضعف المسلمين وبعدهم عن دينهم، وهذا نص الحوار:

> كيف يمكن المحافظة على الأسرة المسلمة في ظل المغريات الموجودة الآن من حولنا؟

< الأسرة المسلمة في هذه الأزمات المتأخرة تعيش أوضاعا خطيرة ولاسيما من جهة العقيدة بسبب المغريات المفسدة لها، وأيضا تعيش أزمة خطيرة من جهة الأخلاق، وتعيش أزمة خطيرة من جهة العلم، وهذه النواحي العديدة توجه إلى الأسرة المسلمة في هذا العالم؛ لأن المربي والموجه أصبح الآن غير الأب والأم، فالشارع يربي، والمدارس والوسائل الحديثة من إنترنت وقنوات فضائية بأشكالها وأنواعها وتوجهاتها المختلفة تقف ضد التربية الصحيحة.

فكل هذه الأشياء تعد وسائل خطيرة على الأسرة؛ لأن كل 20 فردا من 30 يأخذون مصادر تلقيهم من خلال الفضائيات والإنترنت مما أضعف الوسائل الأخرى.

ولهذا تعظم المسؤولية في معرفة الخطر الذي يوجه للأسرة وللعقيدة.

وهناك شيء آخر تقوم به الفضائيات وهو القضاء على العادات والتقاليد التي ورثناها، من خلال تلك الوسائل، فالرسول [ قال: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق» في حين نجد الفضائيات المنتشرة في العالم الإسلامي تعمل على هدم القيم والعادات والتقاليد.

> كيف يمكن التعامل مع النصارى في بلاد المسلمين؟

< هناك قاعدة تتناول التعامل مع النصارى ومع غير النصارى، فغالب الدول في العالم أصبحت قرية واحدة ودول الخليج بها أشخاص من ديانات مختلفة، فكيف يتعامل الإنسان مع هؤلاء؟! أولا: ديننا دين عدل ليس دين ظلم ولا دين تعد، وإنما دين وضع الأمور في نصابها فينزل الناس منازلهم ويعرف لهم حقوقهم على أي ملة كانوا؛ ولهذا يقول الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا}، والأمة الوسط هي الأمة العدل.

وفي صحيح مسلم عن حديث أبي ذر ] أن النبي [ قال: قال الله تعالى: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا. وهذا أصل من أصول الدين الإسلامي ومنهج من مناهجه، نتعامل به مع أنفسنا، فلا نظلمها، ومع غيرنا سواء كان قريبا أم بعيدا، مسلما أم غير مسلم، فالظلم حرام والضرر ممنوع.

ومن هنا فتعامل المسلم مع غير المسلم يجب ان يكون بالحسنى والعدل، فلا نظلمه ولا نتكبر عليه ولا نتعالى عليه، ولهذا نريد من المسلمين ولاسيما من وفقهم الله للإيمان والصلاح ومن وفقهم الله للعلم، أن يكونوا قدوة لغيرهم.

فالدين الإسلامي شرع لنا ذلك ولنا دليل واضح من هديه عليه السلام، فعندما هاجر الرسول [ إلى المدينة كان فيها المشرك والمنافق وفيها اليهودي وكذلك النصارى «نصارى نجران» ونزلوا ضيوفا عنده في المسجد، وورد عليه عدي بن حاتم وكان نصرانيا قبل أن يسلم، فقد جاءه والصليب معلق في صدره، فلم يظلمه، ولكن أعطاه حقه ودعاه إلى الله بالفعل قبل القول.

فنحن نحتاج في تعاملنا مع هؤلاء ممن جاؤوا على هذه البلاد لطلب الرزق أو لنفع أهلها، سواء في التعليم أم في المصانع أم العمالة أم الطب أم للخدمة؛ إلى أن نكون قدوة حسنة للمسلم ويجب أن نتعامل معهم بالحسنى ولا نظلمهم ونعطيهم حقوقهم؛ لأن ديننا نهانا عن ظلمهم.

> وماذا عن بناء الكنائس لهؤلاء؟

< لا يجوز بناء كنائس جديدة في بلاد المسلمين، أما الكنائس القديمة فلا بأس بها، فالتعامل معهم يكون من هذا المنطلق، وليس معنى ذلك أننا موافقون على معتقداتهم، لا بل نحن نعاملهم كما أمرنا ديننا الإسلامي الحنيف في التعامل مع غير المسلمين.

> نجد في بعض البلدان الإسلامية أناسا يتبركون بالقبور.. ماذا تقول لهم؟

< موضوع التبرك موضوع طويل، فالتبرك يراد به أمران، الأول بدعي كالتمسح بالقبور وتقبيلها، ووضع الخد، فهذه بدعة وكذلك الطواف بالقبر، فكل هذه بدعة نهانا ديننا الإسلامي عنها.

القسم الثاني من التبرك بالقبور: أن يعتقد فيها البركة أنها تشفي مريضا أو ترد غائبا أو تقضي حاجة، فمجرد اعتقاد الإنسان أن البركة في القبر فهذا هو الشرك الأكبر، فلا بد أن نفرق بين هذين النوعين.

وأعظم بقعة في هذه الدنيا هي الكعبة، ومع ذلك لا يجوز لنا أن نتمسح بها، فالركن اليماني نستلمه من غير إشارة والحجر الأسود نستلمه ونقبله ونشير إليه؛ تأسيا بالنبي [، وليس ذلك لأمر ينفعنا أو يضرنا؛ ولهذا عندما وقف عمر ] على الحجر قال: والله أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله [ يقبلك ما قبلتك.

وهنا سؤال يطرح نفسه.. الكعبة التي هي أعظم بنية، لماذا نطوف بها؟!

نطوف بها لا لنرجو بركتها، ولكن نطوف بها؛ لأن الله أمرنا بالطواف بها، عبادة لله لا للكعبة.

ومن هنا أود أن أوضح أن التبرك من كبائر الذنوب ومن البدع ومن وسائل الشرك، والتبرك في حد ذاته هو شرك أكبر.

> شيخنا الفاضل، لاحظنا في الآونة الأخيرة أن هناك من يتهجم على الدين الإسلامي وذلك من أجل الشهرة ومن أجل أن تتحدث عنه وسائل الإعلام، كيف تنظر إلى هذه القضية؟!

< الله عز وجل من سنته جعل الخير والشر وجعل بينهما نزاعا، وهذا النزاع الذي هو بين الحق والباطل، وبين الكفر والإيمان وبين السنة والبدعة، لا يزال قائما وبه الجزاء والابتلاء والثواب والعقاب إلى يوم القيامة، فيبلى الخير بالشر والشر بالخير، ويبلى الإيمان بالكفر والكفر بالإيمان، ويبلى أهل هذا بأهل هذا، ولكن لماذا؟ ليكون الثواب والجزاء بعد هذا الامتحان عند الله تعالى.

ولهذا نجد أشرف الأزمان هي أزمان الأنبياء وأشرف العصور هو عصر النبي [، ومع ذلك وجد فيه النفاق والكفر والبدع والكبائر، ومع ذلك يبقى الدين الإسلامي شامخا على مر العصور والأزمان.

> هل نحن المسلمين نعاني ضعفاً في هذا الزمان؟

< نحن نعاني الضعف، فالمسلمون اليوم ضعفاء، فلدينا ضعف سياسي واقتصادي، فنحن ضعفاء اقتصاديا وإن كانت الموارد بأيدينا.

وأيضا نعاني ضعفا عسكريا وهذا أشهر أنواع الضعف، وأهم أنواع الضعف وأشنعها هو الضعف العقدي، فهناك ضعف في الإيمان وفي العقيدة سهل أن نكون فرائس لكل من هب ودب، وهذا الضعف يورث عند بعضنا إعجابا وإنبهارا بمن كان قويا اقتصاديا أو عسكريا أو غير ذلك، فهذا الضعف يورث في بعض المسلمين حالة تسمى الانهزامية، وبالتالي نجد من يقلد القوي أو يعجب به فيتصادم مع اعتزاز المسلم بدينه فتنشأ المنازعات، وتأتي بعض المذاهب الليبرالية والعلمانية والحداثية، والتقدمية والتأخرية وأسماء جديدة يطلقونها كل يوم.

> إذاً ما الحل من وجهة نظرك؟

< في الواقع نحن نحتاج إلى أن يكون لدينا أسس عدة، الأساس الأول هو أن نرحم المخالفين أو الذي لديه جهل، فلا نبادره بالسب والملامة فيزداد على باطله.

الجانب الثاني: أن ننظر إلى المخالفين بعين الرحمة، كما قال ابن القيم رحمه الله.

الحالة الثالثة: ألا نقنط أحدا من رحمة الله، حتى لو كان غارقا في المعصية والهوى والضلال، بل نكون سببا في إخراجه من الضلال إلى الهدى.

الجانب الرابع: هو جانب البيان ويكون بالعلم ونتبع أسلوبا حسنا دون تجريح.

> هل ضعف الأمة الإسلامية الآن ينطبق عليها معنى الحديث غثاء كغثاء السيل؟

< النبي [ ثبت عنه من وجوه كثيرة قوله: «تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها، قال: أو من قلة نحن يومئذ؟ قال: بل أنتم يومئذ كثير، ولكنكم غثاء كغثاء السيل». فتداعي الأمم هو من علامات الساعة، وهذا التداعي ليس من قلة، ولكن من كثرة ومع ذلك نحن تفرقنا شيعا وأحزابا وجماعات؛ لأن فينا عقائد منحرفة.

ولا بد أن ننتبه لما يحاك بنا، كما قال عليه الصلاة والسلام: «المؤمن كيس فطن»، لكن هناك من ليس كيسا ولا فطنا.

فيجب على المسلم أن ينتبه لأعداء الأمة؛ لأن الله تعالى جعل لك أعداء، فالشيطان عدو للإنسان، والدنيا عدو لك أيضا، والمخالف لك في دينك وعقيدتك عدو لك، كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:

كل العداوات قد ترجى مودتها

إلا عداوة من عاداك في الدين

فهذه العداوات تحتاج أن تنظر إليها وذلك للحرص على هداية الناس، ولنشر العدل والقضاء على الظلم؛ لأننا أمة رسالة، ونعمل على هداية الخلق؛ فكما هدينا للإيمان نهدي من غفل قلبه للإيمان.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك