رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د.بسام خضر الشطي 13 يوليو، 2010 0 تعليق

أزمـــة القروض.. بركان تراكمي

 كل إنسان يحتاج إلى أخيه؛ فلا يمكن للإنسان أن يزرع ويصنع ويعمل في آن واحد «والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، وهذه النظرية التكاملية لا تحقر وظيفة مهما كانت، ولكن قد يحتاج الإنسان إلى قرض للعلاج أو للزواج أو لشراء شيء ضروري لأن راتبه أو ماله لا يكفيه، فهذا مشروع إذا ابتعد عن الربا، وقد أعطى الشارع الحكيم الأجر العظيم لمن يقرض أخاه قرضاً حسناً، فله في كل يوم مثله حسنات وحط عنه مثله سيئات ورفع الله مثله درجات، وكلما أنظر ــ أي أمهل ــ المعسر زاد من أجره وثوابه {فنظرة إلى ميسرة} بشرط ألا يماطل في الدفع.

لو نظرنا إلى ميزانية الدولة السنوية «12 مليار دينار» وتقيّم حسب بيع برميل النفط، فإذا كان 35 دولاراً يكون هناك عجز بقدر بـ4 مليارات دينار غالباً ما تؤخد من الاحتياطي، توزع 6.1 مليارات رواتب وتزداد حسب التوظيف وزيادته، 2.0 مليار دعم مباشر «دعم الكهرباء والماء، بدل سكن لطلاب الجامعة والمعاهد، دعم عمالة، دعم البنزين، والأعلاف، وبطاقة التموين، المعاقين، العلاج في الخارج، وواحد في المئة من الميزانية منح للدول». وتعطى ضمن منظومة الأمم المتحدة, والدول التي وقفت مع بلادنا ابان المحنة وحتى التحرير, ومن باب «وفي كل كبد رطبة أجر». وهذا الوضع لا يبشر بالخير اذا استمرنا بالصورة الاستهلاكية دون إيجاد التنمية للبلاد وخطط واضحة المعالم تحمي الأجيال وتحافظ على المعدل العام للاستقرار الاقتصادي في البلد، وفتح مجالات للصناعة وللزراعة وللقطاع الخاص خاصة، والدلائل تشير إلى أنه حتى عام 2012 سيكون عدد الخريجين من المواطنين الذين يبحثون عن وظائف 50 ألف خريج تقريباً! وهؤلاء أيضاً سيحتاجون إلى أخذ القروض لشراء المستلزمات الخاصة والزواج وغير ذلك.

المواطن الكويتي لا يدفع أي مال على التعليم، أو الطب، أو البنية التحتية، ولا توجد أي ضريبة عليه، ومع ذلك يأخذ القروض إما لحاجة أو رفاهية أو للدخول في التجارة أو السياحة أو لارتكاب المخالفات أو المشبوهات.. عدد الأشخاص الذين أخذوا القروض 270 ألف شخص، وعدد القروض 500 ألف قرض، والمبالغ دون الفوائد 5 مليارات دينار ومع الفوائد على القروض 6.4 مليارات دينار، بعضهم سدد القروض وبعضهم متعثر وبعضهم يحتاج إلى 30 سنة قادمة حتى يستوفي الذي عليه، ولقد أفتى كثير من العلماء ومنهم  «د. عجيل النشمي، بعدم جواز شراء هذه الديون؛ لأن المال شائع بين المواطنين فلماذا يكافأ المخطئ ولا يتم العدل مع المحسن؟!

البعض يقترح إسقاط القروض بمعنى إعطاء 6.4 مليارات دينار من المال العام الشائع للجميع أي كل شخص له حق فيه من أجل عيون هؤلاء المقترضين! فما ذنب الذين لم يقترضوا، بل ما ذنب الذي سدد قرضه، ولماذا نتحمل عن بعض هؤلاء المقامرين، وهل عندما يسدد عنهم الدين لا يقترضون؟!

لقد أمر الله تبارك وتعالى بالعدل: {وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل} وهذا أمر الله للناس جميعاً «إقامة العدل» فكيف يعطى ويكافأ الذي بدد الأموال ولم يحسن التصرف؟ فلذلك قدم البعض مقترحاً أن يعطى لكل فرد ألف دينار، وهذا أيضاً سيحدث تنازعا في الأسر المطلقة أو بينهم خلافات أو الأب الذي لا يحسن استخدام الأموال وصرفها بوجهها المشروع، ولو أعطيته لم يسدد الدين الذي عليه، وهذا كان قبل أن تهبط أسعار البترول وقبل حل المجلس.

وعليه قدمت الدولة مشروع صندوق المعسرين بضوابط دقيقة وميزانية نصف مليار ولا يزيد عن مليار إذا استدعت الضرورة، وهذا لم يعجب البعض لأنه يشترط على المديون ألا يأخذ قرضاً آخر حتى يسدد الدين الذي عليه وكان سيحل مشاكل كثيرة لـ«جدولة الدين» بصورة صحيحة ودقيقة تحمي الدائن والمدين، ولم يتقدم إليه إلا القليل فلم تتحقق الأهداف.

فقالوا: إن البترول ثروة هائلة حيث يقول المتفائلون إنها ستستمر حتى 70 عاماً، بينما يقول المتشائمون: إنها لا تزيد عن 30 سنة قادمة، فلماذا لا تسددون ديوننا والأجيال القادمة سيرزقهم الله سبحانه كما رزقنا! ونسوا «اعقلها وتوكل» أي بذل السبب وإحسان التصرف والتوزيع والاستهلاك وضبطه، فهي مسؤولية مشتركة وحرم الإسلام الإسراف والترف والبذخ.

قالوا: إن الدولة تقرض من خلال صندوق التنمية، فقالت الدولة: منذ عام 1985 لم تضع الدولة أي ميزانية للصندوق بل هي تقرض وتشترك في تنفيذ المشاريع وتربح من خلال ما نسبته 4 في المئة على هذه القروض.

<  صندوق الاستقرار الاقتصادي

لا يختلف اثنان على أن الكويت بها بنوك وشركات ربوية وبها بنوك وشركات شرعية؛ ولذلك جاء صندوق الاستقرار الاقتصادي ليمنع الانهيارات لمؤسسات الدولة الاقتصادية، فلو أن الدولة لم تضمن الأصول لسحب الناس أموالهم وتقدر بثلاثين مليار دينار كويتي، ورأس مال الصندوق مليار ونصف المليار دينار تعالج من خلاله قضايا الكفالة والحوالة وكانت قوائمه على سبعة مسائل ربوية ولكن تم علاج أربع مسائل وبقيت ثلاث؛ وذلك لأن الشركات الربوية والمؤسسات قائمة عليها، وتبقى المسألة هي ضمانات تقدم وتلتزم فيها الدولة وتتعهد بها، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يبعد الربا ويقنع القائمون عليه بضرورة التغيير والتبديل حتى تصبح صكوكاً شرعية وهيئات ورقابة دقيقة ويعتبروا مما حدث.

والبنك المركزي قبل المسائل الدقيقة في الإجراءات وأيضاً العقوبات الحازمة للمخالفين والأخذ بضوابط الفتوى، والأمور ستتضح بحول الله وقدرته، والمشروع سيوصل الاقتصاد بنسبة 70 في المئة إلى بر الأمان، والنسبة الباقية تعالج خلال العشر سنوات القادمة؛ لأنها متعلقة بانهيار السوق العالمي والاستثمارات الخارجية.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك