إنَّ المتابع لتاريخ الأديان والحضارات عبر التاريخ، سيجد أنَّ الدين الإسلامي هو الأكثر تعرضًا للهجوم والاعتداءات؛ نظرًا لسرعة انتشاره، وقبول النفوس السوية له بالفطرة التي فطر الله الناس عليها.
وقضية التعرض للإسلام وثوابته ومقدساته والنيل منه لن تنتهي فصولها، وهي قديمة منذ فجر الإسلام.
وها هي محاولات الإساءة للقرآن الكريم تتكرر دون أي مراعاة لمشاعر الشعوب الإسلامية في العالم.
وقد أثبتت ردود الأفعال على هذه الحادثة من الحكام والشعوب مكانة القرآن العظيم في نفوس المسلمين وأنه سيبقى محفوظًا إلى يوم الدين، قال -تعالى-: {قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ}.
وليس بمستغرب تلك الحملات والانتهاكات والدعوات المستفزة المتجددة للنيل من القرآن الكريم حرقاً، أو تدنيساً، أو تكذيباً، أو تشويها، أو تحريفاً، الخ؛ فلقد كان -منذ نزوله، ومازال، وسيظل- كتاباً مُعجزا للبشر جميعهم.
ومع الأسف فإن كثيرا من غير المسلمين قد وصلتهم دعوة الإسلام مشوهة ومغايرة لحقيقة هذا الدين العظيم، ومن ثم فقد تشكلت في أذهانهم صورة مشوشة عن هذا الدين؛ مما قد يدفع أحدهم للقيام بمثل هذه الأفعال المشينة في ظاهرها، بينما لا نعلم - نحن المسلمين- ما في باطنها من الخير؛ فمن سنن الله الكونية سنة التدافع، أي تدافع الحق والباطل، فيكون من شأنه ظهور الحق وإقبال الناس عليه، ودحض الباطل، قال -تعالى-: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}، وقوله -تعالى-:{بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ}.
إنه برغم الحملات الممنهجة في تشويه كتاب الله -عز وجل-، ومحاولة صد الناس عنه، إلا أن الله -تعالى- أبى إلا أن يظهر دينه وكتابه على الدنيا كلها، ليس هذا فحسب، بل تكفل بحفظه وصونه من التحريف والتبديل، قال -تعالى-:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ}، وقال -عز من قائل-:{إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}.
إن القرآن العظيم له تأثير عجيب في نفوس كثير من مفكري الغرب وعلمائه؛ إذ جعلهم يعظمون القرآن ويعترفون بحقائقه وإعجازه.
يكفى أن نعلم أن أحد الأساتذة الغربيين الحائز على دكتوراة في القانون من جامعة (هارفارد) العريقة أعلن إسلامه حين قرأ آيات الميراث في القرآن؛ فتعجب من إيجازها وإعجازها وشموليتها الكاملة، معلنا ألا قدرة لبشر على فعل ذلك، وأمثاله في مختلف التخصصات كثير.
ويقول أحد المستشرقين: «إذا ألقينا نظرة واحدة على هذا الكتاب المقدس، لوجدنا حقائق جلية، وخصائص أسرار الوجود مكنونة في مضامينه الجوهرية، بالصورة التي تبين حقيقة القرآن وعظمته بوضوح، وهذا بحد ذاته مزية كبرى يختص بها القرآن، وتفتقر إليها كل الكتب العلمية والسياسية والاقتصادية، وإن كانت بعض الكتب تحدث تأثيراً عميقاً في ذهنية الإنسان، إلّا أنّها لا تشابه القرآن في نفوذه وتأثيره».
من هنا نؤكد أن المواقف الرصينة الواعية والحكيمة، التي يمكن أن يتخذها المسلمون في مواجهة الحملات المسيئة للإسلام والقرآن الكريم، لابد أن تؤتي أكلها ولو بعد حين، المهم أن نكون نحن في الدرجة الأولى صورة صادقة عن هذا الدين، التزامًا وعلمًا، وخلقًا، وسيرةً، ورحمةً، وما علينا إلا البلاغ بالحكمة والموعظة الحسنة.
إننا في حاجة إلى أن نتعلم ديننا، ونتدبر قرآننا، فما أنزل الله هذا القرآن العظيم إلا لنتدبره، قال -تعالى-: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا}، وتدبر القرآن الكريم وفهمه والعمل به من أعظم ما نواجه به هؤلاء الجاهلين قدره.
التعليقات
لا توجد تعليقات لهذه المادة