للكاتبسالم أحمد الناشي
زيارات-1340,1 يونيو، 2010
حث مؤسس مركز السنة التعليمي ورئيسه بولاية (أترابراديس) الشرقية بالهند شهاب الدين جلال مدني المسلمين على ضرورة توحيد صفوفهم تحت راية الإسلام، مشيرا إلى أن وسائل الإعلام الغربية تريد تشويه صورة الإسلام. وقال مدني في حوار على هامش الملتقى السنوي الأول للدعاة: (السبيل إلى النهوض بالأمة): العديد من المؤتمرات عقدت بقصد التقريب بين الأديان، مشيرا إلى أن اليهود والنصارى يريدون من وراء ذلك التدخل في تعاليم الإسلام الخالدة.
وبيّن أن زواج أبناء المسلمين بالعاملات الفلبينيات في البلاد الخليجية يفسد المجتمع الإسلامي، ويخرج جيلاً مشوها بسبب التربية غير المتوازنة والعادات غير الإسلامية. وأشار إلى أن أكثر المسلمين اليوم يتخلّقون بأخلاق غير إسلامية مما يؤدي على تأثر الآخرين بهم.
- تركز بعض وسائل الإعلام على أن الإسلام دين يأمر بقتال المخالفين في العقيدة حتى اعتقد الرأي العام الغربي المتأثر بهذا الإعلام أنه دين دموي.. ما رأيك؟
- هذا كذب بحت وبهتان عظيم على الإسلام وأهله، وهذا رأي من لا يعرف شيئا عن الإسلام حتى لا يعرف معناه؛ لأن الإسلام دين الرحمة والسلامة وبُعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، كما قال الله تعالى: {وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين}، والإسلام مشتق من الاستسلام، ولا إكراه في الدين، كما قال الله تعالى: {لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي}، فالإكراه في الدين والقتل بسببه ممنوع في الإسلام، والقتل بغير النفس أو فسادٍ في الأرض حرامٌ في الإسلام، وأما قتل النفس بالنفس وقتل الذي يفسد في الأرض ويصد عن سبيل الله وينتهك حرمات الله، فهو في الأصل حياة للبشرية لا علاقة له بسفك الدماء، قال الله تعالى: {من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا}، معنى الآية: أن القتل بغير نفس أو فساد في الأرض قتلٌ للبشرية جمعاء وإحياء نفس واحدة مثل إحياء الناس كلهم.
وأما ما تركز عليه بعض وسائل الإعلام من أن الإسلام دين دموي، فهو لحقدهم وبغضهم للإسلام، يريدون بذلك تشويه صورة الإسلام الجميلة المشرقة.
- العديد من المؤتمرات عقدت بقصد التقريب بين المذاهب، ولم تنجح حتى الآن.. لماذا؟ وما رأيك في فكرة التقريب؟
- المؤتمرات التي عقدت بقصد التقريب بين المذاهب ولم تنجح حتى الآن؛ فسبب ذلك كما أظن أن اليهود والنصارى يريدون التدخل في تعاليم الإسلام الخالدة عن طريق التقريب بين المذاهب ونياتهم ليست سليمة، وفكرة التقريب لها تفصيل؛ لأن التقريب بين المذاهب له نوعان كما ذكر الشيخ محمد المهدي:
الأول: التقريب المفروض، وهو الذي يقصد به إذابة الفوارق الأساسية بين الأديان، كالتوحيد في الإسلام والتثليث في النصرانية، والتنزيه في العقيدة الإسلامية والتشبيه في العقيدة اليهودية، وغيرها. ومن الفوارق الأساسية: أن كتاب المسلمين القرآن محفوظ من كل تغيير وتحريف وتبديل من الله تعالى، بخلاف التوراة والإنجيل، فقد وقع التحريف فيهما بالحذف والزيادة والتغيير، وقد قال بذلك علماء الغرب أنفسهم من اليهود والنصارى.
والثاني: التقريب المقبول، وهو أن يكون في ضوء الحقائق، مثل:
1- الحوار بالتي هي أحسن والحكمة والموعظة الحسنة لإقناعهم بالدخول إلى الإسلام؛ لقوله تعالى: {قل يأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون» (آل عمران: 64).
2- وكذلك التركيز على القواسم المشتركة بيننا وبين أهل الكتاب، كما قال الله تعالى: {وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون} (العنكبوت: 46).
3- التعاون لمواجهة الإلحاد والوثنية، فأهل الكتاب ليسوا أشد كفرا من أهل الإلحاد والوثنية، والأحكام التي خص الله بها أهل الكتاب من قبول الجزية والزواج من نسائهم وأكل ذبائحهم، بخلاف الوثنيين والملحدين، تدل على ذلك.
4- مناصرة قضايا العدل والشعوب المستضعفة.
5- إشاعة روح التسامح لا التعصب، فتكفير الله لهم وضلالهم لا ينافي حرصنا على الرفق بهم والإحسان إليهم والتعامل معهم بموجب الأحكام التي خصها الله بهم في الفقه الإسلامي من ذبائح وجوار وبيع وشراء.
- هل اليهود والنصارى كلهم من أهل الذمة، وهل يمكن أن نقول: إنهم كفار، أم نقتصر على اسم (أهل الكتاب)؟
- اليهود والنصارى من أهل الذمة والكفر مع أن كفرهم ليس ككفر الملحدين والوثنيين، وهم كفار بنص القرآن الكريم، كما قال الله تعالى: {وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون}، وقال تعالى: {لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة} (المائدة: 72)، وقال سبحانه: {لقد كفر الذين قالوا إن الله هو المسيح ابن مريم} (المائدة: 73)، فاليهود والنصارى الذين اعتقدوا هذه المعتقدات كفار، ومن أهل الذمة.
- هناك رؤية تحمّل المسلمين المسؤولية الأولى عن تشويه دينهم.. هل تتفق مع هذه الرؤية؟
- هذا أمر واقع في هذا العصر؛ لأن أكثر المسلمين اليوم ينتحلون بأخلاق غير إسلامية، والناس يرون الدين برؤية صاحب الدين، وفي عصر السلف الصالح كثير من الناس دخلوا في الإسلام متأثرين بأخلاقهم الحميدة وتدينهم وتقواهم.
- انتشر في الآونة الأخيرة زواج أبناء المسلمين بالعاملات الفلبينيات في البلاد الخليجية، ما رأيك في هذه الظاهرة؟
- هذا عمل خطير يفسد به المجتمع الإسلامي، ويُخشى أن يخرج جيلا كافرا أو مشوها؛ لأن العاملات الفلبينيات الكافرات بعيدات عن الحضارة الإسلامية، فالخطر موجود؛ لأنهن يربين أولادهن حسب عاداتهن وتقاليدهن التي حصلن عليها في بلادهن وبيئتهن الفاسدة.
- انتشرت ظاهرة زواج المسلمات بغير المسلمين في أوروبا.. فما حكم ذلك؟
- لا يجوز ذلك؛ قال الله تعالى: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم ذلك على المؤمنين}، فهذا الزواج محرم بنص القرآن الكريم، ومثل هذه المرأة المسلمة التي تزوجت بغير المسلم تخرج عن الملة الإسلامية.
- انتشرت في الآونة الأخيرة دعوات تدعو إلى توحيد الأديان السماوية، ويسمونها (الديانة الإبراهيمية)، ويدعون إلى إيمان مشترك للإنسانية، ويقال: إن هذا وضع ضمن المناهج الدراسية، ولا سيما أن بعض الدول بدأت تدريس مادة الأخلاق المأخوذة من الأديان كلها، فكيف يمكن مواجهة هذا الأمر؟
- دعوة توحيد الأديان دعوة هدامة وردّة ظاهرة وكفر صريح، وهي دعوة قديمة دعا إليها أهل الحلول والإلحاد من زنادقة المتصوفة كابن عربي والفرق الباطنية.
والإسلام دين كامل وفيه السعادة للبشرية؛ قال تعالى: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، فلما كمل الدين كملت به الأخلاق الحميدة والبر والإحسان والإخاء والطمأنينة، وما إلى ذلك من خصائل حميدة وأخلاق فاضلة، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : «بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، فمكارم الأخلاق ومحاسنها تمت واكتملت، ولا يحتاج المسلم أن يأخذ الأخلاق من الأديان الأخرى.
ويمكن مواجهة هذه الدعوة الهدامة بنشر دعوة الإسلام وتقديم تعاليم الإسلام الخالدة لأصحاب الديانات المختلفة بشتى الوسائل والطرق.
- نظرة الإسلام للوحدة بين المسلمين، على أي أساس يتم ذلك؟
- الاتحاد بين صفوف المسلمين والوحدة بينهم أمر مطلوب؛ كما قال الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا}، وحبل الله هو الكتاب والسنّة، فيتم ذلك على أساس الكتاب والسنة.
- كثير من القضايا المعاصرة يختلف حولها العلماء، وعندما نناقش أحدهم يقول هذا اجتهادي، فهل من حق كل عالم أو داعية أن يجتهد في أمور الدين؟ ومتى يحق لهذا أو ذاك الاجتهاد؟
- لا حق لكل داعية أو عالم أن يجتهد في أمور الدين، ويحق لمن له إلمام تام بأمور الدين ويعرف الحلال والحرام، وهناك شروط للاجتهاد بيّنها العلماء؛ فلا بد أن توجد هذه الشروط في المجتهد.