عن أبي كبشة الأنماري - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ثلاث أقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه، قال: «ما نقص مال عبد من صدقة، ولا ظلم عبد مظلمة فصبر عليها إلا زاده الله عزا، ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب فقر».
ثلاث خصال أقسم النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها، والخصال الثلاث هي:
- الأولى: ما نقص مال عبد من صدقة. أي: بركته من أجل إعطاء الصدقة.
- الثانية: ولا ظُلِمَ عبد مظْلمَة فصبر عليها إلا زاده الله بها عزاً. أي مظلمة ولو كان متضمناً لنوع من المذلة إلا أعزه الله بها ويذل الظالم.
- الثالثة: ولا فتح عبد على نفسه باب سؤال الناس لا لحاجة وضرورة بل لقصد غنى وزيادة، إلا أفقره الله بأن فتح له باب احتياج آخر أو سلب عنه ما عنده من النعمة.
من أساليب العرب
فمن أساليب العرب وضع مقدمات في الكلام لتشويق السامعين، قالوا: وفي القرآن الكريم الاستفهام في أول السور {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ} فهذا كأنه يقول ماذا فعل؟ ما فعله؟ من هو؟ ما صنيعته؟ ما جزاؤه؟ ما وزره؟ ففي قوله - صلى الله عليه وسلم -: «ثلاث أقسم عليهن، وأحدثكم حديثا فاحفظوه، فيه أن على دعاة الخير في المواضع أو في الكلام المهم في المسائل المهمة أن يعنوا بإيضاح الأسلوب حتى لا يكون غامضا على الناس، وكلما قُسِّم الكلام كان أهون وأوضح؛ ولذا قال ابن القيم: وهل العلم إلا السبر والتقسيم؟.
- قوله: ما نقص مال عبد من صدقة فيه بركة الزكاة والصدقة، الصدقة لا تنقص المال بل تزيده حسا ومعنى، في قوله - صلى الله عليه وسلم - في الخبر الآخر ما نقصت صدقة من مال، والزكاة تزكي المال تطهره وتنميه.
- وقوله: ولا ظلم عبد مظلمة صبر عليها إلا زاده الله عزا، فيه فضل الصبر، وطالب العلم، أولى الناس، وداعي الخير أولى الناس بهذه المعالم العظيمة، قال - صلى الله عليه وسلم - فيما رواه مسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفو إلا عزا.
لا يضيع شيء عند الله -تعالى
فلا يضيع شيء عند الله -تعالى-، «ولا ظُلم عبد مظلمة»، «مظلمة» نكرة في سياق النفي، وأيّ مظلمة صغيرة في مال أو نفس أو عرض فصبر عليها إلا زاده الله عزًّا، لا يليق بالإنسان أن يجعل من نفسه مشاكسًا لعباد الله، ويريد ألا يفوت مظلمة ويذهب إلى هذا ويضرب هذا وينتقم من هذا ويزجر، هذا لا يليق.
- وقوله: ولا فتح عبد باب مسألة إلا فتح الله عليه باب، فقر فيه أن سؤال الناس والتذلل من أسباب الضعف الحسي والمعنوي، ومن سقوط قدر السائل عند الناس، ولا سيما إذا كان داعية للخير أو طالب علم، وعنده قدرة على التعفف، والنتيجة أن يفتح عليك باب فقر، لكن من تعفف {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ}.
«ولا فتح عبد باب مسألة»، يعني: يسأل الناس «إلا فتح الله عليه باب فقر»؛ ولهذا هؤلاء الذين يسألون الناس هل يحصل لهم الغنى؟ لا، بل يبقى -نسأل الله العافية- من مسغبة إلى مسغبة، فالمسلم مطالب بفعل الخير، قال -تعالى-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.
@alforqan
@al_forqan مجلة الفرقان
Jul 25
▬▐غلاف العدد الجديد من #مجلة_الفرقان ▐▬ يمكنكم متابعة مقالات وأخبار العدد على الرابط التالي
@alforqan
@al_forq
التعليقات
لا توجد تعليقات لهذه المادة