الفقرُ مشكلة متفشية في العالم أجمع وبنسب متفاوتة، وهو من المصائب التي قدَّر الله وقوعها، وجعلها امتحانًا للعباد، يبلوهم به؛ إذ لو بسَط لهم الرزق لبغَوْا في الأرض، ولقد اهتمَّ الإسلام بمشكلة الفقر وحرص على علاجها بوسائل متعدِّدة؛ حفاظًا على المجتمع المسلم من الأخطار التي قد تصيبه أخلاقيًّا وسلوكيًّا وعقائديًّا؛ حيث إن للفقر آثارا سيِّئة متعددة؛ لذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعيذ كثيرًا من الفقر، بل ويجمعه في دعاء واحد مع الكفر، فيقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْكُفْرِ وَالْفَقْرِ»؛ لذلك وضع الإسلام علاجًا وحلولاً جذرية لمشكلة الفقر؛ درءًا لخطرها، وصيانةً للمجتمع، وعملًا على استقراره وتماسكه.
أولاً: مَفْهُومُ الفَقْرِ لُغَةً وَاصْطِلَاحًا
يدور مفهوم الفقر في اللُّغة حول الحاجة، والعوز، فالفقير هو المحتاج، وهو ضدَّ الغِنَى، والفقير الَّذي له ما يأكل، والمسكين مَنْ لَا شيء له، وقد اختلف أهل العلم على الفرق بين الفقير المسكين، أوصلها الماوردي إلى ستَّة أقاويل أهمها: أنَّ الفقير: المحتاج المتعفِّف عن المسألة، والمسكين: المحتاج السَّائل.