
وصاية أممية على ليبيا أم خطوة لإعادة الدولة؟ اتفاقية الصخيرات
يرى العديد من المراقبين أن مسودة الاتفاق الأخيرة التي قدمها ممثل الأمين العام للأمة المتحدة للفرقاء الليبيين المجتمعين في مدينة الصخيرات المغربية قد يضع حدا للصراع الذي عم البلاد للسنوات الأخيرة، كما أنه يعد خطوة إيجابية ومهمة نحو السلام والوئام الوطني الذي يسعى إليه اللبيون، ولكن الاتفاق الأخيرة تم رفضه من قبل العديد من المجموعات الليبية المتحاربة رغم أنه لقي تأييدا مشجعا من الخارج ولاسيما من مجلس الأمن والاتحاد الأوروبي، ومن المهم أن يكون هناك تنازلات من قبل الفرقان الليبيين لإخراج البلاد من الفوضى التي أدخلتها الخلافات السياسية والمصالح الفئوية المتناقضة.
مجلس رئاسي جديد
أعلن ممثل الأمين العام للأمم المتحدة بليبيا، (برناردينو ليون)، أن مجلس الرئاسة الذي أعلن عنه في 8 أكتوبر الجاري هو من سيختار أعضاء الحكومة من قائمة أسماء المرشحين، وجدد ليون في بيان له للدعم في ليبيا، تأكيده على أنه سيدرج الأعضاء الستة الذين تمت تسميتهم لمجلس الرئاسة في الملحق رقم واحد للاتفاق السياسي الليبي، موضحاً أن قائمة الأسماء الأخرى التي ذكرها بصفة أعضاء محتملين في الحكومة وغيرها من مؤسسات الدولة هي مقترحات قدمها المشاركون في الحوار السياسي الليبي للتأكيد على رسالة الشمول، وأن مجلس الرئاسة هو الذي سيقرر ما إذا كان سيتم قبول هذه المقترحات أم لا.
حكومة طرابلس ترفض
أكدت الحكومة غير المعترف بها التي تسيطر على العاصمة الليبية طرابلس، رفضها لحكومة الوفاق الوطني التي اقترحت بعثة الأمم المتحدة تشكيلها، معتبرة أنها تدفع نحو «تعميق الانقسام»، في وقت يلتئم فيه البرلمان المعترف به لتحديد موقفه من هذه الحكومة، وقبل نحو أسبوع من موعد بدء تنفيذ بنود الاتفاق السياسي، قالت الحكومة غير المعترف بها دولياً في طرابلس في بيان إن حكومة الوفاق المقترحة «مشبوهة»، وأضافت في بيان نشرته، على موقعها إن حكومة الوفاق والاتفاق السياسي الذي يحكم عملها يهدفان إلى تمرير برنامج (وصاية على الوطن).
فجر ليبيا تؤيد
من جانبها أعلنت ميليشيات فجر ليبيا التي تسيطر على العاصمة طرابلس منذ ما يزيد عن العام عن تأييدها ودعمها لحكومة الوفاق الوطني ورئيسها (فايز السراج) التي أعلنت عنها البعثة الأممية الراعية للحوار في ليبيا، وعد بيان نشر على صفحة الميليشيات في (فيسبوك) أن السراج شخصية مدنية قادرة على بناء دولة قانون ومؤسسات، بعيداً عن أحلام (المتقاعد حفتر)، في إشارة لعمليات الجيش الليبي التي يقودها الفريق أول المتقاعد خليفة حفتر.
يشار إلى أن أبرز قيادات الميليشيات حازت على مناصب مهمة في الحكومة المعلن عنها، منهم عبدالرحمن السويحلي مهندس عملية فجر ليبيا رشح لمنصب رئيس المجلس الأعلى للدولة، وفتحي باشاغا القيادي البارز في مدينة مصراتة، رشح لتولي رئاسة هيئة الأمن القومي، ويعد تأييد فجر ليبيا لهذه الاتفاقية تأييداً إيجابياً جدا كونها من أقوى الجماعات المسيطرة على العاصمة.
أوروبا ترحب بحكومة الوفاق الليبية
وفي سياق متصل رحب الاتحاد الأوروبي بتسمية مسؤولي حكومة الوحدة الوطنية الليبية وتأييده الكامل للتسوية السياسية التي توصلت لها الأطراف الليبية والمعلن عنها من قبل البعثة الأممية في مدينة الصخيرات المغربية، وشدد الاتحاد في بيان له على الأطراف الليبية بضرورة إقرار الحكومة المعلن عنها وإعلان تأييدها وإفساح المجال لها لتمكينها من العمل والمضي قدماً على درب السلام، وهدد الاتحاد معرقلي عملية السلام بفرض عقوبات، مؤكداً على أن التسوية هي السبيل المثلى لإنهاء أزمة البلاد.
مجلس الأمن يشيد بالاتفاق
ومن جانبه أشاد مجلس الأمن الدولي باتفاق تشكيل حكومة الوحدة في ليبيا، وطالب أعضاء المجلس الـ15 في إعلان صدر بالإجماع «من كافة الأطراف الليبية دعم هذا الاتفاق وتوقيعه»، وبتشكيل حكومة وحدة سريعاً»، كما طلبوا من بعثة الأمم المتحدة في ليبيا المساعدة في «تنسيق المساعدة الدولية لحكومة الوحدة الوطنية المستقبلية»، كما أن المجلس هدد بمعاقبة كل من يزعزع سلام ليبيا ويسعى لمنع إنجاز الاتفاق، مذكراً بأن لجنة العقوبات في الأمم المتحدة «على استعداد لمعاقبة من يهددون سلام ليبيا واستقرارها وأمنها، أو يسعون لمنع إنجاز الانتقال السياسي».
ومن المؤكد أن جذور الأزمة الليبية تعود إلى صراعات الجهوية والقبلية التي ظهرت بعد سقوط القذافي والتي تم تغليفها بخلافات سياسية وأفكار دينية منحرفة، ومن الصعب أن يتم حل مثل هذه الخلافات دون تنازلات ووضع مصلحة الوطن والمواطن البيسط الذي يتضرر فوق أية مصالح شخصية أو قبلية، ويؤكد الخبراء أن الحلول العسكرية لمواجهة التطرف أو وقف الاقتتال فكرة غير سديدة وأثبت فشلها في نماذج سابقة كثيرة، كما أن البعد الخارجي زاد الأمور تعقيدًا في غياب الدولة، ولذلك لا بد من وضع الحلول السياسية المقترحة موضع التنفيذ، والاهتمام بالبعد الداخلي والمصالحة الوطنية الحقيقية لإخراج البلاد من الاقتتال الداخلي الذي قد يوصله إلى دولة فاشلة.
من هو فايز السراج؟
الرئيس المقترح لحكومة الوفاق في ليبيا، هو مهندس معماري بدأ مشواره السياسي عضواً في هيئة الحوار الوطني، ثم ترشح لعضوية مجلس النواب عن مدينة طرابلس، وهو من مواليد طرابلس 1960، وتخرج في جامعة طرابلس كلية الهندسة قسم العمارة سنة 1982، وحاصل على ماجستير في إدارة أعمال 1999، وعمل السراج بصندوق الضمان الاجتماعي في إدارة المشروعات، واستشارياً في المكتب الاستشاري الهندسي للمرافق، كما عمل بالقطاع الخاص ضمن مكتب استشاري هندسي لإدارة المشاريع.
رئيس الوزراء المقترح ينتمي إلى إحدى عائلات طرابلس العريقة وهي عائلة السراج، حيث كان والده مصطفى السراج عضواً في حزب المؤتمر ورفيق السياسي الليبي والقيادي بشير السعداوي، وشغل الوالد عضوية مجلس النواب، كما تولى وزارات التعليم والزراعة والاقتصاد خلال العهد الملكي.
لاتوجد تعليقات