رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. مصطفى عوض 18 مارس، 2014 0 تعليق

نصيحة إلى الشباب السلفي بالجامعة

 

 

الحمد لله المنعوت بكل جمال، والذي له صفات الجلال والكمال، وأسلم على المبعوث رحمة للنساء والرجال، وبعد:

لا شك أننا في مثل هذه الأوقات ونحن نواجه سيلا من الأفكار المتطرفة وكأنه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، حتى إذا أخرجت يدك لم تكد تراها، فنحتاج حقيقة أن نتوجه للشباب وطلاب الجامعة بنصائح مهمة جدا؛ حتى يكون على وعي بمبادئ دعوته التي ينتمي إليها. أنا هنا أخاطب الشباب السلفي في الجامعة؛ من يحمل الهم السلفي حقيقة ويعمل به.

     يأتي سؤال ملح، ما الدعوة التي نرجوها؟!، ففي ظل تطور الصراعات الفكرية بين أبناء الأمة الإسلامية، ظهرت دعوات منها ماهو حق ومنها ماهو باطل، وليس للمرء سبيل إلا اتباع طريق واحد، وهو الدعوة السلفية، الخالصة من تدخلات البشر، ومن القوانين المادية الغربية. وتأتي خطورة الدعوة إلى السلفية على حسب ما يقول الشيخ محمد حسين يعقوب: إننا في زمن زادت فيه الفتن، والأمر الأخطر والأمرُّ تهاون المسلمين وضعفهم، والأدهى من الأمر أن تجد هذا التهاون يتفرغ له أشخاص من الدعاة على أبواب جهنم يؤصلون له ويروجون.

فالسلفية والإسلام الصحيح وجهان لعملة واحدة، لذلك فإن كان الداعية يدعو إلى الإسلام فهو يدعو إلى السلفية؛ وأن كان يدعو إلى السلفية فهو يدعو إلى الإسلام.

     فيوسم بعضهم السلفية بأنها جماعة، والصحيح الذي أراه أنه لاضير فيه أن يجتمع السلفيون تحت جماعة، ولكن السلفية أكبر من أن تكون جماعة أو تنظيما، وأنقل لك كلاما طيبا من كلام الدكتور أحمد النقيب؛ حيث يقول: المنهج السلفي ليس جماعة وليس تنظيما، وليس رأي زيد أو عمر، ولا موقف زيد أو عمر، ومن تزين بهذا اللباس أو فعل ذلك فهو سلفي. ولكن السلفية منهج، وحاجة الناس للسلفية كحاجة الناس إلى الهواء، وكل فرقة مهما كانت بدعتها تتمسح بالسلفية.

     ومن أخطر ما ترمى به (السلفية) هو الاتهام بالرجعية والتخلف، وقد رد عن ذلك الشيخ السيد سابق في كتابه (دعوة الإسلام) عن ذلك: بين الحين والحين تنبع أصوات، خافتة حينا ومدوية حينا آخر، تقول: إن الدين رجعية، والتدين تخلف، والحياة العصرية لم تعد تحتمل العودة إلى الوراء ولا التخلف عن ركب الحياة الزاخف نحو التقدم والارتقاء. وهذه الأصوات – سواء الظاهر منها أم المضمر- أصوات ظالمة، تظلم الدين وتظلم الحقيقة معا. وهي على ظلمها آثمة أيضا؛ إذ إنها تصرف الكثير ممن يخدعون بها عن المثل الأعلى، وتحول بينهم وبين التقدم الحقيقي والارتقاء الجدير بشرف الإنسان وكرامته.

     ومن أخطر التهم، أن السلفيين مصدر الإرهاب، وهذا كلام لا أصل له، هل السلفيون مسؤولون عن الحربين العالميتين؟ عن احتلال فلسطين، عن احتلال العراق، ولو حتى جدلا أنهم مسؤولون عما حدث في أفغانستان وهم أبعد عن هذا، فقد أعجبني كلام د.حسين كامل بهاء الدين في كتابه مفترق الطرق؛ حيث يقول: في خضم هذه الأحداث وبداية الحرب في أفغانستان – تحت راية محاربة الإرهاب وتنظيم القاعدة الذي أكدوا أنه سيهدد الحضارة الغربية – صدرت تصريحات من عدد من رؤساء الغرب يجب أن نتوقف عندها عندما تكلموا عن حملة صليبية جديدة وتهجموا على الاسلام. فهل كانت هذه التصريحات مجرد زلة لسان أم أنها كانت غفلة تظاهر أو سقوط قناع؟ الحروب الصليبية المعاصرة وثنائية المعايير السائدة -الآن الوضع الحالي للأمة- كل ذلك جاء على زلة لسان.

     إن هذه المقولة عن حرب صليبية وضرورة مقاومة محور الشر تذكرني بالحروب الصليبية الأولى التي جاءت تحت شعار: (يا مسيحي الغرب اتحدوا لتحرير مهد المسيح) واليوم تقول: «يا ديمقراطي الغرب اتحدوا لمواجهة الإرهاب وإنقاذ واجهة الديمقراطية وهي إسرائيل، ومقاومة العرب والمسلمين والإرهابيين» وهو قول ظاهره الرحمة وباطنه العذاب، ظاهره نشر الديمقراطية والحرية والعلم والثقافة والفكر في العالم، وباطنه إضعاف الهوية العربية والإسلامية وهذا يؤكد سيطرة الماضي على الحاضر والمستقبل.

في المرة الأولى كانت كنوز الشرق هي الهدف الحقيقي.

في المرة الثانية كان بترول الشرق هو الغاية الكبرى.

     وأنا أزيد هنا أن معنى سيطرة الماضي على الحاضر والمستقبل أي سيطرة العقيدة، فهؤلاء إنما يقاتلون عن عقيدة، أنا أضع أمامك الحروب العديدة والتضحيات المتكررة، من دفع ثمنها؟، المسلمون أم غيرهم؟، نحن من دفعنا ثمنها بلاشك، فالذي يرمي الدعوة السلفية، بأنها منبع الإرهاب، فإنما هو الذي يريد الإرهاب، فالإسلام دين السماحة، لايعرف الإرهاب و لايعرف الاعتداء، إنما يعرف الرحمة والخلق الرفيع.

     هذه نقاط سريعة مهمة جدا ولا أحب أن أطيل المقال فنخرج منه بلا فائدة، ركز في حواراتك على هذه النقاط مع إخوانك، مع من تدعو، إياك أن تتشتت، لقد أصبحت الجامعة ملاذا آمنا لكل فكر متطرف، وفكر غاو، فبعد أن كان يسمى الحرم الجامعي لحرمته، أصبح شارع الهرم الجامعي، اختلاط وزينة وأفكار مشبوهة، والشاب في هذه المرحلة كما أنه محب للدين ويسأل عن الدين، فإنه مندفع، ولديه شعور بالذات، والمنافسة ليتميز عن أقرانه. وأختم بنصيحة الأب المربي محمد حسين يعقوب: إنني لا أطلب منك أن تترك دراسة الهندسة ولا الطب، ولا الزراعة لتطلب العلم الشرعي، لا أطالبك بشيء من هذا، وإنما أطالبك أن تكون مهندسا محترفا في أعمال الهندسة، بل متقنا لها ثم تخضعها للدعوة إلى الله ولخدمة الدين.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك