
مهارات إقناع المراهق
ربما يتقن الكثير منا مهارات الحوار، وإذا راقبناه وجدناه مستمعا جيدا، ومع امتلاكه لمهاراتي الحوار والاستماع، إلا أن تأثيره على الآخرين يبدو ضعيفا أو محدودا، والسبب في ذلك ضعفه في الإقناع، بمعنى أنه لا يملك أسلوبا مقنعا، أو ليست لديه القدرة على الإقناع.. فما الإقناع؟
ما الإقناع؟
الإقناع هو عملية اتصال مكتوب أو شفوي أو سمعي أو بصري، يستهدف بالتحديد التأثير على الاتجاهات والاعتقادات أو السلوك.
الإقناع هو تأثير سليم ومقبول على القناعات، لتغييرها كليا أو جزئيا من خلال عرض الحقائق بأدلة مقبولة وواضحة.
الإقناع هو القوة التي تستخدم لتجعل شخصا ما، يقوم بعمل معين عن طريق النصح والحجة والمنطق.
الإقناع ببساطة هو الرضا بالفكرة، والقبول بالرأي، والاطمئنان إلى قائلهما.
ومن تمام الفائدة أن نذكر هناك أن الغاية من الإقناع هي التأثير في سلوك المراهق، ولكن هناك علاقة وفرقاً دقيقاً بين الإقناع والتأثير.
خلاصته أن الإقناع يكون محله في الفكر والعاطفة، أما التأثير فمحله السلوك، من حيث (الإتيان أو الترك).
مجال الإقناع يكون بالداخل وليس بالإرغام
قصة التحدي بين الشمس والقمر
تقول إحدى القصص الرمزية: إن رجلا كان يجلس مرتديا معطفه الجميل، فوقع التحدي بين الشمس والرياح، أيهما تجبر الرجل على خلع معطفه.
كانت البداية مع الرياح التي استخدمت قوتها وعواصفها، في محاولة يائسة لإجبار الرجل على خلع معطفه، وكلما اشتدت الرياح، كلما ازداد الرجل تمسكا بمعطفه، خسرت الرياح التحدي عندما جاء دور الشمس، التي أشرقت وبدأت حرارتها ترتفع شيئا فشيئا، فما كان من الرجل إلا أن خلع معطفه؛ لأنه لم يستطع أن يتحمل الأشعة اللطيفة، التي تبعث الحرار والدفء.
هذه القصة الرمزية توضح لنا الفرق بين قوة الإقناع وقوة الإكراه، وهذا ما يشير إليه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما قال لنا: «إن الله -عزّ وجلّ- يحب الرفق ويرضاه، ويعين عليه ما لا يعين على العنف» حديث صحيح رواه الطبراني.
وما من شك أن الإقناع وجه من وجوه الرفق؛ لذا فالله يعين عليه ويجعل له تأثيرا ربما لا نجده في الإكراه متى صدق الإنسان في نيته، واستعان بوسائل الإقناع والتأثير.
15 خطوة لتكون مقنعا.
1- أخلص لله نيتك؛ لأن الله يبارك في النية الصالحة، ويجعل لصاحبها تأثيرا.
2- اسأل نفسك أولا، هل أنت مقتنع بما ستقوله للمراهق؟؛ «لأن من لا يستطيع إقناع نفسه لن يستطيع إقناع الآخرين».
3- مارس الإقناع من خلال تقديم القصص والأمثلة الحياتية للناس الذين مروا بتجارب تشابه موضوع الحوار.
4- كن منطقيا واختر الأحوال المناسبة للإقناع، من حيث الزمان والمكان والراحة النفسية والجسدية للمراهق.
5- تجنب الطريقة الهجومية أثناء الحديث أو إدارة النقاش.
6- اعرف جيدا شخصية المراهق الذي تحاوره، متى يستجيب، ومتى يثور، ومتى يغضب. (فن المعايرة).
7- تجنب استخدام الكلمات التي فيها إلزام وإجبار مثل (يجب عليك فعل كذا..).
8- أشعر المراهق بأنك مهتم به ومتفهم له، وإياك أن تتشاغل عنه بحديث جانبي أو أكل أو شرب أو قراءة جريدة أو تغيير محطات وقنوات.
9- ابتعد عن التحدي ومحاولات إفحام المراهق، واحذر من اتهام النيات، أو إدعاء معرفة ما في القلوب.
10- احترم أسلوب المراهق في التفكير وإن كان بسيطا، ولا تنبذ أو تسفه وجهة نظره المخالفة لوجهة نظرك.
11- تتوقف قدرتك على الإقناع، على مدى إلمامك وإحاطتك بموضوع الحوار والنقاش، فكلما كنت عالما به كلما كنت أكثر إقناعا.
12- تدرج في عملية الإقناع، فابدأ دائما بنقاط الاتفاق وأجِّل الحسم في نقاط الاختلاف.
13- لا تكن جامدا، كن مبتسما وبشوشا، وتحبب إلى المراهق بالمزاح المهذب.
14- خاطب المراهق على قدر عقله، واحرص على مراعاة قلة خبرته في الحياة.
15- ابدأ بالأهم أولا.
مع الرسول صلى الله عليه وسلم المُقنع
أخرج الإمام أحمد في مسنده (5/256) عن أبي أمامة قال: إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله: ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا: مه مه.
فقال صلى الله عليه وسلم : ادنه، فدنا منه قريبا، قال: فجلس، قال: أتحبه لأمك؟ قال: لا والله جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم.
قال: أفتحبه لابنتك؟ قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم،.
قال: أفتحبه لأختك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم.
قال: أفتحبه لعمتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم.
قال: أفتحبه لخالتك؟ قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم.
قال: فوضع يده عليه وقال: اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه، قال: فلم يكن الفتى بعد ذلك يلتفت إلى شيء.
انظر إلى رفق النبي صلى الله عليه وسلم بشاب جاءه وفي نيته فعل الحرام وارتكاب الحرام، فعامله صلى الله عليه وسلم بلطف ولين؛ لأنه رحمة للعالمين، وحاوره بالحجة والمنطق، حتى اقتنع الشاب بسوء طلبه، وانصرف إلى طاعة الله تبارك وتعالى.
ترشدنا القصة إلى:
- أهمية الاستماع والإنصات للآخرين، لا سيما عندما تكون عندهم هموم ومواجع ومشكلات.
- لا يكون الرفق في شيء إلا زانه، فالرفق مع الاستماع مطلوب.
- الإقناع فن وليس حربا، والكلمة الطيبة مقنعة، وتكون ذات أثر إذا خرجت من قلب صادق كبير.
- من طرق الإقناع أن تضع نفسك مكان الآخرين، فما لا ترضاه لنفسك، كيف ترضاه للآخرين؟
- ترك الجدل العقيم والتأنيب واللوم الذي يقود إلى البغض والجفاء والخصام، والتركيز على المشكلة والحل.
- لا تركن إلى نفسك كثيرا، ولا تثق بها إلى الحد الذي تنسى فيه أن القلوب بيد الله، وأنه لن يحدث أي تأثير أو تغيير دون مشيئة الله وإرادته، فادع الله أن يعينك على تعديل سلوك الآخرين، كما فعل الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم : «اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه».
- اختيار العبارات الهينة اللينة السهلة الودودة، والابتعاد عن الشدة والإرهاب والضغوط وفرض الرأي: «أتحبه لأمك.. أفتحبه لابنتك.. أفتحبه لخالتك.. أفتحبه لعمتك.. أفتحبه لأختك، ولا الناس يحبونهم لأمهاتهم، لأخواتهم، لعماتهم لخالاتهم، لبناتهم».
إشراقة
الأبوة الإيجابية: قوة المديح
نحن جميعا نحتاج المديح، ونستجيب للتقييم الإيجابي لأدائنا في العمل، ويملؤنا السرور عندما نسمع بعض التشجيع، والمراهقون يحتاجون إلى المديح أيضا، المديح يجعلنا جميعا نشعر بالسعادة، ويعزز من تقديرنا لذواتنا.
وتقدير الذات هذا يكون له أهمية أكبر لسعادة ابنك المراهق الذي قد يشعر بانعدام الكفاءة والأمان.
لين هاجنز-كوبر
لاتوجد تعليقات