قناديل على الدرب – منهج التغيير بالقوة
اتخذت بعض الأحزاب والتيارات الإسلامية مبدأ التغيير بالقوة، فصار لكل جماعة أو حزب من تلك الجماعات جناح يسمى بالجناح العسكري الذي يتخذ مبدأ التغيير بقوة السلاح منهجًا وشعارًا له ضد الحكام، وأطلقوا على أنفسهم مسميات عديدة كالجهاديين، وأنصار الإسلام، وداعش وجبهة النصرة وغيرها، وهؤلاء يسلكون سبيل من سبق، ويتعاونون مع الكفار بشتى أصنافهم، حتى قال قائلهم: أنا لا مانع لدي من التعاون مع الشيطان لتحقيق أهدافي. ونراهم يسيرون في التغيير بسيرة الكفار في حمل السلاح على الحكام المسلمين الذين لم يظهروا كفرًا بواحًا، وقد أخذوا هذا الفكر والمنهج من طرق الكفار ووسائلهم وتنظيماتهم السرية في سبيل الانقضاض على الحكم.
وقد ورد في الأثر في مقتل عثمان بن عفان رضي الله عنه ، قال عبد الله بن عمر: بخ بخ، فما تأمروني قال: «تريدون أن تكونوا مثل الروم وفارس إذا غضبوا على ملك قتلوه، وقد ولاّه الله الذي ولاّه فهو أعلم، لست بقائل في شأنه شيئًا». الشاهد في هذا الأثر أن مبدأ التغيير بالقوة وسفك الدماء أصله من الفرس والروم الكافرين.
وإذا تأملنا المشهد قليلاً سنجد أن تلك الأحزاب والتيارات الجهادية التكفيرية انحرفت إلى العمل السياسي العسكري، أو كما يسمونه الجهاد، وأعرضوا عن أهم شيء قد أُنشئت من أجلها تلك الأحزاب والجماعات ألا وهي الاهتمام بالتربية السليمة للنشء وتعليمهم الدين الصحيح وغرس الأخلاق الحميدة في نفوسهم، وهذا هو الأصل وبه يكون التغيير السلمي لغدٍ أفضل.
هذه الجماعات المتشددة رأت في نفسها أنها القاضي والجلاد في آن واحد، فأخذوا أخطاء السلطان أو الحاكم سبيلاً لإثارة الناس وإلى تنفير القلوب عن ولاة الأمور؛ وبذلك يكون ستارًا لهم يتوارون خلفه ويفعلون ما يفعلونه باسم الدين. وفي ذلك قال الشيخ ابن باز: ولما فتح الخوارج الجهال باب الشر في زمان عثمان رضي الله عنه وأنكروا على عثمان علنًا عظمت الفتنة والقتال والفساد الذي لا يزال الناس في آثاره إلى اليوم , حتى حصلت الفتنة بين علي ومعاوية , وقتل عثمان وعلي رضي الله عنهما بأسباب ذلك, وقتل جمع كثير من الصحابة وغيرهم بأسباب الإنكار العلني, وذكر العيوب علنا, حتى أبغض الكثير من الناس ولي أمرهم وقتلوه. نسأل الله العافية والسلامة لنا ولإخواننا المسلمين من كل شر، إنه سميع مجيب.
والله الموفق والمستعان.
لاتوجد تعليقات