رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: محمد الراشد 17 أغسطس، 2014 0 تعليق

قناديل على الدرب – الإلحاد (7) نظرية تعظيم العقل

     قال تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} (الإسراء:85) تلك حقيقة تغافل عنها الملحدون، وزعموا أن العقل باستطاعته أن يدرك كل شيء، سواء أكان من المحسوسات أم من الموجودات، وبالطبع هذا منافٍ للعقل والحس، فلا يقدر العقل البشري أن يحيط علمًا بكل شيء. فعقول البشر وأحاسيسهم مقدرة بما يريده الله عز وجل، وبالقدر الذي يحدده سبحانه وتعالى، فعندما سئل النبي صلى الله عليه وسلم  عن الأهلة كانت الإجابة في حدود ما يفقه قومه حينئذ أنها مواقيت للناس والحج ، فكان الخطاب على قدر العقول، ولم يتطرق إلى الأمور العلمية بأن القمر جزء من الأرض، وأن جاذبيته تعادل سدس جاذبية الأرض.. إلى غير ذلك، وإلا لكانوا نفروا منه. وكذلك الحس فهو محدود، فليس كل الموجودات محصورة فيه، فنحن نسلّم بأن المحسوس موجود, ولكن أين الدليل على أن غير المحسوس غير موجود؟! فحاسة البصر مثلا من الممكن أن تخون صاحبها، فإن الشيء يكون أمامك وأحيانا بيدك، ولكنك لا تراه، وتبحث عنه، وفجأة تكتشف أنه في يدك، أيضًا تأمل ما تراه وقت الظهيرة في وسط الطريق، ماءً. أليس كذلك؟ وهو في الأصل سراب لا حقيقة له. والقلم تراه مكسورًا في كوب الماء، وفي حقيقة الأمر أنه ليس بمكسور. إذاً لا ينبغي أن نعتمد على الحس في إدراك الموجودات.

يقول الملحد: بما أننا لا نرى الله، إذاً هو غير موجود، وإذا ارتضينا جميعا بهذه القاعدة الهشة، ستسقط كل أسس العلم التجريبي من أصلها، فأين الجاذبية الأرضية؟، وأين الإلكترون، وأين الذرة؟.. وأين... وأين... في سلسلة طويلة من الحقائق العلمية التي لا تُرى، بل يستدل عليها.

إذن عدم رؤيتنا لله تبارك وتعالى لا تنفي وجوده، بل يُستدل عليه بآثار صنعه وبديع خلقه، والنظام الكوني المصنوع بإتقان وإحكام، وهذا ما تدركه العقول. فكيف لعلماء الأرض الذين لم يدركوا حقيقة ذبابة واحدة، أن يدركوا حقيقة المولى تبارك وتعالى؟!

فعدم رؤيتنا لله -عز وجل- ليس دليلاً على عدم وجوده، وإلا فماذا يقول الملحد عن رجل توفي والده ولم يره، هل يقول أنه لا أب له؛ لأنه لم يشاهد أباه في حياته؟!

إذاً نظرية العقل هذه أثبتت فشلها الذريع في حقيقة إدراك الكون وموجوداته ومحسوساته، وأن كل ما يتبجح به هؤلاء الملاحدة ما هو إلى مجرد هذيان للعقول نتيجة عدم الإيمان بأن للكون ربا وخالقا.

والله الموفق والمستعان.         

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك