رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر الشرعي 5 سبتمبر، 2017 0 تعليق

فضل العمل في عشر ذي الحجة

إن العمل فيها أحب إلى الله من بقية الأيام؛ فإنه -عليه الصلاة والسلام- قال: «ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام العشر»، قالوا: يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟، قال: «ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجلاً خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء».

الصيام

العشر تطلق على التسع، ويوم العيد لا يحسب من عشر ذي الحجة، يقال عشر ذي الحجة والمراد التسع فيما يتعلق بالصيام، ويوم العيد لا يصام بإجماع المسلمين، بإجماع أهل العلم، فإذا قيل صوم العشر، يعني معناها التسع التي آخرها يوم عرفة، وصيامها مستحب وقربة، روي عن النبي أنه كان يصومها -عليه الصلاة والسلام. (سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله)

ماذا يستحب في عشر ذي الحجة

يستحب فيها الذكر والتكبير والقراءة والصدقات ومنها العاشر، أما صيام العاشر فلا يخدل معها؛ فإن يوم العيد لا يصام عند جميع أهل العلم، لكن فيما يتعلق بالذكر والدعاء والصدقات فهو داخل في العشر ولاشك.

أيام العيد أربعة

     وأيام العيد ثلاثة غير يوم العيد، الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، الجميع أربعة، يوم العيد وثلاثة أيام التشريق، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله -عز وجل-»، فهي أربعة بالنسبة إلى ذي الحجة، يوم النحر، وأيام التشريق الثلاثة، أما في رمضان فالعيد يوم واحد فقط، وهو أول يوم من شوال، وما سواه ليس بعيد، له أن يصوم الثاني من شهر شوال، فالعيد يختص باليوم الأول في شوال فقط.

صيام أيام التشريق:

     لا تصام أيام التشريق - وهي ثلاثة أيام - لأنها أيام عيد مع يوم النحر؛ فهذه الأربعة: كلها أيام عيد، لا تصام، إلا من عجز عن هدي التمتع والقران فيُرخَّصُ له أن يصوم أيام التشريق الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر، ثم يصوم سبعة أيام بين أهله، أما يوم العيد فلا يصام، لا عن هدي ولا عن غيره، بإجماع المسلمين.

كم عدد أيام الصيام؟

     إذا صام المسلم السابع والثامن والتاسع لا حرج، أو صام أكثر من ذلك. المقصود أنها أيام ، أيام ذكر وأيام صوم، فإن صام التسعة كلها فهذا طيب وحسن، وإن صام بعضها فكله طيب، وإذا اقتصرت على صوم عرفة فقط فهو أفضلها، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم  -: «إن يوم عرفة أحتسب أن يكفر السنة التي قبله والتي بعده». يوم عرفة يوم عظيم، يستحب صيامه لغير الحاج، أما الحجاج فإنهم لا يصومون يوم عرفة، كما أفطر النبي -صلى الله عليه وسلم - يوم عرفة.

حكم صيام 13 من ذي الحجة بنية أنه من الأيام البيض

     لا يجوز صيام 13 من ذي الحجة؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - نهى عن صيام أيام التشريق، وقال: إنها أيام كل وشرب وذكر لله عز وجل. إلا من عجز عن هدي التمتع أو القران فإنه لا حرج عليه في صيامهن؛ لما روى البخاري رحمه الله في صحيحه عن عائشة وابن عمر -رضي الله عنهما- أنهما قالا: «لم يُرَخَّصْ في أيام التشريق أن يُصَمْنَ إلا لمن لم يجد الهدي». ويجوز صيام 14 و 15، وغيرهما من أيام شهر ذي الحجة حتى تكمل الأيام الثلاثة فذلك أفضل؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - أوصى جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، سواء صادفت أيام البيض أم لا، لكن إذا صامها المسلم في أيام البيض كان أفضل.

ما صحة حديث: «من أراد أن يضحي أو يضحى عنه فلا يأخذ من شعره»

     إن كان سيضحي فلا يأخذ شيئاً من شاربه ولا من إبطه ولا من عانته ولا من أظفاره، في أيام عشر ذي الحجة، لقوله -صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئاً»، وفي لفظ آخر:  «ولا من بشرته شيئاً»، فالمضحي هو الذي لا يأخذ شيئاً إذا أراد أن يضحي فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً في العشر حتى يضحي، وأما من يضحى عنه كزوجته وأولاده فليس عليهم بأس لا حرج عليهم أن يأخذوا؛ لأن المضحي صاحب الدار الذي بذل المال هذا هو الصواب. يصبر حتى اليوم الثاني لكن تقصيره للعمرة من رأسه، وحلقه في الحج لا يدخل في ذلك يعني إذا طاف وسعى يقصر وليس هذا بداخل في النهي، وإذا رمى يوم العيد وحلق ليس داخلاً في النهي لكن لا يأخذ من الشارب ولا من الظفر ولا من الإبط والعانة شيئاً.

من أحكام الأضحية

     الأضحية سنة مؤكدة، تشرع للرجل والمرأة وتجزئ عن الرجل وأهل بيته، وعن المرأة وأهل بيتها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم - كان يضحي كل سنة بكبشين أملحين أقرنين أحدهما عنه وعن أهل بيته، والثاني عمن وحد الله من أمته. ووقتها يوم النحر وأيام التشريق في كل سنة، والسنة للمضحي أن يأكل منها، ويهدي لأقاربه وجيرانه ويتصدق منها.

     ولا يجوز لمن أراد أن يضحي أن يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً، بعد دخول شهر ذي الحجة حتى يضحي؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم -: «إذا دخل شهر ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي، فلا يأخذ من شعره ولا من أظفاره ولا من بشرته شيئاً حتى يضحي» (مسلم).

     أما الوكيل على الضحية، أو على الوقف الذي فيه أضاح، فإنه لا يلزمه ترك شعره ولا ظفره ولا بشرته؛ لأنه ليس بمضح، وإنما هذا على المضحي الذي وكله في ذلك، وهكذا الواقف هو المضحي، والناظر على الوقف وكيل منفذ وليس بمضحٍ.

 

التكبير المطلق والمقيد

      أما التكبير في الأضحى فمشروع من أول الشهر إلى نهاية اليوم الثالث عشر من شهر ذي الحجة؛ لقول الله -سبحانه-: {لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ} (سورة الحج: الآية 28) الآية، وهي أيام العشر، وقوله -عز وجل-: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ} (البقرة: 203) الآية، وهي أيام التشريق؛ ولقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل» (مسلم)، وذكر البخاري في صحيحه تعليقاً عن ابن عمر وأبي هريرة -رضي الله عنهما-: «أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما»، وكان عمر بن الخطاب وابنه عبد الله -رضي الله عنهما- يكبران في أيام منى في المسجد وفي الخيمة ويرفعان أصواتهما بذلك حتى ترتج منى تكبيراً، وروي عن النبي -صلى الله عليه وسلم - وعن جماعة من الصحابة -رضي الله عنهم- التكبير في أدبار الصلوات الخمس من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم الثالث عشر من ذي الحجة وهذا في حق غير الحاج، أما الحاج فيشتغل في حال إحرامه بالتلبية حتى يرمي جمرة العقبة يوم النحر، وبعد ذلك يشتغل بالتكبير، ويبدأ التكبير عند أول حصاة من رمي الجمرة المذكورة، وإن كبر مع التلبية فلا بأس؛ لقول أنس - رضي الله عنه -: «كان يلبي الملبي يوم عرفة فلا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه»، ولكن الأفضل في حق المحرم هو التلبية، وفي حق الحلال هو التكبير في الأيام المذكورة.

    وبهذا تعلم أن التكبير المطلق والمقيد يجتمعان في أصح أقوال العلماء في خمسة أيام، وهي: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق الثلاثة. وأما اليوم الثامن وما قبله إلى أول الشهر فالتكبير فيه مطلق لا مقيد؛ لما تقدم من الآية والآثار، وفي المسند عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم -، أنه قال: «ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد».

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك