رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر السياسي 9 يونيو، 2015 0 تعليق

علـــى ضــــوء مؤتمــــــر الريــــــاض القــــادم- سوريا.. العبور إلى بر الأمان

مؤتمر الرياض القادم كفيل بمعالجة مايدور في سورية من إرهاب داعش وبطش النظام

الشعب السوري ما (بينذل). بعفوية انطلقت هذه العبارة في أرجاء دمشق (17/2/2011) في مظاهرة احتجاجا على ضرب الشرطة لابن أحد ملاك المحلات في منطقة الحريقة في دمشق، وفي جنوب سوريا في درعا تحديدا قام 15 طفلا بكتابة عبارات مناهضة للنظام على الجدران؛ فتم اعتقالهم وتعذيبهم في (27 / 2 / 2011 )، فاندلعت الثورة السورية في (18/3/2011)

     وبعد أكثر من أربع سنوات تقريبا شهدت  الساحة السورية أبشع صنوف القتل والمآسي، ودخلت فصائل في تلك الساحة ، وتدخلت دول وأحزاب وإرهاب وبطش وكيماوي وبراميل متفجرة وتهجير ونزوح ومعاناة لا تنتهي؛ فشلت معها كل المؤتمرات والمنظمات في إيجاد حل مناسب يرضي الأطراف، ويخرج بالشعب السوري إلى بر الأمان.

     نتائج مدمرة عصفت بسوريا الصامدة لا يمكن تصورها، فوفق مصادر حقوق الإنسان راح ضحية هذه الحرب الهوجاء مئات الآلاف من القتلى -أكثر من ثلثهم مدنيون- ، فضلا عن الجرحى والمصابين، وقد أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين اليوم أن الأزمة السورية تسببت في أكبر أزمة لاجئين في العالم؛ إذ أجبر 40% من السكان على ترك منازلهم، وتشرد أكثر من تسعة ملايين سوري نصفهم من الأطفال، ونزح 6.5 ملايين منهم داخل البلاد، ولجأ قرابة مليونين وستة مائة ألف إلى دول مجاورة.

     الآن يجب إيجاد حل لهذه المأساة؛ فالظروف جميعها أصبحت مهيأة، فانطلاق عاصفة الحزم وقيادة المملكة العربية السعودية لها أوجد بعدا جديدا وفاعلا في الساحة الإقليمية، فأصبح بين دول الخليج العربية: السعودية والكويت والإمارات وقطر والبحرين، ثم مصر والأردن والسودان والمغرب وتركيا وباكستان تجانس وإدراك كاف للحد من الخطر الإيراني على المنطقة، ولاسيما في كل من اليمن وسوريا والعراق ولبنان.

     فقد أعلنت القمة الخليجية 5-05-2015 التي عقدت في الرياض ضرورة عقد مؤتمر للمعارضة السورية في الرياض بعد عيد الفطر، و جاء ذلك في المؤتمر الصحفي  لوزير خارجية قطر خالد العطية الذي كشف عن مؤتمر مرتقب للمعارضة السورية في العاصمة السعودية الرياض لوضع خطة لإدارة المرحلة الانتقالية لما بعد نظام بشار الأسد.

     وفي السياق ذاته أصدر رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، خالد خوجة قرارا بحل المجلس العسكري الأعلى لهيئة الأركان المعروف باسم (مجلس الثلاثين)، حتى يدخل ضمن تحضيرات الائتلاف لمؤتمر الرياض، ومحاولة منه لأن يكون الجهة السياسية التمثيلية للجسم المزمع تكوينه بوصفه نتيجة للمؤتمر، ولاسيما أن الائتلاف دعا بعد حل المجلس الأعلى للأركان إلى تكوين مجلس جديد من الفصائل الحقيقية ذات التأثير القوي الفاعل على الجبهات المنتشرة في سورية.

تشكيل جديد

     ويتوافق توجّه الائتلاف مع المسعى السعودي، من خلال مؤتمر الرياض الذي يقوم على بناء تشكيل جديد مرتبط بالقوى الفاعلة على الأرض، يضم ممثلين عن الفصائل العسكرية الفاعلة وناشطي المجتمع المدني، وجسم سياسي تمثيلي يشكّل حاملاً سياسياً فعلياً للقوى الأخرى، وذلك بهدف تمكين الحامل السياسي الجديد من تنفيذ مخرجات أي قرارات يتخذها، أو تطبيق نتائج أي مفاوضات يتوصل إليها، ومن جهة أخرى لسحب ذريعة الغرب والولايات المتحدة بعدم التعامل بجدية مع موضوع إنهاء نظام الرئيس السوري بشار الأسد، وترتكز ارتكازا رئيسيا على عدم وجود بديل للنظام في حال سقوطه.

ويبدو أن الائتلاف يسعى إلى ترتيب أوراقه وإعادة هيكلة مؤسساته، بما يتلاءم مع متطلبات المرحلة المقبلة، ومن أجل أن يكون هو البديل الأكثر حظاً بأخذ دور الممثل السياسي للجسم الجديد المزمع تشكيله خلال مؤتمر الرياض.

جزء أصيل من الأمة

     وتبدو سوريا مهيأة للعمل في الداخل لترتيب الجهود، وتبني كيان يضم السوريين كلهم، ويؤسس على مكانة سوريا بوصفهاحاضرة للأمة الإسلامية وعاصمة للأمويين، وعاصمة شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم الجوزية وابن كثير وعلماء الأمة الأفذاذ، ومنبع العلم في الجامع الأموي وجامع خالدبن الوليد في حمص، فسوريا هي جزء أصيل من الأمة الإسلامية القائمة على منهج القرآن والسنة والبعيدة عن التعصب والتحزب و الخرافات.

     المشهد الآن على الساحة السورية يؤكد ضعف النظام السوري؛ فهو لا يسيطر إلا على  25٪  من أرض سوريا، وترك الباقي لداعش والفصائل الأخرى من  الجيش الحر، و النصرة، وأحرار الشام، هناك مؤشرات على تفتت النظام والصراع بين مؤسساته، ولاسيما في الأجهزة الأمنية. فالنظام لم يعد نظاما، بل مجموعة من المليشيات التي تأتمر بأوامر جهات خارجية.

الجيش السوري الآن لم يعد هو الجيش الذي يدافع عن بلده،  بل عن نظام ليس له هدف واضح، لم يعد أحد يستطيع الدفاع عن النظام.

كما أن المعارضة رغم اكتسابها زخما أكبر مع بداية عام  2015  في الجنوب وقرب الساحل إلا أن زيادة تصدي النظام وحزب الله والمليشيات الإيرانية لها جعلها تتوحد، ولكن لازالت غير قادرة على حسم المعركة في المدن الرئيسية.

معالجة الإرهاب

إن مؤتمر الرياض كفيل -بإذن الله- بمعالجة ما يدور في الساحة السورية من إرهاب داعش وبطش النظام، ولن يبقى إلا من يريد لسوريا البقاء والاستمرار، ومن لم تتلوث يده بدماء السوريين من القادة والضباط والسياسيين.

ومن المهم أن يكون مؤتمر الرياض قائما على شخصيات قادرة على حمل الهم السوري بعيدا عن المصالح الضيقة؛ فاختيار الشخصيات وليس الفصائل هو المطلوب للمرحلة القادمة، وبناء نواة للجيش السوري النظامي الذي يستطيع حماية العهد الجديد.

و نجاح مؤتمر الرياض يتطلب التوافق الدولي على ترتيبات ما بعد بشار؛ فالدور الخليجي واضح جدا بشأن رحيل بشار، وهناك تطابق في هذا الشأن مع الرؤية الأمريكية، ولكن الموقف الروسي بحاجة إلى اهتمام؛ بحيث يقتنع بأهمية المرحلة القادمة مع تهميش الدور الإيراني.

الدور التركي

     كذلك يجب إعطاء أهمية كبيرة للدور التركي ولاسيما بعد الانتخابات التي ستجري في 7/6/2015وقد يكون الدستور السوري لعام 1951 هو الصيغة التي سيتم التوافق عليها، والعبور منها إلى سوريا جديدة لجميع الطوائف والفئات، كما وأن حكومة مؤقتة تستطيع جمع الشتات السوري ولمدة 5 سنوات مهمة جدا لكي تضمن الاستقرار والأمان مع إعادة هيكلة الجيش السوري.

الدور المصري

     يجب أن تكون مصر في موقف المدافع عن المعارضة، يجب أن تكون فيه قلب الحلف العربي التركي. الدور الآن يكمن في تفاعل مصر  مع الأحداث السورية فالدبلوماسية المصرية يجب أن تنشط لدعم  المعارضة الوطنية السورية في الساحة  ولا شك بان التوافق الذي تم في أثناء زيارة وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لمصر ولقائه مع الرئيس السيسي ووزير خارجيته، هذا اللقاء قد سهل الطريق إلى مؤتمر الرياض.الذي يدعو للتفاؤل وهو يتأنى في رسم جدول أعماله واختيار رموز المعارضة السورية ومكوناتها المتعددة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك