رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 15 أبريل، 2014 0 تعليق

عبد اللطيف أحمد القناعي- نعم افتقدناك… يا رجل الخير

 

 

سؤال تكرر على مسامعي مراراً ممن كنت ألتقيهم من الإخوة العاملين في المجال الخيري في داخل الكويت وخارجها، الذين كانوا يلحظون العلاقة التي كانت تجمعنا مع أخينا الكبير عبد اللطيف أحمد القناعي أبو محمد - رحمه الله رحمة واسعة- وطول المسيرة الخيرية التي قضيناها معاً . 

ففي فترة مرضه وعلاجه وانشغاله عن استمرار مسيرته الخيرية تكرر السؤال من الكثيرين: هل افتقدتم أبا محمد؟! فكان الجواب سريعاً، كيف لا؟ وهو رجل بألف رجل!!

كيف لا نفتقده؟ وهو الذي علمنا أن العمل الخيري يريد منا جميعاً البذل والعطاء، وأن يكون يومنا كله للعمل الخيري ومشاريعه، فلا ننظر إلا إلى النتائج التي تسر القلوب.

 كيف لا نفتقده؟  وهو الذي حرص كل الحرص على إقامة المشاريع الخيرية في العالم العربي وفي فلسطين والقدس على وجه الخصوص؛ نصرة للأقصى وأرض المسرى .

كيف لا نفتقده؟  وهو الذي كان حريصاً على كفالة بعض المشاريع من ماله الخاص، فكان يبادر في كفالتها قبل عرضها على المتبرعين والداعمين؛ نصرة للمسلمين وإغاثة للمنكوبين.

كيف لا نفتقده؟ وهو الذي كان باذلاً من ماله الخاص لمصاريف سفره في زياراته الخيرية في العالم العربي، ولا يلتفت إلى متاع الدنيا، فكان ينام في المتاح، ويأكل من الميسور، وكل همه أن تنجح المشاريع الخيرية وتعطى ثمارها لأصحاب الحاجة.

كيف لا نفتقده؟  وهو الذي كان متواضعاً، ويسأل في بعض الأمور وكله حرص على المعرفة، بما يخدم العمل الخيري والوقفي،

كيف لا نفتقده؟  وهو الذي كان – رحمه الله - مدرسة في الصبر خلال مسيرته الخيرية، وفي مرضه ما رأيناه إلا حامداً صابراً ومُصبراً غيره، وناصحاً على الرضى بقضاء الله تعالى.

كيف لا نفتقده؟ ونفتقد حرصه على مساعدة أصحاب الحاجات ممن حوله، فما كان يسر من حوله يسره، وما يؤذيهم يؤذيه، ويدفع عنهم الهم إن عاينه في عيونهم أو على محياهم.

كيف لا نفتقده؟ ونحن نرى دموع العاملين حين سماع خبر موته -رحمه الله تعالى- وفي جنازته ودفنه، دموع صادقة معبرة عن فقدانها لعزيز ذو قلب رقيق .

كيف لا نفتقده؟وهو الذي كان دائما يذكرنا بالحرص على الصلاة جماعة وإدراك تكبيرة الإحرام ، ويكرر على مسامعنا: إن من توفيق الله تعالى لنا في أعمالنا أن نكون من أهل الطاعة والحرص على إدراك صلاة جماعة في المسجد.

كيف لا نفتقده؟ وهو الذي كان دائماً يقول: كن مع الله تعالى في كل أمورك، فيكفك الله هموم الدنيا والتعلق بها، وكان من كلماته رحمه الله : «لا يسعد قلبك إلا إذا كنت مع الله دائماً»، «وأن تكون مع الله فهذا من السعادة».

     كيف لا نفتقده؟ ومن الكلمات التي أتذكرها جيداً وأثرت فيّ كثيراً قوله: إن المال لا يجلب السعادة ولكن قد يخفف من المعاناة، وكان من كلماته : «وإذا همك أمر فالصلاة وقراءة القرآن راحة». وأن السعادة ليست في بناء القصور والبيوت الواسعة، فكم من بيت جميل في شكله الخارجي قبيح العيش في الداخل .

كيف لا نفتقده؟ وهو الذي لا يرد سائلاً، وفي كثير من الأحيان كان يساعد من أمواله الخاصة فوراً لأصحاب الحاجات التي لا تحتمل التأخير.

     كيف لا نفتقده؟ وكنا نرى فيه الأبوة الصادقة والحرص على أسرته كل الحرص، وصبره على إعاقة ولدين من أولاده، ويعاملهم معاملة في غاية الأبوة فلا يتذمر ولا يستحي أن يخرجهما، فكان يأخذهما أحياناً في سفراته الخاصة، وكان ناصحاً لمن ابتلاه الله تعالى بإعاقة ولد من أولاده .

كيف لا نفتقده؟ وقد تطوع للعمل الخيري أكثر من ثلاثة عقود من الزمن، ومع ذلك لم تتعلق عينه بشيء، وكان من حرصه أن يأتي بكل احتياجاته في المكتب حتى لا يشرب ولا يأكل إلا من حسابه الخاص .

كيف لا نفتقده؟ وكان يعلمنا من سلوكياته أن تكون متواضعاً حريصاً على ما تملك؛ لأنه أمانة، والإسراف من الشيطان . ولقد حرص كل الحرص على مداومة قراءة القرآن وحفظه حتى بعد مرضه، فكان حريصاً على الحفظ ومراجعة الحفظ رحمه الله تعالى .

     نسأل الله تبارك وتعالى أن يناله أجر الخازن الأمين الذي بشرنا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بأن  الخازن المسلم المؤتمن، الذي عمل على حفظ الأمانة ورعاها، وأداها كما أَمر بذلك صاحبها، مع طيب نفس منه، فهو بهذا يكون أحد المتصدقين. قال  صلى الله عليه وسلم : «إن الخازنَ المسلمَ الأمينَ، الذي يُنْفِذُ (وربما قال يُعطي) ما أُمرَ به، فيعطيه كاملاً مُوَفَّراً، طيبةً به نفسُهُ، فيدفعُه إلى الذي أُمر له به؛ أحدُ المتصدقين».

     ونسأل الله تعالى أن تكون أعماله أجراً دائماً في ميزان حسناته، ذلك الخازن الأمين الذي رعى تلك الأموال خير الرعاية، وحرص كل الحرص لإيصالها إلى مستحقيها، وبناء المشاريع الإسلامية من مدارس ومراكز ومؤسسات تنموية ودعوية. رحمك الله رحمة واسعة يا أبا محمد، وغفر الله لك، وجعل أعمالك الصالحة في ميزانك.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك