رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 5 سبتمبر، 2017 0 تعليق

صفات الله -عز وجل (3)

     من الأمور التي يجب أن نراعيها في صفات الله -عز وجل- أن جميع صفاته توقيفية، بمعنى أنه لا مجال للاجتهاد، وإعمال العقول في معرفة صفات الله -عز وجل-، بكل بساطة «ما ثبت في الكتاب والسنة من صفات الله نؤمن به، وما لم يثبت لا نقول به»، فلا نصف الله إلا بما وصف به نفسه، ولا ننفي عنه -سبحانه- صفة وصف بها نفسه، ومن نحن حتى ننسب إلى الله صفة أو ننفي عنه صفة -سبحانه وتعالى؟!

     معتمدنا في صفات الله -عز وجل- إنما هو الاتباع، نصف الله -تعالى- بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله ولا نتعدى ذلك ولا نتجاوزه ولا نتأوله ولا نفسره، ونعلم أن ما قال الله ورسوله حق وصدق، ولا نشك فيه ولا نرتاب، ونعلم أن لما قال الله ورسوله معنى هو به عالم فنؤمن به بالمعنى الذي أراده، ونكل علمه إليه، ونقول كما قال سلفنا الصالح وأئمتنا المقتدى بهم: آمنا بالله وما جاء عن الله على مراد الله، وآمنا برسول الله وما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله، نقول ما قال الله ورسوله، ونسكت عما وراء ذلك، نتبع ولا نبتدع، بذلك أوصانا الله -تعالى- في كتابه، وأوصانا رسول الله -صلى الله عليه وسلم - في سنته، وأوصانا به سلفنا رضي الله عنهم.

     ولم يسأل الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من ذلك حين حدثهم بالنزول؛ فنحن نؤمن بذلك نصدق به كما آمنوا وصدقوا؛ فإن قال لنا متعنت أو متنطع: يلزم من إثبات كذا كيت وكيت في أي شيء من صفات! الله قلنا له: أنت لا تلزمنا فيما تدعيه وإنما تلزم قائل ذلك وهو رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فإن كان ذلك لازما لما قاله حقيقة وجب الإيمان به؛ إذ لازم الحق حق وإن لم يك ذلك لازما له فأنت معترض على النبي -صلى الله عليه وسلم - كاذب عليه متقدم بين يديه؛ فكما أنا نثبت له ذاتا لا تشبه الذوات فكذلك نثبت له ما أثبت لنفسه من الأسماء والصفات، ونعتقد تنزهه وتقدسه عن مماثلة المخلوقات {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} (الشورى:11) وإذا كان القول على الله بلا علم في أحكام الشريعة هو أقبح المحرمات، فكيف بالقول على الله بلا علم في إلهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته من تشبيه خلقه به أو تشبيهه لخلقه في اتخاذ الأنداد معه وصرف العبادة لهم؟! وإن اعتقاد تصرفهم في شيء من ملكوته تشبيه للخالق بالمخلوق وكلا التشبيهين كفر بالله -عز وجل- أقبح الكفر، وقد نزه الله -تعالى- نفسه عن ذلك كله في كتابه، كما قال -تعالى-: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ}، وقال -تعالى-: {رَّبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} (مريم:56).

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك