رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. ميرغني مكاوي 11 مارس، 2013 0 تعليق

صرح علمي شامخ وإنجاز أكاديمي كبير- أكاديمية الدراسات الإسلامية بجامعة الأميرة (ناراديواس بناراتيوات) في جنوب تايلاند

 

تعد الأكاديمية ثمرة من ثمرات تطلع الأقلية المسلمة لتؤدي دوراً بارزاً في الحفاظ على الهوية الإسلامية

الجامعة فرصة لتعليم أبنائها العلوم الشرعية والعصرية في هذا الصرح التعليمي الكبير من أجل رفع راية التوحيد عالية خفاقة

تعد جامعة الأميرة (ناراديواس) بجنوب تايلاند واحدة من أكبر المكاسب التي حققتها الأقلية المسلمة في جنوب تايلاند، فقد أنشئت هذه الجامعة في محافظة (ناراتيوات) ذات الأغلبية المسلمة، والتي تقع في أقصى جنوب تايلاند في الحدود مع ماليزيا ، وهي إحدى المحافظات الأربع التي يقطنها المسلمون ويمثلون فيها أغلبية حيث تبلغ نسبتهم 82% إلى جانب محافظة (فطاني) و(جالا) و(ستول).

     وبالرغم من أنّ هذه الجامعة لم يمر على إنشائها أكثر من ثماني سنوات، حيث صدر المرسوم الملكي بإنشائها في تاريخ 8 فبراير 2005م، إلا أنها استطاعت أن تقفز في هذه الفترة الوجيزة قفزات كبيرة في المجال الأكاديمي والإداري والبنى التحتية، ففي المجال الأكاديمي بدأت الجامعة بثماني كليات في برامج البكالوريوس وهي: كلية الطب والهندسة وكلية التمريض، وكلية العلوم وكلية الآداب، وكلية العلوم الإدارية، وكلية الزراعة، وأكاديمية الدراسات الإسلامية والعربية. أما برامج الدبلوم فتضم العديد من التخصصات منها الهندسية والمهنية والزراعية وعلوم الحاسوب وغيرها، ويبلغ عدد الطلاب والطالبات الذين يدرسون في هذه التخصصات المختلفة حوالي 6000 طالب وطالبة نسبة المسلمين منهم 85٪.

    وفي مجال البنى التحتية فإن مباني الجامعة من قاعات دراسية ومعامل وملاعب وغيرها قد صممت على أحدث طراز مع وجود العديد من المرافق الطلابية والخدمية التي تجعل منها مؤسسة علمية حديثة ومتطورة تشرف على تدبير شؤونها إدارة نشطة ومجلس للأمناء ومجلس للإدارة، ويميزها أيضاً موقعها المتميّز وسط غابة خضراء تحدها سلسلة من الجبال والهضاب الخضراء مما يجعلها فعلاً حديقة غناء ومكاناً مهيئاً لتحصيل العلم والمعرفة.

    وتعد أكاديمية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأميرة ناراديواس ثمرة من ثمرات تطلع الأقلية المسلمة في هذه المنطقة لتلعب دوراً بارزاً في الحفاظ على الهوية الإسلامية، ولتخفيف أعباء مواصلة دراسة العلوم الشرعية خارج الدولة لأبنائها، وتوسيع فرص التعليم الشرعي الجامعي للراغبين من أبناء المسلمين في القيام بواجب نشر الدعوة الإسلامية الصحيحة والدفاع عن قضايا أمته بالعلم والمعرفة.

    وقد صدر القرار الملكي بإنشاء هذه الأكاديمية ضمن كليات الجامعة في عام 2005م، ووافق المجلس الأعلى للجامعة في اجتماعه رقم 3/2007م بتاريخ 29 مارس 2007م على فتح برنامج البكالوريوس في الشريعة الإسلامية واللغة العربية، وذلك وفقاً للمناهج الدراسية بجامعة الأزهر الشريف بجمهورية مصر العربية، وتم قبول أول دفعة في قسمي الشريعة واللغة العربية عام 2007م، وفي عام 2011م تم فتح قسم الدراسات الإسلامية ليصبح عدد أقسام الأكاديمية حالياً ثلاثة أقسام هي: قسم الشريعة واللغة العربية والدراسات الإسلامية، وقد تخرّجت ثلاث دفعات من قسمي الشريعة واللغة العربية، وبالرغم من أنّ الأكاديمية تعد حديثة النشأة قياساً بالكليات المماثلة في الدولة إلا أنها قدّمت مخرجات متميزة وكفاءات عالية، وقد حصلت الأكاديمية على جائزة التميز الأكاديمي التي تقدمها وزارة التعليم العالي التايلاندية لعامين متتاليين متقدمة على مثيلاتها من الكليات في الجامعات الحكومية والأهلية التي تسبقها في النشأة بعشرات السنين.

    ويقوم بالتدريس في هذه الأكاديمية نخبة من الأساتذة الفضلاء الذين تلقوا تعليمهم الجامعي وفوق الجامعي في الدول العربية، يعاونهم عدد من الأساتذة العرب حيث يسعون جاهدين في نشر منهج أهل السنة والجماعة، عقيدةً وشريعةً ودعوةً.

    وللأكاديمية علاقات تعاون مع كثير من الجامعات والمؤسسات الإسلامية العربية على رأسها جامعة الأزهر وجامعة الإسكندرية بمصر وجامعة النيلين وجامعة أفريقيا العالمية بالسودان، ومؤسسة الشيخ عيد بن محمد آل ثاني الخيرية بقطر وجمعية إحياء التراث الإسلامي وجمعية الإصلاح بالكويت وجمعية نداء الخير بالمملكة العربية السعودية وغيرها من الجامعات والمؤسسات في العالم العربي.

    ولا يختلف اثنان من المتابعين لمسيرة الجامعة عموماً والأكاديمية على وجه الخصوص في أنّ لرئيس الجامعة الدكتور (جونج راك فلاساي) دوراً مقدّراً وعطاءً متميزاً في النجاحات التي حققتها الجامعة في هذه الفترة القصيرة، ذلك لإدارته المتفانية وعقليته المتجددة وشخصيته الواثقة من النجاح، كما كان لمعرفته التامة بخصوصية أحوال الأقلية المسلمة في تايلاند الأثر الكبير فيما حققته الأكاديمية من نجاحات. ولعلّ من أبرز ما يذكر للرجل وهو من غير المسلمين (بوذي) تخصيصه لقطعة أرض في مدخل الجامعة على الطريق العام ووقفها لبناء مسجد الجامعة، وهو أمر شبه مستحيل في المؤسسات الحكومية التايلاندية، بل إن دوره لم يقف عند هذا الحد وإنما سعى في إيجاد وتوفير مبلغ بناء المسجد عن طريق التبرعات الداخلية ولكن لم يتيسر المبلغ المطلوب للمشروع؛ ولذا تقدم بالمشروع لوزارة الأوقاف بالكويت؛ حيث وافق على بنائه مبدئياً معالي المستشار الشيخ راشد بن عبد المحسن الحماد وزير الأوقاف الأسبق؛ لما رأى من أهميته، ولكن بكل أسف توقف ملف المشروع بعد خروج معاليه حفظه الله من الوزارة، إلا أننا نأمل أن يعاد ملف المشروع من جديد ليرى النور قريباً في عهد معالي وزير الأوقاف الحالي وذلك لضرورته القصوى وأهمية موقعه حيث يقع في المدينة الجامعية قريبا من مجمع المكاتب والدوائر الحكومية التي يمثل المسلمون نسبة 90٪ من العاملين فيها، حيث يجدون صعوبة بالغة في أداء صلواتهم ولا سيما صلاة الجمعة؛ لعدم وجود مسجد قريب من المنطقة.

    كما يذكر لرئيس الجامعة قراره بالموافقة على إدخال تدريس مادتي التوحيد والفقه الإسلامي في جميع كليات الجامعة لتثقيف وتوعية أبناء المسلمين الدارسين بهذه الكليات بأمور دينهم، كذلك قرر تدريس مادة اللغة العربية وإقامة دورات مكثفة فيها لطلاب كليتي الطب والتمريض لتوفير كادر من الأطباء والممرضين المتقنين للغة العربية بهدف التواصل المباشر مع المرضى الذين يزورون تايلاند من الدول العربية ولا سيما دول الخليج، والذين تصل أعدادهم إلى عشرات الآلاف سنوياً لطلب العلاج والاستشفاء.

    ولأنّ الاعتراف بالمعروف والصنيع الجميل والثناء على صاحبه ولو كان كافراً خلق شرعي ولا يتعارض مع ثوابت وتعاليم ديننا الحنيف ومع عقيدة الولاء والبراء، ولأنّ هذا من العدل الذي أمرنا به وأن نشهد على المرء بما فيه – حتي ولو كان كافراً – فإن أصاب وأحسن نقول: قد أصاب وأحسن، وإن أساء نقول: قد أساء.

    ولأنّ هذا من عموم شكر الناس في قوله صلى الله عليه وسلم : «لا يشكر الله من لا يشكر الناس» رواه أبوداود في باب شكر المعروف عن أبي هريرة.

كل هذا يستدعي تقديم الشكر لرئيس الجامعة على هذا التعاون الإيجابي والعمل المثمر لصالح هذه الأقلية المسلمة، مع التمنيات بأن تستفيد هي بدورها من هذه الفرصة السانحة في تعليم أبنائها العلوم الشرعية والعصرية في هذا الصرح التعليمي الكبير من أجل رفع راية التوحيد عالية خفاقة وتحقيق الريادة بها لأمتها إن شاء الله.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك