رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 12 فبراير، 2023 0 تعليق

شباب تحت العشرين – 1167

بشريات للشباب الطائعين

     أُبَشِّرُك أيها الشاب الطائع بأنك ستكون في أرض المحشر من جملة مَن يُظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، فقد أخرج الإمام مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «سبعة يُظِلُّهُم الله -تعالى- في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، إمام عادل، وشاب نشأ في عبادة الله، ورجل قلبه معلق بالمساجد، ورجلان تحابّا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه، ورجل دعته امرأة ذات منصب وجمال، فقال: إني أخاف الله، ورجل تصدَّق بصدقةٍ فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما أنفقت يمينه، ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه».

      فالناس جميعًا يقفون في أرض المحشر حفاة عراة غرلًا، والشمس فوق الرؤوس بقدر ميل أو ميلين، وكل في عرقه بحسب عمله، ويقفون خمسين ألف سنة، يا له من مشهد مهيب! وفي هذا الموقف يقف الشاب الذي نشأ في طاعة الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظلّه، أضف لهذا أنه سيأخذ كتابه بيمينه، ويثقل ميزانه، ويشرب في أرض المحشر من يد الحبيب النبي -صلى الله عليه وسلم-، ويمر على الصراط - وهو أحدُّ من السيف وأدق من الشعر- ويصل إلى جنَّةٍ عرضها السماوات والأرض، فقد أخرج البخاري من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: «كلُّ أمتي يدخلون الجنَّة إلا مَن أبى، قيل: ومَن يأبى يا رسول الله؟، قال: مَن أطاعني دخل الجنة، ومَن عصاني فقد أبى».

 

احذروا يا شباب طول الأمل !

     يقول الفضيل بن عياض -رحمه الله-: «إن من الشقاء طول الأمل، وإن من النعيم قصر الأمل»، وقصر الأمل هو الاستعداد للرحيل في أي وقت وحين، فلا ترى صاحبه إلا متأهبًا لعلمه بقرب الرحيل، وسرعة انقضاء مدة الحياة، وهو من أنفع الأمور للقلب، فإنه يبعث على انتهاز فرصة الحياة التي تمر مرّ السحاب، فاحذروا يا شباب طول الأمل!؛ فالموت يأتي بغتة، ففي (صحيح البخاري) من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: «خطَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خطًّا، وقال: هذا الإنسان، وخطَّ إلى جنبه خطا، وقال: هذا أجله، وخط خطًا آخر بعيدًا عنه، فقال: وهذا الأمل، فبينما هو كذلك إذ جاءه الأقرب»، فكم من مستقبلٍ يوما لا يستكمله! وكم من مؤملٍ لغدٍ لا يبلغه!.

 

الشباب في القرآن الكريم

     حدَّثنا القرآن الكريم عن نماذج من الشباب والفتيان الذين جاهدوا لنشر دين الله -تعالى-: فها هو ذا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - حينما حطَّم الأصنام ثم علَّق الفأس في عنق كبيرهم، ولما رجع قومه ورأوا هذا قالوا: {سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ } (الأنبياء:60)، وها هو ذا إسماعيل يعمل مع والده على بناء بيت الله الحرام، وهو شاب صغير، وحدَّثنا القرآن الكريم عن أتباع موسى -عليه السلام-، فقال -تعالى-: { فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِّن قَوْمِهِ } (يونس:83)، قال ابن كثير -رحمه الله-: وهؤلاء هم الشباب؛ لأن سنة الله في الدعوة بَدْءًا من نوح إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، إنما الذين يحملون همها هم الشباب، وحدثنا القرآن الكريم عن أهل الكهف فقال -تعالى-: { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } (الكهف:13)، وما قصة أصحاب الأخدود عنا بعيد، فبطلها غلام صغير، فما ظهر الدين وما عرف الناس شرائع المرسلين إلا بفضل الله -تعالى- ثم الشباب المصلحين، والتاريخ خير شاهد على هذا.

 

تقوى الله في السر والعلانية

     قال الشيخ ابن باز –رحمه الله-: أوصيكم بتقوى الله - سبحانه - في السر والعلانية، والشدة والرخاء، فإنها وصية الله -عز وجل- ووصية رسوله -صلى الله عليه وسلم-، كما قال -تعالى-: {ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا الله} (النساء: 131)، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبه: «أوصيكم بتقوى الله»، والتقوى كلمة جامعة، مع الخير كله، وحقيقتها أداء ما أوجب الله، واجتناب ما حرمه الله على وجه الإخلاص له والمحبة، والرغبة في ثوابه، والحذر من عقابه، وقد أمر الله عباده بالتقوى ووعدهم عليها بتيسير الأمور، وتفريج الكروب، وتسهيل الرزق، وغفران السيئات والفوز بالجنات.

 

مكانة العلماء في الإسلام

     للعلماء في شريعتنا منزلة سامية منيعة، ومكانة عالية رفيعة؛ «فالعلماء هم خلفاء الرسول في أمته، وورثة النبي في حكمته، والمحيون لما مات من سنته، يدعون من ضلَّ إلى الهدى، يُحيون بكتاب الله موتى القلوب، ويبصِّرون بنور الله أهلَ العمى، فكم من قتيلٍ لإبليس قد أحيَوْه، وكم من ضالٍّ تائهٍ قد هَدَوْه، فما أحسن أثرهم على الناس وأقبح أثر الناس عليهم!»، والعلماء هم حراس الدين من الابتداع والتزييف، وحماته من التخريف والتشويه والتحريف؛ وهم العدول الذين يحملون هذا العلم من كل خلف، ينفون عن كتاب الله تحريفَ الغالين، وانتحالَ المبطلين، وتأويلَ الجاهلين، قيضهم الله لحفظ الدين، وصيانة الملة، ولولا ذلك لبطلت الشريعة، وتعطلت أحكامها، وهم في كل زمان الأصل في أهل الحل والعقد، وهم المعنيون مع الأمراء في قوله -تعالى-: {يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وَأَولي الأمر منكم}(النساء:59).

 

آثار الذنوب والمعاصي

     قال الشيخ ابن جبرين-رحمه الله-: الذنوب لها أثر كبير في حدوث الأضرار والشرور والعقوبات السماوية؛ فما نزل بلاء إلا بذنب، ولا رفع إلا بتوبة، وقد قال -تعالى-: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}، والمصيبة يدخل فيها المصائب البدنية، كالأمراض والعاهات والحوادث السيئة والموت والفتن وتسليط الأعداء، ومن آثار الذنوب أيضا قسوة القلوب، وعدم تأثرها بالمواعظ والآيات والأدلة والتخويف والتحذير والإنذار؛ بحيث تسمع ولا تفقه ولا تقبل، وتزل عنها الموعظة وهي في غفلة.

 

يا شباب الإسلام اتقوا الله !

     يا شباب الإسلام وقوَّة الأمة، اتَّقوا الله في شبابكم؛ فإنكم مسؤولون ومُحاسَبون، فاغتَنِموا فرصة شبابكم الثمينة؛ فإنَّ فقْدها لا يُعوَّض، فهي قوَّةٌ في كلِّ مجال لِمَن وفَّقه الله في استعمالها لما خُلِقت له، يقول ربنا - جلَّ وعلا -: { وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ } (الذاريات: 56-58)، فالله -سبحانه وتعالى- خلق الخلق ليَعبُدوه، وتكفَّل بأرزاقهم، ومنحهم القوَّة ليستعملوها في طاعته، وحذَّرَهم من عُقوبات استعمالها في مَعاصِيه!.

 

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك