
رب غفور
- هل (الرب) اسم من الأسماء الحسنى؟!
- نعم، ورد مطلقا منونا في موضعين من كتاب الله، {ٹ ٹ ﭪ ﭫ ﭬ} (يس:58).
{لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ ۖ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ ۖ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ ۚ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ} (سبأ:15).
- كنت أظن أن (الرب)، مثل (الله)؟! يوصف بما بعده، فليس من الأسماء الحسنى.
- لفظ الجلالة (الله) هو ذات سبحانه وتعالى، ولذلك أتت الأسماء الحسنى تسمية له سبحانه ووصفا له {هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴿23﴾هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ ۖ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ ۚ يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} الحشر:(23-24).
- إذاً من الأسماء الحسنى (الرب)؟!
- نعم، وفي اللغة (الرب) مالك الشيء ولا يطلق على غير الله إلا مضافا، {ﯓ ﯔ ﯕ} (يوسف:50)، أي إلى سيدك، ويقال (رب الدار) و(رب الدابة) أي مالكها، أما (الرب) بالألف واللام، فلا يطلق إلا على الله عزّ وجلّ.
صاحبي من الطلبة الذين يدرسون في الخارج لإتمام متطلبات شهادة الدكتوراه في علم النفس التربوي، قرر قضاء رمضان بيننا، وأصبح يجالسني كل يوم تقريبا بعد صلاة العصر.
- ولكن ورد في القرآن (ربنا) و(رب السموات والأرض)، و(ربكم) كثيرا! لماذا ذكرت هاتان الآيتان فقط.
- نعم ورد (الرب) مضافا أكثر من سبعمائة مرة في كتاب الله ولكن من شروط عد الاسم من الأسماء الحسنى ألا يكون مضافا ولا مقيدا بل يرد مطلقا، عَلما (بفتح العين واللام)، وتتحقق العلمية، بأحد الأمور الآتية:
* الألف واللام.
* التنوين.
وهنا جاء منونا مطلقا فيه من الكمال والحسن ما يليق بالله عز وجل.
- ماذا عن تفسير هذه الآية من سورة سبأ؟
قمت بعملية بحث سريعة في تفسير السعدي وابن عثيمين والطبري لهذه الآية وجاء بتصرف:
سبأ قبيلة معروفة في أداني اليمن, ومسكنهم بلدة يقال لها (مأرب)، ومن نعم الله ولطفه بالناس عموما, وبالعرب خصوصا, أنه قص في القرآن أخبار المهلكين والمعاقبين, ممن كان يجاور العرب, ويشاهد آثاره, ويتناقل الناس أخباره, ليكون ذلك أدعى إلى التصديق, وأقرب للموعظة فقال: {لقد كان لسبإ في مسكنهم } أي: محلهم الذي يسكنون فيه {آية } والآية هنا: ما أدر الله عليهم من النعم, وصرف عنهم من النقم, الذي يقتضي ذلك منهم, أن يعبدوا الله ويشكروه. ثم فسر الآية بقوله {جنتان عن يمين وشمال} وكان لهم واد عظيم, تأتيه سيول كثيرة, وكانوا بنوا سدا محكما, يكون مجمعا للماء، فكانت السيول تأتيه, فيجتمع هناك ماء عظيم, فيفرقونه على بساتينهم, التي عن يمين ذلك الوادي وشماله. وتُغِلُّ لهم هاتان الجنتان العظيمتان من الثمار ما يكفيهم, ويحصل لهم به الغبطة والسرور، فأمرهم الله بشكر نعمه التي أدرها عليهم من وجوه كثيرة، منها: هاتان الجنتان اللتان غالب أقواتهم منهما.
ومنها: أن الله جعل بلدهم, بلدة طيبة, لحسن هوائها, وقلة وخمها, وحصول الرزق الرغد فيها.
ومنها: أن الله تعالى وعدهم - إن شكروه - أن يغفر لهم ويرحمهم, ولهذا قال: {بلدة طيبة ورب غفور }
ومنها: أن الله لما علم احتياجهم في تجارتهم ومكاسبهم إلى الأرض المباركة, - الظاهر أنها: (قرى صنعاء قاله غير واحد من السلف, وقيل: إنها الشام) - هيأ لهم من الأسباب ما به يتيسر وصولهم إليها, بغاية السهولة, من الأمن, وعدم الخوف, وتواصل القرى بينهم وبينها, بحيث لا يكون عليهم مشقة, بحمل الزاد والمزاد.
{بلدة طيبة ورب غفور} وربكم غفور لذنوبكم، قوم أعطاهم الله نعمة، وأمرهم بطاعته ونهاهم عن معصيته.
عن ابن عباس قال: إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض، فقال بل هو رجل ولد عشرة، فسكن اليمن منهم ستة وبالشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير عربا كلها، وأما الشامية فلخم وجذام وعاملة وغسان. (تعليق شعيب الأرنؤوط: إسناد حسن).
لاتوجد تعليقات