
خواطر تربوية وشرعية – حسن التصـرف في المواقف التربوية
من الصفات المميزة للمعلم الناجح أن يكون ذكيا سريع البديهة، قادرا على التصرف الحكيم في المواقف الطارئة التي قد تعترضه في أثناء عمله، وأن يتسم بدقة الملاحظة، ليتمكن من التعرف على المصاعب التي يعانيها تلميذه، ابتداء من صعوبات التحصيل العلمي، وانتهاء بما يمكن أن يتعرض له من مخالفات سلوكية، وللمعلم في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فقد كان -عليه أفضل الصلاة والسلام- مربيا عظيما، ذا أسلوب تربوي فذ، يأمر بمخاطبة الناس على قدر عقولهم، أي يراعي الفروق بينهم، كما يراعي مواهبهم واستعداداتهم وطبائعهم، والمعلم الناجح يأخذ هذه المسائل بعين الاعتبار، فيراعى التلميذ الضعيف ليعالج ضعفة، ويتابع التلميذ الموهوب لصقل موهبته، ومساعدته في رسم خطط لمستقبله.
لذلك فإن حسن التصرف مع الطلبة ولا سيما الطلبة المشاغبين دليل على ذكاء المعلم ونجاحه في أداء مهمته، ومما يروى في ذلك أن أحد الأساتذة -رحمة الله عليه- يروي لنا هذه القصة حينما كان معلمًا يقول:» كنا في فصل لطلاب مشاغبين، وكانت آخر حصة في اليوم، وهذا الفصل مشهور في المدرسة بالطلبة المشاغبة، يقول: فذهبت إلى هذه الحصة، وكان الطلبة مقسومين إلى قسمين، وإذا بي أجد منهم من يقول شعرا، ومنهم من يقول شعبيات، المهم انتظر هذا المعلم قرابة ربع ساعة وهو يطالع يمينا وشمالا، ولما تعبوا قالوا له: تفضل يا أستاذ. فسلوك هؤلاء الطلبة سلوك سلبي، ولكن المعلم أحسن التصرف؛ إذ قال لهم: أشكركم على حسن استقبالكم لي؛ فقد استقبلتموني استقبال الملوك، وهذا دليل على أخلاقكم الطيبة، وعلى أن والديكم ربوكم تربية طيبه،» فالطلبة تفاجؤوا بهذا الرد، فبدلا من أن يذمهم مدح أخلاقهم، وحول هذا الموقف السلبي إلى موقف إيجابي، وهذا الذي نعنيه. إن المعلم المتميز الذي لديه حسن التصرف مع أبنائه الطلاب ولا سيما مع الطلبة المشاغبين، ولهذا نقول المعلم شخصية مهمة، بل نكاد نقول إنه العامل الأساسي في العملية التربوية، فهو مربي الأجيال ومرشدهم وموجههم، ولذلك تسمى وزارة التربية أولا وليست وزارة التعليم، فالمقصود أن ننشئ أبناءنا على تربية صالحة ترضي ربنا -جل وعلا-، ونربي أبناءنا على هدي نبينا - صلى الله عليه وسلم - ذلك الهدي الذي يتسم بالأخلاق والأدب الجم، فلا بد أن يكون هناك تضافر بين البيئة والبيت والمدرسة، والمسجد والإعلام وجميع المجتمع، حتى يكتمل النسيج الاجتماعي الذي نرجوه.
لاتوجد تعليقات