رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. محمد السعيدي 16 يونيو، 2020 0 تعليق

حوار حول بناء الشخصية السلفية في ظل المتغيرات (1)

                                                                                                   

إنَّنا حينما نتكلم عن بناء الشخصية السَّلفية فنحن نتكلم عن الشخصية المسلمة الإسلام الحقيقي، الشخصية المسلمة التي تؤمن بالإسلام الحقِّ الذي جاء به الرَّسول - صلى الله عليه وسلم- وفهمه عنه السَّلف الصَّالح، ونقلوه إلينا غضًّا كما أنزل, كما قال - صلى الله عليه وسلم -: «بُعثت بالحنيفيَّة السمحة»، وقال - صلى الله عليه وسلم-: «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك»، فالشخصيَّة السلفيَّة هي الشخصية التي تؤمن بأن دين الرسول - صلى الله عليه وسلم- الذي جاء به واضحٌ ليس فيه خلاف بين ليله وبين نهاره؛ ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم-: «لا يزيغ عنها إلا هالك» لماذا؟ لوضوحها. وكلمة (في ظل المتغيرات)، هذه الكلمة هي التي تبين لنا الحاجة إلى تميُّز السلفيين عن غيرهم من المسلمين؛ لأنَّ السلفيين وحدهم هم الذين يحملون الإسلام الصحيح.

     إنَّنا حينما نتكلم عن بناء الشخصية السَّلفية فنحن نتكلم عن الشخصية المسلمة الإسلام الحقيقي، الشخصية المسلمة التي تؤمن بالإسلام الحقِّ الذي جاء به الرَّسول - صلى الله عليه وسلم - وفهمه عنه السَّلف الصَّالح، ونقلوه إلينا غضًّا كما أنزل, كما قال - صلى الله عليه وسلم-: «بُعثت بالحنيفيَّة السمحة»، وقال - صلى الله عليه وسلم -: «تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك»، فالشخصيَّة السلفيَّة هي الشخصية التي تؤمن بأن دين الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي جاء به واضحٌ ليس فيه خلاف بين ليله وبين نهاره؛ ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا يزيغ عنها إلا هالك» لماذا؟ لوضوحها.

وكلمة (في ظل المتغيرات)، هذه الكلمة هي التي تبين لنا الحاجة إلى تميُّز السلفيين عن غيرهم من المسلمين؛ لأنَّ السلفيين وحدهم هم الذين يحملون الإسلام الصَّحيح.

نحن نحتكر الحق

- قد يسمع هذا الكلام أحدهم ويقول: أنتم تحتكرون الحق، فماذا نقول له؟

- نقول له: نعم نحن نحتكر الحق، ندَّعي -ونحن واثقون- أنَّ الحق معنا، ولا يوجد جماعة من الجماعات الإسلامية سواء أكانت جماعةَ فرق أم جماعة دعوية أم غيرها إلَّا وتدَّعي أنَّ الحق معها، وإلا لو كانت لا تدَّعي أن الحق معها كان بقاؤها على ما هي عليه سفها وضلالا؛ لأنَّ موضوع العقيدة ليس أمرًا سهلًا، بل هو موضوع مصيري، وموضوع جنة أو نار، فحين تقول: والله أنا سلفي، وقد يكون الحق مع الصُّوفية، وقد يكون الحق مع الأشاعرة وقد يكون..، (قد يكون) هذه الموجودة في هذا الكلام معناه أنَّك لا تمتلك اليقين، واليقين مطلوب في الإيمان.

العلم القاطع

- ما الأدلة التي تدل على أنَّ اليقين مطلوب في الإيمان؟

- اليقين بمعنى العلم القاطع الذي ينبغي أن يكون عندنا في ديننا كما قال -تعالى-: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ} (محمد: 19)، فاعلم: يعني تيقَّن، وقول الله -عزوجل-: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ} (هود: 112)، وقول الله -عزوجل-: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا} (الروم: 30)، هذه الكلمات الربانية التي تأمر بإقامة الدين والاستقامة عليه، وكلام الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «قل آمنتُ بالله ثمَّ استقم»، ما معنى استقم؟ يعني: سر على هذا الطريق الذي تركك عليه الرَّسول - صلى الله عليه وسلم .

إذًا هذا الكلام ليس فيه أوهام، ليس فيه ظنون، لابد أن يكون الإنسان قاطع اليقين بما هو عليه من صحَّة الدين، وحينما نتكلَّم عن هذا نتكلم عن أوَّل مقوِّم من مقومات الشخصية السلفيَّة، وهي: اليقين والاعتزاز بما هو عليه.

السلفي لا يغتر بالكلام الإعلامي

     والسلفي لا يغتر بالكلام الإعلامي الذي يتكلَّم عن قضية أنَّ الجميع يؤخذ من قوله ويرد، كلٌّ يؤخذ من قوله ويرد, هذا في مسائل الفقه، المسائل التي يسوغ فيها الخلاف، بينما المسائل التي لا يسوغ فيها الاختلاف لا يوجد فيها قضية (كل يؤخذ من قوله ويرد)، بل القول القاطع فيها هو ما عليه سلف الأمة، سواء أكان ذلك في العبادات، أم في الأسماء والصفات، أم في الأخلاق، كل هذه الأمور الصَّواب فيها ما عليه سلف الأمَّة، لا يوجد فيها: (كلٌّ يُؤخذ من قوله ويُرد)، حينما يتحدَّث الحداثيُّون ويقولون: لا أحد معصوم، والعلماء ليسوا معصومين، وكل يؤخذ من قوله ويرد، فإنهم يريدون هدم هذا المنهج الذي عليه سنام أهل السُّنة والجماعة.

ذروة سنام أهل السنة والجماعة

- من ذروة سنام أهل السنة والجماعة في الواقع المعاصر؟

- السَّلفيون أتباع السَّلف هم سنام أهل السُّنة والجماعة، ولا بدَّ أن يكون لدينا يقين بهذا الأمر، نطرحه بقوة، ونتكلَّم عنه بثقة، ولا نستحيي من طرحه؛ لأنَّ الآن هناك هجمة كبيرة جدًّا على السلفية تريد أن تزعزع هذه القضية، وتجعل الناس يستحون من أن ينتسبون إلى السلفية.

- لماذا يستحيي من ينتسب إلى السلفية؟

- لأنَّهم دائمًا يعيرون السلفية بما ليس فيها، هجمة إعلامية تعير السَّلفية بما ليس فيها لتجعل من السلفي إنسانًا مهتزًّا غير قادر على التَّصريح واللهج بانتمائه السَّلفي؛ لأنَّه يعتقد أن الكل ضدَّه، والكل مخالف له، ومن هذا نجد أنَّ هناك بعض المشايخ لا سيما من الشباب؛ نجد أنَّ هذه الضغوط قد أدَّت إلى تراجعاتٍ كثيرة، وإلى انزياح كثير عندهم، والسبب هو هذه الهجمة وعدم توفر هذا المقوم لديهم.

- ما خلاصة هذا المقوم الذي نتحدث عنه الآن؟

اليقين والاعتزاز بالمنهج

- حينما نقول: والله نحن نعتزُّ بالمنهج، فتسأل لماذا نعتز بهذا المنهج؟ ما مسوغات الاعتزاز بهذا المنهج؟

     مسوغات الاعتزاز بالمنهج أولاً: أنَّه المنهج الوحيد الذي لا يستطيع أحد أن يرد عليه ردًّا صحيحًا؛ ولهذا نجد كلَّ الردود على السلفية مشحونة بالأكاذيب، لا يستطيع أحدٌ أن يرد على السلفية إلا أن يكذب عليهم! تجدون عشرات الكتب تردُّ على المنهج، لا أتكلم عن التي ترد على آراء الأشخاص؛ فالأشخاص من السلفيين قد يكون لهم آراء، قد يكون لهم أخطاء، قد يكون لهم كذا.

 

فرقٌ بين المنهج وبين الطريق

     وفرقٌ بين المنهج وبين الطريق؛ فقد يكون في المنهج نفسه طرق عدة، يخطئ الإنسان فيها مرة، ويصيب أخرى؛ لكن ما دام على المنهج الواسع الصَّحيح فهو على الخير، وعلى الحق، فالكتب التي تردُّ على الأشخاص في آرائهم الخاصة، مثل آرائهم في بعض فروع الشريعة كالصلاة، هذا وقع حتى بين علماء السَّلفية، يعني مثلًا أكبر علماء السلفية في هذا العصر، الثلاثة الكبار: الشيخ ابن عثيمين والشيخ ابن باز، والشيخ الألباني -رحمهم الله-، كم عدد المسائل التي اختلف فيها هؤلاء الثلاثة؟ التي اختلفوا فيها وأحصاها د.سعد البريك في كتابه: (الممتاز فيما اختلف فيه الشيخ الألباني وابن عثيمين وابن باز) أكثر من (255) مسألة خلاف بين هؤلاء الثلاثة المشايخ؛ فالخلاف بين هؤلاء في القضايا الفقهية، في الفروع، في تصحيح الأحاديث، في تضعيف بعض الأحاديث، في توثيق بعض الرواة، عدم توثيق بعض الرواة؛ فهذه الأمور السلفيون أرحب الناس صدرًا بالخلاف فيها، وقضيَّة أن يرد عليهم أحد في مثل هذه المسائل هذا لا عجب، ونقول: السلفيون أنفسهم عندهم ردود على بعضهم في هذه القضايا؛ لكن الذي أقول: إنه لايستطيع أحد الرد على السلفيين فيه، هو: المنهج، منهجنا في القضاء والقدر، منهجنا في الأسماء والصفات، منهجنا في التلقِّي عن الرسول -[- وعن الصَّحابة، منهجنا في أصول الفقه، منهجنا في الدِّماء المعصومة وصيانتها -وهذه قضية كثيرًا ما يُفترى على السلفيين فيها- منهجنا في التَّكفير، عدم تكفير المسلمين، التحرز من التَّكفير، هذه الأمور كل من يزايد علينا وكل من يحاول الرد على السلفيين لا بد أن يلجأ إلى التَّزوير والكذب صَغُر أم كبر، أتكلم في المنهج وليس في تصرُّفات الناس، فهذه القضية ألا تكون محل اعتزاز بالانتماء؟

التزوير أو الكذب

- هل أنتم تُسلِّمون معي على أن من يردُّ على السلفيين في المنهج وليس في الآراء الشخصية الخاصة أو التصرفات الخاصة لابد أن يحتاج إلى التزوير أو إلى الكذب والتدليس؟

- فهذا محل اعتزاز ينبغي أن يمتلأ به السلفي قبل أن يقرأ الهجوم المكثَّف على السلفية، يجب أن يكون هذا راسخ عندنا.

الهجوم أم الدفاع؟

- قضية الاعتزاز تكون في الهجوم وليس الدفاع فقط؛ لأن الأصل أن الذي على باطل هو الذي على غير منهج السلف الصالح، فبعض الناس دائمًا يظل في خندق الدفاع فقط, وهذا يضعف قضية الاعتزاز، فما قولكم؟

- البقاء في خندق الدفاع دائمًا يجعل المخالف هو المُحاصِر، يعني كأنَّك في حصن وهذا مُحاصِر لك، يومًا ما لا بد أن يُخترق الحصن، لايوجد حصار في التاريخ ينفضُّ عنه الناس بسهولة، بل الغالب أنهم يخترقون الحصن، فانفضاضهم عنك مستحيل، واختراقهم لك هو الممكن إذا بقوا مهاجمين لك، وفعلًا نقاط التشويه عند الآخرين، ونقاط الخطأ عند الآخرين هي الأكثر والأوفر.

حجية مصادر السلفية

- هل لا يستطيع أحدٌ الهجوم على السلفية بسبب حجية المصادر السلفية؟

- السبب هو كما ذكرت، وهذه القضية التي كنت أريد أن أتحدث عنها لاحقا؛ فحينما تهجم على السَّلفية أنت في حقيقة الأمر تهجم على الإسلام الصحيح، وليس هذا من الإرهاب الفكري.

بعض الناس أنا قلت لهم هذا الكلام، قلت: أنت حينما تهجم على السلفية، أو تهاجم السلفية، تهاجم المنهج السلفي، فإنك تهاجم الإسلام الصحيح، تهاجم الصحابة -رضي الله عنهم.

قال: لا، هذا إرهاب فكري.

إذًا أثبت لي أنه إرهاب فكري، هاجم لي قضيَّة من القضايا السلفية.

قال: قضية التَّكفير.

قلت: قضية التفكير! قل لي: فلان مكفر، وهات لي أمثلة من عنده، وليست عندي مشكلة فقد يكون مخطئًا؛ لكن أتكلم عن المنهج الصحيح، هل الإسلام تكفيري؟

تحمل نتائج الفكر المنحرف

- حينما يفهم أناس السَّلفية فهمًا خطئا, مثل الجماعات التكفيرية فهل نتحمَّل نحن نتيجة ذلك؟

- نحن حينما نقول: السلفية تتحمَّل كل هؤلاء الخوارج، فمعناه أيضًا أن نقول: إن الرسول -[- أيضاً يتحمل عبء حرقوص بن زهير حينما جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: «اعدل يا محمد فإنك لم تعدل» وهكذا، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم عنه-: يخرج من ضئضئ هذا رجال حدثاء الأسنان، سفهاء الأحلام، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، سيماهم التحليق، فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم خيرا، وفي رواية: «طوبى لمن قتلهم وقتلوه». إذًا فهل يقال: هؤلاء الذين خرجوا في عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم- ثم في عهد عثمان ثم في عهد علي -رضي الله عنهم- هم صنيعة العهد النبوي وصنيعة العهد الرسالي؟ حاشا وكلا! وهذا غير صحيح.

فأقول: كل من يهاجم السلفية في منهجها إنما يهاجم الإسلام.

السلفيون هم أهل التوحيد

- الأمر الآخر: من الأمور التي تدعم المقوم الذي ذكرناه وهو اليقين والقوة: أنَّ السلفيين هم أهل التوحيد، فحينما تأتي إلى الجماعات الأخرى لا تجد جماعة تقر أو تطالب النَّاس بأعظم ما طلبه الله -سبحانه وتعالى- منهم وهو التوحيد، لا تجد جماعة تطالب بهذا الأمر أكثر من السلفيين، أليس كذلك؟

فالسلفيُّون هم الذين يطالبون الآن بالتوحيد، الذين يعترضون على السلفيين دائمًا يعترضون على قضية التوحيد، يعني مثلًا حين نقول لهم: لا تدعوا الأموات من دون الله؛ فتراهم يغضبون من هذا النهي! لماذا يغضبون؟ لأنهم يريدونك أن تجيز التوسل بغير الله، وكذلك الاستغاثة بغيره، وأن تجيز شدَّ الرحال إلى القبور، فما من جماعة إلا وهي كذلك، حتى الجماعات التي تدَّعي أنها جماعات عقلانية مثل الأشاعرة.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك