رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: أ. د. سمير عبدالحميد إبراهيم نوح 18 فبراير، 2013 0 تعليق

جاءت في عشرة مجلدات تناول المجلد الأول منها الحج- موسوعة يابانية عن الإسلام

 

الموسوعة تخاطب المجتمع الياباني من خلال وجهة نظر يابانيين مسلمين

السيرة المنتقاه تحوي جوانب مضيئة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وسنته المباركة التي تعد نبراساً لهداية البشرية

المجلد الرابع خصص للكعبة المشرفة والمجلد الخامس تناول المسجد ودوره في الإسلام

 

 

في منتصف ربيع الثاني 1431 هجري الموافق أول أبريل 2010م، صدر المجلد الأول من بين عشرة مجلدات يابانية عن الإسلام تصدر بعنوان: (موسوعة الإسلام)، وهي تركز في المقام الأول على موضوعات الإيمان والعقيدة الإسلامية، يهتم بتحريرها الباحث الياباني (أمين ميزوتاني) الذي عمل سنوات عدة باحثاً بالمعهد العربي الإسلامي في طوكيو فرع جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، ويساعده في التحرير الأستاذ (خالد هيغوتشي) الرئيس الفخري لجمعية مسلمي اليابان، ويشترك في التأليف والترجمة عدد من المسلمين اليابانيين من أنحاء متفرقة في اليابان يعملون في جامعات أو مؤسسات بحثية مختلفة.

أهداف وغايات

     أوضح المحرر أن الإيمان هو أساس الإسلام، وفهم هذا الأمر في اليابان يحتاج إلى إيضاح وشرح الكثير من المعلومات المتعلقة بالعقيدة الإسلامية والتاريخ الإسلامي والحياة الإسلامية والمجتمع الإسلامي وما إلى ذلك من أمور ما تزال مبهمة وغير واضحة لليابانيين، ومن هنا كان اختيار موضوعات هذه المجلدات العشرة التي تتميز بمخاطبتها للمجتمع الياباني من خلال وجهة نظر اليابانيين المسلمين، مع وضع خصائص المجتمع الياباني في الاعتبار أيضاً، والتمسك أثناء الكتابة بثوابت العقيدة الإسلامية الصحيحة، والأمر الثاني أن هذه المجلدات تتعامل مع الإسلام بوصفه معتقدا دينيا مع التركيز على مسألة الإيمان، وهو الأمر المفتقد الآن في اليابان، وأخيراً تهدف هذه المجلدات، بل يأمل كل من أسهم في كتابتها تأليفاً وترجمة وتحريراً أن يكون لها دور في جعل اليابانيين يعودون إلى «الإيمان» بوجود خالق الكون، ومن ثم الانطلاق إلى المرحلة التالية، وهي عبادة الله حق عبادته.

     لكن كيف يمكن تحقيق هذا الهدف؟ يرد المحرر بأن هذه الكتب موجهة إلى المؤمنين بالإسلام في اليابان، فهم بحاجة شديدة لمطالعتها ودراستها، كما أنها ستودع أيضاً في مكتبات الجامعات اليابانية والمدارس اليابانية، وفي المكتبات المنتشرة في أحياء المدن اليابانية، كما أنها تهم طلاب كليات الآداب والباحثين في مجال الدراسات الشرقية، وكذلك الشركات المعنية بالشرق الأوسط وكل من لديه رغبة في التعرف على حقيقة الدين الإسلامي الذي ينال هذه الأيام اهتمام العالم أجمع.

خصائص الموسوعة

     لما كانت المجلدات في مجموعها تركز على الإسلام من الجانب الإيماني الذي يعد أساس العقيدة الإسلامية، فقد توافر لها هيئة تحرير هي في جملتها من المسلمين اليابانيين، يعينهم الأستاذ الدكتور محمد ابن حسن الزير مدير المعهد العربي الإسلامي السابق، والأستاذ بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، وقد قاد هذا الفريق، بل أسهم في ترتيب المجلد الخاص بالسيرة النبوية؛ لما له من أهمية وسط الهجمات الغربية المغرضة على النبيصلى الله عليه وسلم، وقد اشترك في هيئة التحرير البروفيسور (يوسف إيموري) الذي تخرج في قسم التاريخ بكلية اللغة العربية وعاد لليابان 1969م، وهو الآن أستاذ غير متفرغ بجامعة تاكشوك، وكان له فضل تدريس الجيل الجديد من أساتذة اللغة العربية الدراسات الإسلامية في اليابان، و(خالد هيجوتشي) الرئيس الفخري لجمعية مسلمي اليابان وأستاذ زائر بجامعة واسيدا في طوكيو، و(أمين ميزوتاني) الذي عمل باحثاً بالمعهد العربي الإسلامي الموجود حالياً في أمريكا لدراسة الدكتوراه، ومن مؤلفاته تاريخ مكة المكرمة باليابانية، وأحمد أمين باللغة الإنجليزية، وقد درس التاريح بجامعة القاهرة، فضلا عن توكونوغا ريسا بالمعهد العربي الإسلامي، وكاوادا ناؤوكو بجامعة سانت توماس، وقد حررت المجلد الخاص بالإسلام والمرأة، وأسهم في الكتابة أيضاً البروفيسور معمر شينوهيه من جامعة دوشيشا، وعارفة ماتسوياما خريجة جامعة دوشيشا وتصدر حالياً مجلة «المسلمون» اليابانية بعد وفاة السيدة حبيبة ناكاتا - يرحمها الله - وزوجها مجاهد ماتسوياما، وريم أحمد، وأحمد ماينو وغيرهم من المسلمين اليابانيين.

نبذة مختصرة

     من الصعب على عموم الناس في اليابان أن يفهموا الإسلام، ويرجع السبب ببساطة إلى أنهم يهتمون فقط بالأحداث المعاصرة وما يرد في الصحف ووسائل الإعلام المسموعة والمرئية من أخبار، ومن ناحية أخرى يهتم الدارسون بالدراسات الأكاديمية دون غيرها، إلا أن مبادئ الإسلام في جوهرها ليست مجرد دراسات أكاديمية، بل تقوم أساساً على «الإيمان» وفهم هذه الحقيقة يستوجب تقديم الكثير من المعلومات، ومن هنا جاء محتوى هذه المجلدات التي بدأت بالمجلد الأول عن الحج في الإسلام، الذي كتبه أمين ميزوتاني فشرح أهمية الحج في الإسلام وفي حياة المسلمين، وركز على تاريخ الحج ومعناه الروحي، وكيف يمثل متعة روحية للمسلم المؤمن بالله، أما المجلد الثاني فكان بعنوان :«سماء الإسلام» ويقصد به الحياة بعد الموت في الإسلام، ويتضمن ترجمة فصول من كتاب ابن الجوزي - رحمه الله - عن الحياة بعد الموت قام بها أمين ميزورتاني، وخصص المجلد الثالث لشرح سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وتضمن ترجمة مختارات انتقاها الأستاذ الدكتور محمد ابن حسن الزير، ولهذا فالكتاب موجه تماماً للقارئ الياباني يشرح جوانب مضيئة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم الذي تمثل سنته المباركة نبراساً لهداية البشرية.

     وفي المجلد الرابع الخاص بالكعبة المشرفة، شرح أمين ميزوتاني أهميتها بوصفها قبلة للمسلمين، وبين تاريخها معتمداً على المصادر العربية القديمة والحديثة، ومن الكعبة إلى المسجد وهو موضوع المجلد الخامس، وقد حرره أمين ميزوتاني أيضاً، فذكر أن المسجد يمثل قلب العمارة الإسلامية، وشرح دور المسجد في المجتمع الإسلامي قديما وحديثاً، وتناول المجلد السادس موضوعاً جديداً هو الإسلام واليابانيون، حرره البروفيسور (إيموري كاسوكيه)، وشارك في تأليفه عدد من المسلمين اليابانيين من بينهم أمين ميزوتاني، وخالد خيجوتشي، و(أحمد هيروشي سوزوكي)، وصديق كاتاياما، وتناول الكتاب مفهوم الإسلام في ذهن اليابانيين، ولا سيما أنه بعد الحرب العالمية الثانية تحولت اليابان إلى دولة علمانية، ولم يجد اليابانيون ما يؤمنون به، ولهذا برز السؤال المهم: هل يمكن للإسلام أن يجعل اليابانيين يؤمنون بشيء؟! وما احتمالات المستقبل؟

     واهتم المجلد السابع بموضوع الإسلام والمرأة، وقد حررته (كاوادا ناؤوكو) وشارك في تأليفه (ميزوتاني) و(كاتاياما) و(ماينو) و(ريم أحمد) و(مجاهد ماتسوياما) يوهيه وعارفة ماتسوياما توموكو وغيرهم، ويشرح هذا المجلد مكانة المرأة في الإسلام التي ناقشها كثير من الناس بطرق مختلفة وبوجهات نظر مختلفة؛ فطبقاً للإسلام هناك مساواة بين الرجل والمرأة، لكن من وجهة النظر الأوروبية والأمريكية لا توجد مساواة، ويتناول هذا المجلد مناقشة ما يثار حول هذا الموضوع طبقاً لتعاليم الإسلام.

     وتناول المجلد الثامن الأديان في جزيرة العرب قبل الإسلام، وهو ترجمة لفصول من كتب عربية تناولت الموضوع، وقامت بالترجمة (توكوناغا ريسا) التي تعمل بالمعهد العربي الإسلامي، ومن الجدير بالذكر أن هذا الموضوع جديد في اليابان، ويذكر الكتاب أنه إذا درسنا الأديان التي وجدت في جزيرة العرب قبل الإسلام أمكننا التعرف على كيف أنقذ الإسلام البشرية، وهذا أول كتاب يتناول هذا الموضوع في اليابان.

     والمجلد التاسع يتناول دراسة التراث والفكر التراثي والتجديد، وقد حرره (أمين ميزوتاني) شارحاً تطور الفكر السياسي والاجتماعي في الإسلام، مركزاً على دور الأسرة في المجتمع وانتقال الأفكار من الآباء إلى الأبناء، وجاء المجلد العاشر بعنوان: «الإيمان بالإسلام والمجتمع المعاصر» وقد شارك في تحرير هذا المجلد أمين ميزوتاني، ومعمر شينوهيه، وأوكودا أتسوتشي آخرون، ويتناول الكتاب المشكلات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية المعاصرة، ويثير قضايا مثل موقف الإسلام من القتل الرحيم، ومن نقل الأعضاء، وقضايا مثل ربا البنوك وغيرها من تحديات يواجهها العالم الإسلامي، ويشرح الكتاب كيف تعامل الإسلام مع هذه القضايا.

كلمة أخيرة

     بعد ظهور المجلد الأول - أول أبريل - الذي تناول موضوع الحج في الإسلام، بات الكثير في انتظار ظهور بقية المجلدات، وقد ذكر المستعرب الياباني البرفيسور المعروف إيتاغاكي أن اليابان شهدت الكثير من الكتب والمؤلفات عن المسيحية، لكن الوضع يختلف بالنسبة للإسلام، والناس بحاجة إلى التعرف على الإسلام من مصادره، فقد اعتادوا أن يأخذوا عن أوروبا وأمريكا، وقد قام المسلمون اليابانيون مثل أحمد أريغا وتناكا ايبيه بشرح الإسلام والتعريف به وجهدهما بلا شك مشكور، إلا أن ما ستقدمه هذه المجلدات سيشرح الكثير من الموضوعات التي استعصى فهمها على اليابانيين، أما الباحثة اليابانية الأستاذة (كاتكورا موتوكو) التي عاشت في المملكة العربية السعودية سنوات عدة، فقد ذكرت أن هذه الموسوعة هي ما يحتاج إليه الشعب الياباني من أجل فهم الإسلام؛ فنحن نريد أن نعرف الإسلام ولا سيما من داخل الدين نفسه، وهذه المجلدات ينتظرها الجميع بفارغ الصبر، أما عالم المصريات الياباني الشهير (يوشيمورا ساكوجي فيثني) على هذه الموسوعة بقوله: إنها مهمة جداً لفهم الإسلام الحقيقي وليس ما يصوره لنا الغرب، وحين شاهدت مخطط هذه الكتب شعرت برغبة عارمة في مطالعتها وأنا على يقين من أن اليابانيين سيتمكنون من فهم الإسلام بطريقة جيدة إذا ما طالعوا هذه الكتب.

     وذكر الراهب البوذي البروفيسور سوغيتاني الذي زار الرياض منذ سنوات أن هذه المجموعة التي تتكون من عشر مجلدات من تأليف يابانيين مسلمين وضعوا بين صفحاتها خبراتهم الإيمانية الذاتية، ولقد بدا الحوار بين الإسلام والأديان والثقافات منذ 40 سنة، وآمل أن تكون هذه المجلدات مظهراً من مظاهر الحوار بين الإسلام والأديان والمعتقدات والثقافات العالمية.

 

(*) أستاذ اللغات الشرقية وآدابها - جامعة دوشيشا كيوتو - اليابان

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك