رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الشيخ محمد الكوس 15 يوليو، 2019 0 تعليق

توحيد الله شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء

توحيد الله  -تعالى- كشجرة عظيمة أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، كما قال الله -جل وعلا-: { أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ  تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ}.

     هذه الشجرة لابد أن يتعاهدها الإنسان حتي لا تموت ولا تذبل، لابد أن يتفكر المسلم ويحرص على تنمية هذه الشجرة -شجرة التوحيد-؛ فما الذي ينمي هذه الشجرة؟ هناك أمور كثيرة تنميها، ومن ذلك: أن يفعل العبد الطاعات حبًا في الله -سبحانه وتعالى-، ورجاء لرحمة الله -عز وجل-، وخوفًا من عقابه، ولابد مع هذه الأمور الثلاثة حب الله وخشية الله ورجاء رحمة الله -سبحانه وتعالى-، وقد جمع الله هذه الأمور الثلاثة في سورة الإسراء؛ فقال: {أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}.

الصلوات الخمس

     كذلك أيضًا مما ينمي شجرة التوحيد، المحافظة على الصلوات الخمس، هذه الصلوات العظيمة التي شرعها الله في السماء في ليلة المعراج في أعلى مكان وصل إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وكانت خمسين صلاة في البداية، تأمل أيها المسلم الصلوات كانت خمسين، ثم بعد ذلك خففت إلى خمس صلوات، وهذا دليل على عظيم حق الله -جل وعلا- علينا؛ فمن أعظم ما ينمي شجرة التوحيد المحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها في بيوت الله -سبحانه وتعالى- والتهاون في الصلاة مما يخدش التوحيد؛ ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم : «بين المرء والكفر والشرك ترك الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر أو أشرك».

     بل إن ترك صلاة العصر يحبط الأعمال، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «من ترك صلاة العصر فقد حبط عملة» رواه البخاري -رحمة الله عليه-، هذا يدلنا على أهمية هذه الصلوات الخمس، واهمية العناية بها، وكذلك أيضا أهمية تحريض الأولاد على العناية بالصلاة، ينبغي على الآباء أن يتعاهدوا أولادهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : «مُرُوا أَوْلادَكُمْ بِالصَّلاةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي الْمَضَاجِعِ»؛  فالولد قبل السبع لا يؤمر؛ لأن سن التميز السبع.

التفكر في خلق الله -جل وعلا

     كذلك أيضا مما يزيد الإيمان والتوحيد في قلب المسلم التفكر في خلق الله -جل  وعلا-، الله -سبحانه- مدح أهل الإيمان بأمرين عظيمين التفكر والذكر؛ فقال -جل وعلا-: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآيَاتٍ لِّأُولِي الْأَلْبَابِ}، من هم أولي الألباب؟ هل هم أصحاب الشهادات؟ إنهم {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وعلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار}، يذكرون الله قائمين وقاعدين وعلى جنوبهم عند النوم في أحوالهم جميعها؛ ولذلك الله -جل وعلا- أوصانا وأمرنا بالإكثار من ذكره حتى بعد صلاة الجمعة {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}.

     النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «من قال -سبحان الله وبحمده، غرست له في الجنة نخلة»، ونخل الجنة ليس كنخل الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «ما من نخلة إلا وساقها من ذهب»، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لقيت إبراهيم ليله أسرى بي فقال: يا محمد أقرئ أمتك مني السلام، وأخبرهم بأن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، أي أرض مستوية، فيها مكان للزرع، وأن غراسها سبحان الله والحمد لله والله أكبر»، وفي رواية صحيحة صححها العلامة الألباني «ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم»، كلمات عظيمة ينبغي أن يتفكر فيها الإنسان، لا يقولها فقط بلسانه وقلبة غافل,  (سبحان الله): أنزه الله عما يقوله الملحدون، واليهود، والنصارى، والوثنيون، والمشركون، وملل الكفر جميعها؛ فهو الواحد الأحد، الصمد الذي لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفؤا أحد، على العرش استوى أي علا وارتفع -سبحانه وتعالى-، الكون كله بيده مثقال حبة خردلة «وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىعَمَّا يُشْرِكُونَ}.

الثناء على الله

الحمد لله: الثناء على الله بصفات الجلال، والكمال، والعظمة، وشكر الله على نعمه.

لا معبود بحق إلا الله

     لا اله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله، كل معبود سوى الله باطل، معبودات كثيرة عبدت منذ فجر التاريخ إلى يومنا هذا، أصنام، وأوثان، وأحجار، وشجر، وشياطين عبدت، رسل وأنبياء عبدوا من دون الله عيسي -عليه السلام- عبد من دون الله عزير عبد من دون الله -والعياذ بالله -تبارك وتعالى.

الله أعظم وأكبر

     الله أكبر: الله أعظم وأكبر من كل شيء؛ ولذلك نستفتح الصلاة بهذه التكبيرة، من لم يستفتح الصلاة بالله أكبر، بطلت صلاته، ولم تنعقد صلاته، كلمة الله أكبر نفتتح الصلاة بها حتى نتذكر أن الله أعظم من كل شيء، ونضع الدنيا وراء ظهورنا ونتفرغ لربنا دقائق معدودات، الله -عز وجل- يقول: «يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملاً قلبك غنى, وأسد فقرك وإن لم تفعل ملأت يديك شغلا ولم أسد فقرك» الغنى في القلب ليس في المال.

خير من دعا إلى توحيد الله

     نبي الهدى ونبي الرحمة محمد بن عبدالله -صلوات ربي وسلامه عليه- خير من دعا إلى توحيد الله، وخير من هدم الشرك والوثنية ورضي الله عن أصحابه الغر الميامين الذين صاروا على طريقه ودعوته واتبعوه، ولاسيما الخلفاء  الراشدين الأئمة المهديين أبي بكر الصديق، وعمر الفاروق الذي أطفأ نار المجوس، وعثمان ذي النورين الذي تستحي منه ملائكة العذاب، وعلي أبي السبطين الحسن والحسين -رضي الله عن جميع الصحابة وآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم.

المواظبة على تلاوة كتاب الله

     ومما ينمي شجرة التوحيد في القلب المواظبة والمثابرة على تلاوة كتاب الله -عز وجل-؛ فالقرآن هو كتاب التوحيد، الأعظم، هناك ثلاثة أمور عظيمة، جاء التركيز عليها في كتاب الله -عز وجل- توحيد الله، وإثبات النبوة لمحمد بن عبدالله، إثبات البعث والمعاد والقيامة، هذه ثلاثة أصول عظيمة؛ ولذلك ما من سورة إلا وتجد فيها توحيد الله -سبحانه وتعالى.

سورة عظيمة

     والنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن سورة الإخلاص تعدل ثلث القران؛ فهي سورة عظيمة، حث النبي صلى الله عليه وسلم على قراءتها، وأخبر أيضًا أن من قرأها عشر مرات بنى الله له بيتا أو قصرًا في الجنة، وانظر إلى عظمة هذه السورة، الله أحد ليس له شريك -سبحانه- {آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60) أَمَّن جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61) أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَّعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ (62)أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَن يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّن يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَّعَ اللَّهِ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}. هل هناك برهان أو دليل على أن مع الله إلها آخر؟ الله! يقول الله -تعالى-:

{لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا {فَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ}، لو كان هناك إلهان لتصارعا، وفسد الكون وتدمر وسقطت السماء على الأرض وهذا دليل جليل واضح على أن الإله الحق هو الله -تعالى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك