رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: الفرقان 17 ديسمبر، 2013 0 تعليق

الوحشية في التعامل مع المعتقلين- لأول مرة: قصص مخيفة من داخل السجون الحوثية.. تعذيب وإعدام..


أرقام وتفاصيل عن الاعتقالات والسجون الحوثية تنشر لأول مرة:‏

- إعدامات بتهمة الجاسوية والعصيان.. بينها 3 من مسلحيهم

- سجون للنساء يكشف عنها لأول مرة

- تعذيب وحشي وظروف بالغة القسوة في السجون

- مختطفون مجهولون يتحدث عنهم سجناء مفرج عنهم

تقرير: رياض الأحمدي، صالح الحكمي، محمد العبادي

قصص رعب وتعذيب وحشية لا يعلم الكثير من اليمنيين أنها تجري في جزءٍ من بلادهم سقط بأيدي جماعة خارجة على الدولة:

إنها صعدة؛ حيث مئات الآلاف من المواطنين أصبحوا يعيشون في وضع خاص ويخضعون لسلطات أخرى وهي سلطة جماعة الحوثيين المفروضة بقوة السلاح.. فهل يعلم اليمنيون شيئاً عن قوانين هذه الجماعة وممارستها التي تطبق على المواطنين هناك؟ وهل يعلمون عن سجون تمارس فيها أقسى أنواع التعذيب بعيداً عن أعين العالم وبعيداً عن أعين المنظمات الإنسانية ووسائل الإعلام.‏

     الكثير من الناس يعلمون عن الثمن الذي دفعته البلاد جراء سلسلة الحروب التي راح فيها الآلاف من الجنود والمواطنين جراء المواجهات مع الحوثيين.. وكذلك يسمعون عن مساعي الحوثيين للتوسع إلى المدن والمناطق المجاورة وعن الحروب مع القبائل والمخالفين.

صعدة وسجون السيد

     تتناقل وسائل الإعلام بين الحين والآخر اخباراً عن ممارسات الحوثيين وعن المضايقات التي يتعرض لها مخالفوهم وعن أعمال الاعتقال والتعذيب.. لكن هل يعلمون أكثر من أرقام وتصريحات عابرة وإدانات لهذه الأعمال؟

     في هذا الملف نحاول الاقتراب من عش النسر!! جنة الحسن ابن الصباح أو قلعة الموت كما سميت مع الفارق الزمني والجغرافي بين المكانيين لكن الموت يحاصرك في شعارات حرب تلوين الجدران في تناقض مرعب بين أدوات الرسم والرصاص والبارود فلا شعار يعلو فوق شعار الموت فما الذي يعكسه على من يظللهم من السكان فلا ظل الا ظل الشعار.. كيف تدور حياة الناس اليومية هناك وكيف يتصرفون في مصالحهم؟ وما القانون إذا اختلفوا؟ ومن الحاكم الذي يرجعون إليه؟

     شكاوى عن معتقلين ومفقودين وعن معذبين منتهكة حقوقهم في سجون حماة الشعار الذين لا يخيفهم شيء كما تخيفهم كاميرات الصحفيين وأقلامهم أو الزائر للمحافظة المنحاز للإنسان ولا شيء غيره من أولئك العاملين في المنظمات المهتمة بحقوق الإنسان إن كنت صحفياً أو زائراً تحتاج إلى إذن وتسمع همس الناس وعين تقرأ وجوههم المرعوبة.

     تتقاطع التفاصيل اليومية معك عن اعتقالات (المجاهدين) للناس وحماسة أولئك الشباب الحاملين للكلاشنكوف.. إنهم جنود الشعار يذكرك احتلالهم لمفترقات الطرق وتقاطعاتها بالإنزال الجوي الألماني على النرويج في الحرب العالمية الثانية التي احتلت خلال ست ساعات فأنت والسكان والمجاهدين في معتقل كبير بمساحة محافظة وامتداداتها وما عليك إلا أن تكون مثل الجميع جندياً للشعار ولو كذباً فلن يرحمك هنا أحد.‏

     لكن ما حقيقة السجون في هذا المعتقل الكبير وأين أولئك المخفيون قسريا؟ ولماذا الاعتقال؟ ما التهم التي تودي بك إلى هذه السجون لتتجنبها؟ وكيف يعمل داخلها هؤلاء السجناء؟

     إنها سلطة بكل معانيها، فلم يتبقَ للدولة شيء حتى اسمها يكاد يتلاشى هنا والاستغاثة بها أو الولاء لها تهمة، وما أرخص هبات التهم وما أكثر الهمس بين السكان من يسمع عما يجري في صعدة يكاد لا يصدق فما كتبه الكاتب العراقي عن جمهوريات الخوف لا يقارن بما يحدث في هذه المحافظة.‏

أرقام وتفاصيل حول المعتقلين

     تصاعدت الاعتقالات أو الاختطافات التي تقوم جماعة الحوثيين خلال الشهور الأخيرة بشكل واسع، ويرجع الناشطون والمواطنون الذين التقيناهم هذا الارتفاع إلى أسباب عديدة، أبرزها سعي الحوثيين لإحكام القبضة الأمنية على المحافظة وإجلاء مناوئيه من جميع التيارات المخالفة له، والتي كان قد دشنها بإجلاء يهود آل سالم اليمنيين من صعدة في فترة مبكرة.

     وبحسب الإحصائية التي حصلنا عليها من مؤسسة وثاق باعتبارها المؤسسة الوحيدة التي رصدت الانتهاكات ضد المدنيين في صعدة فإن عدد الاختطافات المسجلة منذ بداية العام ‏2012 وحتى اليوم بلغت (726) حالة اختطاف. ويعد هذا الرقم مؤشراً على الارتفاع المتصاعد مع تضعضع حال الدولة خلال العامين الأخيرين ومع الشرعية السياسية التي حصل عليها الحوثي بإشراكه في الحوار، حيث كانت الاعتقالات التي رصدتها وثاق في تقريرها حتى نهاية العام 2011 من بداية سيطرة الحوثي وأثناء المواجهات مع الدولة قد بلغت ‏597 حالات اختطاف بينها 22 حالة اعتقال تعرضت للتعذيب.

     ومن هذه الاعتقالات تفيد أن 48 معتقلاً سياسياً لا يزالون في سجون الحوثي وأماكن اعتقالهم معروفة، فضلا عن 55 مخفياً قسرياً لا يعلم مكان اختطافهم. وهناك العديد من المختطفين قضوا نحبهم في السجون أو أعدموا، والحالات التي وصلتنا هي قليلة جداً يرويها بعض المفرج عنهم والذين يتحدثون عن أساليب التعذيب وعن حالات التقوها أثناء سجنهم.

المخفيون قسريا

     وراء  كل حالة تعرضت للاعتقال والترهيب أو التعذيب قصة حزن ورعب ومأساة ترتبط بأهالي وأفراد أسرة المختطف الذين تنكدت حياة بعضهم جراء اختطافه وغيابه وجراء ما يتعرض له. لكن جانب المخففين قسرياً يبدو أكثر تجسيداً لهذه القصص المآساوية. وكشفت لنا مؤسسة وثاق أنها رصدت (55) حالة إخفاء قسرياً في سجون الحوثي لا يعلم مصيرهم ولا مكان اختطافهم، ومن بين هؤلاء الدكتور علي الجبوخ الذي تداولت قصته في وقت سابق.

     المخفي قسرياً الطبيب علي صغير صالح الجبوخ ذهبنا إلى أسرته التي أصبحت تعيش في العاصمة صنعاء والتقينا بأبيه الرجل المسن وسألناه عن ابنه الدكتور المعتقل وقد أجابنا بمتماسك تبدو في عينيه ملامح اتقاء الشكوى. بأن ابنه الطبيب اعتقل في ‏15/نوفمبر/2009 من منزله في قرية النظير أثناء ما كان يتأهب لأداء عمله، وأنه اتهم بأنه ساعد بإخفاء قائد طائرة حربية سقطت في المنطقة، أثناء المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين في ذلك الحين.‏

     صغير الذي كان فخوراً عندما أخبرنا أن ولده لم يكن محارباً بل كان يعد حمل السلاح ظاهرة مسيئة وكل سلاحه هو «السماعة» و(المشرط)، أكد أن أخباراً تصل إليه من مساجين أن ابنه ما زال حياً وأكد أنه لن ييأس وحينها خارت قوته وتغلبت عليه عاطفة الأبوة وانفجر بالبكاء.

     أما أم علي الجبوخ عندما سألناها فلم تستطع أن تتمالك نفسها من البكاء وحالتها أشد مأساوية من أبيه.. إذ فقدت بصرها من شدة الحزن والوجد على ابنها.. وقد روت لنا قصة اعتقاله بأنهم ‏- أي الحوثيون - حضروا وحاصروا المنزل وقاموا بالتفتيش بحثاً عن الطيار وعندما لم يجدوه قاموا باعتقال ابنها الدكتور علي. وأشارت إلى أنها أثناء قيامهم باعتقال ابنها تشبثت بثيابه وكانت تقول لهم «لا تأخذوه» وكانوا يضربونها وهي تقبل أقدامهم  وتقول لهم: «اتركوه وخذوني أنا».

 أم علي الجبوخ أصبحت إنسانة محطمة فقدت بصرها وكل أملها في الحياة أن ترى ابنها.

     وليس الأب والأم وحدهما من ينتظران، فما زالت لديه زوجة تنتظره، وطفلاه أنور وعبدالله اللذين لا يعرفان أباهم إلا من خلال الصورة التي ينظرون إليها قبل نومهم في كل ليلة.

     وعبرنا وجهت أسرة الخبوج مناشدة للمجتمع الإنساني أن يعمل ما بوسعه لإطلاق سراحه. وطالبت المبعوث الأممي إلى اليمن جمال بن عمر بأن يعمل على إطلاق سراح علي الخبوج الذي ترى أمه أن مشكلات اليمن ستحل كلها إن وجدت ابنها.

سجون الحوثيين

     لا توجد إحصائية دقيقة بعدد سجون الحوثيين في صعدة والمناطق التي يسيطرون عليها، لكن تقرير مؤسسة وثاق الحقوقي في نهاية العام 2011 أشار إلى وجود 36 سجناً تابعاً للحوثيين، وقد كشفت لنا مؤسسة وثاق للمرة الأولى أنها حصلت على معلومات بوجود 3 سجون إضافية في صعدة فضلا عن وجود 20 سجناً في محافظة حجة و10 سجون في عمران، أي أن عدد السجون التي رصدت حتى الآن 69 سجناً موزعة بين صعدة وحجة ومديرية حرف سفيان، مع الإشارة إلى أن العديد من المواطنين الذين التقيناهم يشيرون إلى أنواع مختلفة من السجون، فإلى جانب سجون أقسام الشرطة التي كانت تابعة للدولة، هناك أيضاً مواطنون يفيدون بأنهم اعتقلوا في مدارس ومبانٍ حكومية يسيطر عليها الحوثي، ومنازل مواطنين مهجرين.

تعذيب وحشي في السجون

     قد يكون الاعتقال أمراً أقل مرارة اقتضاه الأمر الواقع بسيطرة الجماعة، لكن الجريمة الأشد والأنكى من الاعتقال خارج القانون وأحياناً من الموت، هي التعذيب الوحشي الذي يتعرض له المعتقلون الذين يذهل المرء بسماع الروايات من بعضهم الذين خرجوا من السجون.

     يجري التحقيق مع الفرد لمدة ست ساعات متواصلة مع الضرب، ويتنوع التعذيب من الضرب بالأيدي على الوجه، والضرب بالخبطات الكهربائية والعصي والأسلاك على الظهر والمؤخرة وفي مناطق حساسة في الجسم، إلى التجريد من الملابس من سطح السجن وصب الماء البارد على المعتقل وتركه حتى يثلج الجسم.

     كما يكون التعذيب في سجون الحوثي بربط الأيدي إلى الخلف والركل بالأرجل، والربط على الأعين وإجبارهم على التبصيم (بصمة) على أوراق لا يعرفون ما الذي كُتب فيها. وتعليق الشخص من السطح ورأسه للأسفل ويمليون بأرجله مع التهديد برميه بهذه الطريقة إلى خلف السجن. كما يمنعون عنه الفراش، في ظل الأجواء الباردة، هذه الأيام بالذات حتى أنهم لا يستطيعون مسك «البول» ومن وسائل التعذيب أن يجبروا المعتقل على شرب كمية كبيرة من المياه ثم يقومون بربط عضوه الذكري لمنعه من التبول.‏

     يمنع الحوثيون السجناء لديهم من النظافة والتواصل مع الأهل والناس ومنع الزيارة إليهم.. ولا يعرف السجين أين هو مسجون؟ كما لا يعرف أهله مكانه بالضبط في أغلب الحالات.

     والزنزانة متر في مترين لا يوجد فيها ضوء أو هواء أو فراش أو حمام. ولا يسمحون للسجين بالذهاب إلى الحمام إلا مرة واحدة في اليوم..  وذلك لا يسمحون للسجين بالاغتسال إلا مرة واحدة في الشهر، إلا إذا قال السجين أنه أحدث «حلم» في المنام يحلفونه ويسمحون له بالاغتسال.

أمراض معدية ووجبة في اليوم

     أما الطعام الذي يعطى للسجين لدى الحوثي فهو قرص من الخبز في اليوم فيه مذاق مادة ‏«الديزل»، ويتسبب للبعض من السجناء حسب الشهادات بـ«الإسهال».

     أما الحالة الصحية فيشير المواطنون ممن التقينا بهم إلى انتشار الأمراض بين السجناء بسبب التعذيب وظروف السجن الموحشة التي تؤدي في بعض الحالات إلى أمراض نفسية وأمراض أخرى  تنتشر بين السجناء أبرزها (الجرب) و(الإميبيا). وقد حصلنا على أنباء بوجود أكثر من 200 سجين في باقم مصابون بالجرب. 

أسباب الاعتقال والتهم الموجهة

     إن أغلبية الحالات المسجلة التي حصلنا عليها من منظمات حقوقية وجهات محلية أخرى غالبها اعتقالات سياسية أو لمخالفيهم أو ممن هم ليسوا مع الجماعة ويشكون به، لكن هناك حالات أخرى تحدث جراء شكوى من مواطنين أو خلافات مع حوثيين أو عدم التجاوب معهم، أو بسبب عدم دفع الزكاة فضلا عن الابتزاز من قبل بعض قيادات الحوثيين التي تلفق تهماً لبعض من يختلفون معها وليس بالضرورة أنهم على خلاف سياسي مع الجماعة.

     أما التهم التي توجه إلى المعتقلين فهي عديد وأبرزها بحسب الحالات التي التقيناها: معارضة الفكر، والوقوف ضد المسيرة القرآنية، والتجمعات والمقايل، وتخزين السلاح، وممارسة السياسة والفكر المخالف لهم.. ليس هذا فحسب بل إن السفر من صعدة يعد تهمة لدى الحوثيين؛ حيث يقومون باعتقال بعض من يسافرون إلى صنعاء للتحقيق معهم واتهامهم بمقابلة «السفير الأمريكي». والتهم السياسية لا تكون مباشرة أحياناً، فيلصقون بالمختطف تهماً أخلاقية كاتهامه بأنه «شاذ»، أو اتهامه بتجارة أو تعاطي «المخدرات»، وهناك تهم أخرى مستحدثة كالعمالة والنفاق، وللعلم فان تهمة العمالة أو النفاق تعد إهدارا لدم المتهم.

مناسبات الاعتقال

     ويشير من التقيناهم إلى أن الاعتقالات تزيد أثناء المناسبات كاحتفالات الغدير و(يوم القدس»)، كذلك في (أيام الزكاة) ومواسم (جني الثمار)، فضلا عن الاعتقالات السياسية التي تزيد مع كل مواجهة يخوضها الحوثي ضد القبائل أو السلفيين في مناطق أخرى.

     ولوحظ ما يشبه الإجلاء لبعض المناطق، فبالتزامن مع الهجوم على منطقة دماج لمحاولة إجلاء آخر نقطة في صعدة لجماعة دينية لا تواليه ممثلة في السلفيين، بدأ بالتزامن مع ذلك بإجلاء سياسي لمخالفيه من مديرية حيدان وساقين وهي مناطق انطلاقه. في مؤشر على أن الإجلاء المذهبي لمخالفيه من صعدة قد تتبعه محاولة لإجلاء سياسي لما تبقى من المنتمين لتيارات سياسية أخرى.

أنواع المعتقلين

     المعتقلون الذين التقيناهم أو حصلنا على معلومات حولهم من تيارات ومشارب مختلفة، منهم من التيارات السياسية كالتجمع اليمني للإصلاح، وكذلك من المؤتمر الشعبي العام، ومعتقلين من القبائل ومن التيارات الزيدية المخالفة للحوثي كتيار محمد عبدالعظيم الحوثي، وبعض المعتقلين من العناصر المنتمية للجماعة نفسها التي تعرضت للاعتقال والتعذيب أو القتل بسبب تهم مخالفة الأوامر أو الاشتباه وغير ذلك. 

أعضاء الإصلاح

     كثيراً ما تتناول وسائل الإعلام أنباءً عن الاعتقالات والملاحقات التي يتعرض لها أعضاء من حزب التجمع اليمني للإصلاح، في مديريات مختلفة، بل إن الانتماء للإصلاح تهمة توجه لبعض من يتم اعتقالهم.. وفي العامين الأخيرين صعد الحوثي باستمرار من خطابه العدائي ضد الإصلاح.

     وخلال الأسابيع الماضية توجه مكتب الإصلاح بمحافظة صعدة بمناشدة لإنقاذ 19 فرداً من ناشطيه في مديرية ساقين وبعض المناطق الأخرى في المديريات الأخرى اعتقلوا في سجون الحوثي قال إنهم يتعرضون للتعذيب؛ حيث جاءت المناشدة ببلاغ صحفي إلى رئيس الجمهورية وأحزاب اللقاء المشترك ورئيس الوزراء ومؤتمر الحوار الوطني وجمال بن عمر الأمين المساعد للأمم المتحدة. ناشد فيها بالضغط على جماعة الحوثي لإطلاق ناشطيه الذين تم اختطافهم من منازلهم قبل منتصف الشهر الماضي  وتم إخفائهم عن أسرهم في معتقلات سرية محملا وزيرا الداخلية والدفاع المسؤولية عن حياة المعتقلين لدى جماعة الحوثي».‏

     وقال إصلاح صعدة في بلاغات صحفية  8 و 11 نوفمبر الجاري إن ناشطيه  لم يرتكبوا أي ذنب أو جريمة سوى عدم خضوعهم لسيطرة مليشيات الحوثي المسلحة التي تحاول بين الحين والاخر الزامهم بالتخلي عن انتمائهم للإصلاح وضمهم إلى مسلحي الجماعة بالقوة. وقال الإصلاح أن «أفراده يتعرضون للتعذيب في معتقلات الحوثي في منزل قديم بمديرية ساقين.. والتعذيب بمختلف أنواعه وبشقيه النفسي والجسدي فضلا عن تعريضهم للبرد القارس في الليالي الباردة بعد تجريدهم من ملابسهم.. والذي يؤدي في الغالب إلى أمراض مزمنة يعانيها الفرد طوال فترة حياته و منها الفشل الكلوي». وأكد في بيان لاحق أن «جماعة الحوثي عن 2 من المختطفين وهم بحالة سيئة جدا وهم عبد الله على الحصان وأمين يحيى الحصان وبقي في المعتقل 17 شابا منهم 2 معلمين يتعرضون لأبشع أنواع التعذيب».‏

     وخاطب الإصلاح الرئيس عبدربه منصور هادي والنائب العام «نطالبكم بتحمل مسؤولياتكم في حماية الأفراد والجماعات حسب ما قرره الشرع وأكده الدستور اليمني والقوانين النافذة. مؤكدين أن قيام جماعة الحوثي بمداهمة منازل المدنيين والزج بهم في معتقلات لا تتناسب مع الحيوانات فضلاً عن بني البشر والاعتداء عليهم بالضرب المبرح بالعصي الخشبية الغليظة والاسلاك الكهربائية الشائكة؛ مما خلف إصابات شديدة وصل إلى كسر أعضاء بعض المعتقلين وهو أمر يستلزم إجراء تحقيق فوري ونزيه في كافة وقائع الانتهاكات التي طالت حقوق وأجساد المجني عليهم بداية من اقتحام منازلهم واعتقالهم خارج إطار القانون ونهاية بتعذيبهم والاعتداء على أجسادهم وإحداث إصابات بالغة وصلت إلى حد الكسر وإخراجهم في منتصف الليل وخلع ملابسهم وصب الماء البارد عليهم حتى الصباح ومنع الزيارة والاتصال من أهاليهم».‏

     وطالب الإصلاح بنزول لجنة ميدانية لزيارة «سجون ومعتقلات الحوثي السرية وفتح تحقيق فوري عاجل حول وقائع الاعتداء والضرب واستعمال التعذيب والعنف ضد المجني عليهم»، كما طالب بمحاسبة «المسؤولين عن تلك الجرائم واتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة ضدهم».. وطالب جميع الأحزاب السياسية والمنظمات والنقابات والاتحادات بإدانة الاختطافات والتعذيب التي تمارسه جماعة الحوثى ضد الشباب المنتمين للإصلاح في صعدة».. كما طالب «بسرعة الإفراج عن المختطفين ونقلهم إلى العاصمة لتلقي العلاج جراء التعذيب الذي تعرضوا له».‏

فضلا عن ذلك يقول الناشط الحقوقي نجيب السعدي رئيس مؤسسة وثاق للتوجه المدني أن الاعتقالات اكثر بكثير من الأخبار التي يتم تناولها في الإعلام وأن أغلب الأخبار التي ترد في الإعلام هي لأعضاء الإصلاح الذي يهتم بإثارة قضايا اعتقال أعضائه بينما هناك المئات من المعتقلين لا يجدون من يتكلم عن مأساتهم.

النساء أيضاً

     في تطور خطير، كشفت مؤسسة وثاق لأول مرة أثناء لقاء بها عن وجود نساء مختطفات في سجون الحوثيين، مؤكدة أنها حصلت على معلومات باعتقال اثنتين لأشهر، إحداهن تقول إنها اعتقلت من أجل خلاف حول «أرض»، كان أحد الحوثيين يريدون الاستيلاء عليها وقد أفادت أنها وجدت الكثير من النساء في السجن الذي اعتقلت فيه هذا حسب روايتها لا ننفيه ولا نثبته قياساً إلى الواقع القبلي الذي يسود هذا المكان فتلك معيبة في الذهنية العامة للسلوك القبلي.. ‏(نساء معتقلات!! أمر لا أكاد أصدقة).

     الجدير ذكره أن رئيسة القطاع النسائي في فرع المؤتمر الشعبي العام في صعدة ورئيسة فرع اتحاد نساء اليمن في صعدة (فتحية العطاب) تعرضت لمحاولة اختطاف من بيتها من قبل الحوثيين في العام 2011 وعندما لم يتمكنوا من ذلك قاموا بضربها ضرباً مبرحاً وكسروا يدها قبل أن يغادروا منزلها.

مختطفون مجهولون

     الحالات العديدة التي يتحدث عنها الإعلام حيناً ليست إلا قيضاً من فيض، فهناك معتقلون لا أحد يستطيع الوصول إليهم وتصل أخبار بعضهم عبر بعض ممن تعرضوا للاعتقال وأفرج عنهم؛ حيث يتحدثون عن بعض من التقوهم في السجون، حاولنا التأكد من وجود مختطفين من خارج محافظة صعدة ولم تشع عنهم أخبار، سألنا مؤسسة وثاق فأفادونا بأنهم حصلوا على معلومات ليسوا متأكدين من دقتها بأن هنالك ثلاثة أشخاص أحدهم عسكري من محافظة أبين لانعرف إلى الآن ما اسمه واثنان من حضرموت قيل لنا إنهما مغتربان كانا في طريق عودتهم إلى بلادهم عبر طريق الملاحيط تم اعتقالهما في 2010، وقيل إنهما تعرضا للنهب والاعتقال من قبل  الحوثيين حسب إفادة أحد المعتقلين المفرج عنهم وهذه المعلومات ليست حقوقية -‏حسب إفادة وثاق- إذ لا تاكيد لها.

صعدة.. ماذا بعد؟

     بعد استماعنا للعديد من الروايات حول جانب أوضاع السجون وتعذيب السجناء، كان السؤال الذي يحضر في أذهاننا: لماذا يعذبون؟ أما وقد أصبح المعتقل بين يديك أسيراً غير قادر على فعل شيء.. لماذا تعذبه؟ أوليس ذلك شيئاً من الوحشية المتعارضة مع الفطرة ومع الدين؟ وإذا كان ذلك قد سرى عرفاً في بعض الأجهزة البوليسية القمعية.. هل خدم التعذيب أولئك الذين يبيحون لمجرميهم بممارسته؟ هل تطيب الحياة وتطول أمدها لمن يعذبون؟ هل هذه هي مبادئ الدولة المدنية التي نسمعها من ممثلي الحوثي في الحوار؟هل هذه الأعمال والانتهاكات سياسة مقرة من قيادة جماعة الحوثيين؟ وهل هذا ما تريده الجماعة؟ الإجابة تحملها قادم الأيام والقرار بيد الحوثي نفسه. فإذا رأينا صعدة وسجونها مفتوحة لمن يريد التحقق والتحقيق.

     والسؤال الذي يقفز بعد كل هذه الروايات والمعلومات: أين دور الحكومة والجهات الرسمية من المسؤولية؟ أين دور القوى والأحزاب السياسية وأين مسؤوليتها تجاه ذلك الجزء من الوطن؟ أين دور المنظمات الحقوقية والإنسانية المحلية والأجنبية وأين وسائل الإعلام الدولية؟

ولا ندعي أن المعلومات الواردة في هذا الملف هي الحقيقة أو كلها، ولكنها دعوة إنسانية ملحة إلى التحقيق والنظر إلى جزء من اليمن أصبح خارج سيطرة الدولة، بغض النظر عن أي نقص، فجماعة الحوثي مطالبة أن تثبت وتفتح صعدة أمام المنظمات الإنسانية والجهات المعنية.

     إن صعدة وما حولها اليوم أصبحت سجناً كبيراً مليئاً بأطوار داخلية من السجون، وقد كانت يوماً ما محافظة يمنية حالها كحال بقية المحافظات والمناطق في الميزات والصعوبات. من لم يهتم النظر إلى سجون الحوثي في صعدة وحجة وسفيان فقد يكون عليه الانتظار حتى تصل سجون الحوثي إليه في صنعاء والمناطق الأخرى.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك