المشرف على كرسي تعليم القرآن وإقرائه بجامعة الملك سعود·· د· محمد العمر: الدراسات القرآنية مقبلة على طفرة بحثية كبيرة
لدينا تخطيط استراتيجي على أسس علمية ومهنية بالشراكة مع المؤسسات العلمية وذوي الخبرة في الدراسات القرآنية
الكرسي تبني دعوة عدد من المقرئين الكبار في أنحاء العالم الإسلامي للإقراء في الحرمين الشريفين
بوصلة الدراسات القرآنية تتجه اليوم نحو التطوير والتميز، وأن السنوات العشر القادمة سوف تكون حافلةً بمشروعات عظيمة تخدم القرآن الكريم
دشنت جامعة الملك سعود كرسي بحث في مجال تعليم القرآن الكريم وإقرائه بتمويل من الشيخ محمد العمودي، حيث يتولى إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس مهمة أستاذية الكرسي.
المشرف على الكرسي سعادة الدكتور محمد بن فوزان العمر يوضح لنا بعض الأمور المتعلقة بطريقة عمل الكرسي، ورؤيته المستقبلية التي يتطلع لتحقيقها، كما نتعرف على إنجازات الكرسي، كما يروي لنا ما قاله له فضيلة الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس عقب اختياره أستاذاً للكرسي، وما الذي يمكن أن يضيفه إمام وخطيب المسجد الحرام للكرسي، كما تطرق الحوار لموضوعات تتعلق بالقرآن الكريم وآدابه وضوابط إقرائه:
- ما الأسباب التي دفعت فضيلتكم لقبول الإشراف على كرسي تعليم القرآن الكريم تحت مظلة جامعة الملك سعود؟
- العمل في كرسي تعليم القرآن الكريم وإقرائه هو في الأساس عمل نبتغي به وجه الله تعالى وخدمة كتابه العزيز، ونحن نعتقد أنا وزملائي أن إنشاء الكرسي يعد مرحلة مهمة في العناية بالقرآن تتعدى مرحلة القراءة والتلاوة بحيث تعنى بالأبحاث العلمية في ذات المجال وتأصيلها وما يتعلق بجوانب تعليم القرآن وإقرائه، وأسأل الله أن يجعل هذا العمل في ميزان حسنات جميع القائمين على الكرسي·
- ما الوسائل العملية المعتمدة لديكم لكي يتمكن الكرسي من تحقيق رؤيته ورسالته وأهدافه؟
- لدينا في الكرسي تخطيط إستراتيجي على أسس علمية ومهنية بالشراكة مع المؤسسات العلمية وذوي الخبرة في الدراسات القرآنية، وأبرز الوسائل المعتمدة لدينا لتحقيق رؤية ورسالة وأهداف الكرسي هي إجراء الدراسات والأبحاث، وعقد المؤتمرات واللقاءات وحلقات النقاش، وتنظيم برامج إعلامية بالتعاون مع المؤسسات الإعلامية، وإنشاء مركز الاعتماد الأكاديمي للقرآن وعلومه، وإنتاج الأفلام الوثائقية الاحترافية في خدمة القرآن والتعريف به والجهود المبذولة في جمعه وحفظه وتفسيره عبر التاريخ، فضلاً عن التعاون مع الشركاء من الجامعات ومراكز البحوث والدراسات والكليات والمعاهد المتخصصة في القرآن وعلومه، وإصدار الموسوعات والمعاجم والدراسات والنشرات والمجلات العلمية المحققة لأهداف الكرسي، وإنشاء مرصد عالمي للدراسات المتعلقة بالقرآن، وكذلك إنشاء بوابة إلكترونية للكرسي للتعريف به وبمشروعاته، ومراجعة الدراسات والأبحاث والجهود العلمية في القرآن وعلومه، وإعداد الكشافات وقواعد البيانات في القرآن وعلومه، ونشر الأبحاث والدراسات والرسائل العلمية المحققة لأهداف الكرسي، واستقطاب الباحثين المتميزين في خدمة القرآن وعلومه وتأهيلهم·
- ما توجهكم لتطوير العمل بكرسي تعليم القرآن الكريم وإقرائه؟
- تم مؤخراً بحمد الله تدشين الكرسي بحضور فضيلة الشيخ الأستاذ الدكتور عبدالرحمن بن عبد العزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام وأستاذ الكرسي، الذي نعده فريق عمل إضافة مهمة للكرسي للاستفادة من خبراته الدينية والعلمية والمنهجية، كما يسعى الكرسي خلال الفترة القادمة لعقد اتفاقيات تفاهم وتعاون مع المؤسسات الوطنية والدولية للاستفادة المتبادلة بما يحقق رؤية الكرسي ورسالته وأهدافه·
- فضيلتكم والفريق البحثي بالكرسي قمتم بزيارة لمشايخ الإقراء والقراءات في المدينة المنورة· ما تفاصيل هذه الزيارة؟ وما الفائدة المرجوة منها؟
- هذه إحدى الزيارات التي نرجو من الله أن تكون موفقة لنا، حيث قمت وفريق الكرسي الدكتور مساعد الطيار، والدكتور محمد الخضيري من اللجنة العلمية للكرسي، والدكتور عبدالله الجار الله العضو الاستشاري بالكرسي، بزيارة لأبرز علماء الإقراء والقراءات في المدينة النبوية، وكان الهدف منها تعريف هؤلاء الأعلام بالكرسي وبيان أنشطته وأهدافه ومدارستهم حول ما يرونه من مقترحات وأفكار وأطروحات فيما يمكن أن يعود على الكرسي بالفائدة، وزرنا بفضل الله ثلاثة من أعلام القراءات في المدينة النبوية وهم سعادة الدكتور علي بن عبدالرحمن الحذيفي إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف والأستاذ بالجامعة الإسلامية، وفضيلة الشيخ عبد الرافع رضوان الشرقاوي عضو لجنة التحكيم الصوتي وعضو اللجنة العلمية بمجمع الملك فهد بالمدينة النبوية، وسعادة الدكتور عبد
العزيز بن عبد الفتاح القارئ عميد كلية القرآن الكريم بالجامعة الإسلامية سابقا وعضو اللجنة العلمية في مجمع الملك فهد·
وقد تبادلنا معهم -يحفظهم الله- الرؤى والمقترحات واتفقنا على ضرورة قيام الكرسي بالسعي لإقامة جمعية تعنى بالمقرئين بحيث يسجل فيها كل المقرئين في المملكة العربية السعودية وتتولى الجمعية الإشراف عليهم وتطويرهم ومنحهم التزكيات والإجازات وضبط الأعمال المتصلة بهم، واستحداث جائزة تقديرية دورية تقدم لأبرز الأعلام في الإقراء على شرف أحد كبار المسؤولين في الدولة على أن يتم خلال حفل الجائزة التعريف بالعلم المكرم وبالكرسي، وجمع النتاج العلمي لأبرز أئمة الإقراء كابن الجزري والشاطبي وتحقيقه وطباعته في مجموع كامل على شاكلة الأعمال الكاملة للأئمة الكبار، إضافة إلى تبني دعوة عدد من المقرئين الكبار في أنحاء العالم الإسلامي للإقراء في الحرمين الشريفين·
- ما الذي قاله لكم إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ السديس عقب اختياره أستاذاً للكرسي؟
- فضيلته هنأ القائمين على الكرسي وطالبنا ببذل مزيد من الجهد، وقدم الشكر لإدارة الجامعة على تقديم هذه المبادرة الطيبة والإسهامات الموفقة في كل ما يخدم العلم بشتَّى فنونه، وقال لنا فضيلته: إن تدشين كرسي تعليم القرآن وإقرائه هو نقلة نوعية جديدة في خدمة كتاب الله تعالى وإقرائه، ومحطة مهمة في العناية بالقرآن تتعدى مرحلة القراءة والتلاوة فضلاً عن أنه عمل إنساني إسلامي من أهم الأعمال التي نخدم بها كتاب الله عزَّ وجلَّ، ولاسيما في بلادنا بلاد الحرمين الشريفين ولله الحمد والمنَّة، تلك البلاد التي قامت وشرفت على خدمة القرآن وتعليمه والعناية به؛ لأن عماد النظام الأساسي للحكم في هذه البلاد يقوم على القرآن، وطالب القائمين على الكرسي بالسعي لتحقيق رؤيته ورسالته وأهدافه، التي يسعى لتحقيقها، ووعد بالعمل مع فريق الكرسي بروح الفريق الواحد في خدمة كتاب الله، وتمنى فضيلته أن يحقق هذا الكرسي جميع أهدافه المرسومة ومقاصده ورسالته·
- حبذا لو تعطونا فكرة عن الأبحاث التي تبناها الكرسي؟
- تبنى الكرسي بالفعل طباعة مجموعة من البحوث والرسائل العلمية ومنها على سبيل المثال: الأنجم الزواهر في تحريم القراءة بلحون أهل الفسق والكبائر، وهو محقق من قبل سعادة الدكتور عيسى الدريبي، وغاية النهاية في طبقات القراء للإمام ابن الجزري وهو تحقيق مجموعة من الباحثين، كما أن للكرسي أبحاثاً علمية منشورة منها بحث حول جهود الأمة في أصول تفسير القرآن الكريم لسعادة الدكتور مساعد الطيار، وبحث آخر حول الأصول العلمية والإيمانية لكتاب الله تفسير السلف نموذجاً، وهو لسعادة الدكتور عيسى الدريبي·
- ما الجهات المستفيدة من كرسي تعليم القرآن الكريم؟
- يهدف الكرسي إلى إبراز دور المملكة العربية السعودية الريادي في إقراء القرآن الكريم وتعليمه بما يعود بالنفع والفائدة على المجتمع السعودي والمجتمعات الإسلامية·
- إذا كانت خدمة المجتمع هي محط نظر الكرسي وتوجهه، فما الدور المنوط بالكرسي تجاه المجتمع السعودي؟
- يقوم الكرسي بتثقيف المجتمع السعودي وتقديم المعلومة الواضحة الصريحة عبر البرامج الإذاعية والتلفزيونية التي تساعد في فهم أصول وقواعد القرآن الكريم وإقرائه، من خلال تنظيم المؤتمرات والندوات العلمية والمحاضرات والدورات وورش العمل المحلية التي تساعد في زيادة التثقيف المجتمعي والفهم الصحيح للقرآن الكريم وتعاليمه، بالإضافة إلى تقديم الاستشارات للمؤسسات التعليمية السعودية فيما يتصل باستخدام التقنية في تعليم القرآن الكريم وإقرائه·
- كيف ترى واقع كراسي القرآن الكريم وعلومه بالجامعات السعودية؟ وما فرص التنسيق فيما بينها؟
- تم إنشاء كرسي القرآن الكريم وعلومه بتمويل من الشيخ محمد بن حسين العمودي، كما تم إنشاء ثلاثة كراسي مماثلة بالجامعات السعودية، وهي فرصةً لأهل القرآن لينهضوا بقطاع الدراسات القرآنية كاملاً بوضع خطة إستراتيجية مشتركة لا تكتفي بالتخطيط الإستراتيجي لكرسي من هذه الكراسي، وإنما تتجاوز ذلك إلى التخطيط الإستراتيجي لقطاع الدراسات القرآنية كاملاً، بحيث تتقاسم هذه الكراسي والمراكز البحثية في الجامعات وخارجها الأدوار، وتختصر الزمن في تحقيق الطموحات، فالأهداف كثيرة وسامية، والإمكانيات مهيأة، ولم يبق إلا أن نبدأ في العمل جادين مقبلين، ولا شك أن كراسي أبحاث القرآن الكريم في الجامعات السعودية فرصة لتوظيف إمكانيات الجامعات بمن فيها من المتخصصين للارتقاء والتطوير، وهذه دعوة للزملاء المشرفين على هذه الكراسي البحثية للتنسيق الجاد فيما بيننا ولو استغرق ذلك بعض الوقت؛ كي نبني شبكة بحثية متينة تنهض بقطاع الدراسات القرآنية بكافة جوانبه وهي كثيرة متشعبة، وتستثمر هذه الإمكانيات الاستثمار الأمثل، فيركز كل كرسي على جانب من جوانب قطاع الدراسات القرآنية، ويستفرغ جهده في تنفيذ مشروعات متخصصة فيه، وهكذا نحقق بمجموعنا الخطة الإستراتيجية للقطاع بنجاح، دون تشتيت للجهد، ولا هدر للموارد البشرية والمالية، مع اختصار الوقت، وسرعة الإنجاز، وأهل القرآن أولى الناس بالتعاون والتكامل والتنسيق وبناء الشراكات والتخطيط بعيد المدى لخدمة القرآن الكريم، وحسبنا قول الله تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (آل عمران: 103)·
إنني متفائل بأن بوصلة الدراسات القرآنية تتجه اليوم نحو التطوير والتميز، وأن السنوات العشر القادمة سوف تكون حافلةً بمشروعات عظيمة تخدم القرآن الكريم على مستوى الوطن والأمة، وتشارك كراسي الأبحاث في الجامعات السعودية فيها مشاركة فعالةً تليق بسمعة هذه الجامعات العريقة، وسمعة هذا البلد العظيم الذي تَشرّفت قيادته بخدمة القرآن الكريم وخدمة الحرمين الشريفين، وقد تشرَّف قبل ذلك بنزول الوحي في رحابه، وانطلاق نور الرسالة من فجاجه إلى أرجاء الدنيا·
إنني ألمح في عيون الباحثين الجدد الذين يلتحقون بالدراسات القرآنية العليا تطلعاً لمن ينير لهم الطريق، ويستشرف لهم مستقبل الدراسات القرآنية خلال القرن القادم على الأقل، ليبنوا خططهم وبحوثهم بناءً يحقق هذه الخطط، ويشاركون مشاركة فعَّالة في تطوير الدراسات القرآنية على مستوى الأمة، وإذا لم نقم بهذه المهمة العظيمة في الجامعات فمن يقوم بها إذاً؟
لاتوجد تعليقات