رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: المحرر التربوي 12 فبراير، 2023 0 تعليق

المرأة والأسرة – 1167

من عفة النساء غض أبصارهن

     قال -تعالى-: {وَقُل لِلمُؤمَنَاتِ يَغْضُضْنٌ مِنْ أَبْصَارِهِنٌ وَيَحْفَظٌنٌ فُروُجَهُنٌ} (النور: 31)، جاء الأمر واضحًا في هذا الجزء من الآية الكريمة بغض المؤمنات لأبصارهن، وهذا من تمام عفاف المرأة؛ إذ جعل الله غض البصر مقدمًا على حفظ الفرج، وجاء في التفسير الميسر: «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن عمَّا لا يحلُّ لهن من العورات، ويحفظن فروجهن عمَّا حَرَّم الله، ولا يُظهرن زينتهن للرجال، بل يجتهدن في إخفائها إلا الثياب الظاهرة التي جرت العادة بلُبْسها، إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها».

     وقال السعدي –رحمه الله-: لمَّا أمر المؤمنين بغض الأبصار وحفظ الفروج، أمر المؤمنات بذلك، فقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}، عن النظر إلى العورات والرجال، بشهوة ونحو ذلك من النظر الممنوع، {وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} من التمكين من جماعها، أو مسها، أو النظر المحرم إليها.

     وقال ابن كثير –رحمه الله-: فقوله -تعالى-: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} أي: عما حرم الله عليهن من النظر إلى غير أزواجهن، ولهذا ذهب كثير من العلماء إلى أنه: لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى الأجانب بشهوة ولا بغير شهوة أصلا، واحتج كثير منهم بما رواه أبو داود والترمذي، من حديث الزهري، عن نبهان (مولى أم سلمة) أنه حدثه: أن أم سلمة حدثته: أنها كانت عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وميمونة، قالت: فبينما نحن عنده أقبل ابن أم مكتوم ، فدخل عليه، وذلك بعدما أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «احتجبا منه» فقلت: يا رسول الله، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا؟ فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «أو عمياوان أنتما؟ ألستما تبصرانه؟».

ما حالنا مع القرآن؟

     القرآن أنزله الله ليكون منهج حياة وهداية للناس عامة، ومرشدا إلى أقوم سبيل وأنجحه، قال ربنا: { إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ } (الإسراء: 9)، فبقدر ما نقترب من القرآن ونلازمه قراءة وتدبرا وعملا، ننال من بركاته، ويفتح لنا من خيراته، وبقدر ما نبتعد عنه تحيط بنا الهموم والغموم، ومن ثم تضيق الصدور وتخيم علينا الأحزان؛ ولذلك كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في دعائه: «اللهم اجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا، ونور صدورنا وجلاء أحزاننا، وذهاب همومنا وغمومن»

 

من مظاهر تكريم الإسلام للمرأة

     بلغ من تكريم الإسلام للمرأة أنه خصص باسمها سورة من سور القرآن الكريم سماها سورة «النساء»، وهناك أيضا سورة (مريم)، فقد كرّم الإسلام المرأة أمًّا، فقال -تعالى-: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}، وسئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «من أولى الناس بحسن صحابتي؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أمك، قيل ثم من؟ قال: أبوك». وكرم الإسلام المرأة زوجة، فجعل الزواج منها آية من آياته فقال -تعالى-: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}، واستوصى بها النبي خيرا كما قال في خطبة حجة الوداع: «استوصوا بالنساء خيراً؛ فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله».

 

الصحابية الجليلة الحولاء بنت تويت

     يقول عروة بن الزبير -رضي الله عنه-: إن عائشة -رضي الله عنها- أخبرته أن الحولاء مرت بها، وعندها رسول الله-صلى الله عليه وسلم- فقالت: هذه الحولاء، وزعموا أنها لا تنام الليل! فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: خذوا من العمل ما تطيقون، فوالله لايسأم الله حتى تسأموا»، ويروي ابن أبي مليكة عن عائشة قالت: استأذنت الحولاء على رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأذن لها وأقبل عليها وقال: كيف أنت؟ فقلت يا رسول الله، أتقبل على هذه هذا الإقبال؟ فقال: إنها كانت تأتينا في زمن خديجة، وإن حسن العهد من الإيمان»، يقول ابن عبد البر: كانت الحولاء من المجتهدات في العبادة، وفيها جاء الحديث أنها كانت لا تنام الليل، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-:إن الله لا يمل حتى تملوا اكلفوا من العمل ما لكم به طاقة».

 

المرأة معلمة الرجال

      ساهمت المرأة المسلمة العالمة العابدة في صناعة الرجال من كبار العلماء؛ فالمؤرخ والمحدث الشهير الخطيب البغدادي صاحب كتاب (تاريخ بغداد) سمِعَ من الفقيهة المحدثة طاهرة بنت أحمد بن يوسف التنوخية المتوفاة (436هـ)، وكانت «أَمَة الواحد بنت الحسين بن إسماعيل» المتوفاة (377هـ) من أفقه الناس في المذهب الشافعي، وكانت على علم بالفرائض والحساب والنحو، وكانت تُفْتِي ويكتب عنها الحديث، أمَّا جليلة بنت علي بن الحسن الشجري في القرن الخامس الهجري، فكانَتْ مِمَّنْ رَحَلْنَ في طلب الحديث في العراق والشام، وسمع منها بعض كبار العلماء كالسمعاني، وكانت تعلم الصبيان القرآن الكريم، وكانت زينب بنت مكي بن علي بن كامل الحراني المتوفاة سنة (688هـ) من النساء اللاتي قضين عمرهن كله في طلب الحديث والرواية، وازدحم الطلاب على باب بيتها في سفح جبل قاسيون بدمشق، فسمِعوا منها الحديث، وقرؤوا عليها كثيرًا من الكتب.

 

إكرام الإسلام للمرأة أمًّا

      أكرم الإسلام المرأة أمًّا فقال -عزوجل-:{ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً } (البقرة:83) وقال-تبارك وتعالى-: { فَلا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُمَا } (الإسراء:23). وحديث «من أحق الناس بحسن صحابتى؟» قال ابن بطال - رحمه الله-: في هذا الحديث دليل أن محبة الأم والشفقة عليها ينبغي أن تكون ثلاثة أمثال محبة الأب؛ لأنه -عليه السلام- كرر الأم ثلاث مرات، وذكر الأب في المرة الرابعة فقط، وإذا تؤمل هذا المعنى شهد له العيان، وذلك أن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الأم، وتشقى بها دون الأب فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب.

توجيهات الإسلام صيانة للمرأة وحفظ لعفتها

     إن دين الإسلام عندما جاء بالتوجيهات الكريمة والوصايا العظيمة والإرشادات القويمة للمرأة، لم يأت بها تضييقاً عليها وكبـْتاً لحريتها كما يزعم ذلك من لا علم له ولا فهم، وإنما جاءت تلك التعليماتُ المباركات، والتوجيهات السديدات، صيانةً للمرأة، وحفظاً لعفتها، وصيانةً لشرفها، ورعايةً لفضيلتها، ولتبقى في سمو وعلو ورفعة، أما إذا تخلت المرأة عن توجيهات الإسلام وهدايات هذا الدين واستغنت عنها، زاعمة أن في ذلك تحضّراً وتمدّناً ورقيا، فقد عرضت نفسها لغضب الله وسخطه.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك