رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أمير الحداد 14 فبراير، 2016 0 تعليق

الخلود في النار

من الممتع أن تتابع الشيخ الشعراوي في تفسيره للقرآن العظيم، ومما ذكره عند تفيسر قول الله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} (النساء: 93).

أن الله تعالى بيّن عقاب من يقتل مؤمنا متعمدا أن:

- جزاءه جهنم خالدا فيها.

- غضب الله عليه.

- لعنه الله.

- أعد له عذابا عظيما.

وقد يكون  في هذا تفصيل له أو تنوع للعذاب، ولكن ذكر الله هنا أن (القاتل خالد في النار) وفي مواضع أخرى ذكر (خالدين فيها أبدا)، وذلك لبيان أن الخلود أنواع، أما من حيث اللغة (هو المكث الطويل)، وإذا جاء معه (أبدا) فهو (المكث الدائم).

كنت وصاحبي في رحلة قصيرة لمدينة الخفجي الحدودية في المملكة، قررنا أن نذهب إليها بعد صلاة الفجر ونرجع بعد صلاة العصر؛ حيث أراد صاحبي أن يطلع على أسعار العقار هناك.

- نعم لقد قرن الله خلود الكفار بالأبدية في ثلاثة مواضع من كتابة العزيز:

     {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَظَلَمُوا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} (النساء:168-169)، الموضع الثاني في سورة الأحزاب في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا (64) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۖ لَّا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا} (الأحزاب:64-65)، الموضع الثالث في سورة الجن في قوله تعالى: {إِلَّا بَلَاغًا مِّنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ ۚ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} (الجن:23).

وفي مواضع أخرى ذكر الخلود دون الأبدية وهي ربما أحد عشر موضعا.

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ} (البقرة:161-162).

{أُولَٰئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (87) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ} (آل عمران:87-88).

{وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُم مِّنَ الْإِنسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُم مِّنَ الْإِنسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا ۚ قَالَ النَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ ۗ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ} (الأنعام:128).

{وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ} (التوبة:68).

{فَادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (النحل:29).

{مَّنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (100) خَالِدِينَ فِيهِ ۖ وَسَاءَ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حِمْلًا} (طه:100-101).

{قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (الزمر:72).

     {ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ (75) ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} (غافر:75-76). {فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَا أَنَّهُمَا فِي النَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ} (الحشر:17). {وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا ۖ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (التغابن:10). {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ أُولَٰئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ} (البينة:6).

     وكذلك ذكر الله نعيم أهل الجنة وقرنه بالأبدية قرابة تسعة مواضع ودون الأبدية قرابة عشرين موضعا، وكذلك ورد الخلود الأبدي في السنة، في مثل قوله صلى الله عليه وسلم : «من تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيها خالدا مخلدا أبدا، ومن تحسى سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في جهنم خالدا مخلدا أبدا، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها بطنه في نار جهنم خالدا مخلدا أبدا» متفق عليه.

ولذلك ينبغي على المؤمن أن يرجع إلى عقيدة السلف، ويرجع المتشابه إلى المحكم حتى لا يقع في الخطأ والزلل في مثل هذه العقيدة.

- حقا إذا اعتمد أحدنا على فهمه فإنه يعتقد بخلود قاتل نفسه ولا سيما وأن اللفظ في الحديث مؤكد مرتين (خالدا مخلدا أبدا) والحديث صحيح، فما العقيدة الصحيحة في ذلك؟

- اسمع يا أبا الحارث لكلام الشيخ ابن باز رحمه الله:

     وأما عصاة الموحدين الذين ماتوا على الإسلام ولكن لهم معاصي لم يتوبوا منها، فإنهم لا يخلدون في النار إن دخلوها، بل يعذبون فيها تعذيبا مؤقتا، وقد يخلدون فيها تخليدا مؤقتا، فإن الخلود خلودان: خلود دائم، وهذا للكفار وحدهم، وخلود مؤقت لبعض العصاة، وقد يطول بقاؤهم في النار لشدة معاصيهم وكثرتها، ثم بعد المدة التي كتبها الله عليهم يخرجهم الله من النار إلى الجنة، كما جاء ذلك في القاتل والزاني، لكنه خلود مؤقت له نهاية إذا مات على التوحيد، وإنما الخلود الدائم والأبدي للكفار الذين ماتوا على الكفر بالله.

- وبالطبع ينبغي على العبد أن يعلم ما الكفر والشرك المخلد في نار جهنم؟ حتى وإن كان اسم الكافر (أحمد) أو (محمد) فإن اسمه لا يشفع له.

- تقصد القضايا التي تنقض الإيمان، مثل الاستهزاء بالشريعة واعتقاد عدم وجود الملائكة أو الجن أو البعث أو الاعتقاد بالأموات ودعائهم؛ لأنهم يضرون أو ينفعون.

- نعم نواقض الإسلام العشرة، ينبغي أن يحذرها العبد، فإن مات موحدا غيركافر ولا مشرك، فإنه لا يخلد خلودا أبديا في النار مهما كانت معاصيه، ولكن ينبغي على العبد المؤمن أن يتقي العذاب ولو لسعة من النار؛ فإن ذلك شديد والعياذ بالله.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك