رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: عيسى القدومي 7 يناير، 2014 0 تعليق

الخطاب الإعلامي الصهيوني 3- الخطاب الإعلامي الصهيوني من مصادره الدينية

 

سابعاً: الدافع الديني وتغذيته للخطاب الإعلامي الصهيوني:

إن ما يُغذي دوافع المغتصبين اليهود بكل أطيافهم هي الوصايا الدينية، والإعلام اليهودي أضحى أكثر قرباً من مصطلحات وعبارات ومنطلقات ذلك الخطاب الموجه للداخل والخارج.

وهم يعدون عملهم الإعلامي بمثابة رسالة، فاليهودي الذي يرغب في التسريع في الخلاص و«عودة» المسيح يجب أن يفعل كل ما في وسعه لحل هذه المشكلة. وهذا المفهوم ليس مقصوراً على أطراف المجتمع المتدين، بل هو منتشر بين صفوف الحركة الدينية – الصهيونية الوسطية؛ ويتبعها أيضاً العديد ممن في مؤسسات الدولة.

     فالخطاب الديني اليهودي عمل على خلق تاريخ جديد لليهود واليهودية في أرض فلسطين؛ واختراع شعب وتلفيق تاريخ عبر الآثار المزعومة، والمناهج المحرفة، والتاريخ المصطنع، وهذا نتاج عمل الباحثين اليهود في إقناع طلبتهم أن اليهود عاشوا على هذه الأرض لسنين عديدة، ثم عادوا إلى وطنهم بعدما أبعدوا عنه جبراً! والزعم بأن جُلّ الممارسات التي يمارسها اليهود في فلسطين مسوّغة؛ لأنهم عندما عادوا إلى فلسطين -بزعمهم أنها لهم!- وجدوا فيها سكاناً غير يهود قد تمكنوا من بيوتهم وأراضيهم؛ فعملوا على إخراجهم!

ثامناً: اليهودية الأرثوذكسية من الزي الحاخامي إلى المنابر الإعلامية:

     تيار اليهود الأرثوذكس هو الأكبر بين التيارات اليهودية في العالم والأوسع انتشاراً،  ويضم في صفوفه الجماعات المتدينة الوطنية اليهودية والجماعات الأكثر تزمتاً وتشدداً بما له علاقة بأصول الشريعة اليهودية، وفي مقدمة هؤلاء (الحريديم) - أي المتشددون دينياً واجتماعياً وسلوكياً - وينادون بالتمسك الشديد بكافة أصول الديانة اليهودية وشرائعها – التي حرفتها أيديهم- كما هو وارد في التوراة منذ بداية اليهودية وحتى أيامنا المعاصرة، وفي مقدمة ذلك الشرائع والتعليمات والأنظمة التي يجب على اليهودي - ولاسيما المتدين - السير بموجبها؛ ويعتقدون بكل ما جاء في التوراة والتلمود.

     والأرثوذكسية ذاتها مكونة من تيارات عدة، ولكن المشترك فيما بينها هو موافقتها وتوافقها على أن الشريعة اليهودية هي مركز حياة الشعب اليهودي جماعة وأفراد؛ ومنهم متشددون مثل (نتوري كارتا) الذين لا يعترفون ولا يوافقون على وجود دولة تجمع اليهود وفق أسس غير دينية أو وفق أسس سياسية لا تتناسب مع الرؤية الدينية السياسية للتيارات الدينية الأرثوذكسية المتشددة والمتزمتة، وهناك فئات عدة في اليهودية الأرثوذكسية تؤمن بأن هذا التيار الذي تنتمي إليه يسير وفق كافة الأسس الموضوعة منذ تأسيس أو ظهور اليهودية بوصفها ديانة ونهج حياة! فالأرثوذكسية تتهرب من الاعتراف بواقع حصول تغييرات على مسارها التاريخي!

     وأصبح الكثيرون في حيرة من هؤلاء، فكيف أنهم جميعاً ينتسبون إلى اليهودية الأرثوذكسية، ولكن منهم من يكفّر الكيان الصهيوني لأنه نشأ خلاف إرادة الله تعالى؟ فهم يعتقدون أن قيام مثل هذا الكيان مخالف للعقيدة اليهودية التي ترى أن اليهود منفيون في الأرض بأمر من الله بسبب مخالفتهم لتعاليم اليهودية! وأنه يجب ألا تكون لهم دولة! لأن قيام الكيان الصهيوني يعارض أوامر التوراة! حسب معتقدهم! وآخرون في فلسطين المحتلة باركوا هذا الاحتلال وشاركوا في الحكومة وأصدروا العديد من البيانات والفتاوى التي تجيز وتبارك قتل الرضع والأجنة في بطون الأمهات!

وقد تحولت اليهودية الأرثوذكسية في فلسطين المحتلة إلى حركات وأحزاب:

- أولها: الحركات والأحزاب الأرثوذكسية الصهيونية.

- وثانيها: حركات وأحزاب أرثوذكسية حريدية (غير الصهيونية).

- وثالثها حركات وأحزاب أرثوذكسية حريدية حسيدية.

     لذا أضحى الكثير من قياداتهم الدينية الأرثوذكسية يقبلون التعاون مع الكيان الغاصب والمؤسسة الصهيونية في داخل فلسطين، وأصبحت فتاواهم تجيز بل تدفع للقتل والدمار على الأرض التي باركها الله للعالمين، فقد جندوا أنفسهم ليخدموا هذا الكيان واستمرار وجوده على أرض المسلمين، وغدا أتباع التيار الديني الأرثوذكسي الأكثر اندفاعاً لإقامة المغتصبات في  الضفة الغربية، وقد شاركت حركة (شاس) الأرثوذكسية في حكومة (أولمرت)، وتنقل وسائل الإعلام العبرية أن الحاخام (إيلي إتياس) وزير الاتصالات، أصغر الوزراء سناً في حكومة أولمرت لا يتورع عن دفع مكتب أولمرت بقدمه وينذره بأن يوافق على كل مخططات البناء في المغتصبات الأرثوذكسية، وإلا فإن حركة (شاس) ستغادر الحكومة! وبذلك انتقل الكثير من حاخامات (الأرثوذكس) من تكفير (الدولة العبرية)  إلى الذوبان فيها، وأصبح رافداً من روافد اليمين المتطرف في الكيان الغاصب.

     ولا شك أن لليهودية الأرثوذكسية تمثيلاً كبيراً في البرلمان اليهودي، وهذا يعني أن لها دوراً مهماً في رسم السياسات اليهودية، وفضلاً عن ذلك فإنها تشكل لسان الميزان في أي حكومة احتلال، فلها دور كبير في إنجاح الحكومات وإسقاطها، وبالتالي يكون لها القدرة على فرض رؤيتها وسياستها على الكيان العبري؛ فقد بدلوا الزي الحاخامي إلى البزة العسكرية، ومن التكفير إلى الذوبان.

تاسعاً: الشبهات والأكاذيب اليهودية ومصادرها الدينية:

     أشاع حاخامات اليهود والساسة الغاصبون الكثير من الشبهات والأكاذيب والتي دعموها بآراء ومعتقدات توراتية وتلموذية، أضحت منطوق الإعلاميين اليهود، وللأسف انطلت على الكثيرين من بني جلدتنا، وأجمع أبرز تلك الأكاذيب بالآتي:

- شبهة: «أن المسلمين بنوا المسجد الأقصى مكان الهيكل الذي بناه الملك سليمان»!

- شبهة: «حائط البراق -يزعمون أن اسمه: حائط المبكي- هو الجزء المتبقى من الهيكل المزعوم»!

- شبهة: «أن تحويل القبلة أنهى مكانة المسجد الأقصى عند المسلمين».

- شبهة: «أن لليهود حقا دينيا في القدس وفلسطين»!

وكذلك شبهات الحق التاريخي لليهود في القدس والمسجد الأقصى:

- كشبهة: «أن لليهود حقا تاريخيا في المسجد الأقصى والقدس»!

- وشبهة: «أن لليهود تراثا عريقا في القدس وفلسطين»!

- وشبهة: «أن اليهود حولوا القدس وفلسطين من صحراء إلى  جنان»!

- وشبهة: «أن فلسطين والقدس كانت أرضاً بلا شعب»!

- وشبهة: «أن فلسطين والقدس باعها العرب واشتراها اليهود»!

عاشراً: ما العمل:

لا شك أن الخطاب الإعلامي الصهيوني أضحت عباراته ومصطلحاته مطابقة لمنطوق ساسة اليهود وقادتهم في تبريراتهم لممارساتهم على أرض فلسطين.

     لا شك أن الباحثين اليهود يزداد عددهم، وتتعاظم شبهاتهم، وترعاهم المؤسسات الأكاديمية والعلمية والرسمية؛ من أجل بث سمومهم للعالم أجمع، في بحبوحة غياب النتاج العلمي والشرعي للمؤسسات العلمية العربية والإسلامية المعنية بالدراسات، حول فلسطين وبيت المقدس؛ التي يفترض أن يكون نتاجها العلمي والشرعي مرجعاً وسنداً للأمة، وحمايتها وتحصينها من بحر الشبهات؛ التي يشيعها اليهود وأعوانهم.

- لا مناص من كشف زيف ادعاءات حاخامات اليهود وإعلامييهم ورد شبهاتهم، ونشاطاتهم وندواتهم الموجهة التي أعطوا بها الحق لمن لا حق له، وسلبوا الحق من أهله، وسطروا من أباطيلهم صفحات مزورة في تاريخ مختلق.

- على الباحثين العرب والمسلمين ومراكز الدراسات الإسلامية العمل بكل جهد في البحث والتمحيص لجهود اليهود في تلبس أعمالهم بالخطاب الديني الذين يعملون من خلاله على إلغاء الحقائق، والتشكيك في الثوابت؛ لكتابة تاريخ جديد لفلسطين وبيت المقدس، يحقق لليهود مطامعهم في إثبات حقوقهم التاريخية والدينية والقانونية لوجودهم على تلك الأرض، ولإقامة كنسهم في مكان المسجد الأقصى وما حوله، وتهويد القدس وجعلها يهودية التاريخ والحاضر.

- تتعاظم مسؤولية المراكز البحثية العربية والإسلامية لمتابعة الخطاب الإعلامي الصهيوني وتمحيصه، وذلك حماية للأمة وصيانة لها من أعدائها، وفي مقدمتهم الصهاينة الغاصبون لأرض المسلمين.

- البحث في طريقة تفكير حاخامات اليهود وساستهم وطرائق عملهم وأدواتهم لتحقيق غاياتهم في تلبيس ممارساتهم الغطاء الديني المسوغ لعامة اليهود.

- ينبغي أن تكون لدينا مراكز دراسات وأبحاث لدراسة تاريخنا الماضي وتحقيقه، وتوثيق تاريخنا المعاصر؛ ليكون لدينا تاريخ مقرون بالأدلة، يغرس في نفوس أبناء الأمة عبر الوسائل الإعلامية المتاحة، كي تستطيع الأجيال أن تحفظ هويتها وتاريخها من مخطط التشويه والتحريف.

- أن يرد عليهم بردود وافية كافية، تدحض أكاذيبهم وتكشف عوارهم وتلجم أفواههم، وتكون دعماً للكتاب والصحفيين في الرد على أكاذيب اليهود وإعلامهم، وعوناً لهم لمعرفة حقيقة هؤلاء، وكشفهم للناس ومن تأثر بهم.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك