رئيس التحرير

سالم أحمد الناشي
اعداد: د. أحمد بن عبدالعزيز الحصين 18 ديسمبر، 2012 0 تعليق

افتراءات وشبهات حول دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب رحمه الله (9) زعموا أن نجدا.. مطلع قرن الشيطان

 

ادعى الخصوم أن نجدا المذكورة في الأحاديث النبوية الشريفة هي نجد موقع ظهور الإمام محمد بن عبدالوهاب وجماعته، موقع مسيلمة الكذاب، وهي موطن الزلازل والفتن، إلى آخره من الترهات والكذب والبهتان.

يقول ابن عفالق الحاقد على هذه الدعوة، وهو من الأوائل الذين افتروا على الموحدين بأنهم قرن الشيطان: «وفي فضل أهل الشام واليمن والحرمين وفارس ما يعرفه من له أدنى معرفة بالأحاديث، وأما أنتم يا أهل اليمامة ففي الحديث الصحيح عندكم يطلع قرن الشيطان، وأنتم لا تزالون في شر إلى يوم القيامة، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار» (1).

ويقول علوي الحداد: وقد استنبط العلماء من مفهوم قول النبي صلى الله عليه وسلم : «يطلع منها - أي نجد- قرن الشيطان» من معجزاته؛ لأنه أتى بالياء للاستقبال؛ لأن مسيلمة، لعنه الله، في حياته -عليه السلام طلع، وادعى النبوة، وهناك في خلافة الصديق، ولم يطلع قرن الشيطان إلا بعد الألف والمائة والخمسين، وهو محمد بن عبدالوهاب، رأس هذه البدعة وأسها» (2).

     ويقول عثمان بن منصور: إن نجد اليمامة هي قرن الشيطان: وقد امتنع الرسول صلى الله عليه وسلم عن الدعاء لها كما دعا للشام ولليمن والمدينة؛ لما علم بعلم الله ما يحدث فيها ومنها، وقال فيها: «أولئك منها الزلازل والفتن، ومنها ما يظهر قرن الشيطان» (3).

     ويقول أحمد بن محمد الغماري: «ولما طلع قرن الشيطان بنجد في أواخر القرن الحادي عشر، وانتشرت فتنته، كانوا يحملون الأحاديث عليه وعلى أصحابه» (4)، وقد حشد هؤلاء عقول العوام بتشويه دعوة الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمه الله- بالكذب والبهتان حتى يصدوا الناس عن الدعوة السلفية المباركة، ويكون لهم الصدارة في الخرافة والبدع وأكل أموال الناس بالباطل.

وإليك يا أخي القارئ الكريم الأدلة على أن العراق هو المقصود بهذه الأحاديث، وليس نجدا كما زعم أعداء الدعوة السلفية.

الأدلة النبوية الصريحة على أن العراق مطلع الفتن وقرن الشيطان

     عن ابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهم- قال: دعا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: «اللهم بارك لنا في صاعنا، ومدنا، وبارك لنا في مكتنا ومدينتنا، وبارك لنا في شامنا ويمننا»، فقال رجل من القوم: يا نبي الله، وعراقنا، قال: «إن فيها قرن الشيطان، وتهيج الفتن، وإن الجفا بالمشرق» (5)، وفي رواية أخرى لابن عمر: قال رجل: فالعراق، فيها ميرتنا وفيها حاجتنا، فسكت، ثم قال: «مطلع قرن الشيطان، وهناك الزلازل والفتن» (6).

وعن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «دخل إبليس العراق فقضى حاجته فيها، ثم دخل الشام فطردوه» (7).

وأخرج البخاري في صحيحه: «يخرج أناس من قبل المشرق ويقرؤون القرآن لا يتجاوز تراقيهم»(8).

     وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أن سالم بن عبدالله بن عمر -رضي الله عنهم- قال: يا أهل العراق ما أسألكم عن الصغيرة، وأركبكم للكبيرة! سمعت أبي عبدالله بن عمر يقول: سمعت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يقول: «إن الفتنة تجيء من هاهنا- وأومأ بيده نحو المشرق- من حيث يطلع قرن الشيطان»(9).

     وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلموهو مستقبل المشرق- يقول: «ألا إن الفتنة هاهنا، ألا إن الفتنة هاهنا، من حيث يطلع قرن الشيطان»(10).

     وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «بارك الله في شامنا ويمننا»، قالوا: وفي نجدنا يا رسول الله؟ قال في الثالثة: «هناك الزلازل والفتن، وبهما يطلع الشيطان»(11).

     قال العلامة الكرماني في شرح الحديث: «نجد يطلع منها قرن الشيطان، هو الأرض المرتفعة، من تهامة إلى العراق»، ثم قال أيضا: «كل ما ارتفع عن تهامة إلى العراق، فهو نجد» وقال في موضع آخر: «ومن كان بالمدينة الطيبة -صلى الله على ساكنها وسلم-، كان نجده بادية العراق، وهي مشرق أهلها»(12).

     وبمثله قال العيني في شرحه لصحيح البخاري (13)، وقال الخطابي رحمه الله: «نجد من جهة المشرق، ومن كان بالمدينة كان نجده بادية العراق ونواحيها، وهي مشرق أهلها»، إلى قوله: «وأما نجد فهي الناحية بين الحجاز والعراق»(14).

     ونقله الحافظان: ابن حجر، والقسطلاني في شرحهما لصحيح البخاري، ونقلا عن الخطابي قوله في معنى: «قرن الشيطان»: «القرن الأمة من الناس، يحدثون بعد فناء آخرين، وقرن الحية يضرب المثل به فيما لا يحمد من الأمور»(15).

     وفي الصحيحين: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رأس الكفر نحو المشرق»، وهذا لفظ البخاري، ولفظ مسلم: «رأس الكفر قبل المشرق»(16).

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «يوشك الفرات أن يحسر عن كنز من ذهب؛ فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا»(17).

     وفي رواية أخرى عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول اللهصلى الله عليه وسلم  بمثله إلا أنه قال: «يحسر عن  جبل من ذهب»(18)، وروى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا تقوم الساعة حتى يحسر الفرات عن جبل من ذهب، يقتتل الناس عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون، ويقول كل رجل منهم: لعلي أكون أنا الذي أنجو»(19).

     وعن أبي بن كعب قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «يوشك الفرات أن يحسر عن جبل من ذهب، فإذا سمع به الناس ساروا إليه، فيقول من عنده: لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن به كله، قال: فيقتتلون عليه، فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون»(20).

     وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم : «منعت العراق درهمها وقفيزها، ومنعت الشام مدها ودينارها، ومنعت مصر إردبها ودينارها، وعدتم من حيث بدأتم»، قالها ثلاثا (21).

وعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: رأيت رسول اللهصلى الله عليه وسلم يشير بيده نحو العراق: «هاهنا، إن الفتنة هاهنا، إن الفتنة هاهنا، ثلاثا»(22).

     قال النووي -رحمه الله- في شرح هذا الحديث بعد أن ذكر أقولا لمن سبقه من العلماء: «وقوله: منعت العراق درهمها وقفيزها» قال: «قيل: لأنهم يرتدون آخر الزمان فيمنعون ما لزمهم من الزكاة وغيرها».

أخي المسلم:

     لقد تبين لك مما ذكرنا من الأدلة النبوية، أن العراق بلد الفتن والشرور والشيطان، والفرقة والاختلاف، ومنشأ الكفر والنفاق والطغيان، مما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، الذي لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، ونستكمل في الحلقة القادمة إن شاء الله ما ورد في ذلك عن الصحابة والتابعين وأئمة الإسلام والمسلمين، ممن لهم علم ودراية، فيما دونوا من علوم ورواية(23).

الهوامش:

1- انظر رسالة ابن عفالق لابن معمر ص49.

2- الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية ص7.

3- انظر مصباح الظلام في الرد على من كذب الشيخ الإمام ص 234.

4- انظر إيضاح الحجة في الرد على صاحب طنجة- حمود التويجري، رحمه الله ص132.

5- أورده في كنز العمال 135/14، وعزاه إلى ابن عساكر.

6- المصدر السابق: 310/12 وقال: أخرجه الطبراني. قلت: أورده الهيثمي في مجمع الزوائد، وقال: أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط، ورجاله ثقات.

7- المصدر السابق.

8- أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد، انظر الفتح: 535/13.

9- أخرجه مسلم في كتاب الفتن، باب الفتنة من المشرق- حديث (2905).

10- أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن: باب الفتنة من المشرق، ومسلم في صحيحه، كتاب الفتن- حديث (2905).

11- صحيح البخاري، كتاب الفتن: باب الفتنة من المشرق.

12- شرح الكرماني لصحيح البخاري، الطبعة المصرية 168/24.

13- كتاب الفتن: 353/11.

14- فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر: 47/13.

15- المصدر السابق أيضا.

16- البخاري بدء الخلق: 350/6، ومسلم باب تفاضيل أهل الإيمان: 30/2.

17- أخرجه البخاري، كتاب الفتن، باب أشراط الساعة 101/8، ومسلم في الفتن، باب لا تقوم الساعة حتى يحسر عن الفرات- حديث (2894).

18- المصدر السابق.

19- مسلم في صحيحه، الفتن- حديث (2894).

20- المصدر السابق، الحديث رقم (2895).

21- المصدر السابق، الحديث رقم (2896).

22- الإمام أحمد في مسنده: 43/2 وسنده صحيح.

23- انظر: رسالة الدليل البراق على حوادث الكويت والعراق: تأليف عمر العمروي.

لاتوجد تعليقات

أضف تعليقك