
أطفالنا بين السلم والحرب!!
الشريعة الإسلامية جاءت راعية للطفولة وحقها، وأحاطتها بعناية دقيقة من خلال مراعاة الجوانب الحسية والمعنوية، ويتجلى ذلك من خلال الآيات الصريحة والأحاديث الصحيحة.
فها هو ذا نبي الرحمة صلى الله عليه وسلم يُمازح الصبيان، ويؤاكل الأيتام، ويمسح على رؤوسهم، وقال: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا»، وأمر بكف الصبيان عن اللعب في أوقات انتشار الشياطين قبيل المغرب، واستعجل في صلاته حين سمع بكاء طفل، ونهى أن يفرق بين الأم وولدها في البيع، وحفظ حق الجنين وإن كان نطفة حراما، فأمر المرأة التي زنت أن تذهب حتى تضع طفلها، وأخَّر إقامة الحد حفظا لحق الوليد، وحين وضعت ولدها أمرها أن تعود حتى تستكمل سنتي رضاعته.
وكان يصلي صلى الله عليه وسلم وهو يحمل بيده أمامة ابنة بنته زينب -رضي الله عنها- ويصلي وهو حامل الحسن ابن ابنته فاطمة -رضي الله عنهما-، وحين سجد ركب الحسن على ظهره؛ فأطال سجوده لأجله، فقال: «إن ابني هذا ارتحلني، فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته». وسار على ذلك الدرب الصحابة -رضي الله عنهم- والتابعون ومن تبعهم.. في أنماط سلوكية سطرها التاريخ.
فكم نجد اليوم من أناس انعدمت الرحمة من قلوبهم، وظهرت القسوة في معاملتهم مع الطفل! فها هو ذا العدوان المحتل لفلسطين الغالية يسجن 400 طفل!
وها هم أولاء الحوثيون يجندون الأطفال، ويحملونهم السلاح، ويعتقلون مجموعة من الأطفال وصل عددهم إلى المئة، وها هم أولاء الأطفال في الفلوجة والأنبار تقذف عليهم الصواريخ التي تقطع أشلاءهم، والحال نفسه وأشد في سوريا! وهناك منظمات أوروبية سرقت أطفالاً من الصومال، ووجهوهم إلى جيبوتي ثم باعوهم في فرنسا، وانتشرت هذه الفضيحة على مستوى العالم، وكذلك فضيحة القساوسة وهم يعتدون جنسيا على الأطفال حتى خرج بابا الكاثوليك ليعتذر، ومنهم من يعذب الأطفال انتقاما من أمهم، أو يُحمِّل الأطفال عبء أعمال وحرف قاسية جدا!
ما ذنب هؤلاء الأطفال؟! الذين يستخدم معهم العنف والضغط النفسي والتعذيب الجسدي، إنها العدواة والبغضاء، كما رأيناهم في (بورما ونيجيريا) فقط لأنهم مسلمون: {أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله}! {وإذا الموؤودة سئلت بأي ذنب قتلت}! كم رأيت من أطفال فقدوا رجلاً أو يداً أو أذناً أو عيناً! كم رأيت من أطفال أصابتهم إعاقة في عقولهم بسبب تلك الحروب! ومنهم من مات بسبب الحصار الذي يستخدمه النظام الإجرامي في سوريا!
وكم أتحسر على طفل صغير جعلوه يدمن المخدرات ليبيعها ويسوّقها بعد ذلك! وما زلت أتذكر تلك الحالة التي ضبطت في مطار جدة من امرأة فقدت كل معاني الإنسانية لتمزق أحشاء الطفل وتملؤها مخدرات! وكم من أب ضرب ابنه حتى أعاقه بسبب رسوبه في الاختبار أو أنه أخطأ أو أزعج والده!
أطفالنا يحتاجون منا الكثير؛ فهم أكبادنا التي تمشي على الأرض، يحتاجون منا المعاملة الطيبة، وأن نربيهم على القرآن والصلاة والتعليم وتوفير مستلزمات الحياة الكريمة، ونقف معهم بكل ما نملك من كفالتهم ورعايتهم: قال تعالى: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ} (البقرة:233).
ويقول صلى الله عليه وسلم : «من فرق بين والدة وولدها فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة» (أخرجه أحمد).
فما ذنب الأطفال حتى يعامَلوا تلك المعاملة القاسية؟ فضلاً عن فقدان الحنان أو مضايقتهم أو حرمانهم من رؤية أمهاتهم أو آبائهم أو تربيتهم على الرحمة والأخلاق الحسنة.
ولا بد من الكف عن الصياح والصراخ في وجه الطفل وتهديده وتخويفه وكثرة معاتبته وتعنيفه والتوقف فورا عن المشاعر الغاضبة، فاذكروا عواقب سوء المعاملة ومدى تدميرها لنفسية الطفل، قال تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (النساء:11)، وكم هو جميل كلام أنس رضي الله عنه وهو يقول: «خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين فما قال لي أف، ولا لِمَ صنعت؟، ولا ألا صنعت»؟ (رواه البخاري).
لاتوجد تعليقات